الجزائر: المعارضة حذرة من وعود بوتفليقة بشأن آلية مراقبة الانتخابات

الرئيس تعهد بدستور جديد «يعزز دعائم ديمقراطية هادئة»

الجزائر: المعارضة حذرة من وعود بوتفليقة بشأن آلية مراقبة الانتخابات
TT

الجزائر: المعارضة حذرة من وعود بوتفليقة بشأن آلية مراقبة الانتخابات

الجزائر: المعارضة حذرة من وعود بوتفليقة بشأن آلية مراقبة الانتخابات

أبدت المعارضة الجزائرية حذرا في التعاطي مع إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إنشاء «آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات» على أساس أنها طالبت بسحب تنظيم الانتخابات من وزارة الداخلية وتعويضها بـ«هيئة من الشخصيات النزيهة»، تتكفل بالانتخابات من بدايتها إلى إعلان النتائج.
وقال بوتفليقة أول من أمس، في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية، بمناسبة مرور 61 سنة على ثورة الاستقلال (1954) إنه يعتزم تعديل الدستور «قريبا» وسيتضمن النص الجديد «تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة، وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات». وقال: إن ذلك «يجسد الرغبة في تأكيد الشفافية وضمانها، في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية». وتلحَ المعارضة منذ قرابة عامين، على إطلاق «هيئة» مستقلة عن السلطات تتكون من شخصيات سياسية ذات مصداقية في المجتمع، يعهد لها تنظيم الانتخابات. ومردَ هذا الطلب، حسبها، تورط وزارة الداخلية في التزوير.
وذكر عبد الرزاق مقري، رئيس حزب «حركة مجتمع السلم» المعارض، لـ«الشرق الأوسط»، أنه يفضل «ترقب التفاصيل بخصوص هذه الآلية، كاسمها ومن سيرأسها وخاصة مهامها، وما علاقتها بوزارة الداخلية وهي الجهة التي يعود لها ترتيب الانتخابات بشريا ولوجستيا». وأوضح مقري بأن «مبادرة الرئيس تبدو غامضة، فهو يتحدث عن كيان يراقب العملية الانتخابية بينما نحن نطالب بهيئة تتولى تنظيم الانتخابات، بدل الحكومة التي لا نثق بها لأنها ضالعة في التزوير لصالح مرشحي النظام».
وأفاد محسن بلعباس رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» المعارض، أن الرئيس «مطالب بتجسيد هذا التعهد في الميدان بآلية حقيقية تضمن نزاهة الانتخابات، حتى لا يبقى الأمر مجرَد كلام». من جهته ذكر سفيان جيلالي رئيس «جيل جديد» المعارض: «أطلق الرئيس وعودا كثيرة منذ وصوله إلى الحكم، ولا شيء يثبت بأنه سيفي بوعوده هذه المرَة».
ورفضت «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، التي تضم أهم أحزاب المعارضة، العام الماضي، المشاركة في استشارة نظمتها الرئاسة بشأن وثيقة تعديل الدستور، التي أعدتها. وأهم ما فيها من مقترحات، تحديد الترشح للرئاسة بفترة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة. وكان بوتفليقة ألغى ما يمنع الترشح لأكثر من ولايتين، في تعديل للدستور عام 2008. وبذلك فهو يعتزم العودة إلى ترتيبات الدستور القديم. ويقول مراقبون إن الدستور الجديد المرتقب، يحمل «مؤشرات نهاية مرحلة بوتفليقة»، بمعنى أنه سيعطي ملامح الرئيس الذي سيخلف بوتفليقة، الذي يعاني من المرض منذ أكثر من ثلاث سنوات. لكن السؤال الكبير الذي يشغل الوسط السياسي والإعلامي، هو «هل سيختار الرئيس خليفته بنفسه أم سيكون باكورة اتفاق مع الأطراف النافذة في الحكم، كما جرت عليه العادة».
وقال بوتفليقة في رسالته، بشأن مضمون تعديل الدستور، إنه يتطلع إلى «تعزيز الوحدة الوطنية حول تاريخنا، وحول هويتنا وحول قيمنا الروحية والحضارية. والأمر سواء بالنسبة للضمانات الجديدة التي سيأتي بها مشروع التعديل هذا، من أجل تعزيز احترام حقوق المواطنين وحرياتهم وكذا استقلالية العدالة. ونفس المقاربة هذه تحذو تعميق الفصل بين السلطات وتكاملها، وفي الوقت نفسه إمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية، بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري».
وأوضح أنه «يأمل أن تسهم مراجعة الدستور هذه، في تعزيز دعائم ديمقراطية هادئة في سائر المجالات، وفي مزيد من تفتح طاقات الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين في البلاد، في خدمة مصالح الشعب. الشعب الذي هو، دون سواه، مصدر الديمقراطية والشرعية، الشعب الذي هو الحكم الأوحد صاحب القول الفصل في التداول على السلطة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم