رئيس البرلمان العراقي لـ {الشرق الأوسط}: الظرف لا يسمح بإقالة العبادي

الجبوري أكد أن صيغة إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء لم تكن قانونية

سليم الجبوري ({الشرق الأوسط})
سليم الجبوري ({الشرق الأوسط})
TT

رئيس البرلمان العراقي لـ {الشرق الأوسط}: الظرف لا يسمح بإقالة العبادي

سليم الجبوري ({الشرق الأوسط})
سليم الجبوري ({الشرق الأوسط})

يحتار الصحافي عندما يريد أن يحاور مسؤولا عراقيا كبيرا يشغل منصب رئيس مجلس النواب في اختيار بداية الحديث، وذلك لتشابك الخيوط واختلاط الأمور وتعدد الأزمات، من اقتصادية وأمنية وسياسية وخدمية.
المسؤولون العراقيون محاصرون بين مطالب المتظاهرين وبين الحرب ضد تنظيم داعش وحزم إصلاحات حيدر العبادي رئيس الوزراء وتشابك واختلاف الإدارات والمصالح الحزبية تحت قبة البرلمان وغرق ما نسبته 60 في المائة من مساحة بغداد وبقية المدن بمياه الأمطار.
إزاء هذا يفضل غالبية المسؤولين العراقيين التزام الصمت الإعلامي والاقتصار على إطلاق التصريحات منفردين دون الدخول في مغامرة إجراء حوار صحافي قد يجرهم إلى مناطق لا يرغبون في الدخول إليها أو الحديث عنها.
سليم الجبوري، رئيس مجلس النواب العراقي، تحدث في حوار مطول بعد صمت إعلامي طويل لـ«الشرق الأوسط» ببغداد حول إصلاحات العبادي ودستورية إقالة نواب رئيسي الجمهورية والوزراء، مرورا بالأزمات المتعددة التي يعيشها العراق. وفي ما يلي نص الحوار:
* نبدأ من القرار الأخير لمجلس النواب والقاضي بسحب تخويله لرئيس الوزراء حيدر العبادي لإجراء الإصلاحات.
- كان مجلس النواب قد فوض رئيس الوزراء للقيام بجملة من الإصلاحات التي تخدم الشارع العراقي، وقيد هذا التخويل باحترام الدستور والقانون، لا أنكر أن بعض ما صدر (من العبادي) فيه ابتعاد حتى عن السياق الدستوري وكأن هناك تفويضا لرئيس الوزراء بأن يتصرف بصلاحيات مجلس النواب، بالنسبة إلينا هذا لم يكن موجودا أصلا، نحن لم نعطه هذا التخويل لكنه فهم بهذه الطريقة، وأردنا أن نؤكد مبدأ أساسيا وهو أن صلاحيات مجلس النواب لا يمارسها إلا مجلس النواب ولا يحق لأي سلطة تنفيذية أو قضائية أن تمارس صلاحيات مجلس النواب، فضلا عن أن ما صدر من قرارات (من قبل العبادي) كان يشوبها شائبة من جهة مطابقتها للدستور والقانون، لا نريد أن يوجد فرد أو سلطة تبيح لنفسها التجاوز على الآخرين، هذا ما أردنا تأكيده، أن لا سلطة تبيح لنفسها التجاوز على بقية السلطات، لكل سلطة صلاحياتها القانونية والدستورية تمارسها وهي المعنية بها وتحاسب عليها.
* هل هذا يعني أنكم غير مؤمنين أو موافقين على الإصلاحات التي قام بها العبادي؟
- في قناعتي أن الإصلاحات لم تكن في المستوى الذي يجب أن تكون عليه. صحيح أن الظرف الاقتصادي ضاغط والتحديات كبيرة أمام رئيس الوزراء، وهناك عقبات بعضها سياسي وبعضها اقتصادي، إضافة إلى التحديات الأمنية. لكن في قناعتي لا يمكن لأي طرف أن يمضي بالإصلاحات منفردا عن الآخرين.. للأسف حصل ذلك.
* رئيس الوزراء «ألقوه في اليم مكتوفا وقالوا له إياك إياك أن تبتل بالماء»، وحسب تصريحاته والوقائع فإنه محاصر بتقييدات دستورية، ومقيد من قبل كتل سياسية أخرى وحتى من قبل حزبه (الدعوة) وكتلته (ائتلاف دولة القانون) وتحديات (داعش)، ومثلما ذكرتم الضغوط الاقتصادية.. فكيف يتمكن من إجراء الإصلاحات باعتقادكم؟
- بالتأكيد هناك قيود موجودة، لكنه (العبادي) هو جزء من هذه التركيبة التي ينبغي أن يأخذها في الاعتبار وأن لا يمضي إلى الأمام إلا بعد أن ينظر إلى من حوله. هناك ثلاثة قيود أو ثلاثة أطواق مهمة ينبغي أن لا يكسرها أو يتجاوزها أي شخص يريد القيام بالإصلاحات سواء كانت مؤسسة أو شخصا، أولا طوق الأطراف السياسية الذي تجاوزه السيد العبادي في بداية عمله بنظرية الإصلاح وكل ما قام به أنه ألقى بحزم الإصلاح داخل مجلس النواب حتى أنه (العبادي) لم يحضر حتى الآن إلى مجلس النواب ليسوق إجراءاته في نظرية الإصلاح، أنا شخصيا كنت مع تصويت مجلس النواب لحزم الإصلاحات، المجلس صوت احتراما للجمهور العراقي وللتوجه ولمبدأ الإصلاحات. أما الطوق الثاني فهو الجمهور العراقي الذي المفروض أن لا يتم تجاهله، بل تلبية مطالبه. والطوق الثالث هو أننا لسنا بمعزل عن الواقع الدولي والإقليمي والتأثيرات الموجودة حولنا، وهذه أيضًا كان يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار.
* الموضوع الشاغل حتى اليوم هو: هل أن إقالة العبادي لنواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء كان إجراء دستوريا وقانونيا؟
- في هذه المسألة يكون للمحكمة الاتحادية قول الفصل، وهناك وجهات نظر قانونية متعددة، أنا في تصوري إذا كنا نريد أن نأتي إلى الدستور والقانون بشكل بحت فأقول إن الصيغة لم تكن قانونية، لكنه (العبادي) يحتج بأن مجلس النواب خوله بذلك بناء على التصويت الذي حصل تحت قبة البرلمان، وقد يكون للمحكمة الاتحادية رأيا مطابقا لهذا التوجه، بمعنى أنه ما دام هناك تخويل من مجلس النواب فله أن يمضي بهذا الاتجاه، ولكن الصيغة المثلى هي الآتي: أن يضع صيغة مشروع قانون داخل مجلس الوزراء ويحيله إلى مجلس النواب الذي يصوت على مشروع القانون بعملية إلغاء مناصب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء، هذا إذا كنا نريد أن نسير في السياق الدستوري والقانوني البحت.
* هناك ورقة «الإصلاح السياسي» التي تقدم بها اتحاد القوى الذي أنتم جزء مهم فيه، وهي التي مهدت لاتفاق تشكيل حكومة العبادي ومر أكثر من عامين تقريبا ولم يتم العمل بها.. ما موقفكم؟
- هذا خلل كبير.. ونحن ما دمنا أكدنا على مبدأ أننا إذا أردنا أن نعمل كشركاء فلا بد من أن نحترم اتفاقاتنا بشكل واضح، وواحدة من أهم نقاط الاتفاق هي تشكيل الحرس الوطني وإصدار قانون العفو ومعالجة إشكالية اجتثاث البعث ومشكلة التوازن في الحكومة والقوات المسلحة والأمن، وقضايا من هذا القبيل وضعت على الورق وكانت هناك رغبة وكانت هناك تعابير على ضرورة تنفيذها، ولكن بمرور الزمن وجدنا أن هناك حالة من التنصل عن تنفيذ هذه الورقة.
* ألا تجدون أن السيناريو مشابه للحكومة السابقة حيث كانت هناك اتفاقات مؤتمر أربيل التي لم تنفذ من قبل الحكومة السابقة؟
- للأسف إن آلية تنفيذ السياسيين لأي اتفاق، وموضوع الثقة هو أنه يجب أن تبحث عن ضمانات تقيدهم وتلزمهم بتنفيذ ما تعهدوا به من التزامات، وما اعتقده وبشكل واضح أنه ما دامت هناك التزامات وتعهدات تم الاتفاق عليها فلا بد أن يلتزم ويفي بتنفيذها لأنه لا قيمة بعد ذلك لأية اتفاقات يمكن أن تبرم إذا كان لدى كل طرف النية المسبقة بعدم التنفيذ.
* طيب.. ما موقفكم من ذلك في اتحاد القوى؟ وما موقفكم أمام جمهوركم الذي انتخبكم؟
- نحن لطالما، وفي كل لقاء يحصل مع رئيس الوزراء، تحدثنا في هذا الموضوع ونحاول أن نثير ذلك بشكل واضح داخل البرلمان، ونعتقد أن تنفيذ هذه الورقة ليس منّة من طرف معين وإنما هو التزام، ونتحدث ونعمل ونسلك كل الوسائل لتنفيذها، وما زلنا بالتأكيد نبذل جهدنا من أجل أن تلتزم الأطراف الأخرى بالاتفاقات.
* لكن مضى أكثر من عامين تقريبا ولم يتم تنفيذ هذه الاتفاقات
- هذا خلل بالتأكيد.. هذا خلل.
* أليس هناك إجراءات تلزم الأطراف المتفقة على تنفيذ تعهداتها؟
- الإجراء الوحيد هو أن تتم المساءلة والمتابعة والمحاسبة.. هذا ما نمتلكه. المشكلة أن الدول التي كانت راعية لبعض الاتفاقات والتي كانت ماضية بدعوتها باتجاه تشكيل الحكومة وأنها تعهدت بممارسة دورها باتجاه تنفيذ الورقة التي اتفقنا عليها، هي اليوم غير متفائلة بتنفيذ الاتفاقات.
* هل تقصدون الولايات المتحدة الأميركية؟
- كل الدول التي رعت هذه الاتفاقات، أميركا وبعض الدول العربية والإقليمية، هؤلاء لم يعودوا يكترثون لما تم الاتفاق عليه سابقا.

* هل وصلت الأمور خلال الأيام الأخيرة ببعض الكتل السياسية للذهاب إلى مجلس النواب وسحب الثقة بالفعل من رئيس الوزراء؟
- لا لم تصل الأمور إلى هذه الدرجة، كما أنني لم أشهد مشاورات بهذا الاتجاه. بصراحة إن الظرف الحالي لا يسمح بأن نمضي بمثل هذه الخطوات، خصوصا ونحن أمام وضع أمني مربك، وكذلك وضع اقتصادي صعب. الهدف الأساسي اليوم هو أن تسعى الكتل السياسية باتجاه تحقيق الإصلاحات، أما أن تسعى باتجاه إحداث تغيير دون وجود خارطة طريق تنقذ العراق من أوضاعه فهذا غير وارد.
* أشرتم أكثر من مرة إلى الظرف الاقتصادي الضاغط، والناس في الشارع قلقون من هذا الموضوع ويخشون على رواتبهم، والمتظاهرون في ساحة التحرير ببغداد وفي بقية المحافظات العراقية يطالبون بمحاسبة الفاسدين واسترجاع الأموال المسروقة إلى خزينة الدولة، لكنه لم يتم أي إجراء بهذا الاتجاه.
- بصراحة، كثير من ملفات الفساد أحيلت إلى هيئة النزاهة وإلى لجنة لنزاهة البرلمانية، ويتم التحقيق مع المتورطين بالفساد، وبعض الملفات أحيلت إلى القضاء العراقي، ونحن ماضون بمحاسبة هؤلاء المتورطين بملفات الفساد، ووصل الأمر إلى حد استجواب البعض ومساءلته. كل الأدوات الرقابية المتاحة لنا في هذا الخصوص مارسناها ونستخدمها لمحاسبة الفاسدين، وأتصور أنه ليس هناك تقصير من قبل مجلس النواب.
* المتظاهرون والشارع العراقي يقولون إن حيتان الفساد الكبيرة ما زالت متنفذة في العراق.
- هذه مهمة القضاء وليست مهمة مجلس النواب، ما علينا من مسؤوليات هو تقديم ملفات الفاسدين، وقد قدمناها وتبقى مهمة هيئة النزاهة والقضاء، وما علينا هو متابعتهم في هذا الجانب. نحن فاتحنا الحكومة حول منافذ الصرف في الحكومة السابقة، وسنفتح ملفا حول جولات التراخيص لشركات النفط الأجنبية، وشكلنا لجانا حول عقود التسليح وبيع العملة الصعبة (الدولار الأميركي) في البنك المركزي، هذا كله قمنا ونقوم به، لكن القضية فيها جانب من التعقيد يتعلق بالوصول إلى المعلومة الدقيقة والوثائق وهي مهمة ليست سهلة أبدا، لكننا دخلنا إلى عمق هذه القضايا التي نعتبرها أساسية.
* عندما يتحول المسؤول من شخص لا يملك أي شيء قبل تغيير النظام في 2003 إلى ملياردير، وهناك كثير من هذه النماذج وهناك وثائق تؤكد حجم أرصدتهم بالمصارف وعقارات في عواصم عربية وغربية، ترى هل هذا يحتاج إلى أي وثائق عن فساده؟
- لكن القضاء لا يمكن أن يتعامل مع الأمور إلا من خلال الدليل الواضح. هناك رقابة شعبية ورقابة برلمانية، لكني أعود وأقول إن القضاء، كما أعتقد، لا يتعامل إلا مع الدليل القاطع. لكني أنا بالفعل عندما أقيس ما كان عليه بعض الأشخاص سابقا وما آلت إليه أحوالهم المادية حاليا فإن هذا يدعوني لأطرح جملة من التساؤلات.
* لكنّ المتظاهرين في عموم محافظات العراق يرفعون لافتات بأسماء الفاسدين وشبه وثائق تدينهم، هل تردون عليهم بأن هذه مهمة القضاء؟ هم يقولون إن القضاء العراقي فاسد وطالبوا بتغييره.. كيف تردون عليهم؟
- نحن بالفعل في حيرة، ويغلب القول علينا بأننا لسنا ضمن دولة تحكمها المؤسسات والقوانين والنظام، إنما غلبت معايير من لديه السطوة والقوة، وهو الذي يستطيع أن يؤثر في النهاية على القرارات.
* لنتحدث عن المتظاهرين الذين يخرجون إلى ساحات المدن العراقية وضمنها ساحة التحرير وسط بغداد منذ ثلاثة أشهر، هل تستمعون إليهم؟ هل تصغون لمطالبهم؟ هل تعتقدون أن مطالبهم مهمة؟ هل ناقشتم هذه المطالب تحت قبة البرلمان؟
- هناك اهتمام كبير بمطالب المتظاهرين من قبل مجلس النواب، وقد عرضناها على لجان برلمانية وتمت مناقشتها بجلسة خاصة، أنا التقيت بهم مباشرة وتحدثنا مع رئيس الوزراء، بالتأكيد هم يتحدثون عن مشكلات تحتاج إلى فترة طويلة لمعالجتها لأنها مشكلات متراكمة وليست مرتبطة بقرار ليتم إصلاحها، وحزم الإصلاح التي تم وضعها لم تصل إلى حد إقناعهم بأن هناك تغييرا جوهريا وأساسيا.
* هل فكرتم في زيارة ساحة التحرير واللقاء مباشرة بالمتظاهرين مثلا؟
- المتظاهرون وضعوا منذ البداية شرطا بعدم مشاركة المسؤولين في هذه المظاهرات، ثم إننا لسنا بصدد القيام باستعراضات في ساحة التحرير، نحن بحاجة إلى القيام بإجراءات وليست زيارة ساحات التظاهر والتقاط صور تؤكد هذه الزيارات.
* ما حقيقة محاولات سحب الثقة منكم كرئيس لمجلس النواب على خلفية زيارتكم لقطر؟ وهل من المعقول المطالبة بسحب الثقة من رئيس البرلمان لأنه قام بزيارة دولة عربية؟
- في هذا الصدد صارت هناك ملابسات سجلت بالفعل انطباعا سلبيا في وقتها، لكن هناك من روج أنهم جمعوا كثيرا من التواقيع لسحب الثقة مني، وفي واقع الحال كانت هناك بضعة تواقيع، والحدث برمته إعلامي وإثارة وعملية ضغط تتنافى مع مبادئنا، نحن من المفروض أن نبني علاقات جيدة ومتينة مع الدول العربية ونعود إلى وجودنا العربي وقوتنا وتأثيرنا في المحيط العربي، لكن للأسف هناك أمزجة سياسية غلبت على الموضوعية والنيات لم تكن حقيقية.
* في هذا الصدد، هل أنتم مقتنعون بطبيعة العلاقات التي تربط العراق بالدول العربية؟ وكيف تتمكنون من إصلاح الخراب الذي حدث في هذا المجال؟
- العلاقات لا نزال تحتاج إلى ترميم. العلاقة كانت مغلقة وغير مشرعة للتعامل مع غالبية دول الخليج العربي، والحكومة العراقية حاولت أن تفتح الأبواب بعد أن لقي تشكيلها ترحيبا واسعا من قبل الدول العربية عامة والخليجية خاصة، لكن ما كان الاهتمام من قبل الحكومة العراقية بالشكل المطلوب الذي يحفز الدول العربية للتفاعل مع هذا الانفتاح. هناك مؤتمر قمة في السعودية سيحضره السيد رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، لعل هذا المؤتمر يعطينا فرصة لإعادة العلاقات لما كانت عليهـ بل أفضل من الآن.
* جمهوركم (العرب السنة) الذين أوصلوكم إلى مناصب قيادية غاضب عليكم ويعتقد أنكم ما عدتم تهتمون به، فهناك آلاف المهجرين وغالبية كبيرة من السنة معتقلون، وحسب ما يقولون فإنهم معتقلون لمجرد أنهم من العرب السنة، وخصوصا في محافظة ديالى التي تنحدرون منها، كما يشعرون بالظلم في توزيع الوظائف الحكومية والدبلوماسية وفي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.. هذا ما يرددونه باستمرار، ترى كيف تستطيعون مواجهتهم؟
- هم لهم الحق في ما يرون. غالبية العراقيين مصدومون لما تحقق من قبل الحكومة والبرلمان قياسا إلى ما كانوا يتوقعونه، لكن المحافظات التي سيطر عليها «داعش»، وبعضها تم تحريرها ثم دخلتها الميليشيات المسلحة، أبناء هذه المحافظات كانوا يتوقعون أن هناك شراكة فعلية وعودة كاملة للنازحين من هذه المناطق، ولكن هذا لم يتحقق للأسف. نحن باشرنا على مستوى إعادة السكان إلى مدنهم، فعلى مستوى محافظة صلاح الدين عاد 20 ألف عائلة من أصل 23 ألف عائلة، وفي محافظة ديالى عاد ما نسبته 90 في المائة من العوائل النازحة إلى مناطقهم، وبعض المناطق نجري الآن مفاوضات بصدد عودتهم، ليس فقط إعادتهم إلى مناطقهم، ولكن نعمل أيضًا على توفير المناخ الآمن لهم. الأمر يحتاج إلى وقت أطول وقرارات أوسع، وهناك تحديات كبيرة بهذا الصدد، الفرص الأمنية والاقتصادية أيضًا تعيقنا في هذا الجانب.
* وماذا عن المعتقلين الذين لم يتم التحقيق معهم أو محاكمتهم منذ سنوات طويلة؟
- القضاء يتحمل مسؤولية ذلك، ليست هناك أعداد كافية من قضاة التحقيق، ونحن بذلنا جهودا كبيرة جدا في هذا الملف، ونحن لنا تقييمنا الخاص بمؤسسة القضاء التي تحتاج إلى إصلاحات واسعة.
* هل تعتقدون أن المتظاهرين على حق عندما يتهمون القضاء العراقي بالفساد؟
- هناك من المؤشرات ما يدل على ذلك.
* ذكرتم قبل قليل أن هناك أمزجة داخل البرلمان، هل ما زالت هذه الأمزجة تتحكم بعمل مجلس النواب وتؤثر في عملية إصدار القوانين والتشريعات؟
- أنتم تعرفون أن مجلس النواب العراقي يتكون من محاور ومراكز قوى ومنطلقاتها سياسية ومؤثرة، نتحدث عن الكتلة الأكبر في البرلمان، وهي كتلة رئيس الوزراء، التحالف الوطني، لا منهج ولا توجه خاصا بها.
* وهل يقف هذا عائقا أمام إصدار القوانين؟
- لا لم يستطيعوا، في الفترة التي عملنا وما زلنا نعمل بها لم نسمح بسحب عمل مجلس النواب إلى الجانب السياسي والتشريع، فالشيعة والسنة يصوتون اليوم على التشريعات ويتفقون على محاسبة الحكومة.
* يشهد لكم بالإدارة الحازمة في رئاسة مجلس النواب، لكن ما إمكانياتكم في التأثير من أجل عدم إضاعة الفرص بسبب التناحر السياسي لإصدار القوانين المهمة؟
- العامل المؤثر في التشريعات هو التصويت، حتى لرئيس مجلس النواب صوت واحد، والموضوع ليس قرارا إداريا، بل إن هناك مفاوضات واتفاقات نجريها، ولهذا استطعنا أن نشرع قانون الأحزاب والاستثمار، ونحن على وشك إنجاز قانون المحكمة الاتحادية وقانون الحرس الوطني، كما أننا صادقنا على ميزانية 2016 في فترة قياسية، ولو استطعنا تشريع قانونها قبل نهاية العام الحالي فسنحقق سبقا، إذ سيتم لأول مرة إنجاز قانون الموازنة قبل بداية العام القادم، وشرعنا قوانين كانت معطلة في السابق.
* العراقيون قلقون على خبزهم مثلما يقولون، على رواتبهم وهي مصدر معيشة غالبية العراقيين، ووزير المالية هوشيار زيباري وصف العام المقبل بأنه سيكون أسوأ عام من الناحية الاقتصادية، كيف تنظرون إلى هذا الموضوع؟
- يعني مجموع رواتب الموظفين هو مليار دولار، والشعب غير معني بالتقشف الذي تفرضه الحكومة على الموظفين، وعلى الحكومة إيجاد الوسائل اللازمة لتوفير الرواتب. هناك قروض ميسرة وعلاقات مع دول بإمكانها دعم العراق. نحن لسنا أول دولة تمر بمثل هذه الظروف، بل إن هناك دولا مرت بظروف أكثر صعوبة، لكن التحرش برواتب الموظفين سيعرض الأوضاع للانهيار ويخلق حالة من عدم الثقة، وهذه قضايا مهمة ولا يمكن تعويضها إذا انهارت، أعني الثقة، حتى إذا حصلنا على المال اللازم فلن نستطيع تعويض الثقة بين الجمهور وصانع القرار.
* هناك داخل كتلتكم، اتحاد القوى، صراع سني - سني، ترى كيف تحوزون على ثقة جمهوركم وأنتم تعيشون هذه الصراعات؟
- نعم، هناك صراع ولكن الآن خفت حدته، وأصبح اتحاد القوى فريقا واحدا يجتمعون على رأي واحد سواء على مستوى النواب أو الوزراء أو الشخصيات السياسية، المهم ليست هناك أقطاب داخل الوسط السني كما هي الآن ظاهرة في الوسط الكردي أو الوسط الشيعي.
* هل بالفعل السياسيون السنة يضعون قدما مع الدولة وأخرى في معارضتها؟
- في نظريتي أقول إن السنة إذا أرادوا أن يحافظوا على وجودهم فلا بد من أن يحافظوا على وجود الدولة، هذه نقطة أساسية. السنة ليسوا معارضين للدولة، وما كان يقال من أنهم فريقان، فريق في المعارضة وفريق مع الدولة، غير صحيح. نحن جزء من الدولة، ونريد أن نجعل الدولة تحترم الإنسان، دولة بلا ميليشيات مسلحة وبلا تهميش وإنما يتساوى تحت خيمتها الجميع، هذا ما نعتقد أنه مناسب، ونرفض أية عملية حمل سلاح من قبل أية مؤسسة سياسية، وأنا من دعاة مركزية رئيس الوزراء، والصلاحيات التي يتمتع بها كقائد عام للقوات المسلحة والتركيز على الأطراف أو الشخصيات المهنية التي يمكن أن يستفيد منها.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.