المحللون الغربيون مخطئون: الاقتصاد الصيني يزداد قوة

المحللون الغربيون مخطئون: الاقتصاد الصيني يزداد قوة
TT

المحللون الغربيون مخطئون: الاقتصاد الصيني يزداد قوة

المحللون الغربيون مخطئون: الاقتصاد الصيني يزداد قوة

عقدت الجلسة الثالثة لمؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، وسط دعوات واسعة تطالب بإجراء إصلاحات اقتصادية جذرية. ويزعم الكثير من المحللين والمعلقين أن الاقتصاد الصيني يعاني حالة من التباطؤ نتيجة لمشكلات بنيوية، وأن التغييرات الهيكلية الجوهرية هي القادرة على إنقاذه من السقوط في دوامة حادة في معدل النمو.
علاوة على ذلك، أشار كثيرون إلى أن تباطؤ النمو سيفاقم المشكلات الاجتماعية، مثل فجوة الثروة، وسيؤدي إلى اضطرابات سياسية. وقد أساء هؤلاء المراقبون الحكم على حالة الاقتصاد الصيني ومساره. فالصين تمضي بخطى ثابتة لتحقيق معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي يصل إلى 8 في المائة خلال السنوات العشر إلى الخمس عشرة القادمة، وربما أطول من ذلك. وتستهدف أجندة الإصلاحات الاقتصادية الجذرية التي أعلنت عنها خلال الجلسة الأخيرة مزيدا من دفع النمو وتغطية المخاطر السلبية المحتملة، وليس لإنقاذ الاقتصاد من كارثة وشيكة.
صحيح أن معدل النمو تباطأ بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، فمنذ الربع الأول من عام 2010 تباطأ النمو للربع الثالث عشر على التوالي، ووصل إلى 7.5 في المائة في الربع الثاني 2013، وقد كانت هذه الفترة الأكثر استدامة من التباطؤ في النمو منذ بداية الإصلاحات الاقتصادية عام 1979.. ومع ذلك، فإن الأسباب الكامنة وراء هذا التباطؤ العالمي ليست الصين على وجه الخصوص.
ومن المتوقع أن يسهم مسح الاقتصادات الناشئة حول العالم في المساهمة في توضيح الصورة، فقد شهدت البرازيل انخفاضا في النمو من 7.5 في المائة في عام 2010 إلى 2.7 في المائة في عام 2011، و0.9 في المائة في عام 2012. وخلال الفترة ذاتها انخفض معدل النمو في الهند من 10.5 في المائة إلى 6.3 في المائة و2.2 في المائة، كما انخفض معدل النمو في كوريا الجنوبية من 6.3 في المائة إلى 3.7 في المائة و2.0 في المائة، وانخفض النمو في تايوان من 10.7 في المائة إلى 4.1 و3.1 في المائة. وفي سنغافورة انخفض النمو من 10.8 إلى 5.0 و1.3 في المائة. على الرغم من ضغوط التراجع العالمي ذاتها لم تتضرر الصين بقوة فعليا، فانخفض نموها من 10.4 في المائة إلى 9.3 و7.8 في المائة.
وقد تمكنت الصين من تحقيق معدل تنمية مستدامة يزيد على عشرة في المائة - وهي فترة طويلة وفق أي معيار - وهو ما لم تتمكن من تحقيقه أي دولة أخرى خلال العقدين الماضيين. وهناك أسباب قوية للاعتقاد بأن الاقتصاد الصيني، بمساره الحالي، لا يزال قادرا على تحقيق معدلات نمو مرتفعة لجيل آخر.
وكدولة نامية، تمتلك الصين مساحة كافية للاستمرار في استغلال الفجوة مع الدول المتقدمة لقيادة النمو الاقتصادي في المستقبل القريب.
وكقاعدة عامة يمكن للاقتصادات النامية استغلال ميزة التكنولوجيا المتقدمة والممارسات الصناعية في الدول الغنية لتوليد معدلات نمو أعلى بتكلفة ومخاطر أقل مقارنة بالدول المتقدمة. ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية، حقق 13 اقتصادا معدلات نمو سنوي تجاوزت معدل سبعة في المائة سنويا لفترة تجاوزت 25 عاما، كانت الصين فيها الأضخم دون شك. ويقول البعض إن الصين قد استنفدت إمكانات هذا النموذج للتنمية، لكن مثل هذا التقييم غير صحيح.
ويمكن للفجوة في التكنولوجيا والقيمة المضافة الصناعية أن تقاس بمتوسط إنتاجية العامل، الذي ينعكس بشكل أفضل في متوسط دخل الفرد. وبحسب البيانات التي جمعها الاقتصادي آنغوس ماديسون، كان قياس متوسط دخل الفرد في الصين عام 2008، الذي تم قياسه عبر تعادل القوة الشرائية، 21 في المائة من دخل نظيره في الولايات المتحدة. هذه الفجوة كانت تماثل الفجوة بين الولايات المتحدة واليابان عام 1951، وسنغافورة عام 1967، وتايون عام 1975، وكوريا الجنوبية عام 1977. وقد دفعت هذه الفجوة كل هذه الدول إلى قيادة نمو فاق العشرة في المائة لأكثر من عقدين.
ونقلت المرحلة الأولى لعبة الصين للحاق بالركب البلاد من متوسط دخل للفرد 154 دولارا في عام 1978، الذي يصل إلى ثلث متوسطه في دولة أفريقية في تلك الفترة، إلى 6.100 دولار في عام 2012 - متوسط دخل الطبقة المتوسطة الأعلى في الصين. لكنه لا يزال في مستوى نظيريه في اليابان وكوريا الجنوبية قبل عشر سنوات. ويمكن للصين استغلال ميزة هذه الفجوة لتحقيق نمو بنحو 8 في المائة سنويا لعقد أو عقدين.
هذا النمو الذي ستتيحه هذه الإصلاحات سيكون أعلى من نسبة الـ6.8 في المائة المطلوبة للوصول إلى الهدف الذي وضعته الحكومة لمضاعفة دخل الفرد في عام 2020، وهو ما سيؤدي إلى انضمام الصين إلى مصاف الدول ذات الدخل المرتفع.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، تمكن اقتصادان فقط، كوريا الجنوبية وتايوان، من القفز من دول ذات دخل فرد منخفض إلى دول مرتفعة الدخل. ونظرا لأن الصين أضخم بكثير، فسوف يكون ذلك إنجازا استثنائيا بالفعل.
* خدمة «غلوبال فيو»



الصين تتوقع نمواً بنسبة 5% هذا العام

عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
TT

الصين تتوقع نمواً بنسبة 5% هذا العام

عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)

قال نائب مدير اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية في الصين يوم السبت إن اقتصاد الصين من المتوقع أن ينمو بنحو 5 في المائة هذا العام. وأضاف هان وين شيو في مؤتمر اقتصادي أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيُسهم بنحو 30 في المائة من النمو العالمي. وأشار هان، الذي يشغل أيضاً منصب مسؤول كبير في الحزب الشيوعي الحاكم، إلى ضرورة تعزيز الاستهلاك واعتبار توسيع الطلب المحلي خطوة استراتيجية طويلة الأجل، حيث من المتوقع أن يصبح هذا الطلب القوة الدافعة الرئيسة للنمو الاقتصادي.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن خطط لزيادة إصدار الديون وتخفيف السياسة النقدية للحفاظ على معدل نمو اقتصادي مستقر، استعداداً لمواجهة مزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة في ظل احتمال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. كما أوصى مستشارو الحكومة بالحفاظ على هدف نمو يتراوح حول 5 في المائة للعام المقبل، وفقاً لتقرير «رويترز» الصادر الشهر الماضي.

وبينما تتوقع سوق الأسهم انتعاش الاستهلاك في الصين، يراهن مستثمرو السندات على استمرار التحديات الاقتصادية. وأكد هان أن سياسة مالية نشطة إلى جانب سياسة نقدية أكثر تساهلاً ستساعد الصين على التكيف بشكل أفضل مع العوامل غير المستقرة وغير المؤكدة في الاقتصاد، مما يوفر دعماً قوياً لتحقيق الأهداف السنوية.

وفيما يتعلق بالاحتياطات المالية، أوضح هان أن احتياطيات النقد الأجنبي في الصين من المتوقع أن تظل فوق 3.2 تريليون دولار هذا العام، مع الاستمرار في استقرار مستويات العمالة والأسعار.

على صعيد آخر، أظهرت البيانات الرسمية التي أصدرها بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) ارتفاعاً في القروض المقومة باليوان بمقدار 17.1 تريليون يوان (نحو 2.38 تريليون دولار) خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2024.

وأشارت البيانات، التي نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، إلى زيادة في مؤشر «إم 2»، الذي يُعتبر مقياساً واسع النطاق للمعروض النقدي ويشمل النقد المتداول وجميع الودائع، بنسبة 7.1 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 311.96 تريليون يوان بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

في المقابل، بلغ مؤشر «إم 1»، الذي يغطي النقد المتداول والودائع تحت الطلب، 65.09 تريليون يوان بنهاية الشهر الماضي، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 3.7 في المائة على أساس سنوي.

أما مؤشر «إم 0»، الذي يعكس حجم النقد المتداول، فقد ارتفع بنسبة 12.7 في المائة مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى 12.42 تريليون يوان بنهاية نوفمبر، وفقاً للبيانات الصادرة عن البنك المركزي الصيني.

وفيما يخص القروض المستحقة باليوان، فقد بلغت 254.68 تريليون يوان بنهاية نوفمبر، بزيادة قدرها 7.7 في المائة على أساس سنوي.

كما أظهرت البيانات أن التمويل الاجتماعي المستحق بلغ 405.6 تريليون يوان بنهاية الشهر الماضي، مسجلاً زيادة بنسبة 7.8 في المائة على أساس سنوي.