رئيس «الاتصالات السعودية»: استراتيجيتنا تعتمد على 5 عناصر.. واستثماراتنا مستمرة في البنية التحتية

الدكتور خالد بياري دعا الحكومات إلى إعادة النظر في ما يتعلق بالترددات

خالد بياري رئيس شركة الاتصالات السعودية ({الشرق الأوسط})
خالد بياري رئيس شركة الاتصالات السعودية ({الشرق الأوسط})
TT

رئيس «الاتصالات السعودية»: استراتيجيتنا تعتمد على 5 عناصر.. واستثماراتنا مستمرة في البنية التحتية

خالد بياري رئيس شركة الاتصالات السعودية ({الشرق الأوسط})
خالد بياري رئيس شركة الاتصالات السعودية ({الشرق الأوسط})

حدد الدكتور خالد بياري الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات السعودية استراتيجية المجموعة في خمسة عناصر، تتطلع إليها لتنفيذها خلال الفترة المقبلة، التي تضمن لمجموعة الاتصالات مواكبة المتغيرات السريعة في القطاع الذي يعيش تقدما تقنيا كبيرا.
وقال بياري إن ما يحدث في خارطة قطاع الاتصالات يحتم على المجموعة المواكبة لمتطلبات المرحلة المقبلة، خصوصا مع وجود ما يسمى باللاعبين الرقميين، الذين بدأوا الآن من خلال الهواتف الذكية يقدمون خدمات جديدة، لكنها خدمات تعتمد بشكل كبير على البيانات، وأضاف: «بالنسبة إلينا مهم جدًا أن نواكب التغير ودينامكية السوق، وبالتالي حددنا استراتيجية تتكون من خمسة عناصر محددة، من أهمها عملية الريادة في تقديم خدمات البيانات في السوق».
وتابع الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات السعودية الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» أمس على هامش معرض ««جايتكس دبي» أن «الاستراتيجية الجديدة التي حددها العنصر الأول وهو الريادة تعتمد اعتمادا كبيرا على إمكانياتنا في توفير شبكة قوية يكون بمقدورها مواجهة الزيادة غير المسبوقة، وهي زيادة من ناحية كمية المعلومات والبيانات التي تمر عبر الشبكات والتسارع الحاصل في الزيادة، نقطة مهمة جدًا أن ريادتنا في مجال الشبكات تكون حجرا مهما في استراتيجيتنا».
وبيّن أن العنصر الثاني يكمن في عملية التركيز على قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، إذ إنها وكمجموعة تنظر إلى المتطلبات الكبيرة التي تحدث في هذا المجال، وبالتالي فإن عملية الاستثمار لن تكون فقط في الشبكات، وإنما في العناصر الأخرى مثل العامل البشري المدرب الذي تحتاج إليه لتقديم لخدمات الاتصالات وتقنية والمعلومات».
وأعلنت الاتصالات السعودية أمس عن تحقيق صافي ربح بلغ 7.4 مليار ريال (1.9 مليار دولار) مع نمو الربح التشغيلي بنسبة 2.3 في المائة لفترة الأشهر التسعة من عام 2015.
وحدد العنصر الثالث في استراتيجية الشركة في ما يتعلق بـ«إثراء العميل»، من خلال عدد من المبادرات، التي تبنتها شركة الاتصالات السعودية في جميع أعمالها وجميع قطاعاتها كمراكز الاتصال إلى طريقة تصميم الخدمات والمنتجات إلى خدمات ما بعد البيع إلى عملية التركيز على خدمة العميل بأسهل ما يمكن، موضحًا أن كثيرا من الخدمات باتت تقدم عن طريق التطبيقات المختلفة للشركة، التي تختصر للعملاء المسافة والجهد والوقت.
العنصر الرابع بحسب الدكتور بياري يتضمن كفاءة العمليات من خلال تقديم أفضل خدمة بأقل تكلفة، مشيرًا إلى أنه من أجل تحقيق هذه المعادلة لا بد من تغير أساسي في النظرة كمشغل اتصالات لأسلوب العمل الذي يستخدم، وعملية القياس للتكاليف، لافتًا إلى أنه في الماضي وفي الوقت الحاضر يتم احتساب التكاليف المرتبطة بالخدمات الصوتية.
وقال: «لم يكن هناك طريقة لقياس احتساب في التكلفة في البيانات، إذ إن 60 أو 70 في المائة من التكاليف تستخدم للبيانات، فمن المهم قياس حقيقة تكاليف الغيغابايت التي أقدمها للمستهلك، وكثير من المشغلين لا يعرف كم يكلف ذلك، فقد حدث تغير أساسي في طريقة الحسابات داخل الشركة، على أساس كيفية إيجاد التوازن بين الاستثمارات والعوائد المتوقعة، وبالتالي نبحث عن كفاءة ما نسميه كيف أوجد فعالية داخل الشركة».
وأكد أن العنصر الخامس يتمثل في تقديم وإيجاد قطاعات جديدة تعمل فيها شركة الاتصالات السعودية من ناحية إيجاد مصادر دخل جديدة، ومراكز نمو، كالتركيز الآن على الخدمات المقدمة لقطاع الأعمال، حيث تشكل نسبة نمو جيدة في هذا القطاع، وهذا سيكون له مردود إيجابي على المستثمرين، والتركيز الكبير على تقديم خدمات الحوسبة السحابية، والتي ستشهد خدمات متطورة، وعملت الشركة على الاستثمار بشكل كبير فيها.
وحول حقيقة ما إذا كانت الشركة تبحث عن تحقيق الأرباح عبر مفهوم تقليل التكاليف، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات السعودية: «نحن نبحث عن تقليل التكاليف، ولكن تقليل التكاليف التي ليس لها فائدة، في حين أن ما يتم توفيره في هذا الجانب يعاد استخدامه في استثمارات بمجالات جديدة في الشركة».
وتابع: «إن عملية تقليل التكاليف في أي مؤسسة أو شركة أعتقد أنها مطلب من الملاك من الذين يستثمرون في الشركة، ومطلب من إدارة الشركة، وبالتالي عملية تقليل التكاليف ليست هدفا بحد ذاتها، لكن مهم بالنسبة لنا أن القيمة التي يستثمرها المستثمر في الشركة تكون جيدة، وتقليل التكاليف حتى يفيد العميل، لأنه إذا تم تقليل التكاليف التي لا تحتاج إليها يمكن استثمار ما تم توفيره في بناء خدمات جديدة للمستهلك، والضروري أن تكون عملية تقليل التكاليف مقننة ومدروسة بحسب تقلل التكاليف التي لا تحتاج إليها، لكنها لا توقف استثماراتك».
وأكد أن بيع الأجهزة لا يعتبر مال نمو للشركة، وإنما تقع ضمن مفهوم التعاون مع منتجي الأجهزة، الذي يعد مهمّا جدًا في استراتيجية تكامل إيجاد خدمة للعميل، مؤكدًا أنه يوجد نقطتان أساسيتان تتمثلان في خدمات البيانات والنطاق العريض، إذ إن النمو الضخم فيها واضح من ناحية ما يسمى المرور على الشبكة، ولكن هذا النمو الكبير لا يحقق العائد بقدر الحجم الذي يتطلع إليه.
وزاد: «نسبة البيانات التي مرت من خلال شبكات الجوال زادت 250 في المائة خلال عام، لكن هذا العائد بنفس النسبة كان بعيدا جدًا، والسبب أن دينامكية تسعير الخدمات في السعودية ما زالت مرتبطة بتسعير الخدمات الصوتية أكثر، وبالتالي ما زال يحدث ضغط كبير على الشركة، لأنه كلما زاد استهلاك البيانات زادت الحاجة إلى استثمار في البنية التحتية، إذ إن خدمات البيانات تأخذ أكثر من 60 في المائة من مقدرات الشبكة، لكن نسبة مساهمتها في العوائد أقل من 20 في المائة».
ودعا الحكومات إلى إعادة النظر في ما يتعلق بتوفير الظروف الملائمة لتحقيق مواكبة المتغيرات في التحول إلى الحكومات الذكية، والتي تشكل قضية الترددات أهمها، إذ إن ما يحدث الآن بسبب الحجم الضخم في الشبكات الذي يحدث في الوقت الحالي يضغط على الشبكات ويتسبب في انخفاض السرعات، وأضاف: «يمكن أن يلاحظ المستخدم أن السبب ذلك الشيء، وذلك عطفًا على وجود استهلاك ضخم جدًا وبالتالي من أهم الأشياء التي نتحدث فيها مع المنظم والحكومات أنه يجب عليهم النظر إلى المردود الاقتصادي الذي توفره شبكات الاتصالات المتنقلة».
وشدد على أن شركة الاتصالات لم تتوقف عن الاستثمار، وما زالت الشركة تستثمر في الشبكات التقليدية، ويتم نقلها أيضًا إلى الجيل المقبل، كذلك الشركة استثمرت في مراكز البيانات ومراكز الخدمات الحوسبة السحابية، مؤكدًا أن «الاتصالات السعودية» مستمرة، إذ إن توجيه مجلس الإدارة كان واضحا في هذا الجانب.
وقال: «نسعى لتقديم أفضل الخدمات الممكن تقديمها سواء في الفرد أو الشركة الكبيرة أو الصغيرة أو القطاع الحكومي لأنها ستوصلنا إلى مواكبة التحول الذي تتطلع الحكومة السعودية، وهو التحول إلى مجتمع اقتصاد معرفي، والذي يتطلب وجود بنية تحتية قادرة».



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».