3 آلاف مهاجر غير شرعي ابتلعهم «المتوسط» في 2015

مأساة إنسانية يسرد تفاصيلها فريق متطوعي الهلال الأحمر الليبي

فريق الهلال الأحمر الليبي لا يزال يكتشف مزيدا من الجثث على الشواطئ مع تحرك قوارب الموت من ليبيا باتجاه أوروبا
فريق الهلال الأحمر الليبي لا يزال يكتشف مزيدا من الجثث على الشواطئ مع تحرك قوارب الموت من ليبيا باتجاه أوروبا
TT

3 آلاف مهاجر غير شرعي ابتلعهم «المتوسط» في 2015

فريق الهلال الأحمر الليبي لا يزال يكتشف مزيدا من الجثث على الشواطئ مع تحرك قوارب الموت من ليبيا باتجاه أوروبا
فريق الهلال الأحمر الليبي لا يزال يكتشف مزيدا من الجثث على الشواطئ مع تحرك قوارب الموت من ليبيا باتجاه أوروبا

بين الحين والآخر يعثر أعضاء جمعية الهلال الأحمر الليبية على جثة جديدة لمهاجر غرق قرابة شاطئ مدينة زواره – شمال غربي ليبيا، كان ذلك مدخلا للحديث عن مأساة إنسانية لا تزال تحصد أرواح الآلاف من البشر.
تحت عنوان «المهمة الكئيبة لتحديد هوية المهاجرين غير الشرعيين الذين لا يصلون إلى أوروبا» يكشف تقرير أن متطوعا بأعمال الإغاثة يدعى إبراهيم العطوشي يظل يبحث كل يوم عن جثث جديدة قرابة شاطئ زواره، وبالفعل يعثر بنفس المكان على جثامين جديدة باستمرار.
وجثة القتيل الذي عثروا عليه هذه المرة كانت ممددة على سطح الماء قرب الشاطئ، على ما يبدو أنه جثمان لأحد المهاجرين الذين انقلب قاربهم قبل الوصول إلى أوروبا.
العثور على جثة جديدة على شاطئ زواره يعني إضافة مقبرة جديدة بالمدينة التي شهدت دفن مئات المهاجرين غير الشرعيين، يتولى إبراهيم العطوشي وغيره من متطوعي أعمال الإغاثة مهام انتشال الجثث ومحاولة الوصول بها إلى عائلاتها، أو دفنها بالمدينة إذا كان من الصعب تحديد هويتها لكنها مهام كئيبة وقاتمة، فالموت بهذه الطريقة لا يتوقف.
للقارئ أن يتخيل حجم الحزن الذي يخيم على هذا المكان وعلى هؤلاء المتطوعين الذين يعملون في ظل أسوأ موجة هجرة غير شرعية تشهدها أوروبا منذ عقود، فالإحصاءات تقول: إن هذا العام فقط شهد غرق ثلاثة آلاف مهاجر غير شرعي في البحر المتوسط قبل الوصول إلى أوروبا.
العطوشي ورفاقه من فريق الهلال الأحمر الليبي يواصلون البحث يوميا، وحين لا يجدون جثثا، يجدون متعلقات، حذاء أو هاتفا جوالا أو حافظة نقود أو حقيبة أوراق بداخلها وثائق تحدد هويات لأشخاص ابتلعهم البحر، هنا في مدينة زواره الموت لا يزال بانتظار الآلاف من الأفارقة والعرب الفارين من بلادهم.
إبراهيم العطوشي عضو الهلال الأحمر الليبي يواصل السير يوميا على الشاطئ بحثا عن جثث جديدة جرفها التيار ناحية مدينة زواره، بعض الجثث التي يعثر عليها فريق العطوشي تبدو بحالتها وهيئتها الكاملة، كأنهم أشخاص نائمون، في حين أن بعض الجثث تضيع معالمها وتنتفخ أو تتمزق، وبالكاد يستطيع الفريق التأكد أن هذه جثث لبشر!
أما متعلقات الغرقى التي يجدها فريق الإغاثة ويحاول الاستدلال من خلالها على هوياتهم، فتؤكد تنوع جنسيات هؤلاء الفارين من بلادهم، أحيانا يجد الفريق شريحة هاتف نيجيري في جيب أحد القتلى، وأحيانا يجدون ورقة مطوية بداخلها بريد إلكتروني لشخص يثبت أنه سوري الجنسية، يؤكد الفريق أن أي متعلقات تخضع للفحص الكامل، فقد تكون خيطا يوصلهم بعائلات الضحايا.
على ما يبدو أن المهاجرين باتوا يدركون حجم المخاطرة، فعدد كبير منهم يكتب أرقام هواتف ذويهم على سترة النجاة الخاصة بهم، يتكرر ذلك كثيرا، بين حين وآخر يعثر فريق البحث على جثة ترتدي سترة نجاة مكتوبا عليها جملة: «إذا وجدتني.. من فضلك اتصل برقم هذا الهاتف.. إنه شقيقي فلان».
أما عن أسر المهاجرين غير الشرعيين فإنهم غالبا يلجئون لتتبع أخبار ذويهم المهاجرين عن طريق البحث في محرك «غوغل» عن اسم المدينة التي يقصدها المهاجر، وأحيانا يتصفحون صفحات «فيسبوك» لزملاء ابنهم المهاجر، أملا في إيجاد أخبار مطمئنة أو معلومات تؤكد سلامة الوصول، يقودهم البحث في بعض الأحيان لتصفح موقع الهلال الأحمر الليبي، ومن بين مهام فريق العطوشي أيضا قراءة الرسائل الإلكترونية التي تأتيهم عبر موقعهم الإلكتروني من أهالي الغرقى، ذات مرة كتب لهم شخص باكستاني يقول لهم: «ساعدونا في العثور على جثمان أخي، فقد هاجر بشكل غير شرعي من سواحل ليبيا باتجاه أوروبا، منذ فترة طويلة، ولم نسمع عنه شيئا حتى الآن»، ورسائل أخرى مشابهة تأتيهم من دول أفريقية وعربية وغالبا تكون مكتوبة بلغة إنجليزية ركيكة.
وفي الوقت الذي يسعى سكان مدينة زواره لجمع التبرعات من أجل بناء مقابر جماعية لضحايا الهجرة غير الشرعية، يوجه سكان المدينة أيضا نداء إلى كل المعنيين والمسؤولين في العالم بأن يعملوا فورا على وقف سيل الهجرة غير الشرعية الذي يتخذ من شمال أفريقيا مسارا رئيسيا له باتجاه إيطاليا.
المأساة الحقيقية عندما يستدعي فريق العطوشي أهالي الضحايا الذين يناشدون الهلال الأحمر بالرسائل الإلكترونية، حين يأتي الأهالي تكون هناك صعوبة شديدة في التعرف على ذويهم، بعضهم جردته الأمواج من ملابسه وتغير لون جلده ومعالم وجهه، محاولات التعرف تكون خلال أجواء حزينة، بكاء بصوت مرتفع وصراخ يصعب التحكم به أو السيطرة عليه.
تقول إحدى الرسائل الواردة من إحدى عائلات الضحايا: «شقيقتنا باكستانية وعمرها 48 عاما كانت ترتدي عباءة سوداء بتطريز لونه أحمر داكن، ساعدونا في العثور عليها».
رسالة أخرى جاءتهم من رجل كردي كان مهاجرا برفقة عائلته، فغرقت زوجته كما أفلت من يده ذراع طفله الذي كان يحاول إنقاذه من الغرق، أما الأب فقد وصل إلى شواطئ اليونان وحيدا، منتظرا نتائج البحث عن جثامين زوجته وابنه!
الفارق الذي لاحظه محرر «واشنطن بوست» بين عمال الإغاثة في ليبيا ونظرائهم على الشواطئ الأوروبية، أن عمال الإغاثة في أوروبا مدربون على أعلى مستوى ولديهم ميزانيات وهم متفرغون لهذا العمل، بينما عمال الإغاثة في ليبيا يمارسون عملهم بشكل تطوعي دون أجر وبالتالي دون تدريب كاف، فدولة ليبيا التي مزقتها الحروب، لا تقدر خلال ظرفها الراهن على توجيه اهتمام كبير لأعمال الإغاثة.
إبراهيم العطوشي ومعه فريق من خمسة متطوعين يمارسون أعمال الإغاثة في وقت فراغهم، العطوشي مثلا يعمل بالأساس مدرسا، وكذلك فريقه لديهم أعمالهم، ولم يتلقوا تدريبا أو أموالا لأعمال الإغاثة، حتى أنهم حين يعثرون على جثة متوفى جديد يسود جو من الارتباك، يظلون يبحثون عن ورقة يكتبون عليها بياناته، ثم يبحثون عن أكياس بيضاء لوضع الجثة بها، في أجواء يسودها الارتباك وعدم الترتيب المسبق، إلى أن ينقلوا الجثة إلى مشرحة مدينة زواره التي هي عبارة عن غرفة واحدة فقط!
ويقول العطوشي: «لا تزال قوارب الموت تتحرك من ليبيا باتجاه أوروبا، ولا زلنا هنا نحفر القبور لدفن الجثث، لكن ورغم كل ذلك.. لدينا أمل كبير أن تنتهي هذه المأساة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.