سكان حديثة والبغدادي يستغيثون من بشاعات «داعش» وانعدام الغذاء والخدمات الطبية

مقتل قيادي بارز في التنظيم و6 من مرافقيه في القائم

موقع عسكري عراقي متقدم في محيط بيجي (إ.ب.أ)
موقع عسكري عراقي متقدم في محيط بيجي (إ.ب.أ)
TT

سكان حديثة والبغدادي يستغيثون من بشاعات «داعش» وانعدام الغذاء والخدمات الطبية

موقع عسكري عراقي متقدم في محيط بيجي (إ.ب.أ)
موقع عسكري عراقي متقدم في محيط بيجي (إ.ب.أ)

يعاني سكان مدينة حديثة وناحية البغدادي، البالغ عدد سكانهما أكثر من 150 ألف مواطن عراقي، ويحاصرهما تنظيم داعش، من نقص حاد في المواد الغذائية والطبية، بسبب عدم إمكانية وصول المساعدات لهم، رغم أنهما ما زالتا تحت سيطرة القوات الحكومية، ويتصدى أبناؤها من مقاتلي العشائر في الأنبار للهجمات المستمرة لمسلحي التنظيم. فيما يعاني سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة التنظيم المتطرف من خطر البطش بهم في أي لحظة، بعد أن تفنن المسلحون بتنفيذ إعدامات بحق المدنيين بطرق بشعة، إضافة إلى القصف الجوي الذي تنفذه طائرات «التحالف الدولي» والطيران العراقي الذي يستهدف مراكز وجود عناصر «داعش» في مناطق غرب الأنبار، حيث يسقط العشرات من سكان تلك المناطق نتيجة تلك الطلعات الجوية.
وكشف رئيس مجلس قضاء حديثة بمحافظة الأنبار خالد سلمان، عن وفاة ستة مرضى من أهالي مدينة حديثة بسبب نفاذ المواد الطبية بالكامل، وعدم حصولهم على موافقة نقلهم جوًا للعلاج ببغداد من قاعدة «عين الأسد»، مناشدًا الحكومة بنقل عشرات المرضى إلى مستشفيات العاصمة للعلاج. وقال إنهم «يعانون من أمراض سرطانية وفشل كلوي وأمراض متعددة أخرى، يعجز عن معالجتها الكادر الطبي الموجود في المدينة، إضافة إلى النقص الكبير في المواد الطبية، وهروب الملاكات الطبية من المدينة، نتيجة تعرضها لحصار المسلحين وتهديداتهم المستمرة في الهجوم على المدينة».
من جهته، قال مدير ناحية البغدادي بمحافظة الأنبار ناجي عراك إن «الناحية تشهد ارتفاعًا مخيفًا في أعداد الوفيات بين الأطفال والنساء وكبار السن، نتيجة تفشي الأوبئة والأمراض مثل الكوليرا والتيفود وغيرها من الأمراض، بسبب انعدام الخدمات والمواد والأجهزة الطبية وإغلاق المراكز الصحية».
وناشد عراك العمليات المشتركة بـ«تسهيل نقل المرضى من أهالي الناحية لغرض الإسراع بنقلهم إلى بغداد لغرض إكمال العلاج قبل أن تتدهور أوضاعهم الصحية».
وفي مدينة هيت، قال شيخ عشيرة البونمر الشيخ نعيم الكعود التي يقطن أفرادها المدينة والمناطق والقرى المجاورة لها إن «الأهالي بدأوا بالنزوح من داخل المدينة باتجاه قرية ألبو حياة شمال المدينة، تاركين منازلهم التي تعرضت غالبيتها للقصف الجوي، فيما يواجه الأهالي رفض المسلحين خروجهم من المدينة، وإجبارهم على البقاء في المنازل التي تتعرض بشكل يومي للدمار».
وأضاف أن «جثث كثير من القتلى والمصابين من المدنيين نتيجة القصف وصلت إلى المستشفى المحلي، بينما اضطر كثير من الأهالي إلى دفع مبالغ للمسلحين من أجل السماح لهم بمغادرة المدينة والتوجه شمالاً حيث القرى الآمنة».
فيما أفاد سكان محليون في المدينة أن مسلحي «داعش» ينفذون عمليات إعدام بشكل مستمر بحق المدنيين من سكان المدينة الذين يعارضون وجودهم أو الذين يتهمهم التنظيم بمساعدة القوات الأمنية وإيصال الأخبار عن وجود أعوانه، فيما تتم تلك العمليات البشعة بطرق مختلفة منها الحرق داخل أقفاص ومنها قطع الرأس ومنها الشنق على أعمدة الكهرباء وبقاء الجثث معلقة، بينما حاول المسلحون مؤخرًا من تنفيذ عملية إعدام بحق مدنيين كانوا أسرى ومحتجزين لدى التنظيم بطريقة مختلفة وأكثر بشاعة.
وقال شهود عيان من سكان المدينة إن «مسلحي التنظيم الإرهابي وضعوا قفصين كبيرين وفي داخل كل قفص أسد في ساحة عامة وسط مدينة هيت لإلقاء أسرى في داخل القفصين، وإعدامهم بهذه الطريقة البشعة».
وأضاف الشهود أن الطائرات الحربية التي تجوب سماء المدينة قصفت القفصين، ومنعت عملية تنفيذ الإعدام التي كان التنظيم يروم تنفيذها بحق مدنيين، بعدما نفذ جرائم إعدام بطرق بشعة كثيرة، منها وضع المحتجزين داخل أحد الأقفاص ثم إلقاؤه في نهر الفرات لإعدامهم غرقًا أمام مرأى ذويهم.
ميدانيًا، أعلن مجلس قضاء الخالدية تخريج 500 متطوع من أبناء الأنبار لقوا التدريبات في مركز تدريب قاعدة الحبانية تحت إشراف مدربين أميركيين، وإلحاقهم بالفوج الأول لطوارئ شرطة المحافظة.
وقال رئيس اللجنة الأمنية في القضاء إبراهيم الفهداوي إن «الفوج سيشارك بعمليات تحرير مدينة الفلوجة، وستكون هناك دفعات أخرى من المتطوعين المتخرجين الذين سيشاركون في أفواج قوات العشائر التي انضمت بشكل رسمي إلى قيادة العمليات المشتركة، وبالتحديد إلى المركز الذي يقوده الفريق رشيد فليح».
وأضاف الفهداوي: «فيما نجح مهندسون في صناعة 120 صاروخًا محليًا أطلق عليه اسم (ذو الفقار) ويبلغ مداه كيلومترين، الهدف منها هو قصف مواقع (داعش) والرد على نيرانهم في جزيرة الخالدية، بعد أن تمكنت قوة من الشرطة المحلية و(الرد السريع) وأبناء العشائر وبالتنسيق مع اللجنة الأمنية بمجلس قضاء الخالدية من تصنيع الـ120 صاروخًا».
وأشار الفهداوي إلى أن «تكلفة الصاروخ الواحد تجاوزت المليوني دينار، فيما بلغ طوله مترين وبعرض دائري بلغ 40 سنتيمترا ومداه كيلومترين»، وهي المرة الأولى التي يتم فيها صناعة تلك الصواريخ بالخالدية والأنبار بشكل خاص، على حد تعبيره.
من جانب آخر، أعلن مصدر أمني في قيادة عمليات الأنبار عن مقتل القيادي في تنظيم داعش المدعو «أبو مصطفى الشامي» و6 من مرافقيه شمال قضاء القائم غربي الأنبار، إثر قصف الطيران الحربي إلى منزل كانوا في داخله وتم تدميره بضربة جوية.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه «كما تم قتل أحد مسلحي (داعش)، بعد استنشاقه غازات مُنبعثة من معمل للمواد الكيماوية وأصيب آخر، عقب قيام طيران (التحالف الدولي) باستهداف مقر يقع إلى جوار المعمل في منطقة الملعب وسط المدينة، فيما أصيب ثمانية مدنيين بحالات اختناق نُقلوا على إثرها إلى المستشفى بسبب تسرب الغازات».
وأشار إلى أن «جثة عنصر (داعش) كانت مُتيبسة جدًا وأطرافها السفلية بيضاء اللون، أما المصاب الآخر فوصل بحالة اختناق وحروق بليغة في منطقة القدم. وكان العنصران ينقلان مواد من المعمل إلى مكان آخر لحمايتها من القصف».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم