نائب إيراني يتهم مراسل «واشنطن بوست» بالتآمر

شقيق رضائيان: طهران تلجأ إلى كل الافتراءات

جيسون رضائيان (نيويورك تايمز)
جيسون رضائيان (نيويورك تايمز)
TT

نائب إيراني يتهم مراسل «واشنطن بوست» بالتآمر

جيسون رضائيان (نيويورك تايمز)
جيسون رضائيان (نيويورك تايمز)

وجه نائب بارز في البرلمان الإيراني اتهامات جديدة ضد مراسل «واشنطن بوست» في طهران جيسون رضائيان، الذي أدين هذا الشهر بالتجسس، وأكد أنه تآمر مع شخصيات مثيرة للفتن.
وفي مقابلة مع وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية، سعى النائب جواد كريمي قدوسي أيضًا إلى تصوير السيد رضائيان على أنه جاسوس شائن استغل أوراق اعتماده كصحافي لكي يحتال من أجل التحصل على معلومات ذات قيمة كبيرة لأعداء الحكومة الإيرانية.
وتركز سيل التهم التي وجهها السيد كريمي قدوسي، وهو عضو في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، على أن السيد رضائيان نقل بانتظام المعلومات إلى كل من وزارة الخارجية الأميركية وأذرع رسمية أخرى في الولايات المتحدة، واعتقد أن الحكومة الإيرانية سوف «تسقط في غضون 48 ساعة» في ظل التقارب الأميركي - الإيراني.
وأكد النائب البرلماني أن السيد رضائيان أقام أيضًا اتصالات مع أعداء إيران، بما في ذلك مندوبون عن إسرائيل وأعضاء في الجبهة الوطنية، في إشارة على ما يبدو إلى حزب ليبرالي علماني تعرض للقمع في عام 1981 ويصفه السيد كريمي قدوسي بأنه جماعة مرتدة. وأضاف النائب أن السيد رضائيان تقرب بشدة إلى مسؤولين في الدائرة الداخلية للرئيس حسن روحاني حتى إنه كان على علم بنوع العلكة التي يفضلها السيد روحاني.
وقال السيد كريمي قدوسي في المقابلة التي نشرت باللغة الفارسية على موقع الوكالة على شبكة الإنترنت إن رضائيان «كان على اطلاع تام على أساليب التجسس الحديثة وسعى إلى جمع معلومات مهمة جدًا في الدوائر الاجتماعية والثقافية والسياسية».
وأنكر السيد رضائيان ارتكابه أي أعمال مخالفة للقانون. ولم تكشف قط التفاصيل الدقيقة للقضية التي حوكم فيها مراسل «واشنطن بوست» في طهران.
وبينما ذكر مسؤولون إيرانيون وتقارير إخبارية أخرى أنه يشتبه في تجسس السيد رضائيان على برنامج إيران النووي وجمع أدلة حول انتهاك العقوبات، فإن تهم التعاون مع مثيري الفتنة لم ترد في وسائل الإعلام الإيرانية من قبل.
ووصف علي رضائيان، شقيق السيد رضائيان والمتحدث الرئيسي باسم العائلة، تقرير وكالة فارس بأنه «مسعى لتبرير الظلم الذي لحق بجيسون على مدار 15 شهرًا مضت»، مشيرا إلى أنهم «يلجأون الآن إلى كيل الافتراءات».
من جانبه، قال دوغلاس جيل، محرر الشؤون الخارجية في «واشنطن بوست»، إن ما ورد في التقرير يمثل «ببساطة أحدث مزاعم كاذبة وسخيفة يتداولها الأعضاء المتشددون في البرلمان الإيراني، ولا تقل سخفًا عن جميع المزاعم دائمة التغيير التي لا ينفك المسؤولون الإيرانيون عن إطلاقها».
وبدت تصريحات النائب وكأنها إنذار إلى أطراف أخرى في سلم القيادة الإيرانية على معرفة بالسيد رضائيان، ومن بينها الرئيس ووزير خارجيته، محمد جواد ظريف، بأنها قد تخاطر في معرض دعوتها لأي تبادل للسجناء مع الولايات المتحدة، كما تردد في الأسابيع الأخيرة. ويشير توقيت المقابلة إلى أن المتشددين في إيران، الذين تحدوهم شكوك عميقة إزاء مسعى الرئيس روحاني لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة بعد التوصل إلى الاتفاق النووي مع طهران في يوليو (تموز) الماضي، ربما يرون في السيد رضائيان وسيلة مهمة لممارسة الضغط السياسي.
وقال السيد كريمي قدوسي إن مساعي أجريت لمبادلة السيد رضائيان بسجناء إيرانيين لدى الولايات المتحدة قبل نحو أسبوعين، لكنه وعدد من زملائه النواب أحبطوا الفكرة لأن محاكمة السيد رضائيان لم تكن قد اكتملت بعد حينذاك.
وكشف السيد كريمي قدوسي أن لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني أطلعت على التهم الموجهة إلى السيد رضائيان بعد القبض عليه في يوليو (تموز) 2014.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)

في كل انتخابات رئاسية وعامة تشهدها الولايات المتحدة، كان للمؤسسات الإعلامية الأميركية على الدوام نصيب من تداعياتها. وفي العادة أن جلّ المؤسسات الاعلامية كانت تنحاز لأحد طرفي السباق، حتى في بعض الانتخابات التي كانت توصف بأنها «مفصلية» أو «تاريخية»، كالجارية هذا العام. بل وكان الانحياز يضفي إثارة لافتة، لا سيما إذا «غيّرت» هذه المؤسسة أو تلك خطها التحريري المألوف، في محاولة للظهور بموقف «حيادي».

غير أن الواقع كان دائماً يشير إلى أن العوامل التي تقف وراء هذا «التغيير» تتجاوز مسألة الحفاظ على الحياد والربحية وتعزيز المردود المالي. إنها سياسية بامتياز، خصوصاً في لحظات «الغموض والالتباس» كالتي يمر بها السباق الرئاسي المحتدم هذا العام بين نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري.

مقر «اللوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح!

يوم الجمعة، أعلن ويليام لويس، الرئيس التنفيذي وناشر صحيفة «واشنطن بوست»، التي يملكها الملياردير جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» العملاقة، أنها لن تؤيد أي مرشح رئاسي لا في هذه الانتخابات، ولا في أي انتخابات رئاسية مستقبلية. وأضاف لويس، في مقال: «نحن نعود إلى جذورنا بالإحجام عن تأييد المرشحين الرئاسيين... هذا من تقاليدنا ويتفق مع عملنا في 5 من الانتخابات الـ6 الأخيرة». وتابع لويس: «ندرك أن هذا سيُفسَّر بطرق مختلفة، بما في ذلك اعتباره تأييداً ضمنياً لمرشح واحد، أو إدانة لمرشح آخر، أو تنازلاً عن المسؤولية... هذا أمر لا مفر منه. لكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة. إننا نرى ذلك متوافقاً مع القِيَم التي طالما دافعت عنها صحيفة (واشنطن بوست)». واختتم: «إن وظيفتنا في الصحيفة هي أن نقدّم من خلال غرفة الأخبار، أخباراً غير حزبية لجميع الأميركيين، وآراءً محفزة على التفكير من فريق كتّاب الرأي لدينا لمساعدة قرائنا على تكوين آرائهم الخاصة». إلا أنه في بيان وقّعه عدد من كبار كتّاب الرأي في الصحيفة، بينهم ديفيد إغناتيوس ويوجين روبنسون ودانا ميلبنك وجينيفر روبن وروث ماركوس، وصف الموقّعون القرار بأنه «خطأ فادح». وتابع البيان أن القرار «يمثّل تخلّياً عن المُعتقدات التحريرية الأساسية للصحيفة... بل في هذه لحظة يتوجّب على المؤسسة أن توضح فيها التزامها بالقيَم الديمقراطية وسيادة القانون والتحالفات الدولية والتهديد الذي يشكله دونالد ترمب على هذه القيم...». ومضى البيان: «لا يوجد تناقض بين الدور المهم الذي تلعبه (واشنطن بوست) بوصفها صحيفة مستقلة وممارستها المتمثّلة في تقديم التأييد السياسي... وقد تختار الصحيفة ذات يوم الامتناع عن التأييد، لكن هذه ليست اللحظة المناسبة، عندما يدافع أحد المرشحين عن مواقف تهدّد بشكل مباشر حرية الصحافة وقِيَم الدستور».

مقر «الواشنطن بوست» (آ. ب.)

... وأيضاً «لوس أنجليس تايمز»

في الواقع خطوة «واشنطن بوست» سبقتها، يوم الأربعاء، استقالة مارييل غارزا، رئيسة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، كبرى صحف ولاية كاليفورنيا، احتجاجاً على منع مالك الصحيفة، الملياردير باتريك سون شيونغ، مجلس التحرير من إعلان تأييد هاريس. وهذه الخطوة أشاد بها ترمب، وعلّقت حملته، في بيان، بأن «زملاء هاريس في كاليفورنيا يعرفون أنها ليست مؤهلة للوظيفة». غارزا كتبت في رسالة استقالتها «أن الصمت ليس مجرد لامبالاة، بل هو تواطؤ»، معربة عن قلقها من أن هذه الخطوة «تجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيّزين جنسياً وعنصريين بعض الشيء». وأردفت: «كيف يمكننا أن نمضي 8 سنوات في مهاجمة ترمب والخطر الذي تشكّله قيادته على البلاد ثم نمتنع عن تأييد المنافس الديمقراطي اللائق تماماً الذي سبق لنا أن أيدناه لعضوية مجلس الشيوخ؟»، في إشارة إلى هاريس. من جانبه، كتب سون شيونغ، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هيئة التحرير «أتيحت لها الفرصة لصياغة تحليل واقعي» للسياسات التي يدعمها كل مرشح خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وعلى مسار الحملة الانتخابية، كي يتمكّن «القراء (أنفسهم) من تحديد مَن يستحق أن يكون رئيساً»، مضيفاً أن الهيئة «اختارت الصمت»!

هل الدافع تجاري؟

بالمناسبة، سون شيونغ يُعد من الداعمين للديمقراطيين عموماً، يرجح البعض أن يكون الدافع وراء موقفه الاعتبارات التجارية، ومنها جذب مزيد من القراء، بمَن فيهم الموالون للجمهوريين، لرفع نسبة الاشتراكات والدعايات والإعلانات، عبر محاولة تقديم الصحيفة بمظهر وسطي غير منحاز. كذلك، سون شيونغ، الطبيب والقطب في مجال التكنولوجيا الحيوية من منطقة لوس أنجليس، الذي ليست له أي خبرة إعلامية، كان قد اشترى الصحيفة التي يزيد عمرها على 140 سنة والشركات التابعة لها، مقابل 500 مليون دولار عام 2018. لكن خسائر الصحيفة استمرت، ما دفعه إلى تسريح نحو 20 في المائة من موظفيها هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مالكها اتخذ هذه الخطوة بعد خسارة «عشرات الملايين من الدولارات» منذ شرائها.

ترمب يدعو لإلغاء تراخيص الأخبار

ما حصل في «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» سلّط حقاً الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية الأميركية وسط الضغوط المتزايدة عليها، وتحويلها مادة للسجال السياسي.

وفي الواقع، تعرّضت وسائل الإعلام خلال العقد الأخير للتهديدات ولتشويه صورتها، وبالأخص من الرئيس السابق ترمب، الذي كرر اتهام منافذ إخبارية كبرى بالتشهير، ومنع الصحافيين من حضور التجمّعات والفعاليات التي تقام في البيت الأبيض، وروّج لمصطلح «الأخبار المزيفة»، الذي بات يتبناه الآن العديد من قادة اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.

وفي حملات ترمب الجديدة على الإعلام، اقترح أخيراً تجريد شبكات التلفزيون من قدرتها على بث الأخبار، إذا كانت تغطيتها لا تناسبه. وكتب على منصته «تروث سوشال» في الأسبوع الماضي «يجب أن تخسر شبكة (السي بي إس) ترخيصها. ويجب وقف بث برنامج (60 دقيقة) على الفور». وكرّر مطالبه في الخطب والمقابلات، مردداً دعواته السابقة لإنهاء ترخيص شبكة «الإيه بي سي» بسبب استيائه من الطريقة التي تعاملت بها مع المناظرة الوحيدة التي أُجريت مع هاريس.

وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الداعمة له: «سنستدعي سجلاتهم»، مجدداً ادعاءه أن تحرير الشبكة لمقابلتها مع هاريس في برنامج «60 دقيقة»، كان «مضللاً» ورفض عرض الشبكة إجراء مقابلة معه. وأيضاً رفض الإجابة عما إذا كان إلغاء ترخيص البث «عقاباً صارماً»، ليشن سلسلة من الإهانات لهاريس، قائلاً إنها «غير كفؤة» و«ماركسية».