أسعار العقارات المرتفعة في باريس تدفع المستثمرين إلى الأطراف

قلة المعروض والمنافسة الشرسة أسهمتا في استمرار تراجع السوق

منظر عام من مدينة باريس الفرنسية (غيتي)
منظر عام من مدينة باريس الفرنسية (غيتي)
TT

أسعار العقارات المرتفعة في باريس تدفع المستثمرين إلى الأطراف

منظر عام من مدينة باريس الفرنسية (غيتي)
منظر عام من مدينة باريس الفرنسية (غيتي)

مع الارتفاع المطرد في أسعار العقارات الباريسية، يتجه أغلب الفرنسيين وحتى المستثمرين الأجانب إلى الاستثمار العقاري في مدن أخرى، بينما يشير خبراء إلى أن النقص الحاد في الكم المعروض من العقارات الجديدة هو السبب الرئيسي الذي جعل فرنسا ربما الدولة الأوروبية الوحيدة التي تشهد تراجعا في الموسم العقاري خلال العام الحالي مقارنة بالعام السابق.
وتظهر بيانات عقارية اطلعت عليها «الشرق الأوسط» انخفاضا ملحوظا في الحركة العقارية في فرنسا، لكن النشاط النسبي للحركة كان أكبر في مدن على غرار ليون ومارسيليا وتولوز وبوردو ونانت؛ مقارنة بالعاصمة باريس التي تشهد تراجعا مطردا.
وأكد خبراء عقاريون على هامش معرض إكسبو ريال العقاري، الذي أقيم مطلع الشهر الحالي في مدينة ميونيخ الألمانية، أن السبب الأكبر لارتفاع الأسعار العقارية الذي لم يتوقف خلال العامين الماضيين، خاصة في العاصمة باريس، هو قلة المعروض من العقارات الجديدة، مما أدى إلى رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، خاصة مع دخول المزايدات والمنافسات على العقارات الموجودة إلى آفاق سعرية غير مسبوقة نتيجة تسابق عدد كبير من أغنياء العالم للحصول على سكن في باريس، مع جعلها خارج القدرة الشرائية للمواطنين المحليين أو المستثمرين الأجانب من الشرائح الأخرى، ودفعهم إلى السكن في الضواحي أو البحث عن مدن أخرى، حيث يمكنهم الحصول على عقار أقل سعرا وأكثر مناسبة لهم.
ويوضح جون منير، وهو فرنسي من أصل مصري يعمل خبيرا في إحدى شركات مجال الاستشارات العقارية، أن «الأسعار المرتفعة سواء للتملك أو الإيجار جعلت فرنسا مثل آلة الطرد المركزي، ودفعت الكثير من الفرنسيين إلى ترك العاصمة باريس ومنطقة الوسط إلى المدن الحدودية والساحلية بحثا عن مساكن أقل سعرا، وفي نفس الوقت قد يجدون أسلوب حياة أهدأ وأكثر مناسبة، رغم أن الفرنسيين والوافدين يحبون بطبيعتهم ذلك الصخب الذي يميز باريس عن عواصم أوروبية أخرى».
وخلال أعمال معرض إكسبو، قال ديفيد غرين مورغان، مدير غلوبال كابيتال ماركتس ريسيرش، في لقاء حول العقارات في فرنسا، إن «إقبال المستثمرين الأجانب خاصة من آسيا على فرنسا، مع نقص المعروض الجديد من العقارات في العاصمة، دفعهم إلى التوجه بشكل كبير إلى مدن فرنسية أخرى».
لكن منير أشار إلى الأمر قائلا: «هذا صحيح بالفعل، لكن يبقى وضع السوق العام في تراجع نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل كبير.. يظل هناك إقبال فعلا من الأجانب على الشراء، لكن ذلك محصور في الشرائح القادرة ماديا بشكل كبير، والمحصلة النهائية أن ارتفاع الأسعار أدى إلى تراجع كبير في نسب المبيعات في فرنسا ككل».
ويشير عدد من الخبراء، وبينهم منير، إلى أن فرص العمل والدراسة وغيرها قد تظل العنصر الأهم الذي يدفع عددًا كبيرًا من السكان في باريس للحفاظ على مقرات سكنهم، وربما لو وجدوا فرصا مماثلة في مدن أخرى لشجعهم ذلك على هجرة العاصمة والانتقال إلى تلك المدن، خاصة مع إغراء البيع بسعر مرتفع.. «لكن ذلك لا يمنع الكثيرين من أن يعيدوا تقييم مواقفهم بالفعل الآن، حيث إن بعض العائلات والشباب قد يقبلون بمعادلة: فرصة عمل أقل دخلا مقابل حياة أفضل في مدينة أقل غلاء»، بحسب الأخير.
ورغم أن الخبراء يوضحون أن أغلب الاستثمارات العقارية الأجنبية في فرنسا تصب في باريس، خصوصًا أن جانبًا كبيرًا منها يتعلق بمستثمرين يسعون للحصول على فرص تجارية في عدة مجالات ما يجعلهم يفضلون البقاء في قلب العاصمة قريبًا من مركز حركة السوق، إلا أنه من الملاحظ أن المستثمرين من جنوب شرق آسيا، خاصة من الصين، منفتحون الآن بشكل كبير على التوجه خارج العاصمة إلى مدن على غرار مارسيليا وتولوز وغيرها.. ويقول منير إن «الصينيين بشكل خاص لديهم عيون تلتقط فرص الاستثمار خارج الصندوق، ولديهم جرأة الدخول إلى مناطق لم يسبقهم إليها الكثيرون».
ويأتي ذلك في وقت شهدت فيه أسعار المنازل الأوروبية ارتفاعا عاما في نسبها في الربع الثاني من العام الحالي 2015، مقارنة بالفترة ذاتها من العام، إذ ارتفعت في منطقة اليورو بنسبة 1.1 في المائة، بينما زادت بما يوازي 2.3 في منطقة الاتحاد الأوروبي، وذلك بحسب مؤشر أسعار المنازل.
وقال مكتب الإحصاءات الأوروبي «يوروستات»، في بيان له الأسبوع الماضي، إنه مقارنة بالربع الأول من 2015، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 1.2 في المائة في منطقة اليورو، و1.3 في المائة في منطقة الاتحاد الأوروبي، في الربع الثاني من العام الحالي.
وأضاف يوروستات أن أعلى زيادة سنوية في أسعار المنازل خلال الربع الثاني من 2015، حدثت في السويد بنسبة 11.9 في المائة، وآيرلندا بنسبة 10.7 في المائة، وإستونيا بنسبة 10.5 في المائة، بينما كان أكبر تراجع في أسعار المنازل في لاتفيا بنسبة 4.4 في المائة، وإيطاليا بنسبة 3 في المائة، وفرنسا بنسبة 2.2 في المائة.



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).