اتهامات لبغداد بإهمال النازحين في إقليم كردستان

وزير الهجرة والمهجرين العراقي لـ {الشرق الأوسط}: العين بصيرة واليد قصيرة

محمد درباز
محمد درباز
TT

اتهامات لبغداد بإهمال النازحين في إقليم كردستان

محمد درباز
محمد درباز

شتاء ثان والنازحون العراقيون في إقليم كردستان يعانون من إهمال الحكومة الاتحادية في بغداد لهم. فرغم المساعدات التي تقدمها حكومة الإقليم ومنظمات المجتمع المدني، فإن مخيمات النازحين لا تزال تفتقد الكثير، فكثرة أعداد النازحين التي، حسب إحصاءات رسمية في الإقليم، وصلت إلى نحو مليون وسبعمائة ألف نازح، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تشهدها كردستان وعدم تقديم بغداد المساعدات الإنسانية، حالت دون تأمين ظروف معيشية ملائمة للنازحين.
محمد الحمداني، نازح من الموصل يعيش في مخيم «بحركة»، قال لـ«الشرق الأوسط»: «أوضاعنا المعيشية سيئة جدا، فلولا المساعدات التي تقدمها لنا حكومة الإقليم و(مؤسسة بارزاني الخيرية) لمتنا من الجوع. بغداد أهملتنا، ولم يأت أي مسؤول من الحكومة العراقية ويسألنا عن أوضاعنا أو يقدم لنا ما نحتاجه». وتساءل: «ما فائدة الحكومة في بغداد وهي لا تولي النازحين الموجودين في الإقليم أي اهتمام؟».
من جانبه، قال المواطن مصطفى عمر، من مدينة الأنبار: «حكومة حيدر العبادي وقبلها حكومة نوري المالكي لم تمد لنا نحن العرب السنّة يد العون لأننا سنّة، وإلا لماذا تقدم بغداد المساعدات للنازحين الشيعة الموجودين في جنوب العراق، ولا تقدم لنا نحن العرب السنّة أي مساعدات». وأضاف: «أوضاعنا مأساوية، ولن تحل مشكلاتنا إلا بتأسيس إقليم خاص بنا نحن العرب السنة في العراق، فلا حاجة لنا بحكومة بغداد التي لا تمثلنا بتاتا».
في غضون ذلك، كشف وزير الهجرة والمهجرين العراقي، درباز محمد، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك ثلاثة ملايين نازح في العراق حاليا، عاد في الآونة الأخيرة نحو 300 منهم إلى مناطقهم المحررة من تنظيم داعش. عن الدعم الدولي للنازحين العراقيين، بين محمد: «ستكون هناك مناشدة للدول المانحة في نهاية العام الحالي لدعم العراق، فعدم حل مشكلات العراق سيدفع بكثير من العراقيين إلى اللجوء إلى الدول الأوروبية، ولجوء هؤلاء المواطنين إلى أوروبا يشكل مشكلة للعراق وللدول الأوروبية أيضا».
وردا على الانتقادات الموجهة للحكومة الاتحادية في بغداد من قبل النازحين في الإقليم بسبب التقصير الحاصل في مساعدتهم، قال الوزير: «العين بصيرة واليد قصيرة، ونحن نرى الاحتياجات ونعمل على سدها، لكن هذا هو وضعنا المالي، والوضع المالي لا يسمح لنا، فما نتسلمه يمثل خمس احتياجات النازحين، والباقي تتحمله الدول المانحة ومنظمات الأمم المتحدة والجهد الشعبي والمنظمات الأخرى».
وعن استعدادات الوزارة لمواجهة مشكلات النازحين مع حلول فصل الشتاء، أكد الوزير: «اتخذنا كل الاستعدادات بالنسبة لتوزيع مادة النفط الأبيض للتدفئة، وكذلك بالنسبة لدوام المدارس عن طريق وزارة التربية، بالإضافة إلى ترميم مخيمات النازحين لتهيئتها لفصل الشتاء، واتخذنا كل الاحتياطات، ونعمل على حل المشكلات الموجودة في المخيمات وخارجها».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم