إيران تساند الأسد في حلب عبر ميليشيات عراقية ولبنانية بإشراف سليماني

قيادي عراقي نقل عن قائد فيلق القدس قوله إن الطريق لتحرير الموصل يمر بحلب

أطفال سوريون بالقرب من خيمة في ريف حلب الجنوبي هربوا مع عائلتهم ضمن 35 ألف نسمة آخرين من معارك حلب (رويترز)
أطفال سوريون بالقرب من خيمة في ريف حلب الجنوبي هربوا مع عائلتهم ضمن 35 ألف نسمة آخرين من معارك حلب (رويترز)
TT

إيران تساند الأسد في حلب عبر ميليشيات عراقية ولبنانية بإشراف سليماني

أطفال سوريون بالقرب من خيمة في ريف حلب الجنوبي هربوا مع عائلتهم ضمن 35 ألف نسمة آخرين من معارك حلب (رويترز)
أطفال سوريون بالقرب من خيمة في ريف حلب الجنوبي هربوا مع عائلتهم ضمن 35 ألف نسمة آخرين من معارك حلب (رويترز)

في مؤشر قوي على تنامي النفوذ الإقليمي لإيران، يتولى قائد عسكري إيراني رفيع المستوى تنسيق هجوم ضخم على واحدة من أكثر المدن السورية كثافة في السكان، ويعتمد في ذلك على قوات شيعية تنتمي لثلاث دول، في محاولة لدعم الرئيس بشار الأسد وقواته المتهالكة، حسبما أفاد مسؤولو ميليشيات.
وكان قائد «قوة القدس» النخبوية الإيرانية الجنرال قاسم سليماني، قد أصدر أوامره للآلاف من حلفائه من أفراد ميليشيات شيعية عراقية بالدخول إلى سوريا للمشاركة في عملية عسكرية لإعادة السيطرة على حلب، تبعًا لما ذكره مسؤولون من ثلاث ميليشيات. ومن المقرر أن تنضم قوات الميليشيات إلى قوات من حزب الله، الميليشيا اللبنانية المدعومة من طهران.
يذكر أن سليماني ظهر على نحو متكرر في ميادين القتال بالعراق، حيث تولى توجيه إرشادات إلى القوات العراقية في قتالها ضد مسلحي «داعش». إلا أن الحرب هناك أصابتها حالة من الجمود، ويبدو أن تحول اهتمام القائد العسكري الإيراني وميليشيات عراقية وأفراد «قوة القدس» نحو سوريا، يعكس تحولاً في الأولويات الإيرانية.
الواضح أن معركة تحرير حلب ذات الغالبية السنية، التي أعلن النظام في سوريا عنها الجمعة، مهمة بالفعل نظرًا لحجم المدينة وشهرتها كمركز اقتصادي قبل اندلاع الحرب الأهلية السورية. وقد سيطر مسلحون على الجانب الشرقي منها منذ عام 2012.
كما شاركت روسيا في القتال من أجل السيطرة على المدينة، وشنت ضربات جوية بالمناطق المجاورة لها لدعم قوات الأسد. ومن جهتها، ادعت قوات النظام الانتصار داخل مجموعة من القرى القريبة من حلب خلال الأيام الأخيرة.
وقال فيليب سميث، الباحث في شؤون الجماعات الشيعية بجامعة ماريلاند، إنه من الواضح أن طهران تزيد مستوى مشاركتها في الخطوط الأمامية من الصراع السوري. وأضاف هذه ليست أكبر عمليات انتشار علنية فحسب، من جانب إيران ووكلائها خلال الحرب، وإنما تضمنت أيضًا واحدة من أكبر جهود التجنيد بين الميليشيات الشيعية المعنية بالعراق لصالح سوريا منذ سنوات.
وتنظر ميليشيات شيعية إلى معركة حلب باعتبارها جزءًا من صراع إقليمي يدفع الشيعة في مواجهة متطرفين سنة يتمثلون في «داعش» الذي يسيطر حاليًا على مساحات واسعة من العراق وسوريا. من جهته، قال بشار السعيدي، المتحدث الرسمي باسم «حركة حزب الله النجباء»، وهي ميليشيا شيعية عراقية تقول إنها تقاتل في المناطق المحيطة بحلب: «لا يختلف الأمر بين ما إذا كنت بالعراق أو سوريا، فنحن نعتبرهما ذات الخط الأمامي لأننا نواجه نفس العدو. إننا أتباع خامنئي، وسنذهب ونقاتل للدفاع عن الأماكن المقدسة والشيعة في كل مكان»، في إشارة إلى المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي.
وأضاف السعيدي، أن جماعته ترسل تعزيزات إلى سوريا منذ عدة شهور، لكنه رفض الكشف عن أرقام محددة.
وتوجد ميليشيات شيعية عراقية بسوريا منذ عام 2013، لكن غالبية المقاتلين جرت إعادتهم للعراق الصيف الماضي، ردًا على التوسع السريع لـ«داعش» بالبلاد وتهديده العاصمة، بغداد. إلا أنه مع تفاقم الضغوط على القوات السورية والقوات المعاونة لها من حزب الله، (الجماعة الوكيلة لإيران داخل لبنان)، تلقت الميليشيات العراقية المدعومة من طهران طلبات بتقديم تعزيزات. في هذا الصدد، قال السعيدي إن سليماني أخبره بأن: «الطريق لتحرير الموصل يمر بحلب»، في إشارة إلى المدينة العراقية التي استولى عليها مسلحو «داعش» في يونيو (حزيران) 2014 وأصبحت العاصمة الفعلية لهم داخل العراق.
أيضًا، أرسل حزب الله و«فيلق القدس»، وهو جزء من فيالق الحرس الثوري الإيراني، تعزيزات، حسبما أضاف. في السياق ذاته، قال مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية، الأسبوع الماضي، إن المئات من الجنود الإيرانيين اقتربوا من حلب، استعدادًا لعملية هجومية - في أول تأكيد من نوعه على وجود قوات برية إيرانية، وإن كانت إيران قد شاركت في سوريا منذ فترة طويلة بمستشارين عسكريين.
وعن ذلك، أكد السعيدي هذا ليس بسر، فكلنا نحارب العدو ذاته.
في أغسطس (آب) الماضي، أعرب مسؤولون أميركيون عن قلقهم أمام نظرائهم من الروس بخصوص توارد أنباء عن سفر سليماني، الذي يخضع لقيود على سفره من قبل الأمم المتحدة، إلى موسكو في يوليو (تموز) لمقابلة الرئيس فلاديمير بوتين. وبعد أقل من شهرين، صعّدت كل من روسيا وإيران مشاركتهما العسكرية في سوريا لدعم الأسد.
يذكر أن كتائب حزب الله، وهي ميليشيا شيعية مدعومة من طهران ومصنفة كتنظيم إرهابي من قبل الولايات المتحدة، أرسلت ألف مقاتل إلى حلب، حسبما ذكر مسؤول رفيع المستوى لديها رفض الكشف عن هويته. وأضاف: جرى إرسال هذه القوات بناءً على طلب من سليماني. وقد طلبهم بصورة محددة لشن عملية حلب، التي ستتولى كتائب حزب الله قيادتها مباشرة في ظل إشراف سليماني. واستطرد موضحًا أن الجيش السوري سيضطلع بدور صغير في هذه العملية. ويأتي انتقال المقاتلين بعيدًا عن العراق في وقت يتجمد القتال فيه هناك، حيث بقيت القوات المدعومة من إيران بعيدة عن جهود إعادة السيطرة على مدينة الرمادي الواقعة غرب البلاد، والتي استولى عليها «داعش» في مايو (أيار). وكان مسؤولون أميركيون وعراقيون قد أبدوا قلقهم من اضطلاع قوات شيعية بقيادة عمليات عسكرية داخل مدينة سنية.
من ناحية أخرى، وفي الوقت الذي حاولت فيه موسكو تصوير تصعيدها العسكري في سوريا باعتباره موجهًا ضد مسلحي «داعش»، فإن مقاتلي الجماعة حققوا في واقع الأمر مكاسب على الأرض منذ بدء الضربات الجوية الروسية.
*خدمة «واشنطن بوست» ــ خاص بـ«الشرق الأوسط»



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.