صواريخ تاو تدخل المعركة في تعز.. وقوات تدربت في الإمارات تنضم للقتال

برنامج الأغذية العالمي يحذر من أزمة غذاء مأساوية

مقاتل موال للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في وضع قتالي جنوب لحج حيث تدور مواجهات ضد المتمردين الحوثيين (رويترز)
مقاتل موال للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في وضع قتالي جنوب لحج حيث تدور مواجهات ضد المتمردين الحوثيين (رويترز)
TT

صواريخ تاو تدخل المعركة في تعز.. وقوات تدربت في الإمارات تنضم للقتال

مقاتل موال للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في وضع قتالي جنوب لحج حيث تدور مواجهات ضد المتمردين الحوثيين (رويترز)
مقاتل موال للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في وضع قتالي جنوب لحج حيث تدور مواجهات ضد المتمردين الحوثيين (رويترز)

تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة تعز، أمس، من تدمير عدد من الآليات العسكرية التابعة للميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بواسطة الأسلحة التي حصلت عليها المقاومة من قبل قوات التحالف.
وأحرزت القوات تقدما كبيرا في جبهات القتال، خصوصا الجبهة الغربية منطقة الضباب وتم استعادة الكثير من المواقع والتباب التي كانت تحت سيطرة ميليشيات الحوثي وصالح. وللمرة الأولى استخدم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية صواريخ من نوع «تاو» المضادة للدروع، كانت قد حصلت عليها كدعم عسكري خلال عمليتي الإنزال المظلي من التحالف بقيادة السعودية كأسلحة نوعية وذخائر، وتم استخدامها وتدمير دبابات ومدرعات ميليشيات الحوثي وصالح في تعز.
وقال مصدر في المجلس العسكري في تعز لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية فاجآ الميليشيات بمهاجمة مواقعها بهذه الصواريخ، وإنه «سيتم التقدم والسيطرة على مواقع كثيرة، بإذن الله، خلال الساعات القليلة المقبلة، إن لم يكن تطهير المحافظة بشكل كامل منهم». وذكر المصدر أن وحدات من فصائل المقاومة الشعبية في عدن، وصلت إلى تعز للمشاركة في تحريرها من ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، وبأن هذه الوحدات تلقت تدريبات عسكرية مكثفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ضمنها تدريبات على استخدام أسلحة نوعية يتم استخدامها في تحرير المدينة من الميليشيات الانقلابية، بحسب المصدر.
ويأتي استخدام الأسلحة النوعية ضد الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح في تعز ومشاركة قوات جديدة من المقاومة، بعد عمليات إنزال جوية شهدتها بعض المناطق التي تخضع لسيطرة قوات الجيش الوطني والمقاومة، في تعز، لأسلحة ومعدات عسكرية، كما أن هذه التطورات الميدانية الهامة، تأتي بعد انطلاق عملية تحرير تعز، رسميا، عبر عمليات مشتركة تشن عبر مختلف الجبهات، وعقب تشكيل المجلس العسكري لغرفة عمليات مشتركة مع قوات التحالف لطرد الميليشيات الانقلابية وفك الحصار عن مدينة تعز.
وفي التطورات الميدانية، قتل وجرح العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح في مواجهات بجبهتي القتال الشرقية والغربية، وكذا في غارات مكثفة لطائرات قوات التحالف على المواقع التي تتمركز فيها الميليشيات ومخازن الأسلحة الخاصة بها.
وبحسب شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، فإن الغارات استهدفت مواقع وتجمعات الميليشيات في معسكر القوات الخاصة (الأمن المركزي - سابقا)، من الجهة الغربية المطلة على حي الفتح، ومدرسة عصيوران، خلف جولة القصر، وفي محيط جبل العوش، ومواقع أخرى داخل مدينة تعز وعلى ضواحيها والشريط الساحلي.
من جهته، قال مصدر من المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط»، إن ما لا يقل عن 15 عنصرا من قوات المخلوع صالح، قتلوا، أمس، في كمين نصبته المقاومة الشعبية في منطقة مقبنة، بمديرية شمير، القريبة من محافظة الحديدة، وأضاف المصدر أن المعارك العنيفة «تتواصل بين المقاومة والجيش الوطني، من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح، من جهة أخرى، في جبهة الضباب في محيط حدائق الصالح وجبهة معسكر القوات الخاصة ووادي الدحي، وقصفت مدفعية الجيش الوطني على تبة السلال في الحوبان حيث تتمركز الميليشيات، وقد تكبدت هذه الأخيرة الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد».
على صعيد آخر، برنامج الأغذية العالمي من تفاقم أزمة الجوع في مدينة تعز. وقال البرنامج، في بلاغ صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه «يعرب عن قلقه العميق إزاء حالة الأمن الغذائي المتردية في مدينة تعز بجنوب اليمن، حيث أدى عدم إمكانية وصول الإغاثة الإنسانية إلى المدينة إلى ترك عشرات الآلاف من الأشخاص من دون مساعدات غذائية لأكثر من شهر، وإن آخر شحنة من المساعدات الغذائية التي يقدمها البرنامج إلى تعز وصلت منذ أكثر من خمسة أسابيع، وتم التوزيع على ما يقرب من 240 ألف شخص في تعز من المتضررين جراء النزاع».
ودعا مهند هادي، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا الشرقية ووسط آسيا، إلى «إتاحة إمكانية الوصول الآمن والفوري إلى مدينة تعز لمنع وقوع مأساة إنسانية، فنفاد المواد الغذائية يهدد حياة الآلاف من الأشخاص بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، فهؤلاء الناس يعانون بالفعل من الجوع الشديد، وإذا استمر هذا الوضع فإن الضرر الناجم عن الجوع لن يمكن تداركه».
وكان تقرير صدر في شهر يونيو (حزيران) الماضي، قد صنف محافظة تعز وبجانبها 9 محافظات يمنية أخرى بأنها تواجه انعدام الأمن الغذائي على مستوى «حالة الطوارئ»، وهذا التصنيف يسبق «المجاعة» بدرجة واحدة وفقًا لمقياس دولي يتضمن 5 درجات، غير أنه كان لتدهور الوضع الأمني الأخير في تعز تأثير كبير على توافر الطعام والوقود وأيضًا على الأسعار، وكشف التقرير أن تعز كانت الأكثر تضررًا من ارتفاع سعر البنزين بنسبة 500 في المائة مقارنة بأسعاره قبل الأزمة، كما تضاعف سعر دقيق القمح.



سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)

يتزايد عدد الأطفال اليمنيين المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. وفي حين يستعد النازحون لمواجهة شتاء قاسٍ بنقص شديد في الموارد المعيشية، مع تقليص المساعدات الإغاثية الدولية، كشفت تقارير أممية عن نهب الدعم المخصص لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وارتفع عدد الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 34 في المائة عن العام السابق ليصل إلى 600 ألف طفل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل الأخير لسوء التغذية الحاد الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف».

وبينت «يونيسيف» عبر موقعها على الإنترنت أن مديريات المخا في تعز، والخوخة وحيس في الحديدة على الساحل الغربي شهدت مستويات «حرجة للغاية» من سوء التغذية الحاد، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، لأول مرة، مقدرة أن أكثر من 36 في المائة من الأطفال اليمنيين يعانون من سوء التغذية الحاد.

ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

وأرجعت المنظمة الأممية زيادة سوء التغذية الحاد في اليمن إلى تفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، محذرة من أن سوء التغذية قد يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه، خاصة في مناطق الساحل الغربي.

كما ساهمت الفيضانات وانتشار الأمراض في الأشهر الأخيرة من تعقيد الوضع، بالإضافة إلى نقص الوعي الصحي حول تنظيم الأسرة وأهمية التطعيم، في حين دمرت الأمطار الغزيرة المنازل وشردت الأسر، وضاعف انتشار الكوليرا والملاريا وحمى الضنك من حدة سوء التغذية، إلى جانب نقص الوعي بالعناصر الغذائية الصحيحة.

زيادات متوقعة

في مارس (آذار) الماضي أعلن برنامج الغذاء العالمي عن تعليق برنامج الوقاية من سوء التغذية الحاد، بسبب نقص التمويل، تاركاً ما يقارب 3 ملايين طفل وامرأة معرضين لخطر سوء التغذية.

وذكرت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» في مدينة تعز (جنوبي غرب) أن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين تستقبلهم المستشفيات والمراكز المتخصصة، يزيدون على 30 ألف طفل، ويجد القائمون على هذه المراكز صعوبة في استيعاب أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين يزورونها يومياً لتلقي العلاج.

رغم تراجع التمويل لا تزال بعض الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تقدم معونات في اليمن (الأمم المتحدة)

ونبهت المصادر إلى أن تقليص المنظمات الدولية لتدخلاتها ومساعداتها الغذائية في الأسابيع الأخيرة ينذر بتفاقم الوضع، وتحول آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية المتوسط إلى وخيم.

وفي محافظة لحج (جنوب غرب)، قدرت مصادر طبية أن نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية تزيد على 20 في المائة، حيث تستقبل المستشفيات والمراكز المتخصصة آلاف الأطفال شهرياً لتلقي العلاج، مع صعوبة بالغة تواجهها لاستيعاب هذه الحالات.

ويستغرب الباحث اليمني فارس النجار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» من إصرار المنظمات الأممية والدولية على تقليص المساعدات الإغاثية المقدمة إلى اليمن، في ظل التراجع الاقتصادي الذي تشهده البلاد بسبب عدد من العوامل، ومن بينها الآليات التي تعمل بها الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية، التي بسببها لا تمر أموال المساعدات عبر البنك المركزي اليمني، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة الذي يطبع وسائل العمل الإغاثي الدولي في اليمن.

في غضون ذلك، دعا جمال بلفقيه، وهو رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، إلى تنظيم إجراءات جدية وفاعلة لمنع استغلال العمل الإغاثي والمساعدات الدولية في اليمن لصالح الجماعة الحوثية، منوهاً إلى أن تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن قد كشف الكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها أعمال الإغاثة على يد الجماعة، إلى جانب ما تمارسه من تعسفات بحق موظفي المنظمات الدولية والأممية.

التطرفات المناخية والفيضانات تسببتا في نزوح آلاف اليمنيين وفقدانهم المأوى دون تلقي مساعدات إغاثية كافية (أ.ف.ب)

وحث بلفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» الحكومة اليمنية متمثلة بوزارة التخطيط على وقف كل الاتفاقيات، وعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع المنظمات الدولية والأممية، إلا بعد نقل مقراتها وأنشطتها وحساباتها البنكية إلى المحافظات المحررة، مستغرباً من استمرار عمل هذه المنظمات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بعد كل ما جرى كشفه من انتهاكات بحقها وبحق العمل الإغاثي.

تأثير التطرفات المناخية

كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن نزوح نحو 18 ألف يمني، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب الصراع والتطرفات المناخية.

وأوضح الصندوق أن آلية الاستجابة السريعة للأمم المتحدة بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، ساعدت 17458 فرداً بإغاثة عاجلة منقذة للحياة خلال الشهر الماضي، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصندوق المركزي للأمم المتحدة للاستجابة لحالات الطوارئ.

ورغم تراجع الأمطار الغزيرة بنسبة كبيرة منذ نهاية الصيف الماضي، فإن عدداً من المناطق لا تزال تشهد أمطاراً غزيرة تلحق أضراراً بالممتلكات والمساكن وتعطيل الأراضي الزراعية التي تضررت بنسبة 85 في المائة إلى جانب إتلاف المحاصيل، وتدمير سبل العيش، طبقاً للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

ينتظر النازحون اليمنيون شتاء قاسياً في ظل نقص الموارد والمعونات وتراجع تمويلات المساعدات الدولية (غيتي)

ورجحت الوكالة في تقرير أخير لها أن أكثر من 650 ألفاً من النازحين، والعائدين من النزوح، وأفراد المجتمع المضيف في اليمن، بحاجة ماسة لمساعدات المأوى والإغاثة للتغلب على قسوة الشتاء القادم.

ويقدر التقرير أن نحو 655 ألف شخص سيحتاجون إلى إمدادات طارئة خلال الفترة الممتدة من الشهر الماضي حتى فبراير (شباط) المقبل.

وينتشر النازحون في 30 موقعاً داخل 11 محافظة يمنية، في مواجهة ظروف شديدة القسوة بسبب الأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات التي شهدتها البلاد، ما يجعلهم عرضة لمخاطر إضافية في فصل الشتاء.

ويعمل شركاء كتلة المأوى على تقديم دعم عاجل لـ232 ألف شخص من الفئات الأكثر ضعفاً، بما يشمل استبدال الملاجئ التالفة، وتوزيع بطانيات حرارية وملابس شتوية.