الأحداث الرياضية والفنية على رأس ما يجذب السياح

روزنامة عامرة بالأفكار السياحية غير التقليدية

متحف اللوفر في أبوظبي
متحف اللوفر في أبوظبي
TT

الأحداث الرياضية والفنية على رأس ما يجذب السياح

متحف اللوفر في أبوظبي
متحف اللوفر في أبوظبي

تمثل السياحة أحد العناصر المؤثرة في الدخل القومي لكثير من دول العالم الصناعية مثل فرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة. وهي لا تقل أهمية في الدول النامية التي تسعى لزيادة دخلها ولكنها في كثير من الأحيان تفتقر إلى الموارد وإلى القدرة التنظيمية والإدارية للنهوض بصناعة السياحة فيها.
في العام الماضي سافر 1.1 مليار سائح حول العالم، بزيادة 51 مليون سائح عن أرقام عام 2013 وبنسبة زيادة تصل إلى 4.7 في المائة وفقا لإحصاءات منظمة السياحة العالمية. واستمر هذا التوجه خلال الأربعة أشهر الأولى من عام 2015 التي شهدت زيادة بنسبة أربعة في المائة، وهي نسبة تمثل 14 مليون سائح إضافي.
وبينما تتعدد أدوات الجذب السياحي الطبيعية بين بلد وآخر، فإن بعض الدول والمدن تعمل على تشجيع الإقبال السياحي عليها عبر تنظيم الأحداث والمناسبات التي تمهد للإقبال السياحي الموازي لهذه الأحداث. وتتنوع هذه الأحداث بين حفلات غنائية وموسيقية ومهرجانات ثقافية ودورات ومسابقات رياضية.
وقد يتوجه بعض هذه الأحداث إلى جمهور معين ومنها ما ينطلق إلى العالمية. وهناك كثير من النماذج التي تعتمدها المدن من أجل الجذب السياحي فيها:
- الأحداث المتعلقة بالرياضة: تتوجه المدن إلى جذب السياح عبر تنظيم كثير من الأحداث الرياضية مثل الدورات الأولمبية الصيفية والشتوية، ودورات كأس العالم لكرة القدم، ومسابقات التنس المفتوحة، ومسابقات العدو المختلفة للماراثون والمسافات الأقصر.
- الأحداث الفنية: مثل مهرجانات الأفلام ودعوة المشاهير إليها والمهرجانات الثقافية وأشهرها عربيا مهرجان أصيلة في المغرب.
- الاحتفالات العامة: وهي تعتمد على المهرجانات الموسيقية وأشهرها عالميا مهرجان «ريو» الذي يقام في البرازيل سنويا.
وهناك من هذه الأحداث ما يعقد دوريا أو سنويا مما يضمن عودة السياح عاما بعد عام. وفي الماضي كانت المدن تتهرب مثلا من إقامة الدورات الأولمبية؛ لأنها كانت تخسر في تنظيمها بملايين الدولارات. وكانت أبرز الأمثلة دورة ميونيخ في عام 1972 التي خسرت 178 مليون دولار ودورة مونتريال في كندا التي خسرت 692 مليون دولار.
ولكن لوس أنجليس غيرت المعادلة في عام 1984 وحققت من تنظيم الدورة الأوليمبية مبلغ 215 مليون دولار من الأرباح. وبعدها أخذت المدن تتنافس بشدة على استضافة الدورات الأوليمبية ليس فقط من أجل تحقيق الأرباح وإنما من أجل الدعاية السياحية لهذه المدن على المدى الطويل.
وقد تكون نقطة البداية لكثير من المدن العربية ذات الطموحات السياحية أن تحتفل يوم 27 سبتمبر (أيلول) المقبل بيوم السياحة العالمي. وتساهم منظمة السياحة العالمية في تنظيم هذا اليوم، وتركز فيه هذا العام على دور السياحة في تنمية المجتمعات، بحيث تتحول السياحة إلى تنمية مستدامة للمجتمعات المحلية.
وتقول منظمة السياحة العالمية إن «هذه الصناعة تمثل تسعة في المائة من إجمالي الدخل المحلي لدول العالم، وتعتمد على السياحة وظيفة واحدة من كل 11 وظيفة حول العالم، كما أن السياحة تمثل أحد عناصر الدخل الرئيسية لدول العالم الثالث».
وسوف تعقد احتفالات هذا العام بيوم السياحة العالمي في غوادالاخارا في المكسيك بمشاركة كثير من خبراء ووزراء السياحة في العالم.
وفي الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل سوف يعقد أهم حدث سياحي عالمي ألا وهو سوق السياحة العالمي في لندن لمدة ثلاثة أيام، وهو حدث يحضره نحو 50 ألف خبير سياحي ويولد نحو 2.5 مليار إسترليني (3.75 مليار دولار) من الصفقات الجديدة. وسوف تستغل منظمة السياحة العالمية هذا الحدث من أجل تنظيم مؤتمر يضم وزراء السياحة في العالم يقام في الوقت نفسه.
وتشارك كثير من الدول العربية مثل السعودية والمغرب وتونس ومصر والإمارات وسلطنة عمان في هذا الحدث السنوي، وتوفر لشركات السياحة العالمية المعلومات والتسهيلات التي تهدف إلى جذب السياح في منافسة مع دول العالم الأخرى.
وعلى سبيل المثال توفر بريطانيا كل عام أحداثا تمثل فيما بينها الموسم الاجتماعي الذي يتطلع إليه كثيرون من السياح ومن أهل البلاد. وتبدأ الأحداث من فصل الربيع الذي يتم فيه تنظيم سباق الزوارق السنوي بين جامعتي أكسفورد وكمبردج في نهر التيمس غربي لندن.
ويتبع ذلك سباق ماراثون لندن الذي يعد من أكبر ماراثونات أوروبا وأكثرها إقبالا. ثم يتبع ذلك موسم سباقات الخيول المنتشرة بين عدة مدن وحلبات سباق شهيرة مثل رويال اسكوت واينتري. ويتبع ذلك تنظيم دورة ويمبلدون للتنس التي يأتي إليها الحضور من كل أنحاء العالم.
وفي نهاية شهر أغسطس (آب) من كل عام تنظم لندن كرنفال نوتنغ هيل غيت للرقص والموسيقى الكاريبية الذي يعد أيضا الأكبر في أوروبا. وفي الأسبوع الأخير من الشهر يتم تنظيم دورة رد بول للألعاب البهلوانية بالطائرات.
ويتم توديع الصيف في لندن خلال شهر سبتمبر بعشرات الأحداث مثل معارض الزهور والأسواق الليلية والحفلات الموسيقية والمسرحية التي يعقد بعضها في الهواء الطلق.
وبخلاف الأحداث الرياضية والفنية تقام في لندن سنويا العشرات من المعارض التي تبدأ كل عام بمعرض لليخوت ثم معرض البيت المثالي. ثم يعقد في أبريل (نيسان) معرض الكتب، وبعده في شهر مايو (أيار) معرض تشيلسي للزهور، ومهرجان لندن واستعراض الحرس الملكي. وفي شهر يونيو (حزيران) يقام مهرجان المعمار ويتبعه معرض هامتون كورت للزهور.
وخلال الربع الأخير من العام سوف يقام في لندن مهرجان الأفلام وعرض عمدة لندن ومسيرة الأقنعة وهو حدث جديد يسمى «مسيرة المليون قناع» ويقام في شهر نوفمبر المقبل.
وبخلاف الأحداث الرئيسية التي تلفت الانتباه السياحي العالمي، لا يكاد يمر يوم في لندن من دون أن يجري فيه تنظيم حدث تم الإعداد له لفترة طويلة. وإذا أخذنا شهر أكتوبر (تشرين الأول) كمثال، فإن تفاصيل الأحداث التي سوف تجري خلاله تشمل:
- مهرجان المطاعم في لندن: وهو مهرجان يستمر خلال الشهر ويشارك فيه نحو 350 مطعما وتقدم فيه المطاعم وجبات جديدة، ويشمل برنامج هذا العام جولات تضم زيارة ستة مطاعم في اليوم الواحد.
- مهرجان الرسم: ويستمر طوال الشهر ويشجع الجميع على ممارسة هواية الرسم، وهو يشمل كل بريطانيا ويعد من أكبر مهرجانات الرسم في العالم.
- مهرجان الأدب في لندن: وهو يضم زيارات من نخبة الأدباء في العالم وبرامج متعددة منها ورشات أدبية تقام في منطقة ساوث بنك في لندن ويستمر من 28 أكتوبر وحتى 12 نوفمبر.
- بطولة العالم للرغبي: وتقام خلال الشهر في بريطانيا ويمكن حضور بعض مبارياتها في الملعب الأوليمبي في لندن مثل مباراة آيرلندا وإيطاليا التي تقام يوم الرابع من أكتوبر، ومباراة الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا التي تقام في السابع من الشهر نفسه، ويقام نهائي البطولة يوم 31 أكتوبر على ملعب توكينهام.
وهناك عشرات الأحداث الأخرى من مسرحيات وعروض فكاهية وغنائية ومعارض؛ منها معرض ريجنت ستريت للسيارات ومعارض التصميم والحرف اليدوية.
من الأحداث الأميركية التي سوف تجذب إليها السياح في الربع الأخير من العام الحالي:
- نهائيات رياضة الروديو: وهي تقام بين 3 و12 ديسمبر (كانون الأول) في لاس فيغاس، حيث يحضر إليها أفضل متسابقي رياضة الروديو للمنافسة على جوائز مالية ضخمة.
- بطولة أميركا المفتوحة للتنس في نيويورك.
وتشير مصادر السياحة العالمية إلى أن من أبرز المعالم الجديدة في العالم التي سوف تجذب السياح إليها كلا من: مبنى التجارة العالمي الجديد في نيويورك الذي سيكون أطول مبنى في الغرب، والمتحف المصري الجديد في الجيزة الذي سيضم مائة ألف قطعة أثرية من ضمنها 3500 من مجموعة توت عنخ أمون. وهو مبنى على 480 ألف متر مربع.
هناك أيضا معرض الغد في ريو دي جانيرو المبني على منصة بحرية، وهو متحف علوم ومختبر في الوقت نفسه. وفي إندونيسيا تشتهر فانتسي آيلاند التي تعد أكبر جزيرة بيئية سياحية في العالم. وفي دولة الإمارات يشتهر معرض اللوفر في أبوظبي ونحت البرواز في دبي.
من المعالم الأخرى الجذابة في العالم ممر كامينو ديل راي في إسبانيا، وهو ممر جبلي خطر تسبب في مقتل أربعة أشخاص حاولوا عبوره في الماضي ولكن الممر الجديد تم تأمينه لاستخدام السياح. وفي إسبانيا أيضا سوف يتم افتتاح مركز بومبيدو المبني من الزجاج بالكامل، وهو أول مركز من نوعه خارج فرنسا.



«المعمورة»... شاطئ «الزمن الجميل» في مصر

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)
شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)
TT

«المعمورة»... شاطئ «الزمن الجميل» في مصر

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)
شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

بفضل نسمات البحر اللطيفة والمناظر الطبيعية الخلابة، تقدم المدن الساحلية بمصر صيغة رابحة للاستمتاع والاسترخاء عبر شواطئها الممتدة، وتُعد الإسكندرية (شمال البلاد)، أو كما يطلق عليها «عروس البحر المتوسط»، إحدى هذه الوجهات التي تحقق لك ما تبحث عنه؛ سواء كنت ترغب في الاسترخاء على شاطئ من الرمال البيضاء، أو الانغماس في التاريخ والثقافة، أو السباحة في مياهها، ستجد ضالتك في بعض هذه الشواطئ، وعلى رأسها شاطئ «المعمورة».

على الرغم من أن ثمة أمكنة أخرى في مصر باتت تنافس المدينة المصرية العتيقة بشراسة، وتجتذب منها الكثير من روادها، فإنها لا تزال تملك الكثير لعشاقها؛ وواحدة من مميزاتها هي إشباعها للإحساس بالحنين للماضي وذكرياته، وكأنها تؤسس لنوع جديد من السياحة هو «سياحة النوستالجيا» التي تستهوي المولعين بزيارة أمكنة قضوا فيها لحظات عزيزة، ونادرة من العمر، لا يمكن تعويضها حتى في أكثر المقاصد السياحية رفاهيةً وفخامةً؛ لأنها جزء من الطفولة، شاركهم فيها أشخاص فرّقتهم الحياة.

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

«المعمورة» هي إحدى الوجهات السياحية الرئيسية في المدينة التي توقظ الحنين للماضي، يقع الشاطئ على بُعد نحو 1 كم شرق حدائق المنتزه الملكية، بعيداً عن الطريق الرئيسي، مما جعل له مكانة خاصة منذ القدم بوصفه مكاناً منعزلاً هادئاً مناسباً للاسترخاء والاستمتاع بأشعة الشمس، وفي الوقت نفسه هو مقصد حيوي للغاية، يلبي احتياجات رواده.

ولطالما كانت المعمورة هي الاختيار الأول للمصطافين بمختلف فئاتهم على مدار عقود ماضية، حتى كان من الأمور المعتادة أن ترى الفنانين والمشاهير جنباً إلى جنب المصطافين من أهالي الإسكندرية أو القاهرة، لا أحد يزعج الآخر، أو يعكر عليه صفو استجمامه، أو يلح لالتقاط صور معه.

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

«المعمورة هو المعنى الحقيقي للذكريات»، هكذا يصف المرشد السياحي يحيى محمود، الشاطئ المصري العريق، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع له ذكريات مع المعمورة؛ فقد كان مصيف العائلات من مصر ومختلف الدول العربية».

ويتابع: «أيضاً كانت المعمورة مصيفاً لمعظم الفنانين، ومن يقم بزيارتها فسيستمع إلى الحكايات المتداولة عنهم، ومنها حكايات شادية وتحية كاريوكا ومديحة يسري، ومريم فخر الدين، ونيللي، ووحش الشاشة فريد شوقي، وفؤاد المهندس، وحسن يوسف، فضلاً عن رجال السياسة والمجتمع».

ولذلك، ستجد هناك من يشير إلى مكان ما، ويروي لك علاقته بالمشاهير، ففي هذه الكابينة كان يقضي فريد شوقي أياماً من عطلته الصيفية مع زوجته هدى سلطان وابنتيه، وتلك الفيلا التي تقبع في أعلى مكان في المعمورة اشترتها مريم فخر الدين وكانت تتردد عليها مع ابنتها، وتشاركها إطلاق الطائرات الورقية التي يصنعها زوجها الفنان محمود ذو الفقار، بينما كانت كابينة تحية كاريوكا ملتقى الفنانين، وغير ذلك من ذكريات.

وستجد أهل المكان يفتخرون بأن المعمورة اجتذبت الفنانين للعمل أيضاً؛ فهنا تم تصوير الكثير من الأعمال الفنية الشهيرة مثل «أبي فوق الشجرة»، و«أين عقلي»، و«أجازة صيف»، وهنا أقيم الكثير من الحفلات الغنائية والموسيقية لأشهر الفنانين قبل أن تنتقل إلى الساحل الشمالي والعلمين، وكان الاستمتاع بجلسة غداء مع العائلة ولعب الطاولة والكوتشينة والشطرنج في إحدى الكبائن أو تحت الشمسية، من طقوس زائريها من مختلف الفئات في ذلك الوقت.

ولا يزال شاطئ المعمورة يحتضن محبيه، ويقدم لهم خدماته؛ فبسبب هدوئه النسبي مقارنة بشواطئ الإسكندرية الأخرى لا يزال رواده يستطيعون الاستمتاع بالسباحة، والاستلقاء على رمال الشاطئ، وقراءة الكتاب المفضل، وركوب الدراجات، أو ممارسة صيد السنارة، والتجول في الممشى السياحي بأسواقها الداخلية، وتناول الطعام والمشروبات والآيس كريم من أكشاك الأكل السريع المنتشرة هناك.

شاطيء المعمورة (محافظة الإسكندرية)

ويزين المكان بعض من أفضل المطاعم في مصر، والتي ستمنح الجميع متعة شهية؛ حيث تقدم المطاعم بعضاً من أجمل الأطباق اللذيذة التي تعطي مذاقاً يدوم طويلاً، كما تتوفر في «المعمورة» ملاهٍ ومنطقة الألعاب للأطفال وصالات السينما ومراكز التسوق المختلفة.

وتستطيع زيارة «المعمورة» في مختلف شهور السنة؛ حيث تتمتع بطقس رائع طوال العام، لكن بالتأكيد إذا كانت زيارتك لها بغرض نزول البحر والاستمتاع بالشاطئ نفسه، فعليك زيارتها في الصيف، وفي كل الأوقات تستمتع بالألعاب الشاطئية المتنوعة التي تتيحها لك؛ مثل الكرة الطائرة وكرة القدم الشاطئية وكرة التنس، وركوب قوارب الموز والتزلج على الماء، والغوص، فضلاً عن الاسترخاء في أثناء الاستمتاع بحمامات الشمس تحت أشعة الشمس.

يجتذب الشاطئ هواة المشي لمسافات طويلة مع التمتع بجمال الطبيعة؛ إذ يتميز المكان بتصميم هندسي يوفر مسارات ويجعل الكورنيش ساحة مفتوحة للتنزه، في أمان ونظام، وخلال السير يمكنك تناول الآيس كريم أو الجيلاتي الإسكندراني، وغيرهما من المرطبات التي تشتهر بها المدينة.