جولة جديدة من العنف بين قوى الأمن المصري وروابط مشجعي كرة القدم

التحقيق مع العشرات من أنصار ناديي الزمالك والأهلي في أحداث شغب

جولة جديدة من العنف بين قوى الأمن المصري وروابط مشجعي كرة القدم
TT

جولة جديدة من العنف بين قوى الأمن المصري وروابط مشجعي كرة القدم

جولة جديدة من العنف بين قوى الأمن المصري وروابط مشجعي كرة القدم

تنذر المواجهات بين قوات الأمن وروابط مشجعي أندية كرة القدم في مصر، بموجة جديدة من العنف في البلاد التي تعاني من قلة الاستقرار السياسي منذ ثلاث سنوات، وتضيف خصما جديدا للسلطة الانتقالية التي دخلت في صراع مفتوح مع جماعة الإخوان المسلمين.
ويخشى مراقبون من تفاقم الأزمة بين شباب روابط مشجعي الكرة والسلطات الحالية، وسط شكوك بشأن دور للمشجعين في بلاغات كاذبة عن تهديدات إرهابية، لكن اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «التحقيقات لا تزال جارية حول الأمر، ومن المبكر الحديث عن الفاعل».
وبعد نحو أسبوع من مواجهات بين روابط مشجعي النادي الأهلي وقوات الأمن في استاد القاهرة، فضت قوات الأمن مساء أول من أمس أعضاء روابط مشجعي نادي الزمالك، قبل مباراة لفريقهم في البطولة الأفريقية، مما أدى إلى مواجهات عنيفة.
وقال أحد أعضاء رابطة الزمالك ويدعى خالد (19 عاما)، إن «أعضاء الألترس (رابطة المشجعين) اتفقوا على الانصراف قبل اندلاع أي اشتباكات، لكن فوجئنا بأن مدرعات الشرطة حاصرتنا، ثم بدأت الاشتباكات».وبدأت السلطات القضائية أمس التحقيق مع 20 متهما من أعضاء ألتراس نادي الزمالك، في التهم المنسوبة إليهم بمحاولة اقتحام استاد القاهرة أثناء مباراة فريقهم مع بطل دولة توغو، ونسبت التحقيقات الأولية للمتهمين «التعدي على قوات الأمن بالطوب والحجارة، وإشعال النيران في عدد من الأشجار أمام البوابة الرئيسة للاستاد، وتحطيم سيارة خاصة».
وأعلنت رابطة مشجعي نادي الزمالك عزم أعضائها مساندة الفريق وحضور المباراة، لكن وزارة الداخلية أصدرت بيانا قبل ساعات من بدء اللقاء قالت فيه إنه «في أعقاب ما شهدته مباراة كرة القدم بين النادي الأهلي ونادي الصفاقسي التونسي من أحداث مؤسفة، نجح خلالها الأمن في احتواء أزمة مفتعلة من بعض الجماهير كادت أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، فقد جرت دراسة موقف حضور الجماهير في المباريات خلال المرحلة الحالية حرصا على سلامة الجماهير وحمايتهم من عناصر تسعى إلى افتعال أحداث تؤدي إلى تداعيات أمنية»، مضيفا أن «قرار إقامة المباراة دون جمهور يأتي حرصا على سلامة الجماهير وخروج المباراة بالشكل الرياضي اللائق، وتجنبا لإمكانية افتعال أية أحداث واستغلالها لصناعة أزمة تؤثر سلبا على سير المباراة، وموقف نادي الزمالك».
ورد ألترس نادي الزمالك ببيان قال فيه إن «العدالة والكرامة وحق الإنسان في هذا البلد أصبح شيئا مهانا. أردتم أن نطوي صفحة الماضي ونفتح صفحه جديدة بيضاء، لنجدها أيضا ملطخه بالدماء وأرواح الشهداء وعشرات السجناء.. عشرات المحبوسين والمصابين، وشاب يرقد بين الحياة والموت بعد إصابته بطلق خرطوش في قاع المخ».
وقتل 74 من أعضاء روابط مشجعي الأهلي مطلع عام 2012 في استاد بورسعيد، وأدين في القضية أعضاء من مشجعي الفريق المنافس، كما أدين ضباط شرطة، لكن الأحكام التي صدرت وعدها مشجعو الأهلي غير كافية تسببت في موجة احتجاجات أحرقت فيها مبان في وسط القاهرة، وأعلنت في أعقابها حالة الطوارئ في مدن القناة.
وقال أحمد الصاوي، أحد أعضاء روابط مشجعي النادي الأهلي، إن «ضباط الشرطة يستهدفون شباب الألترس، الخلافات كانت قائمة قبل ثورة 25 يناير 2011، لكن جرح الشرطة بعد انهيارها في يناير (كانون الثاني) جعل الأمر يبدو كثأر». وتنفي قيادات الشرطة تلك الاتهامات.
وتواجه وزارة الداخلية انتقادات من قوى سياسية وأحزاب بسبب مزاعم عن تعذيب في مراكز الاحتجاز، كما تنتقد الشرطة بسبب ما عده نشطاء «استخداما مفرطا للقوة» خلال فض المظاهرات. وتنفي وزارة الداخلية هذه المزاعم أيضا، وتتهم عناصر جماعة الإخوان بالاندساس في التجمعات لإثارة الاضطرابات.
وتتصدى الشرطة منذ منتصف العام الماضي لمظاهرات أنصار جماعة الإخوان المسلمين التي ترفض الاعتراف بعزل الرئيس السابق محمد مرسي، لكن دائرة المواجهات بدأت تتسع مع زيادة الإضرابات العمالية والفئوية، والصراع بين قوات الأمن وروابط المشجعين. وتسعى السلطات لتهدئة الأجواء في الشارع المصري قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤهما خلال الشهور الستة المقبلة، لكن تصاعد الغضب ينذر بعودة المواجهات للشارع مجددا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.