من يجلس إلى مائدة مفاوضات فيينا اليوم ومن يغيب عنها؟

المؤتمر قد يسفر عن إعادة الالتزام ببيان «جنيف 2012» لكن مع توقيع إيران عليه

من يجلس إلى مائدة مفاوضات فيينا اليوم ومن يغيب عنها؟
TT

من يجلس إلى مائدة مفاوضات فيينا اليوم ومن يغيب عنها؟

من يجلس إلى مائدة مفاوضات فيينا اليوم ومن يغيب عنها؟

تتمثل القوى الرئيسية الفاعلة في المحادثات السورية في روسيا وإيران، أكبر قوتين دعامتين لبشار الأسد من ناحية، والولايات المتحدة والسعودية وتركيا أشد الداعمين للمعارضة من ناحية أخرى. هذه البلدان، باستثناء إيران، شاركت في الجولة الأولى من المحادثات التي انعقدت في العاصمة النمساوية فيينا الأسبوع الماضي.
فمن إذن كان غائبًا؟ إنهما حكومة الأسد والمعارضة السورية.
ويعكس هذا الغياب طبيعة الغرض من هذه المحادثات. إنها ليست عملية تفاوضية بين أطراف متحاربة، بل بالأحرى محاولة من القوى الخارجية الضالعة في الصراع أن تصل إلى أرضية مشتركة لحل للأزمة. فإذا أدى هذا المسار إلى إحراز تقدم، سيتعين على الأطراف المشاركة ساعتها أن تقنع - أو على الأرجح تضغط - على حلفائها في سوريا من أجل الانصياع.
دائرة المشاركة في المؤتمر جرى أيضًا توسعتها عن جولة الأسبوع الماضي لتضم بلدانًا من مختلف أنحاء المنطقة وأوروبا. ويبدو أن هذه التوسعة، التي حولت المحادثات إلى مؤتمر دولي بعد أن كان قاصرًا على اللاعبين الرئيسيين فحسب، تهدف إلى ضمان دعم جميع الأطراف القادرة على التأثير في الصراع لأي نتائج يتم التوصل إليها.
ومن بين البلدان التي جرى دعوتها إلى المؤتمر كل من الأردن وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجميعها من داعمي المعارضة، إلى جانب الحكومة العراقية المتحالفة مع إيران ولبنان التي تضم مقاتلي حزب الله الذي يرسل مقاتليه لشد أزر الأسد.
القضايا محل النقاش
يحتل مستقبل الأسد - وهو أكثر القضايا إثارة للخلاف والجدل - موقع الصدارة في محادثات فيينا.
ويحاول المشاركون إحياء بيان «جنيف 2012» والذي دعا إلى تشكيل حكومة انتقالية في سوريا تشرف على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، في إطار عملية انتقال سياسي أوسع.
إلا أنه بعد مرور 40 شهرًا على توقيع البيان من قبل روسيا والولايات المتحدة ودول أخرى - ليس من بينها إيران - غاب أي تحرك باتجاه تنفيذه، وهو ما يعود بصورة رئيسية إلى أن المحادثات تصل دائمًا إلى طريق مسدود عندما تبحث الدور الذي ينبغي أن يضطلع به الأسد في العملية الانتقالية، إن كان سيصبح له دور بالأساس.
وتقول الولايات المتحدة إنها راغبة في مشاركة الأسد في العملية الانتقالية التي ينبغي رغم ذلك أن تنتهي بتنحيه عن السلطة. من جهتها، تشدد السعودية على ضرورة رحيل الأسد أولاً، وصرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير يوم الأربعاء بأن الأسد ينبغي أن يرحل «في إطار زمني محدد».
رد انتقامي محتمل
ومن شأن دعوة إيران إلى المحادثات أن تحدث ردة فعل انتقامية، لا سيما إذا لم يتم التوصل إلى أي اتفاق. ويقول الجبير إنه في حال فشلت المحادثات، «سوف نلجأ إلى خيارات أخرى». ورغم أنه لم يقدم تفاصيل أوفى، لكن كلماته تشير إلى أن السعودية سوف تعزز مساعداتها العسكرية للمعارضة.
المعارضة بالطبع متلهفة إلى حدوث ذلك. ويقول بيبرس التلاوي وهو ناشط من حمص، إن «كل مساعدة يتلقاها الأسد ينبغي أن تقابلها مساعدة للمعارضة».
ويمثل افتقار المعارضة لوحدة الصف مشكلة أخرى. ويقدم الائتلاف الوطني السوري نفسه على أنه الممثل الوحيد للمعارضة، لكنه لا يملك أي سلطة على عشرات الفصائل التي تقاتل على الأرض، وتتنوع أطيافها بدءًا من القوميين العلمانيين وحتى المسلحين الإسلاميين المتشددين. وبينما شكلت كثير منها بعض التحالفات، إلا أنها تتبع قادة مختلفين ولديها رعاة دوليون مختلفون أيضًا.
لكن الشيء الوحيد المشترك فيما بينها، هو كراهيتها لإيران وروسيا، كما أنه من المرجح أن ترفض أي حل يعزز نفوذهما داخل سوريا أو لا يؤدي بشكل واضح إلى رحيل الأسد.
ما الذي يمكن أن تتمخض عنه المحادثات؟
من المستبعد أن تتمخض محادثات فيينا في أي وقت قريب عن اتفاق ملموس حول سوريا - أو حتى رؤية مشتركة غامضة للمستقبل.
وأكدت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، مرارًا وتكرارًا، على أن جميع البلدان ينبغي أن توافق على قيام سوريا موحدة علمانية تعددية تحكمها إرادة شعبها. ورغم أن جميع الأطراف يقولون إن هذا هو هدفهم، فإن ذلك لا يعني أنهم متفقون على معناه أو كيفية الوصول إليه.
وفي أفضل السيناريوهات، قد يسفر المؤتمر عن إعادة الالتزام ببيان «جنيف 2012»، لكن هذه المرة مع توقيع إيران عليه، وربما الاتفاق على بدء المحادثات حول تنفيذ العملية الانتقالية التي يدعو إليها، كما يفيد دبلوماسيون أمميون تحدثوا شريطة التكتم على هوياتهم لكي يناقشوا هذه القضية الحساسة قبل بدء المحادثات.
ويعد ذلك بالكاد تقدمًا طفيفًا على ما سبق وتحقق في 2012.
هل هو فجر كاذب آخر إذن؟
إن الحرب الأهلية السورية استعصت على كل جهد دولي ساع إلى إيجاد تسوية سياسية لها. وفشلت مؤتمرات دولية ومهام مراقبة أممية كثيرة في إحداث الفارق، كما استقال اثنان من أكثر الدبلوماسيين الأميين خبرة وحنكة بعد شعورهما بخيبة الأمل. ويمكن أن ينهار مسار فيينا على المنوال نفسه.
وتقوم أي مشاعر تفاؤل الآن على تكهنات بأن روسيا لم تعد متشبثة ببقاء الأسد في السلطة، وأن ضم إيران إلى المحادثات يمكن أن يغير قواعد اللعبة.

* أسهم في إعداد هذا التقرير محررتا «أسوشييتد برس» إديث إم ليديرير من الأمم المتحدة وسارة الديب من بيروت



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.