الطائرات الروسية توسّع عملياتها إلى الجنوب تمهيدًا لعملية برية في درعا

سفارة موسكو في دمشق في مرمى القذائف

شباب من مدينة دوما شرق دمشق يتفحصون الدمار الناتج عن استهداف الطيران الحربي لمستشفى ميداني أمس (رويترز)
شباب من مدينة دوما شرق دمشق يتفحصون الدمار الناتج عن استهداف الطيران الحربي لمستشفى ميداني أمس (رويترز)
TT

الطائرات الروسية توسّع عملياتها إلى الجنوب تمهيدًا لعملية برية في درعا

شباب من مدينة دوما شرق دمشق يتفحصون الدمار الناتج عن استهداف الطيران الحربي لمستشفى ميداني أمس (رويترز)
شباب من مدينة دوما شرق دمشق يتفحصون الدمار الناتج عن استهداف الطيران الحربي لمستشفى ميداني أمس (رويترز)

وسّعت الطائرات الروسية في الساعات القليلة الماضية رقعة عملياتها مستهدفة وللمرة الأولى أهدافا في محافظة درعا جنوب سوريا، بعد ساعات من حديث مصادر أمنية إسرائيلية عن أن التنسيق بين الجيش الإسرائيلي والجيش الروسي تحول إلى مستوى أعلى بعد انطلاق عمليات موسكو الجوية في هضبة الجولان.
وتزامن التطور الميداني في جنوب البلاد مع سقوط نحو 10 قذائف في محيط السفارة الروسية الواقعة في منطقة المزرعة في العاصمة السورية دمشق، يرجح أن تكون إما «جبهة النصرة» أو «داعش» من أطلقها بعد نفي «جيش الإسلام» و«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» قيامهم بعمليات مماثلة في وقت سابق.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن طائرات حربية يُعتقد أنها روسية، قصفت أهدافا في محافظة درعا جنوب سوريا للمرة الأولى مساء أول من أمس الأربعاء، لتكون بذلك الضربات الجوية على منطقة تل الحارة، هي أعمق نقطة تقصفها الطائرات الروسية في جنوب سوريا منذ أن بدأت حملتها الجوية لمساندة الرئيس بشار الأسد منذ نحو شهر.
وكانت القوات النظامية، مدعومة بمقاتلين من حزب الله اللبناني، شنت هجومًا في يناير (كانون الثاني) الماضي في مثلث درعا – القنيطرة – دمشق، أحرزت خلاله تقدمًا واسعًا، لكنه توقف عند تلة الحارة الاستراتيجية التي تسيطر عليها قوات المعارضة السورية.
وتقع تلة الحارة، وهي أعلى تلة استراتيجية في المنطقة، على بعد أقل من 20 كيلومترا من هضبة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل. وترجح الأخيرة أن يكون الجهد العسكري الروسي في هضبة الجولان جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى إعادة الجيش السوري إلى مناطق حيوية تضمن بقاء الأسد في السلطة.
وقالت مصادر مطلعة في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن «انطلاق العملية الجوية الروسية في جنوب البلاد تمهد لبدء العملية البرية هناك، والتي سيقودها بشكل أساسي حزب الله المتمركز بشكل أساسي على التلال والهضاب المتاخمة لإسرائيل».
ورجّح بشار الزعبي، رئيس المكتب السياسي لـ«جيش اليرموك» الذي ينشط في درعا، أن تكون الطائرات التي استهدفت تل الحارة بالأمس روسية. وقال لـ«رويترز» إن سلاح الجو السوري لم يعتد شن أي غارات خلال الليل، وسفارة موسكو بدمشق في مرمى القذائف.
وأكد المركز الإعلامي في بلدة الحارة استهداف الطيران الحربي الروسي لمفرزة الأمن العسكري، الخاضعة لسيطرة الجيش الحر جنوب مدينة الحارّة، بغارتين جويتين مساء أمس الأربعاء.
بدوره، أفاد «مكتب أخبار سوريا» بقصف طائرات حربية بالصواريخ الفراغية، تل الحارة العسكري وعددًا من القرى المحيطة الخاضعة جميعها لسيطرة فصائل المعارضة بريف درعا الشمالي، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من مقاتلي المعارضة.
ونقل المكتب عن الناشط الإعلامي المعارض نايف الحاري، أن هذه هي «المرة الأولى» التي يقصف الطيران الحربي «ليلاً»، حيث استهدفت تل الحارة بأربع غارات جوية وبلدتي عقربا وكفر ناسج المجاورتين بغارتين متتاليتين. وتوقع أن تكون الطائرات التي قصفت هي روسية، بسبب التوقيت الليلي ولدقتها في الإصابة، حيث استهدفت معظم الغارات مواقع عسكرية تابعة لفصائل المعارضة.
يأتي ذلك تزامنًا مع ورود معلومات لفصائل المعارضة عن تجهيز القوات النظامية لعملية عسكرية كبيرة في شمال درعا تبدأ خلال الأيام القليلة القادمة، هدفها استعادة السيطرة على بعض المواقع العسكرية وأبرزها تل الحارة، ورصد مقاتلو المعارضة وصول تعزيزات عسكرية إلى بعض المواقع العسكرية القريبة في مدينتي ازرع والصنمين الخاضعتين لسيطرة القوات النظامية شمال درعا.
وأفاد أحدث تقرير للمرصد السوري عن عدد قتلى الغارات الروسية في سوريا، بمصرع 600 شخص ثلثاهم من المقاتلين، إثر استهداف طائرات موسكو منذ انطلاق عملياتها قبل نحو شهر، عشر محافظات سورية من أصل 14.
ووثق المرصد «مقتل 595 شخصا منذ بدء الضربات الروسية، بينهم 185 مدنيا ضمنهم 48 طفلا دون الـ18 عاما و46 امرأة». أما عدد القتلى في صفوف المقاتلين فبلغ عددهم الإجمالي 410 عناصر هم «279 مقاتلا من الفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة النصرة و131 عنصرا من تنظيم داعش».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.