مهن يدوية تنتعش في مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن

نجار يصر على مزاولة مهنته رغم الظروف القاسية وقوانين العمل

محمد طلب من إدارة المخيم السماح له بالموافقة على فتح محل نجارة لأن القوانين الأردنية تمنع ذلك وتم تأمين ذلك عن طريق المفوضية لشؤون اللاجئين
محمد طلب من إدارة المخيم السماح له بالموافقة على فتح محل نجارة لأن القوانين الأردنية تمنع ذلك وتم تأمين ذلك عن طريق المفوضية لشؤون اللاجئين
TT

مهن يدوية تنتعش في مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن

محمد طلب من إدارة المخيم السماح له بالموافقة على فتح محل نجارة لأن القوانين الأردنية تمنع ذلك وتم تأمين ذلك عن طريق المفوضية لشؤون اللاجئين
محمد طلب من إدارة المخيم السماح له بالموافقة على فتح محل نجارة لأن القوانين الأردنية تمنع ذلك وتم تأمين ذلك عن طريق المفوضية لشؤون اللاجئين

محمد أمين البقاعي البالغ من العمر، 35 عاما، متزوج ولديه خمسة أطفال، يصر على تأمين قوت أهل بيته بعرق جبينه، ولا ينتظر المساعدات الشهرية التي تقدمها مفوضية اللاجئين للسوريين في مخيم الزعتري في الأردن من خلال برنامج الغذاء العالمي، بواقع عشرين دينارا للفرد.
يعيش محمد في المخيم الزعتري منذ أربع سنوات، ويصر على مزاولة مهنة النجارة التي كان يعمل بها في مدينة درعا قبل مغادرتها رغم كل الظروف القاسية.
يقول محمد لـ«الشرق الأوسط» إنه عندما حضر إلى المخيم كان يعتقد أنه سيغادر إلى أحد المدن الأردنية، والعيش فيها، ويفتح محلا للنجارة لممارسة مهنته التي كان يمارسها في سوريا إلا أنه اصطدم بالقوانين الأردنية التي لا تسمح له بالعمل.
ويضيف محمد، أنه طلب من إدارة المخيم السماح له بالموافقة على فتح محل نجارة، تم تأمين ذلك عن طريق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وقام هو بتشييد المحل في شارع الياسمين في المخيم.
ويقول إنه في البداية كان يصنع الطاولات الصغيرة ثم تطور الحال معه وبدأ بصناعة الخزانات حسب الطلب للعرايس والشباب الراغبين بالزواج.
ويوضح أن جزءا من أدواته وعدته ومعداته أحضرها معه من سوريا والقسم الباقي اشتراه من السوق الأردنية، لكنه يشير إلى أن أسعار الأدوات والمعدات في الأردن غالية الثمن، لذلك ليس لديه معدات متطورة مثل المناحر الحديثة وأدوات تفي بالغرض للأشياء التي يصنعها.
ويقول إنه يصنع الطاولات لمحلات البقالة والحلاقة وغيرها في المخيم، كما يصنع الخزائن للعرائس حسب الطلب وأحيانا يصنع الخزانات ويعرضها في محله بانتظار من يشتريها.
محمد يشتري المواد الخام التي يصنع منها الخزائن والطاولات من المخيم نفسه، إذ أبلغ «الشرق الأوسط» أنه يقوم بشراء ألواح الخشب الآتية من اللاجئين سكان المخيم الذين يقومون بفك أرضيات الكرفانات (البيوت الجاهزة) وبيعها له وفي المقابل يقوم بصب هذه الأرضيات بمواد خرسانية. وأشار محمد إلى أنه يشتري اللوح الواحد مقاس متر في 235 سم بعشرة دنانير ما يعادل 14 دولارا حيث يوجد في كل بيت جاهز من 5 إلى ستة ألواح، وأن هناك إقبالا من قبل اللاجئين لبيع هذه الألواح.
وقال إنه يصنع الخزانة بظرفتين متر في مترين بعمق نصف متر ويبعها مقابل ثمن 60 إلى 70 دينارا أردنيا، وأن كل خزانة تحتاج إلى ثلاثة ألواح من الخشب المضغوط، كما يصنع خزانات كبيرة حسب الطلب للعرائس حسب المساحة التي يمكن أن توضع في البيت الجاهز (الكرفان).
محمد طوع الأدوات التي من حوله في خدمته وخدمة عمله. فمثلا غطاء المروحة الكهربائية الدائرية (الشبك) يستخدمها بعمل قوس أو عمل أرجل لطاولة لاستخدامها في صالون الحلاقة إضافة إلى طاولات التلفزيون، كما أنه أحيانا يرسم الزخارف ليعطي لمسات جمالية على الطاولات خاصة الصغيرة.
وأشار محمد إلى أنه يصنع أبوابا خشبية بمختلف مقاساتها لاستخدامات كثيرة خصوصا أن المخيم يوجد في معظمه بيوت جاهزة، وأحيانا يحتاجون إلى الأبواب من أجل الحمامات أو المحال التي يتم تشييدها من الصفيح الزنك. ولدى محمد مولد كهربائي يعمل على البنزين لتأمين التيار الكهربائي لمحله، خصوصا أن الكهرباء مقطوعة عن المخيم في النهار، وهو بحاجة إلى الكهرباء لتشغيل بعض الآلات من المنشار أو جهاز مسح الخشب أو المثقاب أو غيرها من الأدوات حيث يحضر له شخص مادة البنزين من محطة الوقود في بلدة الزعتري القريبة من المخيم. يقول محمد إنه يقوم بشراء بعض المستلزمات من السوق المحلية في مدينة المفرق وبعض الأنواع من الألواح الخشبية من السوق الأردنية، ولكن ارتفاع أسعارها يجعل أسعار الخزائن أو منتجاته غالية لذلك يحاول قدر الإمكان الاعتماد على الألواح التي تفك من البيوت الجاهزة (الكرفانات).
ويطمح محمد في المستقبل القريب في إدخال مادة الدهان وشراء أدوات رش الدهان للقيام بدهان بعض المنتجات التي بحاجة إلى ذلك كي يعطي صفة جمالية لمنتجاته.
وعندما سألنا محمد عن الوضع في سوريا وتفاؤله بالحل قال القصة بدأت تتعقد أكثر من اللازم بعد أن دخلت روسيا على الخط وبدأ العدوان على المناطق المحررة من النظام، ولكنه قال إذا توصلت الدول الكبرى واللاعبة في الأزمة السورية إلى حل فإننا بحاجة إلى أكثر من خمس سنوات حتى يعود اللاجئون إلى ديارهم، خصوصا أن عملية الإعمار ستستغرق فترة طويلة في ظل شح الإمكانات.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».