دمشق تتحول إلى مجالس عزاء وحسينيات.. ومواقف متبانية من التدخل الروسي

اعلام حزب الله وإيران كست جبل القاسيون

دمشق تتحول إلى مجالس عزاء وحسينيات.. ومواقف متبانية من التدخل الروسي
TT

دمشق تتحول إلى مجالس عزاء وحسينيات.. ومواقف متبانية من التدخل الروسي

دمشق تتحول إلى مجالس عزاء وحسينيات.. ومواقف متبانية من التدخل الروسي

اتشح حي زين العابدين بدمشق، بالسواد، وأقيمت مجالس العزاء في الحسينات إحياء لذكرى مقتل الإمام الحسين في عاشوراء، وتداولت وسائل إعلامية صورًا لاحتفاليات شيعية في الحي المستلقي على سفح قاسيون ظهرت فيها أعلام حزب الله وإيران والنظام السوري وقياداتهم السياسية والعسكرية، وشبان ورجال يرتدون الأسود ويعصبون رؤوسهم بعصائب خضراء يلطمون ويبكون بحرقة، في تكريس لطقوس دينية شيعية لم يألفها الشارع الدمشقي ذو الغالبية السنية، رغم مضي خمس سنوات على تمددها القوي خارج نطاقها الجغرافي المحدود والمحدد في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق. علما بأنها طقوس واحتفاليات كانت تقام في الأحياء الشيعية الدمشقية داخل الحسينات وبعيدا عن الشارع والضجيج الإعلامي، إلا أن تنامي النفوذ الإيراني في سوريا خلال السنوات العشر الأخيرة، دعم خروجها إلى الشارع، ولتبلغ المظاهر ذروتها في الأعوام الأخيرة، فباتت تتسم بالاستفزاز واستعراض القوة بعد أن تسلح معظم أبناء الشيعة وانضموا إلى ميليشيات شيعية تدعم قوات النظام في حربها على المناهضين له.
وباتت أحياء الأمين وحارة الجورة ومحيط مقام السيدة رقية في دمشق القديمة، وحي زين العابدين الذي يعد أكبر تجمع لفقراء الطائفة الشيعية بمنطقة المهاجرين، على موعد في المناسبات الدينية لاحتلال الشوارع التي يسيطرون عليها بمظاهر الحزن الفاقع والتعهد بالثأر للحسين والانتصار للسيدة زينب.
ومع أن تلك المظاهر باتت اعتيادية، فإنها بدت هذا العام أكثر توترًا واستعراضًا في محاولة واضحة لتأكيد الوجود على الساحة السورية، إذ تأتي بعد نحو أسبوعين من بدء التدخل العسكري الروسي المنذر بمشاركة روسية تتقاسم النفوذ في سوريا على حساب الأقلية الشيعية التي وجدت في التدخل الإيراني فرصة تاريخية لصعودها بعد قرون من التغيب عن المشهد العام، فلم تبدِ أي اهتمام بالتدخل الروسي الذي لاقى ترحيبا منقطع النظير من قبل الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد الحاكمة وأقليات مسيحية أخرى ترى في روسيا جدارا يجنبها الضياع في معركة تكثر فيها الأطراف المتصارعة.
ويرى فراس الناشط السني الدمشقي في الدخول الروسي إلى الساحة السورية «بداية النهاية للتحالف العلوي - الشيعي الطارئ»، ويقول: «الشيعة يرفضون العلويين لأسباب دينية، ولكن جمعتهم المصالح في سوريا، لكن ثبت أن هذا النوع من التحالفات غير المنسجمة عقائديا سرعان ما تنقلب إلى الضد في حال حقق أي من الطرفين الوصول إلى أهدافه»، لافتا إلى أن العسكريين العلويين الذين كانوا مضطرين للرضوخ لإيران وتحمل عنجهية قيادات وعناصر حزب الله، لم يعودوا كذلك بعد دخول الروس، فالأمر اختلف تمامًا، وهم يبدون أكثر انسجامًا مع قادة عسكريين مسيحيين يميلون نحو المدنية من قياديين إسلاميين متشددين.
ويروي فراس حادثة جرت في الغوطة الشرقية حين زار أحد القيادات الإيرانية مواقع للقوات النظام خلال شهر رمضان الماضي، وفوجئ بأن جميع المرابطين هناك غير صائمين، وكان كلما سأل عن سبب عدم صيام أحدهم، قالوا له إنه مسيحي وغير ملزم بصيام رمضان، فعبر القيادي الإيراني عن استغرابه من عدد المسيحيين الكبير في ذلك الموقع.
وعلى الرغم من التقارير الإعلامية الكثيرة التي تفيد برضا إيراني عن الدخول الروسي إلى الساحة السورية ووجود تنسيق إيراني - روسي - سوري، فإن ذلك لا يطمئن الشيعة السوريين إلى مستقبلهم بعد أن باتوا يتمتعون بنفوذ وحضور قوي، عبر فرض سيطرتهم على قلب دمشق القديمة وعلى حي زين العابدين في المهاجرين، وتظهر قوتهم على نحو استثنائي أيام المناسبات الدينية، لذا بدوا هذا العام أكثر تأهبا وتوترا واستعراضية، فتم فرض طوق أمني في محيط الأحياء التي تضم تجمعات شيعية، مع إخلاء الأسواق من بسطات البضائع الشعبية ومنع دخول السيارات الخاصة أو العامة، والدرجات الهوائية والنارية، إلى كل من سوق الحميدية، وحي العمارة، والشاغور، والقيمرية، والحريقة. بالإضافة للمخاوف من هجوم أو تفجير مفاجئ كالذي وقع في حي الكلاسة العام الماضي وقتل فيه عدد من عناصر حزب الله كان يقصدون مقام السيدة رقية، هناك محاولة لتعزيز الحضور ودعوة لكل الأطراف المنخرطة في الصراع السوري إلى عدم تجاهل الشيعة بعد حملهم السلاح.
وبحسب أحد سكان حي زين العابدين، فإن أكثر من 80 في المائة من شباب ورجال الشيعة يحملون السلاح، من سن 16 عامًا وإلى سن الستين، يشاركون في القتال ويتطوعون للوقوف عند الحواجز بزعم حماية مناطقهم.
وبنظرة سريعة على صور عشرات القتلى من أبناء الأحياء الشيعية، المعلقة عند الحواجز، تلاحظ النسبة الكبيرة للشباب بسن العشرين وما دون، حتى إن بعضهم أطفال بعمر 15 عامًا وصف بـ«المجاهد الذي لبى نداء الدفاع عن زينب».
ويروي دمشقي من حي الجبة القريب من حي زين العابدين حادثة تدل على درجة نفوذ مسلحي شيعة دمشق، جرت أثناء تشييع أحد قتلى الشيعة إلى مقبرة زين العابدين، عندما أطلق نار بالهواء بكثافة وكأنما فتحت جبهة، وتجاوزت هذه المرة المرات السابقة، فاشتكى سكان الأحياء الأخرى لدى فرع أربعين المسيطر على المنطقة وأكثر الأجهزة الأمنية السورية رعبًا وبطشًا داخل دمشق، فتم إرسال دورية إلى مكان الجنازة لطلب وقف إطلاق النار، فرفض شباب زين العابدين وطردوا الدورية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.