فقدت حركة العقار السعودي ما يلامس ربع قيمتها، فور إحالة رسوم الأراضي إلى مجلس الشورى، في رد فعل هو الأقوى تأثيرا منذ تجاذبات الرسوم التي بدأت فكرتها في التداول عام 2011، رغم أنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى هذه اللحظة، مما يعني أن فقد هذا القدر من الحركة لمجرد الحديث عنها قد يدخل القطاع منحنيات جديدة في نقص الطلب الذي يعاني أساسا من الضمور، إلا أن ما يراهن عليه الاقتصاديون هذه المرة هو تأثيرها على قيمة العقار على المدى المتوسط بشكل تدريجي.
وأكد عدد من العقاريين أن الحركة في الوقت الحاضر انخفضت منذ إعلان إحالة القرار إلى مجلس الشورى، وهو ما أعلنته المؤشرات العقارية لوزارة العدل التي سجلت انخفاضا ملحوظا في الحركة، نتيجة نزول قيم الصفقات الإجمالية للعقار السعودي، مما يوحي بأن القطاع العقاري مقبل على مستوى جديد من النزول حتى تبدي الرسوم فعالية مماثلة على أسعار العقار تماما كما تؤثر على حجم حركته.
وكشف ريان الحجاب، الذي يمتلك العديد من الاستثمارات العقارية، أن الترويج لقرب سقوط قيمة العقار أثر بشكل كبير على حركته، وتسبب في تخبطات كبيرة للسوق العقارية، موضحا أنه من الصعوبة أن تهوي الأسعار بين ليلة وضحاها كما يعلن في بعض وسائل الإعلام، خصوصا مواقع التواصل الاجتماعي، بل إن النزول المتوازن الذي يختلف من سنة إلى أخرى هو ما يتوقعه الكثير من الخبراء العقاريين، لما له من تداعيات أقل بكثير على المستثمرين العقاريين الذين ستفتقدهم السوق عند انهيارها كما هو متصور، مما سيوجد نقصا في عنصر المستثمرين مستقبلا بسبب حجم الخسارة.
واستبعد الحجاب ما يروج له البعض الذين يقولون إنه لن يكون هناك انعكاس إيجابي بانخفاض وشيك في الأسعار، متحججين بأن المستثمر من المستحيل أن يكون هو المتضرر في هذا الأمر، لأن أملاكه بين يديه، وفي حال رغبته في البيع فإنه سيحمّل المشتري جميع التكاليف التي دفعها، لافتا إلى أن هذا الأمر ليس جديدا في نشر الأخبار المغلوطة للضغط على العقار، موضحا أنه من الواجب موازنة الموضوع، بحيث لا يتحمل المستثمر كامل الخسارة في حال التطبيق، ولا يحدث ضغط على المشتري بالشراء بأسعار مرتفعة، بل يجب أن يتحمل الجميع نتائج المرحلة المقبلة.
وكان مجلس الوزراء قد قرر إحالة مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء إلى مجلس الشورى لدراسته، وفقا لنظامه خلال 30 يوما، مما تسبب في انخفاض إجمالي قيمة صفقات العقار الأسبوعية بنسبة 23.1 في المائة، لتستقر عند 6.6 مليار ريال، فاقدة ملياري ريال، مقارنة بالأسبوع الذي سبقه.
من جهته، أبان عبد العزيز العقلا، الذي يمتلك شركة «أرض الخير» العقارية، أن قانون فرض الرسوم على الأراضي البيضاء يعد من أكثر القرارات الموجهة لمحتكري الأراضي، ويضرب في الصميم، لذلك يروّج البعض وبقوة أن هذه الخطوة ستكون لها انعكاسات سلبية على الأسعار، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق، نظرا لتخوفهم من دفع رسوم سنوية للدولة بملايين الريالات، تجبرهم على ضخ مخططاتهم في السوق للحفاظ على رأس المال، إلا أن الواقع وخلال أقل من عقد سيفرض قيما جديدة للقطاع تتجه نحو الانخفاض وبشكل كبير.
وزاد أن «هناك مخططات كاملة متوقفة منذ سنوات طويلة بسبب تعنّت أصحابها، مما يحرم البلد من مساحات من المفترض أن تستغل وتُبنى عليها وحدات سكنية، تمكّن المواطنين من السكن فيها بأسعار يستطيعون توفيرها أو تقسيطها، وأنه من غير الممكن أن يدفع مواطن بسيط 1.5 مليون ريال (400 ألف دولار) من أجل الاستقرار»، مبينا أن مشروع المنزل يعد من أصعب المشروعات التي تواجه المواطنين، إلا أن التوجهات الجديدة للأسعار ستسهل الموضوع إلى حد كبير وستمكن شرائح أكبر من التملك.
وجاءت نسبة الانخفاض الأكبر في جانب القطاع التجاري، الذي انخفض خلال الأسبوع بنسبة 41.8 في المائة، ليستقر عند مستوى 2.4 في المائة، فيما انخفض القطاع السكني بنسبة 6.3 في المائة، مستقرا عند مستوى 4.3 مليار ريال، رغم أن تفاصيل آليات مشروع فرض الرسوم على الأراضي البيضاء لم تتضح حتى هذه اللحظة.
وفي صلب الموضوع، قال المستشار العقاري عبد الرحمن الدخيل: «إن انخفاض الطلب لأكثر من ربع الحركة مقارنة بالأسبوع الذي استبق إحالة ملف رسوم الأراضي إلى مجلس الشورى، يوضح مدى تأثير القرار وانتظار النتائج التي يتوقع الكثيرون أنها ستكون مرحلة تاريخية في القطاع العقاري الذي يعيش انخفاضات متتالية، إلا أن الأخيرة التي تمت هذا الأسبوع ووصلت إلى ما يقارب الـ23 في المائة هي الأعلى على مستوى تاريخ القطاع، بأن يفقد كمية كبيرة خلال أسبوع واحد باعتبار أن القطاع العقاري يعتبر من أكثر القطاعات ثقلا في أدائه وقيمته سواء نحو الارتفاع أو الانخفاض».
وحذر الدخيل من احتواء القرار الجديد على ثغرات يستطيع المتحايلون استغلالها والتهرب من الرسوم، لافتا إلى أن هذا الأمر سيؤثر بشكل كبير على نتائج القرار، موضحا أنه يجب أن يدفع الجميع الرسوم دون استثناء.
لافتا إلى أن هناك كثيرا من السيناريوهات التي يتداولها العقاريون للتهرب من دفع هذه الرسوم كاحتسابها أراضي زراعية أو أراضي قائمة تحت الإنشاء، وأن الجهات المعنية يجب أن تكون واعية إلى حد كبير للتلاعب الذي قد يحصل مستقبلا للتهرب من دفع الرسوم، خصوصا مجال تدوير الأراضي بين التجار وهو السيناريو الأقرب إلى التطبيق، مقترحا على «الإسكان» أن تنسق مع وزارة العدل لحصر تنقلات الأراضي وإمدادها بالأسعار، لتلافي عمليات التدوير التي من المؤكد أنها ستحضر وبقوة عند تطبيق القرار.
وسجلت الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية بنهاية الأسبوع المنصرم مستوى أدنى من المتوسط الأسبوعي للعام الحالي (6.8 مليار ريال)، وهو المستوى الأدنى من المتوسط الأسبوعي لعام 2014 بنسبة 27.7 في المائة، في خضم استمرار سيطرة الركود على أداء السوق العقارية، وهو الواقع الذي تعيشه تعاملات السوق طوال الأشهر الـ18 الماضية، وجاء نتيجة وصول الأسعار السوقية للأراضي والعقارات إلى أعلى مستوياتها التاريخية.
إحالة «رسوم الأراضي» إلى «الشورى» تفقد العقار السعودي ربع حركته في أسبوع
عقاريون يحذرون من استغلال الثغرات للإفلات من دفع القيمة المقدرة
إحالة «رسوم الأراضي» إلى «الشورى» تفقد العقار السعودي ربع حركته في أسبوع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة