{مسرح ديور} يفتح أبوابه في دبي بسيناريو مكتوب منذ عام 1947

منمنمات وفساتين مصغرة تحاكي التحف احتفالاً بالفخامة والمهارات اليدوية

ركن يحمل عنوان {حديقة ديور} (تصوير: باكاس ألجيرداس لديور)  Bakas Algirdas for Dior
ركن يحمل عنوان {حديقة ديور} (تصوير: باكاس ألجيرداس لديور) Bakas Algirdas for Dior
TT

{مسرح ديور} يفتح أبوابه في دبي بسيناريو مكتوب منذ عام 1947

ركن يحمل عنوان {حديقة ديور} (تصوير: باكاس ألجيرداس لديور)  Bakas Algirdas for Dior
ركن يحمل عنوان {حديقة ديور} (تصوير: باكاس ألجيرداس لديور) Bakas Algirdas for Dior

الاستعدادات قائمة على قدم وساق في دار «ديور»، حيث تتأهب لمعرضها المتنقل «لوتياتر ديور»Le Theatre Dior أي مسرح ديور، الذي ستشهده مدينة دبي ابتداء من يوم الاثنين المقبل إلى الـ24 من الشهر الحالي. تدور أحداث هذه المسرحية حول عبقريّة كريستيان ديور، المؤسس، ورحلة الدار في عالم الأزياء وصناعة الجمال منذ عام 1947، وتحديدا منذ يوم 12 فبراير (شباط) من عام 1947 عندما أطلق أول تشكيلة له وصفتها مجلة «هاربر آند بازار» حينذاك بـ«ذي نيو لوك»، الوصف الذي التصق بها منذ ذلك الحين. أما أسلوب «ذي نيو لوك» فأثار حفيظة الرجل الذي اتهمه بالإسراف، لسخائه في استعمال أمتار طويلة من الأقمشة المترفة في تصاميم بتنورات طويلة ومستديرة، في وقت كان العالم لا يزال يعاني من تبعات الحرب العالمية الثانية. أما المرأة فرحبت به وباركته لأنه أعتق أنوثتها من قيود التقشف التي كبلتها طويلا في تصاميم مستقيمة بأقمشة رجالية خشنة، هذا عن ألوانها التي تفتح النفس وتتفتح بالورود.
كل هذا سيوضحه المعرض من خلال استعراض أكثر من 60 فستانًا «مصغَّرًا» كما لو أنه خاص بدمية، يضج بالفخامة كونه ينتمي إلى خط الـ«هوت كوتير»، بحيث تم تنفيذه بطريقة تنفيذ أي فستان راق في ورشاتها الخاصة أو في ورشات لوساغ وغيرها من الشواغل المتخصصة في صناعة الفخامة والرقي. كل التصاميم أخذت من أرشيفها الغني، واستنسخت بدقة في منمنمات يمكن اعتبارها تحفا فنية بكل المقاييس. ولأنه معرض متنقل فإن هذه الأحجام تجعله مثاليا للسفر والتنقل بسهولة لتعريف العالم بالحرفية والفنية التي تتمتع بها الدار. وعندما تكون من عيار «ديور» فإنها تتحمل مسؤولية التذكير بمعنى الـ«هوت كوتير» والأسس التي بنيت عليها منذ القرن الثامن عشر إلى اليوم. وهذا تحديدا ما يظهر واضحا في ركن سيخصصه المعرض لمجموعة «فرساي: تريانون» (Versailles: the Trianon) التي تستحضر الجانب الشخصي لحياة الملكة ماري أنطوانيت، من خلال تصاميم درامية. وبما أن واحدا من أهم الأهداف هنا، استعراض حرفية ومهارات الأنامل الناعمة التي تسهر على تنفيذ هذه القطع الفخمة في كل موسم، كان من البديهي تخصيص ركن آخر بعنوان شواغل ديور (The Dior Ateliers) يسلط الضوء على المراحل الطويلة التي يمرّ بها فستان من الـ«هوت كوتير» من البداية إلى النهاية. أي من رسمه على الورق مرورا بحياكته وتطريزه إلى ظهوره على جسد عارضة أزياء في موسم باريس.
فهذه الحرفية والفنية المتوارثة هي التي تحرص عليها الدار وتحرسها بتفان، حتى بعد أن غيب الموت مؤسسها منذ عقود. فكل غرزة وكل طية في هذه الفساتين المصغرة، منفذة باليد ومحسوبة بالمليمتر حتى تأتي متوازنة وأنيقة في الوقت ذاته. اعتمدت فيها التقنيات نفسها التي تعتمدها عادة في صنع فساتين الـ«هوت كوتير» التي تبهرنا خلال أسابيع الموضة بفنيتها ودراميتها التي تقارب المسرحي أحيانا، بدءا من اعتمادها على الأقمشة المترفة والنادرة إلى التطريزات الغنية. فتصغير الأحجام هنا لا يعني التلاعب بالجماليات أو التنازل عن أي عنصر من العناصر التي تؤمن بها الدار لصناعة الجمال والأناقة بل العكس تماما، وهذا ما تدعو لاكتشافه في هذا المسرح المفتوح، الذي يمكن اعتباره بمثابة دعوة للتعرف أيضا على العناصر التي شكلت شخصية السيد كريستيان ديور من جهة، وانعكست على الإبداعات التي تتحفنا بها الدار في كل موسم، من جهة ثانية. ما ستستخلصه بعد زيارة المعرض أن كريستيان ديور لم يكن مهندسا فحسب بل أيضا فنانا، وكلّ فستان أو نسخة مصغّرة تعبر هنا عن قدرة على الابتكار تفيض بالأنوثة، كما تؤكد على خصوبة خياله. بيد أن الدار لم تتجاهل تصاميم مبدعين آخرين خلفوه بعد موته المفاجئ في عام 1957، من إيف سان لوران ومارك بوهان وجيانفرانكو فيري إلى جون غاليانو وراف سيمونز. فكل واحد من هؤلاء وضع بصماته الخاصة على الدار وكان له تأثير على مسيرتها، آخذا دائما بعين الاعتبار إرثها وشخصيتها، ما جعلها تحافظ على رومانسيتها رغم تعاقب السنوات وتغير الموضة ومتطلبات الأسواق. حرصها على مواكبة التطورات الاجتماعية والثقافية وقراءة أحوال السوق واضح في كل قطعة تطرحها، لكن دائما ضمن السيناريو الذي كتبه المؤسس، وكان الهدف منه أن يجعل نساء العالم جميلات مهما كلف الأمر من أمتار طويلة من الأقمشة المترفة أو من تطريزات غنية. فهو لم يكن مجرد مصمم أزياء عادي، بل هو مهندس يعرف أهمية النسبة والتناسب في الأحجام، كما كان فنانا يفهم الألوان ولغة الورود التي كان يطبعها على فساتينه بشكل أو بآخر، لتكون النتيجة دائما عصرية بجرعة متوازنة لا تصيب بالتخمة أبدا، بل العكس تترك دائما طعما لذيذا يجعلنا نتوق للمزيد. والملفت أنه لم يكن مستشرقا مثل بول بواريه، مثلا، ومع ذلك معظم ما جادت به مخيلته وحولته الأنامل الناعمة إلى واقع، يعطي الانطباع بأنه كان متشبعا بقصص الأساطير وقصص ألف ليلة وليلة، بالنظر إلى درامية تصاميمه وسحرها وغموضها.
قسمت الدار المعرض إلى عدة أقسام، حتى يتعرف الزائر على كل جانب من جوانبها بسهولة. سيبدأ بالتعرف على مجموعة «نيو لوك» (New Look) والتايور البار (Bar suit) الذي أصبح مرتبطا باسمها وجزءا لا يتجزأ من جيناتها الوراثية يعود إليه كل مصمم يلتحق بها ليجدده لكن يحترم أساسياته. لينتقل بعدها إلى «ذي ديور ألور» (The Dior Allure) الذي يسلّط الضوء على جمال المرأة ويتتبع تضاريس جسمها كما يتتبع المهندس تفاصيل عمارة. ثم تأتي مجموعة «حديقة ديور» (The Dior Garden) لتعكس عشق كريستيان ديور للأزهار، لا سيما زنبق الوادي والورد، وكيف لا تزال مصدرا تستلهم منها الدار أفكار تصاميمها وعطورها وجواهرها.
وطبعا لا يمكن أن تغيب مجموعة «ميس ديور» (Miss Dior) فهي حاضرة من خلال الفستان الأسطوري الذي ابتكره المؤسس ليتزامن مع إطلاقه عطره الأول، ويحمل الاسم نفسه، ثم عاد إليه المصمم راف سيمونز ليصوغه بشكل حداثي لا يقل جمالا عن الأصلي وظهرت به النجمة ناتالي بورتمان في حملات الدار.
أما مجموعة «من الزهري إلى الأحمر» (From Pink to Red) فتعرض لوحة ألوان ديور ونظرته الخاصة للأنوثة والمرأة في كل مراحل عمرها، كذلك مجموعة «باريس» (Paris)التي تحكي قصة المرأة الباريسية وأناقتها، من خلال ثمانية ابتكارات نذكر منها حقيبة «ليدي ديور» Lady Dior الأيقونية.
أما مجموعة «ديور وأصدقاؤه الفنانون» فتتناول علاقة كريستيان ديور مع الفن، حيث بدأ حياته المهنية كصاحب غاليري ومشجع وممول لفنانين معاصرين أصبحوا أصدقاء مقربين فيما بعد، يُلهمهم ويستلهم منهم الكثير، فيما يمكن اعتباره علاقة بناءة وخلاقة. من هؤلاء نذكر جون كوكتو، بيكاسو، ماكس جاكوبس وجورج أوريك. ولعل المصمم راف سيمونز الذي ترك الدار مؤخرا، الأقرب إليه من هذه الناحية، لأنه أيضا مولع بالفن، ويعتبر وجها مألوفا في المعارض العالمية مثل «فريز» وغيرها، لهذا كانت إبداعاته تميل إلى الجانب الفني كثيرا، وإن كانت بطريقته الخاصة.
ثم تأتي مجموعة «جادور» (J’adore) وكأنها قصيدة يتغنى فيها ديور بعشقه للذهب. تليها مجموعة «حفلة ديور الكبيرة» (The Grand Dior Ball) التي تكشف حبه للحفلات التنكرية. فوراء صورة الرجل الجاد ببدلاته الرمادية وجسمه المدور التي كان يصدرها للعالم، يختفي وجه رجل يعشق الحياة والمرح، تماما كما كان يحب الفن والإبداع، وهو ما يتجلى دائما في فساتين تليق بفخامة القصور والبلاطات. ولأن الختام يجب أن يكون مسكا حتى يبقى التأثير حالما، فإن الركن الأخير خصص لمجموعة «نجمات في أزياء ديور» (Stars in Dior) ويعكس العلاقة التي تربط الدار بكثيرات من نجمات هوليوود وليس فقط غرايس كيلي، التي كانت بمثابة سفيرة لتصاميمه في أفلامها وحياتها الخاصة كأميرة على حد سواء. فمن المعجبات به أيضا نذكر إليزابيث تايلور والأميرة الراحلة، لايدي ديانا، ومن الشابات جينفر لورانس وشارليز ثيرون وغيرهن.
سيفتح المسرح أبوابه من 9 إلى 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 في دبي بمول «فاشن كاتووك أتريوم».



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.