رئيس الوقف السني في العراق لـ {الشرق الأوسط}: الترويج لتحالف السنة مع «داعش» محض افتراء

الهميم اعتبر التخلص من التنظيم الإرهابي منوطا بالحوار والتوافق والإرادة السياسية

الشيخ عبد اللطيف الهميم ({الشرق الأوسط})
الشيخ عبد اللطيف الهميم ({الشرق الأوسط})
TT

رئيس الوقف السني في العراق لـ {الشرق الأوسط}: الترويج لتحالف السنة مع «داعش» محض افتراء

الشيخ عبد اللطيف الهميم ({الشرق الأوسط})
الشيخ عبد اللطيف الهميم ({الشرق الأوسط})

قال الشيخ عبد اللطيف الهميم، رئيس الوقف السني في العراق، إن الترويج لتحالف السنة مع تنظيم داعش محض افتراء وكذب، مشددا على أهمية تأسيس الحل الأمني لمواجهة المتطرفين على قاعدة التوافق السياسي، مضيفا أن تنظيم داعش هو الجيل الرابع للإرهاب وتركه يؤدي لظهور جيل خامس أكثر شراسة.
وكشف رئيس الوقف السني العراقي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» استعداد المكونات السياسية في العراق لإنهاء الأزمات، وفى مقدمتها الطائفية والمذهبية، مؤكدا أن الحروب أنهكت الجميع، وبات من الأهمية بمكان أن يولد الحل الأمني من رحم التوافق السياسي. وقال الهميم إن بإمكان العراق التخلص من «داعش» في غضون ستة أشهر، لكنه وضع لهذه المدة شروطًا، من بينها الحوار والتوافق والإرادة السياسية، مقللا من قدرة الولايات المتحدة على محاربة الإرهاب في العراق، قائلا إن تجربة واشنطن غير مشجعة في الاعتماد عليها، لأن ما وصل إليه العراق كان بسبب المعالجات الخاطئة وتغذية الصراع الطائفي.
وأضاف الهميم أن السعي في الوقت الراهن قائم على أساس وضع استراتيجية لمحاربة «داعش»، وأن هذه الاستراتيجية تشمل تحرير الأرض والعقل من خلال اعتماد منهج صحيح الدين وهو الوسطية والاعتدال.
وزار رئيس الوقف السني في العراق القاهرة، والتقى بقيادات الأزهر ووزارة الأوقاف وقال إن زيارته «تأتي في إطار الوعي بأن مواجهة هذا الإرهاب يجب أن تقوم على أسس فكرية، وبالتالي قمنا بزيارة مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف وهى مؤسسات دينية لها خبرة طويلة في مواجهة الإرهاب وخدمة المهج الوسطى والمعتدل ولهذا نحتاج للعمل مع هذه المؤسسات ولوضع خطة استراتيجية لمواجهة الإرهاب».
وأشار الهميم إلى أن الوقف أطلق حملة لمناهضة العنف والتطرف والإرهاب خلال هذا العام، لافتا إلى أنها «تعمل على ثلاث مراحل؛ الأولى لمدة عام، والثانية لمدة ثلاثة أعوام، والثالثة لمدة خمسة أعوام، والهدف الرئيسي منها هو تفكيك الخريطة الذهنية والمعرفية التي تشكل مرجعية للإرهابي. والتعامل مع مفردات معرفته المغلوطة بطريقة علمية مدروسة، ولذلك نحن منذ فترة طويلة نقوم بورش عمل وندوات مستمرة في هذا الإطار».
وحول نتائج تلك الاستراتيجية، أوضح الهميم أن «تفكيك خريطة الإرهاب الفكرية يسهل التعامل معها، خصوصًا إذا أخذنا كل مفردة على حدة وقمنا بتوضيحها»، مشيرا إلى أنهم وضعوا خريطة بتلك المفردات المغلوطة «التي تصل إلى 72 مفردة، منها على سبيل المثال مفهوم الحاكمية، ومفهوم الدولة الإسلامية، والخلافة، وبالتالي تم التعامل معها في نطاق تصحيح أصول الدين من خلال إعداد دراسات علمية».
وأشار الهميم إلى ضرورة العمل على إعادة صياغة الخطاب الديني بما يستجيب لشروط الواقع ومتطلباته من خلال تجديد الفكر الديني على أسس الوسطية والاعتدال، وتأهيل الخطيب من خلال دورات تدريب تجعله قادرًا على توصيل الخطاب الصحيح وإرسال الرسالة بأمانة.
وحول ما إذا كان الوقف السني في العراق يقوم بهذا الدور في مكافحة الإرهاب، قال الهميم: «نحن بلد واحد لكن الاحتلال لعب على النسيج الاجتماعي والتجانس والطائفية، ورغم ذلك تجاوز الشعب العراقي موضوع الحرب الأهلية، وهو ماضٍ في تأكيد وحدة العراق والتصميم عليها، وفي المحصلة النهائية لا بد من العيش المشترك للجميع والتسوية التاريخية لمكونات المجتمع العراقي وقانون الإزاحة لا يمكن أن يعود».
وأشار رئيس الوقف السني إلى أنه يرتبط بعلاقات مميزة مع كل أطياف المجتمع العراقي «سواء كانوا الإخوة الشيعة أو الكرد وغيرهم، وهذا يؤسس لشراكة حقيقية وسنصل في المحصلة النهائية للتوافق».
ورغم تلك الجهود، لفت الهميم إلى أن الوضع في العراق مركب ومعقد، قائلا: «إن ما يمر به العراق ليس مثاليًا، وهناك تجاوزات تحدث وقد تكون خطيرة جدا وتؤثر على نسيج المجتمع العراقي. وفي هذا السياق يكون للعقلاء دور للحل وسوف يتوصلون إلى صيغ مقبولة للخروج بالعراق من محنته، ولا يمكن أن نطلق على أي وصف على أي جهة بالعموم».
وشدد على ما عده «حقيقة مؤكدة» وهي أن السنة «ليسوا الحاضنة لـ(داعش) أو للإرهاب»، مشيرا إلى أن ما يتردد بهذا الشأن «يعد كذبا ومحض افتراء على السنّة لسبب بسيط وهو عندما يدخل (داعش) أيا من المدن السنية يغادر نحو 80 في المائة من سكان المدينة، وأحيانا يبقى بها عدد لا يتجاوز 5 في المائة، وهم يخرجون لأنهم يرفضون ولاية (داعش) عليهم، والدليل الثاني هو عندما يفضل المواطن العيش في خيمة خارج مدينته لا يمكن لبشر العيش بها، وهذا يؤكد رفض أهل السنّة لهذه المجموعات؛ فكيف إذن يتحالف السنة معهم؟!».
وحول المسؤول عن صناعة ظاهرة «داعش»، قال الهميم إن «الأحاديث كثيرة حول (داعش)، وهناك من يقول إنه صُنع في مختبر أميركي، وآخر يقول إنه صنع في إسطنبول، ورأي ثالث يقول إنه صنع في إسرائيل، وهناك من يقول إنه صنع في إحدى الدول العربية، وهناك من يقول: المسؤول عنه طهران، وهكذا تفرق تنظيم داعش بين القبائل، وهذا يعزز حقيقة أن (داعش) يقوم بوظيفة تخريبية ضد المجتمعات العربية وتحقيق أجندات لبعض الدول المستفيدة من كارثية المشهد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.