«عقدة تعيين الخرسان» تعزل العبادي داخل «الائتلاف»

برلماني عراقي: المالكي يدعم قيادي آخر في «الدعوة» ضد رئيس الوزراء

صورة تعود إلى أبريل الماضي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وهو يصافح عناصر من قوات الجيش العراقي في مدينة تكريت (رويترز)
صورة تعود إلى أبريل الماضي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وهو يصافح عناصر من قوات الجيش العراقي في مدينة تكريت (رويترز)
TT

«عقدة تعيين الخرسان» تعزل العبادي داخل «الائتلاف»

صورة تعود إلى أبريل الماضي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وهو يصافح عناصر من قوات الجيش العراقي في مدينة تكريت (رويترز)
صورة تعود إلى أبريل الماضي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وهو يصافح عناصر من قوات الجيش العراقي في مدينة تكريت (رويترز)

في وقت، نفى فيه مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إصدار الأخير أمرًا بتعيين عماد الخرسان في منصب الأمين العام لمجلس الوزراء، فإن التطورات التي تواترت على إثر شيوع هذا النبأ، كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر جمل العلاقة التي بقيت ملتبسة بين العبادي والقياديين والنواب من «حزب الدعوة» داخل ائتلاف دولة القانون، وبين من بقي مؤيدًا لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي لا يزال يتزعم الحزب ودولة القانون معًا. وفي بيان مقتضب صدر عن مكتب العبادي، بالتزامن مع إعلان أطراف بـ«دولة القانون» أنهم أمهلوا العبادي 72 ساعة لتعديل سياسته، جاء فيه أن «العبادي لم يصدر أي أمر بتعيين عماد الخرسان أمينًا عامًا لمجلس الوزراء»، وأن «الخرسان كان قد قدم دراسة للعبادي بشأن طريقة وأسلوب عمل الأمانة العامة لمجلس الوزراء».
من جهته، كشف عضو البرلمان العراقي السابق والسياسي المستقل عزت الشابندر أن «المالكي تنازل عن أن يكون هو البديل في حال تم الاتفاق على تغيير العبادي، داعمًا في الوقت نفسه القيادي في حزب الدعوة خلف عبد الصمد ليكون البديل، علمًا أن المالكي هو المحرك الأكبر لهذا الحراك الجديد داخل الحزب وائتلاف دولة القانون». وقال الشابندر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الإطار الأكبر لما يجري اليوم بدأ منذ الانشطار حول الولاية الثالثة وإزاحة المالكي واستبداله بالعبادي من داخل الحزب الذي يعد الأهم داخل ائتلاف دولة القانون، الكتلة الأكبر داخل التحالف الوطني، وترتب عليه نتائج منذ تولي العبادي رئاسة الحكومة وحتى اليوم». وأشار إلى أنه «ورغم ما يظهر من تصريحات وبيانات في غضون اليومين الماضيين بشأن سحب التفويض من العبادي من عدمه، فإنه في كل الأحوال ليس جامعًا سواء داخل (الدعوة) أو (دولة القانون) أو التحالف الوطني (الكتلة البرلمانية الشيعية الأكبر)، سوى أن المتحمسين داخل الحزب تولوا تحريك الأمر داخله ومعه الائتلاف، لكن التحول الأهم هنا هو دخول (منظمة بدر) إلى جانب المطالبين بتعديل سياسة العبادي أو تغييره. والسبب في ذلك أن هناك تذمرًا من قبل المنظمة وزعيمها هادي العامري حيال العبادي، بسبب ما يعتبرونه موقفًا غير إيجابي منه حيال ميليشيات الحشد الشعبي».
وقال إن «هناك حالة استقطاب قوية داخل (الدعوة) ودولة القانون وأطراف أخرى، لكنها قد لا تؤدي في النهاية إلى استبدال العبادي، فالأمور ليست بمثل هذه السهولة»، موضحًا أنه «في الوقت الذي يبدو فيه المالكي هو المحرك الأكبر من خلال إعطائه إشارات معينة للمعارضين ضد العبادي داخل الاجتماعات، لكنه يقوم، في أحايين كثيرة، بدور التهدئة. ولعل الأهم في هذه المتغيرات هو تنازله لعبد الصمد الذي فجر خلافًا مع قياديين بارزين هما علي الأديب وحسين الشهرستاني واعتراضهما على إسقاط العبادي، ليس حبًا به وإنما بالضد من عبد الصمد، حيث يرى كل منهما أنه أكثر أهمية من هذا الرجل الذي اختاره المالكي».
وردًا على سؤال بشأن وضع العبادي، ضمن هذا الحراك، داخل حزبه وائتلافه، يقول الشابندر إن «العبادي هو الحلقة الأضعف. وانعكس هذا على حزبه. وإن أبرز المآخذ عليه من قبل رفاقه هو ميله إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بينما يميلون هم إلى (التحالف الرباعي) بقيادة روسيا، ويستعجلون دعوة صريحة لروسيا للتدخل ضد (داعش) في الأراضي العراقية، بينما يرفضها العبادي، مما دفع بهم إلى اتهامه بالتفرد».
وبشأن حقيقة تعيين الخرسان أمينا عاما لمجلس الوزراء، قال الشابندر إن «تعيينه جاء بناء على مقترح أميركي - بريطاني بهدف تقوية العبادي أمام خصومه لا سيما أن الخرسان مدعوم من المرجعية في النجف، لأنه كان حلقة الاتصال بينها والحاكم المدني الأميركي بول بريمر آنذاك، بيد أن العبادي تراجع، في ظل هذا الحراك الذي يجري ضده من قبل ائتلافه، عن إصراره على تعيين الخرسان كشخصية خبيرة ومقبول من المرجعية». إلى ذلك، أكد القيادي في ائتلاف «دولة القانون» سعد المطلبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العبادي بدأ يتفرد بالسلطة ولا يشاور حزبه والكتلة التي رشحته. وبدأ يتصرف بطريقة غير صحيحة سواء في موقفه السلبي من (التحالف الرباعي) أو تعيين الخرسان من دون العودة إلى الكتلة وقضايا كثيرة». وأكد أن «حزب الدعوة ودولة القانون يريان أن نجاح العبادي وفشله يعود عليهم، لأنهم هم مَنْ رشحه، على رغم أننا - ككوادر - لم ننفرد وحدنا بذلك الترشيح بل هناك كتلا وأطرافا أخرى حتى من خارج التحالف الوطني أيدتنا في ذلك».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».