مستشارون روس لدعم قوات الأسد

الجيش الحر «غير معني» بقرار واشنطن

مستشارون روس لدعم قوات الأسد
TT

مستشارون روس لدعم قوات الأسد

مستشارون روس لدعم قوات الأسد

ينشط التواصل وعمليات التنسيق العسكري بين واشنطن و«قوات سوريا الديمقراطية» بعدما قررت الإدارة الأميركية حصر مساعداتها بالفصيل الجديد الذي أعلن عن تشكيله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والذي يضم مجموعات كردية وعربية وسريانية وتركمانية، وهناك جدل في أن وحدات حماية الشعب الكردية هي عمودها الفقري، فيما تحدثت معلومات روسية عن قرار بنشر مستشارين روس لمساعدة قوات النظام السوري ردا على القرار الأميركي.
وفيما ينفي الجيش الحر والائتلاف الوطني السوري المعارض تنسيقهما مع واشنطن بما يتعلق بالمستشارين الأميركيين، يؤكد المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» طلال سلو أنّهم «الطرف الوحيد الذي تتواصل معه واشنطن في الحملات والعمليات العسكرية ضد (داعش) باعتبارنا القوات المعتدلة الوحيدة التي تقاتل على الأرض». وأوضح سلو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأميركيين لعبوا دورا أساسيا بمساعدتنا في حملة تحرير ريف الحسكة الجنوبي، وهم مرتاحون جدا من العمل معنا وسعداء للانتصارات التي نحققها». وأضاف: «حتى الساعة لا وجود لأي خبير أميركي على الأرض، أما المستشارون الذين أعلنت واشنطن أنّه سيتم إرسالهم إلى سوريا فالأرجح سيصلون في مرحلة لاحقة».
وأشار سلو إلى أن «التواصل مع الأميركيين يتم من خلال أجهزة اتصالات خاصة عبر غرفة العمليات المشتركة لمحاربة (داعش)»، لافتا إلى أن «كميات من الأسلحة والذخيرة وصلت فعلا لقوات سوريا الديمقراطية لمساندتها في عملياتها بوجه التنظيم المتطرف». وقال: «نحن نحدد لطائرات التحالف مواقع داعش الواجب استهدافها، ونعطيهم الإحداثيات المطلوبة لقصفها، كما أنّه وفي بعض الأحيان يستهدفون هم من دون العودة إلينا أرتالا للتنظيم في حال رصدوا توجهها إلى مناطقنا».
ويضم تشكيل «قوات سوريا الديمقراطية» التحالف العربي السوري وجيش الثوار وغرفة عمليات بركان الفرات وقوات الصناديد وتجمع ألوية الجزيرة والمجلس العسكري السرياني المسيحي ووحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة، وينشط في شمال وشمال شرقي سوريا، وبدأ أولى عملياته بوجه «داعش» في ريف الحسكة.
وحذرت روسيا في وقت سابق من احتمال اندلاع «حرب بالوكالة» في الشرق الأوسط بعد قرار الولايات المتحدة إرسال قوات خاصة إلى سوريا. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن «هذا القرار يزيد الحاجة للتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا».
وأشار رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن المستشارين الأميركيين الذين من المنتظر أن يصلوا إلى سوريا لا شك سيتوجهون إلى مناطق الأكراد، لافتا إلى أن واشنطن تحصر تعاونها حاليا بـ«قوات سوريا الديمقراطية». وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «نرجح أن يكون هناك عدد قليل من الخبراء موجودون أصلا في تلك المناطق ويقدمون استشارات عسكرية للأكراد، لكن هناك حرص من قبل هؤلاء على عدم الإقرار بذلك».
وفي موسكو، رفض ديمتري بيسكوف السكرتير الصحافي للرئيس الروسي التعليق على الأنباء التي تناقلتها وسائل إعلام وصفحات التواصل الاجتماعي حول زيادة روسيا لعدد قواتها في سوريا، وظهور جنود روس في مناطق مختلفة من سوريا بعيدًا عن القاعدة الجوية الروسية في مطار حميميم. وفي معرض إجابته على سؤال حول هذا الأمر اكتفى بيسكوف بالقول إن «مثلما هي المعلومات التي يتم نقلها عن مصدر دون الكشف عن هويته، كذلك هي معلومات المدونين على الإنترنت، لا تشكل أساسا للتعليق عليها».
وكانت صحيفة «نوفايا غازيتا» الروسية قد نقلت عن مصدر قالت إنه موجود في منطقة العمليات العسكرية تأكيده أنه «بعد المحاولات الفاشلة في فك الحصار عن مطار كويريس، وتسليم تل عثمان تم اتخاذ قرار بإرسال مجموعات من المستشارين العسكريين الروس إلى وحدات جيش الأسد، على مستوى كتائب وفصائل. والقيادة الروسية على يقين بأن تعزيز القدرات القتالية لقوات الأسد هو الأمر الوحيد الذي سيسمح بتنفيذ عملية برية ناجحة»، ويضيف المصدر للصحيفة موضحًا أن «التصريحات الأميركية حول إرسال مستشارين عسكريين من العاملين ضمن قوات (القبعات الخضر) في العراق، ليقوموا بتخطيط عمليات تصدي المقاومة الكردية والمعارضة المعتدلة لإرهابيي داعش ربما أثرت على اتخاذ روسيا القرار بإرسال مستشارين عسكريين إلى القوات السورية».
اللافت أن الصحيفة نقلت هذه المعلومات عن مصدر من مناطق العمليات القتالية كما تقول في سياق مقال عرضت فيه الوضع في سوريا، وأشارت على وجه الخصوص إلى أن «الخبراء يشككون بقدرات الجيش السوري. وحتى قبل بدء العملية العسكرية الروسية في سوريا حدث أكثر من مرة أن تنسحب وحدات الجيش السوري من مواقعها دون أن تبدي أي دفاع يُذكر خلال هجمات الإرهابيين، تاركة هذه الوحدات خلفها السلاح والعتاد، مثلما جرى في يوليو (تموز) العام الجاري عندما شن 250 مقاتلا هجومًا على مواقع الكتيبة 61 التابعة لجيش السوري التي يبلغ عدد أفرادها أكثر من ألف جندي وضابط. فروا من مواقعهم تاركين خلفهم الدبابات والذخيرة هناك».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.