فلسطيني من «عرب 48» يخترق الحدود الإسرائيلية ـ السورية بطائرة شراعية

الإعلام العبري ينتقد ضعف المراقبة الإسرائيلية على الحدود

جنود إسرائيليون قرب الحدود الإسرائيلية ــ السورية عند هضبة الجولان المحتل يبحثون عن الشاب العربي الذي عبر بواسطة طائرته الشراعية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون قرب الحدود الإسرائيلية ــ السورية عند هضبة الجولان المحتل يبحثون عن الشاب العربي الذي عبر بواسطة طائرته الشراعية (إ.ب.أ)
TT

فلسطيني من «عرب 48» يخترق الحدود الإسرائيلية ـ السورية بطائرة شراعية

جنود إسرائيليون قرب الحدود الإسرائيلية ــ السورية عند هضبة الجولان المحتل يبحثون عن الشاب العربي الذي عبر بواسطة طائرته الشراعية (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون قرب الحدود الإسرائيلية ــ السورية عند هضبة الجولان المحتل يبحثون عن الشاب العربي الذي عبر بواسطة طائرته الشراعية (إ.ب.أ)

كشفت السلطات الإسرائيلية، أمس، أن مواطنا عربيا من «فلسطينيي 48 (المواطنون العرب في إسرائيل)»، يبلغ من العمر 23 عاما، اجتاز الحدود الإسرائيلية - السورية جنوبي هضبة الجولان السورية المحتلة، مساء السبت الماضي، بواسطة طائرة شراعية (مظلة متطورة). وتعتقد أجهزة الأمن الإسرائيلية أن الشاب قام بتنسيق هبوطه مع عناصر في الجانب السوري من الحدود بهدف الانضمام إلى (داعش) أو أحد الفصائل الأخرى التي تقاتل ضد نظام الأسد. وبالمقابل، نفت عائلته في قرية جلجولية، الواقعة في المثلث العربي وسط إسرائيل، أن يكون قد أقدم على هذه الخطوة، وقالت إنه كان يمارس هواية الهبوط بالمظلة، وقد تكون الرياح قد قذفته بالخطأ.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد أعلنت ليلة السبت – الأحد عن حدث أمني درامي كبير عند الحدود الشمالية، ورفضت إعطاء تفاصيل. وفي صباح أمس سمحت بالنشر أن شابًا من قرية جلجولية في المثلث، هبط بمظلته داخل الأراضي السورية. وادعى الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أن الهبوط لم يكن بتأثير الرياح، بل إن الشاب فعل ذلك متعمدًا للالتحاق بـ«لواء شهداء اليرموك»، التابع لتنظيم داعش، في ريف مدينة درعا في الجنوب السوري.
وأثار هذا النشر تساؤلات عدة، واستهجنت حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية كيف يمكن لطائرة شراعية أن تطير فوق الجولان وتتقدم نحو الحدود وتخترقها وتهبط في الأراضي السورية من دون أن تكتشفها أو تعترضها القوات الإسرائيلية، التي تقف في حالة تأهب قصوى طيلة الوقت. وتساءلت: «هل يمكن أن يكون الجيش الإسرائيلي الذي يراقب مرور الطيور بين طرفي الحدود، (ضعيفا) إلى هذه الدرجة؟».
من جهتهم، أكد أقارب الشاب من جلجولية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يقبلون الرواية الإسرائيلية. ويعتقدون أن ابنهم، الذي يتدرب حديثا على الهبوط بالمظلات، تاه في الطريق أو فقد السيطرة بسبب الرياح العاتية التي اجتاحت البلاد في اليومين الأخيرين. وكشفوا أن العائلة تلقت اتصالاً بعد نحو ساعة من عبور ابنها الحدود السورية، من شخص مجهول قال لهم إن ابنهم بخير، فزاد قلقهم عليه أكثر. وأصبحت والدته تبكي وتولول كأنها فقدته إلى الأبد.
وجاءت هذه الأنباء متزامنة مع الأبحاث التي جرت في الحكومة الإسرائيلية، أمس، وتقرر في أعقابها إعلان تنظيمي «داعش»، و«جبهة النصرة»، الذراع التنفيذية لتنظيم القاعدة في سوريا، وكذلك «كتائب عبد الله عزام»، تنظيمات إرهابية. ويعتقد جهاز الأمن الإسرائيلي العام أنه ما لا يقل عن 50 مواطنا عربيا من إسرائيل، عبروا الحدود – عن طريق تركيا بالأساس – وانضموا إلى التنظيمات المذكورة أعلاه، وأن عشرة منهم انضموا إلى صفوف مقاتلي «داعش» في سوريا والعراق، والباقين انضموا إلى صفوف فصائل أخرى في المعارضة السورية منذ بدء الحرب الأهلية في سوريا عام 2011. وقال رئيس الـ«شاباك»، يورام ككوهن، في الجلسة، إن ما لا يقل عن 25 شخصا من هؤلاء معروفون بأفكارهم المتطرفة، وقد انضم بعض هؤلاء الأشخاص إلى «جبهة النصرة»، فيما انضم آخرون إلى تنظيم داعش، والباقون فاجأوا السلطة.
يذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، وقع حال انتهاء الجلسة أمرا رسميا يعتبر تنظيم داعش وتنظيم «كتائب عبد الله» عزام المنضوي تحت لواء «القاعدة»، منظمتين غير شرعيتين مما سيفسح المجال أمام اتخاذ إجراءات قضائية ضد نشاطات لصالح التنظيمين في إسرائيل وضد مواطنين إسرائيليين يقاتلون في صفوفهما، وضمن ذلك تجميع الأموال لصالحهما أو أي نشاط آخر، وصدر هذا الأمر بإيعاز من جهاز الأمن العام.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.