«الائتلاف الوطني» السوري: بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2118 أساس للحل السياسي

حثّ الفصائل العسكرية المعارضة على احترام شرعة حقوق الإنسان والالتزام بالقوانين الدولية

«الائتلاف الوطني» السوري: بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2118 أساس للحل السياسي
TT

«الائتلاف الوطني» السوري: بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2118 أساس للحل السياسي

«الائتلاف الوطني» السوري: بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2118 أساس للحل السياسي

جدد «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» تأكيده على مرجعية بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2118 «كأساس للحل السياسي في سوريا، والقاضي بإقامة هيئة حاكمة انتقالية كاملة الصلاحيات، لا مكان فيها للرئيس السوري بشار الأسد وزمرته». وبحث أعضاء الهيئة السياسية في «الائتلاف»، أمس، مع ممثلي مجموعة «أصدقاء الشعب السوري»؛ تطورات العملية السياسية والتحضيرات لمؤتمر فيينا المقبل، ونقل مواقف الائتلاف وتطلعات الشعب السوري.
المكتب الإعلامي لـ«لائتلاف» نقل عن خطيب بدلة، عضو الهيئة السياسية فيه، إشارته إلى أن الائتلاف «ملتزم بالاستمرار في العملية السياسية وفق المرجعيات الدولية لإيقاف شلال الدم الذي ينزفه الشعب السوري على أيدي نظام الأسد والميليشيات الطائفية والعدوان الروسي». في حين أكد ممثلو مجموعة «أصدقاء الشعب السوري» تمسكهم ببيان جنيف، وأنه «لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا»، مؤكدين أن الائتلاف هو «الممثل الشرعي للشعب السوري». كما أثنوا على جهوده بالتواصل مع القوى السياسية والعسكرية والمدنية فيما يخص مستقبل البلاد.
يأتي اللقاء، غداة ترؤس رئيس «الائتلاف» الدكتور خالد خوجة، وفدًا ضم ممثلا عن «الجيش السوري الحر» اجتماعات مع مسؤولين أوروبيين. وكان المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال قد قال عقب اجتماع خوجة مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ومسؤولين آخرين، يوم الجمعة الماضي: «يجب أن يلعب الائتلاف دورًا أساسيًا في توحيد المعارضة خلال أي محادثات قادمة خاصة بالشأن السوري».
وفي غضون ذلك، حث «الائتلاف الوطني» كل فصائل الثورة و«الجيش السوري الحرّ» على احترام شرعة حقوق الإنسان، والالتزام بالقوانين الدولية، والترفّع عن ردّات فعل غير مسؤولة أو مبررة؛ «رغم استمرار نظام الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون في ارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية، باستخدام الطيران والبراميل المتفجرة».
وفي إطار جولة قام بها رئيس «الائتلاف» شملت لندن وباريس وجنيف، رفض خوجة «استخدام المدنيين دروعًا بشرية»، وحث قادة الفصائل في غوطة دمشق وغيرها من المناطق على «منع أي تصرفات فردية من هذا القبيل». كما أكد على «حرمة دم الإنسان السوري، واحترام كرامته وحقوقه التي انتهكها نظام الأسد بدعم من حلفائه، رغم أن المجتمع الدولي لم يقابل تلك الانتهاكات بتحرك جدّي لوقفها».
ومن جهة ثانية، اجتمع وفد «الائتلاف» إلى أوروبا، مع مسؤولين عسكريين أيضًا، إذ التقى المستشار القانوني لـ«الجيش السوري الحر» أسامة أبو زيد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند ورئيس الأركان العسكرية الفرنسي، وعدّة مستشارين من البلدين، وذلك بعد دعوة من الجانب الأوروبي.
وخلال هذه اللقاءات أكد أبو زيد للطرفين الفرنسي والبريطاني أن «الجيش الحر» وفصائل الثورة «هم القوة السورية الوطنية الوحيدة التي تقاتل على أرض سوريا، في وجه آلة الإجرام لبشار الأسد وحلفائها والميليشيات الموالية له من مختلف الجنسيات، إضافة إلى وقوفه في وجه تنظم داعش الإرهابي». وعبّر للطرفين عن رفض «الجيش الحر» سياسة الدعم الحالية، وأكد أنهما حتى اللحظة لم يقدما ما يجب تقديمه استنادا لمواقفهما المعلنة تجاه الثورة.
وعن لقائه مع رئيس هيئة الأركان العسكرية للرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه، قال المستشار القانوني لـ«الحر»: «نقلنا للرئاسة الفرنسية إنجازات الجيش السوري الحر وصموده الأسطوري في وجه قوات النظام المدعومة بالميليشيات الخارجية وطيران الاحتلال الروسي، وبحثنا مع رئيس هيئة أركان الرئاسة الفرنسية السبل لدعم الجيش السوري الحر الممثل الوحيد للشعب السوري». وأضاف أبو زيد: «هنأنا رئيس هيئة الأركان على الإنجازات التي حققها الجيش الحر في كل من حماة وحلب وغوطتي دمشق وجنوب درعا، وأكد أن هذه الإنجازات تؤكد على أن الحر يعمل وفق استراتيجية وبعد نظر». وحول الدعم قال إن الرئاسة الفرنسية أبلغتنا أنها أخذت قرارًا برفع الدعم العسكري وأنها تضع آليات جديدة لتحقيق ذلك.
أما عن لقائه بالجانب البريطاني، فقال: «أكدت أن (الحر) مستمر بالمعركة ولن يتراجع، وأوضحت لهم أنه بدلاً من أن يتراجع الجيش الحر مع الغارات الروسية، تقدم في كثير من المناطق، بالتعاون مع فصائل الثورة، القوة السورية الضاربة الموجودة على الأرض، في حين أنّ جيش النظام لم يعد موجودًا بدليل استقدام ميليشيات أجنبية من عدة دول تحت شعارات طائفية».
كذلك أشار أبو زيد إلى أنه قدّم طلبًا رسميًا وواضحًا للطرف البريطاني لتقديم الدعم العسكري غير المشروط وغير المحدود للجيش الحر. ونقل للبريطانيين رسائل من قادة الجيش الحر في (الفرقة الأولى الساحلية، الفرقة 101، لواء فرسان الحق، الفرقة 13، والكثير من التشكيلات الأخرى في الجيش الحر) الطلب من المملكة المتحدة بتقديم المزيد من الدعم للجيش الحر.. وقال: «أكدت لهم أننا لن نتفاوض مع روسيا في ظل استمرار القصف، بعد توقف القصف يجتمع قادة (الحر) ويقررون التفاوض من عدمه»، مشددًا على أن الجيش الحر «يحارب من أجل الشعب السوري، وسندعم أي حل سياسي يحقق مطالب هذا الشعب».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.