انتخابات برلمان مصر 2015.. حضور بلا جمهور

أبرز ملامحها غياب «النجوم» والإخوان

جندي من القوات المسلحة يساعد عجوزا مصريا على الدخول إلى لجنة انتخابية في الجيزة أمس (رويترز)
جندي من القوات المسلحة يساعد عجوزا مصريا على الدخول إلى لجنة انتخابية في الجيزة أمس (رويترز)
TT

انتخابات برلمان مصر 2015.. حضور بلا جمهور

جندي من القوات المسلحة يساعد عجوزا مصريا على الدخول إلى لجنة انتخابية في الجيزة أمس (رويترز)
جندي من القوات المسلحة يساعد عجوزا مصريا على الدخول إلى لجنة انتخابية في الجيزة أمس (رويترز)

فيما أرجع خبراء وسياسيون استطلعت «الشرق الأوسط» آرائهم حول فتور المشاركة الشعبية في المرحلة الأولى من التصويت على اختيار نواب «برلمان مصر 2015» إلى «حداثة قانون الانتخابات، وعدم تفهم البسطاء للنظام الانتخابي الجديد»، قال مصدر حكومي مصري: «لا أعتقد بوجود أي تأثير لجماعة الإخوان المسلمين وكوادرها وإعلامها في دفع المصريين إلى مقاطعة الانتخابات»، ورجح المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن يكون ضعف الإقبال نابعا من وجود وجوه وأسماء جديدة من المرشحين الذين يدخلون الحياة السياسية للمرة الأولى بعد سقوط نظامي مبارك ومرسي، ومعظم «رجال» عصريهما في الأحزاب والبرلمان، لذا يمكن أن نطلق عليها «انتخابات بلا نجوم سياسة».
إلى ذلك توقع رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل أمس في تصريح للصحافيين أن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي بدأت أول من أمس الأحد قد تصل إلى 15 في المائة. وكان مجلس الوزراء قرر منح العاملين بالدولة عطلة لنصف يوم الاثنين في محاولة على ما يبدو لتشجيع الناخبين على التصويت في الانتخابات التي تقول الحكومة إنها خطوة مهمة نحو الديمقراطية.
وقامت «الشرق الأوسط» بزيارات لعدد من مراكز الاقتراع بمحافظة الجيزة وضح فيها ضعف المشاركة والإقبال على عملية التصويت، وقد غاب الشباب بشكل ظاهر، بينما برزت مشاركة كبار السن في أغلب اللجان الانتخابية.
وشهدت العملية الانتخابية في يومها الثاني بمحافظات المرحلة الأولى عددا من الشكاوى والمناوشات والمخالفات. ففي محافظة الأقصر تم إغلاق إحدى اللجان بسبب مشاجرة وقعت بين أنصار المرشحين، وفى البحيرة استبعد رئيس لجنة أحد الموظفين بسبب قرابته لأحد المرشحين، وتم إبلاغ غرفة العلميات بالمحافظة بالواقعة. وفي قنا، حرر القاضي المشرف على إحدى اللجان بمركز «أبو تشت» محضرا ضد مرشحة يتهمها بالتطاول عليه وإهانته. وفي الفيوم، صرح مصدر مسؤول باللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات أنه تم تحرير محضرين لاثنين من أنصار مرشحين، أحدهما لقيامه بعرض مبالغ مالية للتصويت لصالح المرشح الذي يناصره، والثاني لضبطه أثناء محاولة تصوير بطاقة الاختيار داخل اللجنة فيما يعرف بـ«الورقة الدوارة».
وأعلن المتحدث الرسمي لغرفة عمليات نادي قضاة مصر المستشار محمد عبده صالح أن اليوم الثاني والأخير من المرحلة الأولى للانتخابات شهد انتظاما في عمليات الاقتراع، وأن غرفة العمليات تلقت عددا محدودا من الشكاوى، من بينها قيام صاحب عقار بمنطقة الوراق بإتلاف سيارتين لاثنين من القضاة المشرفين على الانتخابات، وكذلك شكوى أخرى بشأن ضبط امرأة منتقبة بمنطقة السلوم بمحافظة مطروح، وهي تحاول التصويت باستخدام بطاقة رقم قومي لا تخصها.
إلى ذلك، قال اللواء رفعت قمصان مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات، إن العبرة في إعلان نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية للمرحلة الأولى بعمليات الفرز، حيث سيقوم بإعلانها القضاة المشرفون على اللجان ورفعها إلى اللجنة العامة ويتم الإعلان النهائي من قبل اللجنة العليا للانتخابات.
وتوقع قمصان - على هامش متابعة سير العملية الانتخابية بغرفة عمليات مجلس الوزراء أمس - أن تزيد نسبة المشاركة في العملية الانتخابية خلال اليوم الثاني من الانتخابات البرلمانية، وأشار إلى أن المخالفات التي تم رصدها لم تؤثر على سير العملية الانتخابية.
وقال مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط»: «إن نسب المشاركة من جانب الناخبين ليست بالنسبة الكبيرة التي اعتدنا رؤيتها، وأتوقع أن تصل إلى 28 في المائة، وهي نسبة ليست بالضعيفة.. فهي نسبة جيدة إذا تم مقارنتها بالنسب العالمية في الدول الديمقراطية».
وأرجع المصدر ضعف المشاركة إلى ضعف الأحزاب وعدم قدرتها على الحشد، وعدم وجود ثقافة حزبية لدى جمهور الناخبين وعدم إيمانهم بتلك الأحزاب أو الجبهات، كما أوضح أن المرشحين المستقلين أو حتى الأحزاب ليس لديهم برامج طموحة للشباب تشجعهم على النزول والمشاركة.
ويشار إلى أن الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري كانت قد انطلقت أول من أمس الأحد في 14 محافظة، ويحق لـ27 مليون ناخب مقيدين في قاعدة البيانات التصويت في أكثر من 100 لجنة عامة بالمحافظات، فيما يتابع نحو 900 مراقب دولي الانتخابات وسط إجراءات أمنية مشددة. وقد بدأت أعمال الفرز فور انتهاء عملية التصويت أمس في تمام الساعة التاسعة مساء، وتجري المرحلة الثانية للانتخابات يومي 22 و23 نوفمبر (تشرين الثاني) في 13 محافظة أخرى، أهمها القاهرة والقليوبية. في سياق متصل، قال السفير حمدي سند لوزا، نائب وزير الخارجية المعني بمتابعة العملية الانتخابية بالخارج، أمس، إن اللجنة العليا للانتخابات ستعلن خلال مؤتمر صحافي عن نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية بالنسبة للمصريين في الخارج والتي جرت يومي 17 و18 أكتوبر (تشرين الأول) في 139 سفارة وقنصلية.
وقال السفير لوزا إن الوزارة منذ مساء الأحد، وبعد إغلاق صناديق الاقتراع وانتهاء عمليات فرز الأصوات في عدد من السفارات، بدأت في تلقي النتائج. وأضاف أن الوزارة تلقت كافة محاضر تصويت المصريين بالخارج، فيما عدا سفارتين شهدتا تصويتا مكثفا وهما سفارتا مصر في كل من الكويت والرياض.
وأكد نائب وزير الخارجية أن الكويت والسعودية هما الأكثر كثافة بالنسبة لتصويت المصريين بالخارج في هذه المرحلة، واعتبر أنه من الصعب تحديد نسبة التصويت نظرا لعدم وجود قاعدة بيانات مستقلة للمصريين بالخارج، مشيرا إلى أن نسبة التصويت هي «أقل من المتوسط»، وأوضح أن العملية الانتخابية في المرحلة الأولى جرت في المقار الانتخابية بالخارج في سهولة ويسر ولم تسجل أي أعمال تؤثر على العملية الانتخابية.
وجدير بالذكر، أن مصر بلا برلمان منذ 14 يونيو (حزيران) عام 2012، عندما أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرارا بحل مجلس الشعب تنفيذا لحكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون انتخابه. وقد تأجلت الانتخابات الحالية لفترة طويلة، وسبق أن أعلن في أوائل العام الحالي فتح بات الترشح لهذه الانتخابات، لكن تم الطعن على القانون المنظم للعملية الانتخابية، فأعيد القانون للحكومة، التي قدمت قانونا يراه بعض المراقبين مسمارا في نعش البرلمان الجديد، وسببا أكيدا لحله.
ويتألف مجلس النواب المصري من 568 عضوا منتخبا، منهم 448 نائبا بالانتخاب الفردي و120 عضوا بنظام القوائم المغلقة، ويحق لرئيس الجمهورية وفقا للدستور تعيين 5 في المائة من الأعضاء على الأكثر (27 عضوا).



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.