«فوضى التعليم» تمنع أطفال اليمن من العودة للمدارس

عشرات المدارس الأهلية تغلق أبوابها.. ونسبة الحضور لا تزيد على 30 في المائة

تلميذات يمنيات في أول يوم دراسي لهن بصنعاء (أ.ف.ب)
تلميذات يمنيات في أول يوم دراسي لهن بصنعاء (أ.ف.ب)
TT

«فوضى التعليم» تمنع أطفال اليمن من العودة للمدارس

تلميذات يمنيات في أول يوم دراسي لهن بصنعاء (أ.ف.ب)
تلميذات يمنيات في أول يوم دراسي لهن بصنعاء (أ.ف.ب)

شهدت مدارس اليمن عزوف أغلب الطلاب عن العودة إلى مدارسهم، في ظل دعوة وزارة التربية والتعليم التي تخضع للميليشيات لبدء العام الدراسي مطلع الأسبوع الحالي، بينما تحاول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن، مساعدة اليمنيين لعودة أبنائهم إلى المدارس، وتأخر بدء العام الدراسي هذا العام شهرين، حيث أجلت الوزارة موعد العام التعليمي أكثر من مرة بسبب الفوضى التي تعيشها الوزارات ومؤسسات الدولة التي يديرها الانقلابيون.
ومنذ سيطرة الميليشيات الانقلابية بقيادة الحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح على العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، تعرض قطاع التعليم إلى تحديات كبيرة تمثلت في توقف المدارس لفترات طويلة، وتحولت كثير من المنشآت التعليمية إلى ثكنات عسكرية ومخازن سلاح ومركز تدريب للمجندين الجدد.
وكانت الحرب قد أدت خلال عام 2015 إلى ارتفاع نسبة غير الملتحقين بالمدارس من الأطفال من سن 6 إلى 14 سنة إلى 47 في المائة، بينما أغلقت 70 في المائة من إجمالي المدارس، قبل نهاية العام الدراسي، مما حرم 1.84 مليون طالب عن مواصلة تعليمهم، كما تأجلت اختبارات المراحل الأساسية والثانوية أكثر من مرة، مع توقف التعليم العام الماضي شهرين كاملين لم يتمكن الطلاب فيهما من استكمال المنهج الدراسي.
ويقول مدير مدرسة أهلية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الوضع التعليمي محبط، هناك نحو 90 مدرسة أهلية أعادت فتح أبوابها من بين أكثر من 243 مدرسة، كما أن طلاب مدرستنا قل إلى النصف، حيث عاد من بين 600 طالب، 300 فقط، وجرى الاستغناء عن 20 معلما بسبب انخفاض الدخل المالي للمدرسة، لافتا إلى أنهم يحاولون التغلب على مشكلة الكتاب المدرسي بالاستعانة بكتب العام الماضي، مشيرا إلى أن المدارس الأهلية هي منشآت استثمارية لرجال أعمال وتجار، ولذا من الطبيعي أن تغلق الكثير منها بسبب الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد.
وفي مدرسة حكومية بمنطقة هبرة في صنعاء، بلغت نسبة العائدين إلى المدرسة أقل من 20 في المائة - بحسب المعلمة أم المعتصم عبد الله عبد الغني - التي أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن كثيرا من الطلاب رفضوا العودة للمدرسة من مختلف المراحل الابتدائي والأساسي والثانوي، بسبب الأوضاع التي تعيشها العاصمة، وهو ما أجبر كثيرا من المعلمين على طلب نقلهم للعمل الإداري بدلا من الصفوف المدرسية.
وتؤكد أم المعتصم أن المدرسة بلا كتاب مدرسي، والعام الماضي توقف الطلاب عن التعليم لأكثر من شهرين، ونحاول أن نضع لهم برنامجا تكميليا مكثفا لإكمال المنهج الدراسي للعام الماضي خلال الشهر الحالي، واستدركت: «ربما الحرب ستمنعنا من إكمال ذلك»، وذكرت أن مكاتب التربية هددت بفصل أي معلم لا يحضر إلى مدرسته، «وعند حضورنا لم نجد الطلاب، مما جعل الكثير منا يبحث عن طريقه للانتقال للعمل الإداري أو الابتعاد عن صنعاء».
أما وائل القدسي - موظف حكومي - فلديه طفلان في سن التعليم، ويقول إنه وجد صعوبة في تسجيل أبنائه في مدرسة أهلية، بسبب الأسعار المرتفعة التي لم تراعِ الظروف التي تعيشها صنعاء، مضيفا: «بسبب الحرب حاولت البحث عن مدرسة بجوار منزلي، بعيدة عن المعسكرات التي يسيطر عليها مسلحو الحوثي وقوات صالح، لكنني صدمت بأسعارها المرتفعة، مما أجبرني على تسجيلهم في مدرسة بعيدة».
وأضاف القدسي: «لا نعرف إلى متى ستستمر هذه الفوضى، لا نستطيع أن نجد لأطفالنا تعليما نظاميا مناسبا، ولا الجهات المعنية بالتعليم لم تنجح في تهيئة ظروف مناسبة للتعليم».
أما محمد الأسعدي، الناطق الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن، فيقول إن منظمته حرصت على مساعدة الطلاب للعودة للتعليم. وأفاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «نبذل جهودا لتهيئة المناخات المناسبة للعودة، وندعوا الأطراف كل إلى تجنيب المدارس آثار الصراعات والحفاظ على البنية التحتية للتعليم».
وتابع الأسعدي: «ستكون هناك صعوبات في العودة للمدارس، والعام الماضي حرم أكثر من مليون و800 طفل من إكمال تعليمهم، في المحافظات التي شهدت صراعات مسلحة، وتوقفت أكثر من 3600 مدرسة، وهذا العام تأخر الطلاب شهرين».
وأضاف: «الوضع صعب، هناك مدارس في صعدة وتعز دمرت، وهناك مدارس تحولت إلى مقر لسكن النازحين، ونحاول أن نقدم البديل لذلك عبر نصب خيام مؤقتة للمدارس، والمساعدة في نقل النازحين إلى مناطق مناسبة لهم».
وأوضح الناطق باسم «يونيسف» في اليمن أن «التعليم يواجه تحديا كبيرا، وهناك صعوبات أمنية ولوجستية وتحديات في الفقر، وارتفاع في معدلات البطالة، وعدم استقرار الوضع السياسي»، مشيرا إلى أن التعليم هو حق للجميع، وعلى الأطراف أن تساعد في حصول الأطفال على هذا الحق بعيدا عن صراعاتهم.



رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
TT

رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

تحقق السلطات القضائية التايوانية، لتحديد المسؤول الأول عن تعديل مصنعاتها من أجهزة «البيجر» بالشكل الذي حوّلها إلى متفجرات تأذى بها لبنانيون وبعض منتسبي «حزب الله».

ويقول سامي جانج، رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تم تصديره من الأجهزة بين عامي 2022 و2024 بلغ 260 ألف جهاز، منها ما يقارب 16 في المائة تم تصديره إلى أميركا وأوروبا.

ويأسف المبعوث لما تم تداوله عن الأشخاص الذين أصيبوا في لبنان وغيرها، «وأود أن أنوه بأنه تم التحقق من أن أجهزة (البيجرز)، التي تسببت بالأضرار ليست مستوردة من تايوان إلى لبنان مباشرة».

وأضاف جانج: «تتصنع هذه الأجهزة من اللوحة الرئيسية، وشاشة، وبطارية صغيرة، ومعالج بيانات صغير الحجم، وجهاز فك التشفير وجهاز استقبال الترددات، وجميع هذه المواد الداخلة في عملية التصنيع لا يوجد بها مواد تسبب انفجاراً ممكناً بحيث يؤدي إلى الوفاة أو الإصابة».

ولفت جانج إلى أن شركة «أبولو جولد» التايوانية صدّرت، من أول عام 2022 إلى أغسطس (آب) 2024، أجهزة «بيجر» بلغ عددها 260 ألف جهاز، منها 40929 جهازاً، خلال هذا العام منذ بدايته وحتى شهر أغسطس (آب)، إلى أميركا والدول الأوروبية، ولم يسبق منها أي أضرار أو انفجارات.

وأضاف جانج: «إن ما حصل في لبنان يطرح عدة استفسارات من شاكلة: هل تم تعديل أو تغيير في أجهزة (البيجرز) بعد الاستيراد من شركة (أبولو جولد)، أو تدخل صناعي من الشركات الأجنبية التي صرّحت لها (أبولو جولد) بصناعة (البيجرز)؟».

الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

وتابع جانج: «الإجابات عن هذه الاستفسارات قيد التحقيق في تايوان حالياً من قبل الجهات المسؤولة، لكن من المؤكد أن (البيجرز)، التي تم تصديرها من تايوان بشكلها الذي تم تصديرها به، ليست متسببة بأي أضرار، ولن تتهاون حكومة تايوان في ذلك الشأن؛ إذ تم عرض الشأن على السلطة القضائية التايوانية للتحقيق فيه».

الأثر الاقتصادي على تايوان

وحول أثر أحداث تفجير «البيجرز» على الصناعات التايوانية وعلى الاقتصاد التايواني، قال جانج: «إن سمعة صناعة تايوان معروفة منذ القدم، ومن الصعب جداً أن تتأثر بأي عوامل لما لديها من قدرة على كسب ثقة التجار، الذين سبق لهم التعامل مع المصانع والشركات التايوانية، لما تتمتع به من قدرات وكفاءة وتقنية عالية».

وأضاف: «لا يمكن أن يقاس حجم استثمارات تايوان بعدد قليل من الأجهزة المذكورة؛ إذ هي فقط نقطة في بحر التعاملات التجارية بين تايوان والعديد من دول العالم».

التعاون السعودي - التايواني

كشف جانج أن بلاده تدرس حالياً التعاون مع السعودية في مجال الرقائق الإلكترونية ومعالجة الاتصالات اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، متفائلاً بمستقبل عريض للتعاون الثنائي في الصناعات التكنولوجية الفائقة.

وقال جانج: «ليس هناك حدود للتعاون بين تايوان والمملكة، فإن تايوان تعمل دائماً على استمرارية للعلاقة بين البلدين، والبحث في فرص الاستثمارات المشتركة، وتايوان من أوائل الدول التي سعت للعمل في جميع مجالات التعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030 التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان».

ولفت جانج إلى أن شركة «فوكسكون» التايوانية أعلنت الشراكة مع المملكة في صناعة أجزاء السيارات الكهربائية والإلكترونيات، بالإضافة إلى التعاون بين تايوان والبنك الأهلي السعودي بشراء سندات بقيمة 500 مليون دولار، فضلاً عن العديد من الأمثلة على الشراكات الناجحة والمستمرة.

وأضاف جانج: «طبعاً يوجد عدد من المشاريع المقترحة، نظراً إلى أن تايوان تمثل سوقاً عالية الجودة؛ إذ تخضع لمعايير وسياسات رقابية مشددة للحفاظ على سلامة المستخدم والحماية من الغش، وأرى أن مستقبل التعاون مع المملكة واسع جداً، خصوصاً أن تايوان تشتهر بخبرتها وقدرتها على صناعات التكنولوجيات الفائقة، لا سيما في مجال أشباه الموصلات وكذلك الذكاء الاصطناعي».

وتابع: «هناك مجال واسع للتعاون مع السعودية، في مجال الطبي مثلاً، ابتداءً من تشخيص المريض عن بعد حتى العمليات الجراحية عن طريق روبوت يعتمد على الذكاء الاصطناعي. وفي الزراعة، تستخدم الذكاء الاصطناعي في تربية الأنعام والأسماك، وكذلك في التعليم».

ووفق جانج: «إن تايوان أطلقت أخيراً أول كتاب مدرسي مدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ حيث يمكّن الطلاب من الوصول إلى المواد الدراسية، ويمكّن المعلمين من الوصول إلى أجوبة الطلاب ومراقبة تقدم الطلاب بدقة عالية».

ولذلك، والحديث للموفد التايواني بالرياض، قررت شركة «AMD» الأميركية المتخصصة في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، وشركة «NVIDIA» لصناعة معالجات الاتصال اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، مطلع هذا العام، أن تؤسسا مركزاً لدراسات صناعة الذكاء الاصطناعي؛ ما يؤكد الجودة العالية لتقنية الصناعة التايوانية.