محاولات روسية لإيجاد حل سياسي في سوريا

بريطانيا تربط قيامها بضربات جوية بوجود استراتيجية واضحة.. وأوباما يؤكد أن نشر قوات على الأرض لا يخالف تعهداته

محاولات روسية لإيجاد حل سياسي في سوريا
TT

محاولات روسية لإيجاد حل سياسي في سوريا

محاولات روسية لإيجاد حل سياسي في سوريا

قالت وكالات أنباء روسية، اليوم (الثلاثاء)، نقلا عن متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيلتقي بممثل الامم المتحدة الخاص بسوريا ستافان دي ميستورا غدا (الاربعاء) في موسكو.
ونقلت وكالة تاس للانباء عن المتحدثة ماريا زاخاروفا، قولها "الموضوع الرئيسي هو العملية السياسية في سوريا وبدء حوار حقيقي بين دمشق والمعارضة".
كما نقلت وكالة الأنباء ذاتها عن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، قوله اليوم إن "اجتماعا قد يعقد في موسكو الاسبوع المقبل بين أعضاء في الحكومة السورية وجماعات سورية معارضة".
من جانبه، قال الرئيس الاميركي باراك أوباما يوم أمس (الاثنين) ان خطة نشر عشرات من أفراد القوات الخاصة الاميركية في سوريا لتقديم المشورة لقوات المعارضة التي تقاتل تنظيم "داعش" لا تخالف تعهده بعدم نشر "قوات على الارض"في الصراع السوري.
وقال أوباما في مقابلة مع برنامج "ان.بي.سي نايتلي نيوز" في أول تصريحات تتعلق بنشر القوات منذ الاعلان عن ذلك يوم الجمعة "ضع في الاعتبار أننا قمنا بعمليات خاصة بالفعل وهذا في حقيقة الامر مجرد امتداد لما نحن مستمرون في القيام به". وأضاف "نحن لا نضع قوات أميركية على جبهات قتال تنظيم داعش... كنت متسقا دوما في أننا لن نقاتل كما فعلنا في العراق من خلال الفصائل والغزو. هذا لا يحل المشكلة".
وعند اعلان عملية النشر قال البيت الابيض ان القوات ستكون في مهمة "للتدريب وتقديم المشورة والمساعدة" وان العدد سيكون أقل من 50 فردا.
ويمثل نشر قوات أميركية على الارض تحولا بعد أكثر من عام على اقتصار المهمة في سوريا على الضربات الجوية ضد "داعش". وقبل العام الماضي استبعد أوباما -الذي يعارض ارسال قوات الى حروب الشرق الاوسط- ارسال قوات برية أميركية الى سوريا.
وتتعرض ادارة أوباما لضغوط من أجل تكثيف الجهود الاميركية ضد "داعش" لاسيما بعدما استولى التنظيم المتطرف على مدينة الرمادي العراقية في مايو (آيار) وعقب اخفاق برنامج الجيش الاميركي في تدريب وتسليح الآلاف من المعارضة السورية.
وبالتزامن مع إعلان أوباما، اعربت لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية في بريطانيا اليوم عن رفضها لشن ضربات جوية في سوريا معتبرة في تقرير انه يتوجب على لندن بالأحرى التركيز على الجهود الدبلوماسية لإحلال السلام في هذا البلد.
وقالت لجنة من أعضاء البرلمان البريطاني ان بريطانيا لا يجب أن توسع ضرباتها الجوية ضد مقاتلي تنظيم "داعش" لتشمل سوريا حتى تكون هناك استراتيجية واضحة لهزيمة المتطرفين.
من جانبها، كان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد قال انه يريد أن يفعل المزيد للتصدي للتنظيم المتطرف وانه يأمل في الحصول على موافقة البرلمان لتنفيذ هجمات في سوريا.
وتشارك بريطانيا بالفعل في قصف أهداف في العراق وساعدت الحلفاء بعمليات استطلاع فوق سوريا.
من جهتها، قالت لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان في تقرير نشر اليوم "نعتقد أنه ينبغي ألا يكون هناك أي توسيع لعمل عسكري بريطاني ليشمل سوريا ما لم تكن هناك استراتيجية دولية متماسكة لديها فرصة واقعية لهزيمة تنظيم داعش وانهاء النزاع في سوريا". وأضافت "في غياب مثل هذه الاستراتيجية يظل القيام بأي عمل لتلبية الرغبة في فعل شيء أمرا غير متسق".
ودعت اللجنة الحكومة أيضا الى شرح كيف أن اشراك بريطانيا من شأنه تحسين فرص نجاح التحالف الدولي ضد "داعش".
وقال رئيس اللجنة كريسبين بلانت، انه لا يوجد توقع بأن التدخل البريطاني في سوريا سيكون حاسما عسكريا، وليست هناك "خطة متماسكة وطويلة الاجل لهزيمة التنظيم"، وأضاف أن هناك الآن "مجموعة مثيرة للقلق" من اللاعبين الدولين في العراق وسوريا مع تعقد الصورة أكثر بقرار روسيا دعم الاسد من خلال شن غارات جوية في سوريا.
واضاف بلانت "هذه القوى بحاجة ماسة لتنسيق استراتيجية متماسكة وهذا ما يجب أن تتركز جهودنا عليه".



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم