«أرامكو السعودية» تستعرض تجربتها في الحد من انبعاث الكربون أمام وفد دولي

استعرضت «أرامكو السعودية»، أمس، واحدة من تجاربها الرائدة في الحفاظ على البيئة، وهي تجربة احتجاز الكربون في حقل العثمانية ومرافق الحوية، وهو واحد من أضخم مشروعات حجز الكربون في منطقة الشرق الأوسط، حيث من المقرر أن يضخ هذا المشروع 800 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا.
كما استعرضت الشركة برنامج تحسين الوقود الذي أطلقته لتعزيز كفاءة قطاع الكهرباء في السعودية، والذي يتوقع له أن يحسن كفاءة الطاقة بنسبة 35 في المائة حتى عام 2035.
وتأتي تجربة «أرامكو السعودية» ضمن الزخم العالمي المتزايد حيال مواجهة التغير المناخي، حيث استضافت يوم أمس وفدا دوليا ضم عددا من وزراء الطاقة والبيئة، ومسؤولين وخبراء من المنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، في مقرها الرئيسي بالظهران، وعرضت تجربتها الرائدة في مجال إدارة غازات الاحتباس الحراري، بما في ذلك كفاءة استخدام الطاقة وحجز الكربون واستغلاله وتخزينه.
وقال المهندس علي النعيمي، الذي كان في استقبال الوفد الزائر الذي كان من ضمنه الدكتور إرنست مونيز، وزير الطاقة الأميركي: «إننا نجتمع اليوم لأننا نقف متحدين في مواجهة قضية مشتركة، ألا وهي قضية تغير المناخ، التي نسعى لمعالجتها، ونحن ندرك أن مفتاح حلها إنما يكمن في التقنية». وأضاف النعيمي: «إننا لعلى يقين تام بأنه لا سبيل إلى التغلب على هذه التحديات إلا من خلال العمل المشترك وتضافر الجهود، واستنادا إلى ما شهدته بنفسي خلال فعاليات المنتدى على مدار الأيام القليلة الماضية فإنني أقول وبكل ثقة إننا ماضون في طريق سليم، لكن لا يزال أمامنا الكثير من العمل الشاق».
يذكر أن المنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون هو عبارة عن مبادرة دولية على مستوى الوزراء تعنى بتغير المناخ وتركز على استحداث تقنيات مطورة وغير مكلفة لفصل غاز ثاني أكسيد الكربون وتجميعه، لنقله واستغلاله وتخزينه لفترات طويلة بشكل آمن. ويتألف المنتدى حاليا من 24 عضوا، يمثلون 23 دولة، إضافة إلى المفوضية الأوروبية، فيما تمثل الدول الأعضاء ما يزيد على 3.5 مليار نسمة، أو نحو 60 في المائة من سكان العالم. وعقد المنتدى مؤتمره الوزاري السادس في العاصمة السعودية الرياض في الفترة من 1 إلى 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
بدوره، قال المهندس أمين الناصر، رئيس «أرامكو السعودية» وكبير إدارييها التنفيذيين: «لن نتمكن من إطلاق العنان لإمكانات حجز الكربون وتخزينه واستخدامه وعزله إلا من خلال تطوير تقنيات قادرة على تحويل الكربون إلى خيار تجاري». وأضاف: «لهذا السبب، وسعيا من (أرامكو السعودية) لتعزيز منظومتها في مجال كفاءة الطاقة، اتخذت الشركة قبل سنوات قرارا يجسد نظرتها البعيدة بتطوير وإنجاز مشروع تجريبي رائد لحجز الكربون واستثماره وتخزينه، والمساهمة في إثراء المعرفة العلمية العالمية المرتبطة بهذه التقنية».
وقال الناصر: «إن العمل الذي نقوم به في مجال حجز الكربون وتخزينه واستثماره وفصله يأتي في إطار منظومة شاملة تتناغم مع الإطار العام الذي تتبعه السعودية في مجال الطاقة، فـ(أرامكو) بما لها من سجل حافل ومنهجية بعيدة المدى ومكانة رائدة ستعزز جهودها، بما يحقق النمو الاقتصادي عن طريق الحد من استخدام الطاقة بشكل كبير، وبما يمكن من توفير مزيد من الطاقة، وفي الوقت نفسه زيادة كفاءة التكاليف والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتحسين الأداء البيئي».
وكانت «أرامكو السعودية» قد أطلقت باكورة مشروعاتها التجريبية لحجز الكربون وتخزينه واستثماره في السعودية في شهر يوليو (تموز) 2015 في حقل العثمانية ومرافق الحوية، ومن المقرر أن يضخ هذا المشروع 800 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا، مما يجعله الأكبر من نوعه في المنطقة.
كما استثمرت «أرامكو السعودية» في الشركات الناشئة العاملة في مجال تطوير التقنيات، مثل شركة «نوفومير» التي تعمل على تطوير محفزات قادرة على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات قيمة، مثل «البولي يوريثانات»، على أساس ربحي يتسم بالكفاءة.
وكجزء من تركيز «أرامكو السعودية» على المدى الطويل في التصدي لظاهرة التغير المناخي باستخدام الحلول التكنولوجية، فإنها نجحت على مدى العقود الأربعة الماضية في خفض آثار ثاني أكسيد الكربون بواقع ستة أضعاف، وتمكنت من التحول عن حرق الغاز بدءا من الثمانينات وحتى يومنا هذا، وأصبح إجمالي حرق الغاز في «أرامكو السعودية» اليوم من بين أقل المعدلات على مستوى العالم، حيث تراجعت نسبته إلى أقل من 1 في المائة من إجمالي إنتاج الشركة من الغاز الخام.
كما دأبت «أرامكو السعودية» على تحسين كفاءة مرافقها الحالية بنسبة 2 في المائة سنويا على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، وفي هذا الإطار تسعى الشركة وبخطى حثيثة إلى إنجاز برنامج الطاقة المتجددة داخل مرافقها بما يدعم أعمالها ويحقق الكفاءة في جميع أنحاء السعودية، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد الطبيعية. وسيسهم برنامج تحسين الوقود الذي أطلقته الشركة في تعزيز كفاءة قطاع الكهرباء في السعودية بنسبة 35 في المائة خلال العقدين المقبلين.
وتجول وفد الوزارة في مرافق مهمة في الشركة، كما استمع إلى عرض قدمته شركة «سابك»، يوضح دورها في تقديم برامج مستدامة وفعّالة للاقتصاد والمجتمع والبيئة.
وينفذ مشروع حجز الكربون من خلال عملية معقدة يُحتجز خلالها ثاني أكسيد الكربون المتصاعد في الجو ويُستخدم أو يُخزّن لفترة طويلة، وتسهم هذه العملية في الحد من تراكم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الجو والبحر.