الجيش النيجيري يحرر أكثر من 300 رهينة احتجزتها «بوكو حرام»

هجوم جديد للحركة على قرية يخلف 13 قتيلاً

الجيش النيجيري يحرر أكثر من 300 رهينة احتجزتها «بوكو حرام»
TT

الجيش النيجيري يحرر أكثر من 300 رهينة احتجزتها «بوكو حرام»

الجيش النيجيري يحرر أكثر من 300 رهينة احتجزتها «بوكو حرام»

أعلن الجيش النيجيري، أمس، أنه حرر أكثر من 300 امرأة وطفل احتجزتهم جماعة بوكو حرام في شمال شرقي نيجيريا، وأوضح في بيان أن «الوحدة العسكرية أنقذت 338 شخصًا يحتجزهم الإرهابيون»، بينهم 192 طفلاً، و138 امرأة في عمليات جرت، أول من أمس (الثلاثاء).
واستهدفت العمليات «معسكرات يعتقد أنها لجماعة بوكو حرام في قريتي بولاجيلين وماناواشي»، داخل منطقة غابة سامبيسا، التي تعد أحد معاقل المتمردين المتطرفين. كما أعلن الجيش قتل ثلاثين متمردًا من بوكو حرام، وضبط أسلحة وذخائر. بينما أعلن سلاح الجو شن ضربات على مستودعات للآليات والوقود، تابعة لـ«بوكو حرام»، «في مجهود جديد للحد أكثر» من موارده.
ويعلن الجيش بانتظام عن انتصارات على جماعة بوكو حرام، مثل تدمير معسكرات، وتحرير رهائن في كفاحه المستميت ضد الحركة المتمردة. لكن الهجمات الدامية والعمليات الانتحارية التي تنفذها «بوكو حرام» تتعاقب بوتيرة شبه يومية، وتخلف وراءها عشرات القتلى ومئات الجرحى.
وكان الرئيس محمد بخاري قد تعهد بالقضاء على المتمردين بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وقد تمكن بالفعل من تحقيق نجاحات عسكرية، ولا سيما بمساعدة الجيش التشادي. لكن حركة بوكو حرام لا تبدو، حسب بعض المراقبين، أنها بصدد تقبل الهزيمة، حيث كثف أفرادها هجماتهم على أهداف مدنية خلال الأشهر الأخيرة، وخطفوا ما لا يقل عن ألفي امرأة وفتاة في نيجيريا منذ يناير (كانون الثاني) 2014 بحسب أرقام منظمة العفو الدولية. وتعتبر الحركة، التي تخوض تمردًا أوقع ما لا يقل عن 17 ألف قتيل، وتسبب في نزوح أكثر من 2.5 مليون شخص منذ 2009، مسؤولة عن سقوط أكثر من 1300 قتيل منذ تولي الرئيس بخاري مهامه في 29 مايو (أيار)، وفق حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية.
وعلى صعيد متصل، قتل 13 شخصًا وأصيب ثلاثة في هجوم على قرية في جنوب شرقي النيجر، نسب إلى متطرفين في جماعة بوكو حرام، حسب ما قال مسؤولون محليون أمس.
وقال ملام ليغاري، المسؤول المحلي في منطقة ديفا التي تعرضت مرارًا لهجمات شنتها الحركة: «لقد أعدم 13 شخصًا وأصيب ثلاثة بالرصاص في هجوم لـ(بوكو حرام)، مساء أول من أمس، في إحدى القرى.. لقد كانت عملية سريعة»، موضحًا أن عناصر «بوكو حرام» وصلوا «سيرًا على الأقدام إلى القرية»، بعد «أن اجتازوا بواسطة زورق نهر كومادوغو يوبي»، الذي يشكل الحدود الطبيعية بين النيجر ونيجيريا.
من جهتها، أوضحت إذاعة «إنفاني» الخاصة أن مقاتلي بوكو حرام «وصلوا بأعداد كبيرة وأحرقوا سيارات ومنازل ومحلات تجارية».
ومنذ فبراير (شباط) الماضي، تواصل «بوكو حرام» شن هجمات دامية في منطقة ديفا، المتاخمة لشمال شرقي نيجيريا، معقل المتمردين المتطرفين، في حين يواجه الجيش صعوبات في وقف توغلاتهم. وبهذا الخصوص قال وزير الداخلية النيجيري حسومي مسعودو أمام النواب، إن «أكبر مشكلة لدينا هي السيطرة على المنطقة الحدودية من الجانب النيجيري».
وقد أقر البرلمان، أول من أمس، قانونًا يسمح للحكومة بتمديد حالة الطوارئ التي أعلنت في فبراير المنطقة في المنطقة لمدة ثلاثة أشهر.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.