مجلة «نور» للأطفال.. إطلالة إعلامية جديدة للأزهر

رئيسة تحريرها لـ «الشرق الأوسط» : شخصياتها قريبة من الطفل العربي

قصة مصورة داخل المجلة
قصة مصورة داخل المجلة
TT

مجلة «نور» للأطفال.. إطلالة إعلامية جديدة للأزهر

قصة مصورة داخل المجلة
قصة مصورة داخل المجلة

في ما عده خبراء إعلاميون بأنه محاولة لتنشئة الطفل المصري والعربي على القيم الإسلامية الوسطية، أصدر الأزهر العدد الأول من مجلة «نور» للأطفال، في أول إصدار للمؤسسة السنية الأولى في العالم يقدم للطفل. وقالت مشيخة الأزهر إن «المجلة تستهدف التواصل مع الأطفال بلغة مبسطة لتعريفهم بتاريخ الأزهر ودوره في نشر الفكر الوسطي للإسلام، وتنشئتهم على القيم الإنسانية النبيلة، وتنقية عقولهم من الأفكار المتشددة للجماعات المتطرفة، وغرس قيم الانتماء للوطن في نفوسهم».
بينما قالت الدكتورة نهى عباس، رئيسة التحرير التنفيذية للمجلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجلة تلائم نفسية الطفل، وتقدم قصصا بعيدة عن العنف الذي نراه في كل مكان خاصة في الفضائيات، فضلا عن كونها تدعم التفكير العلمي والمنطقي للطفل، وشخصياتها قريبة من الطفل العربي».
وتحتوي المجلة على قصص مصورة ومعلومات وأبواب غير مألوفة للطفل المصري.. كل باب يهدف لقيمة من قيم المجتمع؛ لكن بشكل معاصر يحبب الطفل في تقبل المعلومة، بالإضافة إلى أبواب يكملها الطفل بنفسه ويكتب فيها ما يشاء، لافتة إلى أن أهم الأبواب في المجلة مغامرات نور «بوابة التاريخ»، ومغامرات أحمد «الدين لله والوطن للجميع»، وزيطة «بطل خارق»، والديك أبو السيد «أنا الديك»، و«فأرسوف».
ويقول شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، رئيس الرابطة العالمية لخريجي الأزهر التي صدرت عنها المجلة، إن «المجلة تتميز عن مثيلاتها التي تقدم نماذج غربية لا تعبر عن هوية الطفل المصري والعربي ولا عن حضاراتنا ولا قيمنا ولا تقاليدنا، فهي ليست كالمجلات التي تحتوي على معلومات وأفكار صنعت في ثقافات مختلفة»، مضيفا أن «المجلة درست احتياجات أطفالنا، ولذلك جاءت معبرة عما يتلاءم ويتناغم مع واقعنا من ترسيخ قيم الوطنية والثقافة العامة والتربية الدينية».
وأكدت رئيسة التحرير التنفيذية لمجلة «نور» أن المجلة تقدم قصصا تدعم التفكير العلمي والمنطقي وتعزز قيم الانتماء للوطن وتحتوي على «باب» يسمى «خير أجناد الأرض» يروي القصص والبطولات الحقيقية لأبطال حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973. وأوضحت أن شخصيات المجلة قريبة من الأطفال وتعلمهم التفاعل مع المجتمع من خلال القيام بأدوار هادفة، ليصبح الطفل نموذجا وقدوة أساسها القيم والمبادئ المجتمعية الصحيحة، مؤكدة أن البعد الديني في المجلة ليس تقليديا، فهو يهتم بالجوهر وليس المظهر. وتدور قصصها حول القيم والقضايا المجتمعية مثل الحفاظ على البيئة والماء وعدم تلوث المجتمع.
ومن أشهر المجلات المصرية: «روضة المدارس» التي صدرت بإشراف رفاعة الطهطاوي 1870، وكانت أول مجله تصدر للطفل المصري، أعقبها مجلة «جورنال المدرسة» التي أصدرها الزعيم الراحل مصطفى كامل عام 1893، ثم مجلات «الأولاد» و«سندباد» و«سمير» و«ميكي» و«علاء الدين» و«بلبل» و«توم وجيري».
وعن ظهور المجلة في هذا التوقيت بالذات، قالت رئيسة التحرير التنفيذية: «نحتاج تقديم ثقافة للطفل، ولو نظرنا للثقافة المقدمة له حاليا نجدها نوعين، إما أنها غربية لا تلائم هويته وعاداته، وإما أنها فكر متشدد ومتطرف. ومن هنا جاءت (نور) لملء الفراغ الثقافي للطفل لتلائم هويته وانتماءه»، مضيفة: «نقدم عملا للأطفال الهدف الأول منه جذب ونيل إعجاب الطفل به، وبعد ذلك الحديث عن المبادئ والقيم والتعاليم التي نحب أن نرى أطفالنا عليها»، لافتة إلى أن «ملء فراغ ثقافة الطفل المصري والعربي كان الفكرة من وراء إصدار المجلة التي هي البداية الطبيعية في كل دول العالم، فعندما يريدون تقديم ثقافة مختلفة للطفل يقدمون القصة المصورة التي تحمل شخصيات كارتونية يرتبط بها الطفل ويستطيع أن يتقبل منها كل ما يراه من القصص المصورة لها».
ويوجد عدد محدود من مجلات الأطفال حاليا بمصر، عقب توقف العديد منها نظرا لعدم وجود موارد مالية لها؛ لكن نهى عباس قالت إن «المجلة تصدر بصفة شهرية وبسعر 6 جنيهات، وندرس تخفيض سعرها لتتمكن الأسر من شرائها، ومشيخة الأزهر قررت دعمها بجنيه واحد لكل نسخة، فضلا عن شراء عدد من النسخ بصفة دورية، وكذا وزارة الشباب قررت دعم المجلة بجنيه لكل عدد».
وعن الرسالة التي تريد أن تقدمها المجلة، قالت عباس: «تسعى المجلة إلى الترفيه والإمتاع والمعرفة والثقافة والقيم الحق والخير والجمال والذوق العام، بالإضافة إلى تنقية العقول من المفاهيم المغلوطة، ومن الأشياء المهمة التي نراعيها تقديم قصص مصورة وأفكار تعزز المنهج التفكيري العلمي، مما يجعل الطفل يفكر بطريقة علمية ومنطقية، من خلال عالم (نور) المليء بالشخصيات الكارتونية». وأضافت أن: «باب المسابقات بالمجلة سوف يوسع مدارك الأطفال، لأن وضع الأسئلة سوف يجعل الطفل يبحث عن أمرين، نشر إجابته والحصول على الجائزة، ومن ناحية أخرى يثقف نفسه من خلال البحث عن المعلومة».
بينما أكد فوزي محمد، خبير القصة المصورة، أحد فريق عمل المجلة، أن «(نور) تعد البداية لغرس قيمة الانتماء للوطن بأسلوب عصري وجذاب، ليكتسب الطفل ثقافة متنوعة تحض على الإبداع والابتكار ليصبح هناك جيل مبدع يبشر بمستقبل باهر لوطننا مصر»، لافتا إلى أن «المجلة خطوة إيجابية لأن الأطفال بحاجة إلى تدريب عملي حين يقرأون مثل هذه المجلات؛ بل حينما نستفيد منهم بأفكار حتى ولو كانت ضئيلة فهذا أمر يربي عند الطفولة ملكة قوية، تستطيع مع مرور الزمن حينما يكتمل نضجه يصبح مفكرا عظيما ماهرا يستطيع أن يخترع ويصبح عالما في تخصصه».
من جانبه، قال الدكتور حسام شاكر، عضو هيئة التدريس بكلية الإعلام جامعة الأزهر، إن القصص المنشورة في المجلة تعمل على إكساب الطفل القارئ مجموعة من القيم، والاتجاهات، والأفكار، واللغة، والمعرفة، مما يسهم في تكوينه على نحو يختلف تماما عن الطفل غير القارئ، مضيفا أن «القائمين على المجلة أدركوا أن القصة تحتل مكانة متميزة في اهتمامات الطفل، لما تمتلكه من قوة تأثير ومتعة لا تملكها غيرها من الأجناس الأدبية الأخرى الموجهة إلى الطفل»، موضحا أن مصدر أهمية القصص المصورة يعود لأنها تعبر عن حاجة الأطفال في الاستطلاع ورغبتهم في معرفة العالم المحيط بهم.



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».