كاميرون متمسك بخطة إجراء تصويت في البرلمان حول توسيع نطاق الضربات الجوية إلى سوريا

ممثل الجيش الحر سيطلع البريطانيين اليوم على انعكاسات الضربات الروسية على تمدد «داعش» وتفاقم أعداد النازحين

ديفيد كاميرون
ديفيد كاميرون
TT

كاميرون متمسك بخطة إجراء تصويت في البرلمان حول توسيع نطاق الضربات الجوية إلى سوريا

ديفيد كاميرون
ديفيد كاميرون

نفت الحكومة البريطانية، أمس، عدولها عن خطة لإجراء تصويت في مجلس العموم حول توسيع نطاق الضربات الجوية التي تشنها في العراق إلى سوريا، بعدما أوصت لجنة نافذة في البرلمان بعدم الانضمام إلى هذه الحملة، وذلك عشية وصول رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية خالد خوجة إلى بريطانيا في زيارة يرافقه فيها وفد من الهيئة السياسية وممثل عن الجيش السوري الحر، لبحث الأوضاع العسكرية والسياسية في البلاد عقب التدخل العسكري الروسي.
وقال المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد الذي يشارك في الوفد، إن النقاط الرئيسية التي سيتحدث فيها بصفته ممثلا عن الجيش الحر، تتناول التطورات العسكرية والإنسانية في البلاد، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعد شهر على التدخل العسكري الروسي، بات واضحًا أن الجيش الحر هو رقم صعب على الأرض»، مشددًا على أن «فشل» قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد «في محاولات الهجوم على جميع المحاور، رغم وجود الطائرات الروسية في الجو، يؤكد أيضًا أننا صمام أمان لأي حل سياسي» يجري التباحث فيه في مؤتمر فيينا.
وقال أبو زيد: «سنضع البريطانيين في صورة أن تنظيم داعش يستفيد من القصف الروسي والهجوم الإيراني في البلاد على الجيش السوري الحر»، لافتًا إلى «أننا سنضعهم أمام مسؤولياتهم»، فضلاً عن أن «أزمة جديدة تنتجها الضربات الروسية، هي أزمة النازحين، حيث سجل نزوح أكثر من مائة ألف مدني من المناطق التي تتعرض للقصف الروسي، وهو ما يهدد بخلق موجات لجوء جديدة، ستشكل تحديات أمام الأوروبيين». وأشار إلى «أننا سنؤكد ضرورة أن يرفع مجلس العموم البريطاني حظر التسليح عن الجيش الحر»، مؤكدًا «أننا الضمانة بأن تصل الأسلحة إلى الجيش الحر وليس إلى متشددين، إذا كان هناك عزم على تقديم الدعم العسكري للجيش الحر». وإذ لفت إلى «أننا سنطالب البريطانيين ببذل جهود كي يتوقف القصف الروسي والقصف بالبراميل المتفجرة التي لا يزال النظام يستخدمها»، قال إن بريطانيا «قادرة مع شركائها الأوروبيين على أن يلعبوا دورًا بالضغط لإيقافها». وأشار إلى «أننا سنضيء على الضرر الناتج عن توسع نفوذ (داعش)، بوصفه ليس ضررًا على سوريا فحسب، بل على دول العالم»، كما رأى أن «الروس والنظام لا يبدو أنهما عازمان على محاربة (داعش)، بدليل المرحلة الماضية من القصف؛ حيث تركزت الهجمة على الجيش الحر فقط».
وشدد أبو زيد على أنه «إذا كان المجتمع الدولي جادًا في القضاء على (داعش)، فنحن مستمرون في معركتنا، ونحن الشريك الوحيد القادر على هزيمة (داعش).. هو الجيش الحر»، معتبرًا أن معارك «الحر» المستمرة ضد تنظيم داعش «هي دافع كبير لمساعدتنا». وقال: «إذا لم يسمح لنا بالتسليح، فمعناه أن الغرب يسمح بتمدد (داعش)، علمًا بأن الضرر من التنظيم سيطال كل البلدان وليس السوريين» فقط.
ويبحث الوفد «وقف التصعيد الناجم عن هجمات الطيران الروسي وميليشيات إيران ونظام الأسد، وتفعيل دور دول أصدقاء الشعب السوري في التخفيف من معاناة السوريين الإنسانية»، كما أعلن الائتلاف.
وتأتي الزيارة في ظل نقاش في بريطانيا، حول توسيع الحكومة البريطانية حملاتها الجوية من العراق إلى سوريا ضد تنظيم «داعش»، ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب.
وفي حين رأت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، أمس، أن بريطانيا يجب ألا تنضم إلى حملة الضربات الجوية في سوريا إذا لم تكن هناك استراتيجية واضحة لهزم التنظيم وإحلال السلام في هذا البلد، نفت الحكومة البريطانية، أمس، عدولها عن خطة لإجراء تصويت في مجلس العموم حول توسيع نطاق الضربات الجوية التي تشنها في العراق إلى سوريا.
وأفادت تقارير إعلامية أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تخلى عن خطط لطلب موافقة البرلمان على توسيع المهمة ضد «داعش» من العراق إلى سوريا المجاورة، بعدما رأت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني أن بريطانيا يجب ألا تنضم إلى حملة الضربات الجوية في سوريا إذا لم تكن هناك استراتيجية واضحة لهزم تنظيم داعش وإحلال السلام في هذا البلد. وأضح مكتب كاميرون أن موقفه لم يتغير وأن رئيس الوزراء لن يسعى لإجراء تصويت دون الحصول على دعم واسع في مجلس العموم.
وقال مصدر في رئاسة الحكومة البريطانية: «لقد قال على الدوام إنه سيطرح المسألة على مجلس العموم إذا تبين وجود توافق واضح»، مضيفًا: «في هذه الأثناء تواصل الحكومة العمل من أجل إنهاء النزاع في سوريا، وسنعمل بشكل وثيق مع حلفائنا لإعطاء زخم أكبر لجهود إيجاد حل سياسي».
غير أن رغبة لندن في توسيع نطاق عمليتاها إذا حصلت على دعم سياسي في تصويت في مجلس العموم، اصطدمت بتقرير لجنة الشؤون الخارجية الجديد، وورد فيه أن تركيز كاميرون على حملة الضربات الجوية «في غير محله». وقال رئيس اللجنة كريسبن بلانت، النائب البارز عن المحافظين، الحزب الذي ينتمي إليه كاميرون: «نحن قلقون لأن الحكومة تركز على توسيع نطاق الضربات الجوية إلى سوريا دون أي توقعات بأن عملها سيترك أثرا عسكريا حاسما ودون أي خطة مترابطة بعيدة المدى لهزم التنظيم وإنهاء الحرب الأهلية». وحث بلانت الحكومة على التركيز على دعم الدبلوماسية الدولية لإنهاء النزاع الذي أوقع أكثر من 250 ألف قتيل، لا سيما بعد محادثات فيينا الأسبوع الماضي التي شاركت فيها 17 دولة.
وكان كاميرون قال إنه سيطلب تصويتا حول الضربات الجوية في سوريا في مجلس العموم في حال وجود «توافق فعلي» حول الخطة فقط. وذكرت عدة صحف بريطانية أن كاميرون تخلى عن خطته لطلب تصويت بعدما أطلقت روسيا حملة الضربات لدعم نظام الأسد. وقالت صحيفتا الـ«غارديان» و«تايمز» إن كاميرون أدرك أن الضربات الجوية لن تنال دعما يكفي من النواب لتمرير الخطة نظرا للغالبية الضيقة التي يحظى بها المحافظون في مجلس العموم. وكتبت صحيفة «تايمز» نقلا عن مصادر في الحكومة أن التصويت المرتقب قبل نهاية السنة لن يتم. وقالت الـ«غارديان» من جهتها إن كاميرون أدرك أنه لم يحصل على تأييد ما يكفي من أصوات نواب المعارضة لتعويض أصوات المعارضين من حزبه المحافظين، وأقر بأن التدخل الروسي أدى إلى تعقيد الأمور.
وفي رده على تقرير اللجنة، لم يأت وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بشكل مباشر على ذكر احتمال حصول تصويت على انضمام بريطانيا إلى حملة الضربات الجوية في سوريا، لكنه أشار إلى أن الوزراء سيستخدمون «كل وسيلة ممكنة» من أجل «إنقاذ أرواح في المنطقة».
وكان الائتلاف الحكومي السابق برئاسة كاميرون مني بهزيمة كبرى في مجلس العموم حين رفض النواب خطته لشن ضربات جوية في سوريا عام 2013. ويحرص الوزراء حاليا على تجنب نتيجة مماثلة.
في غضون ذلك، أعلن المبعوث البريطاني إلى سوريا غاريث بايلي، أن المملكة المتحدة سوف تستمر في دعم المعارضة السورية المعتدلة، مؤكدا أن «النظام السوري اعتقل المعارضين السوريين المعتدلين فيما أطلق سراح المتطرفين الذي كانوا معتقلين في سجونه قبل عام 2011».
وأضاف بايلي، في تقرير أصدره «مركز الإعلام والتواصل الإقليمي» التابع للحكومة البريطانية ومقره دبي، أن النظام السوري «ينفي وجود هذه المعارضة المعتدلة، لكنه لم يتوقف منذ سنوات عن اعتقال مفكرين وكتاب وصحافيين وسياسيين، حتى إنه اعتقل السياسيين الذين كانوا يرفضون اللجوء للسلاح، وقام بإطلاق سراح متطرفين كانوا معتقلين في سجونه قبل 2011». وأضاف معدو التقرير أن «عنف النظام ورفضه أي حل سياسي دفع كثيرا من السوريين إلى حمل السلاح، وهؤلاء هم المسلحون المعتدلون الذين نتحدث عنهم، وليست التنظيمات الإرهابية والمتطرفة مثل (داعش) و(النصرة).. وغيرها من الجماعات التي لا تؤمن بالتعددية والعيش المشترك في سوريا». وأوضح: «نحن نتحدث عن مقاتلين سوريين في مناطق كثيرة في البلاد حملوا السلاح بعد العنف والأعمال الوحشية من قبل الأسد، والتي استهدفت عائلاتهم وتدمير منازلهم واعتقال وتعذيب أفراد أسرهم».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.