«شمس» نظام إلزامي يعيد ترتيب مكاتب العقار في السعودية

سيقضي على التلاعب.. وتوقعات بخروج ثلث السماسرة العقاريين من السوق

تسعى السعودية من وراء سن تشريعات جديدة في القطاع العقاري لضبط تضخم الأسعار وحل مشكلة السكن («الشرق الأوسط»)
تسعى السعودية من وراء سن تشريعات جديدة في القطاع العقاري لضبط تضخم الأسعار وحل مشكلة السكن («الشرق الأوسط»)
TT

«شمس» نظام إلزامي يعيد ترتيب مكاتب العقار في السعودية

تسعى السعودية من وراء سن تشريعات جديدة في القطاع العقاري لضبط تضخم الأسعار وحل مشكلة السكن («الشرق الأوسط»)
تسعى السعودية من وراء سن تشريعات جديدة في القطاع العقاري لضبط تضخم الأسعار وحل مشكلة السكن («الشرق الأوسط»)

أصداء إيجابية تبعت قرار وزارة الإسكان السعودية تطبيق نظام «شمس»، الذي أمهلت فيه الوزارة مكاتب العقار مدة شهر من أجل الاشتراك في النظام الجديد بصورة إلزامية، ويهدف تطبيق النظام الجديد إلى ترتيب أداء السوق العقارية بشكل جديد، في خطوة باركها المتعاملون العقاريون، في قطاع يشهد تخبطا في أدائه وقيمته التي تزداد بشكل مستمر، نتيجة غياب التنظيم وسيادة العشوائية.
ويفضي نظام «شمس» إلى القضاء على المكاتب العقارية الوهمية والسماسرة المجهولين، إضافة إلى اقتصار العمل فيها على المواطنين، مما سيحفظ حقوق المالك والمستأجر والمؤجر، ويحد من التضخم الذي شهده قطاع التأجير خلال السنوات الماضية نتيجة دخول السماسرة والمجهولين في هذا القطاع، وأن النظام المزمع تنفيذه سيحمي جميع الأطراف بشكل نظامي وقانوني.
قال ياسر المريشد، المستشار العقاري، إن القرار يأتي تكاملا مع اللائحة التنفيذية للمكاتب العقارية، التي تشير إلى أن على كل من يرغب في فتح مكتب عقار أن يسجل اسمه في السجل التجاري المتخصص والمتضمن عددا من الإجراءات والشروط المقررة، إضافة إلى ضرورة استيفاء البيانات والمستندات اللازمة، التي تتناسب مع أحكام نظام السجل التجاري ولائحته التنفيذية، كما أن هذا النظام صادر بآلية محددة، وأن «الكثير من المكاتب العشوائية دخلت على السوق العقارية وأضرت بها، لأنها تمارس العقار من دون ترخيص، أو بمجرد ترخيص من (البلدية) لمزاولة المهنة فقط، وهذا مخالف للنظام».
وزاد المريشد أن النظام الجديد سيضع النقاط على الحروف وسيعيد ترتيب القطاع العقاري بشكل عام، مما سيحفظ حقوق المؤجر والمستأجر على حد سواء، الأمر الذي سينعكس إيجابا على خفض عدد القضايا المعلقة في المحاكم بسبب غياب التنظيم بين أطراف عقد الإيجار سابقا الذي تغلب عليه العشوائية والمزاجية، ويحتوي على ثغرات كبيرة في بنوده، التي غالبا ما تغيب حقوق المستأجر أو حتى المؤجر الذين يصطدمان بعضهما ببعض، في ظل غياب مسودة قرار حكومي ينظم العلاقة بينهما.
يشار إلى أن وزارة الإسكان منحت المكاتب مهلة شهر للانضمام إلى برنامج «شمس» حتى تتمكن من الانضمام إلى شبكة إيجار والتسويق للوحدات السكنية، بشرط ألا يقوم بتسويق الوحدة الواحدة أكثر من مكتب، ويحق للمالك منح أكثر من وسيط تسويق لوحدات كثيرة.
وفي الصلة ذاتها، أوضح علي التميمي، المدير التنفيذي لشركة «جبرة» القابضة، أن أهم ما يميز نظام «شمس»، هو قرار عدم عمل الأجانب في المكاتب العقارية، الذي يعتقد أنه سيلقي بظلاله إيجابا على أداء السوق، لأن ما وصل إليه العقار من أسعار متضخمة جاء نتيجة مضاربات عشوائية ودخول السماسرة المجهولين على الخط وغالبيتهم أجانب، حتى وصلت الأزمة السكنية إلى ما وصلت إليه، مشيرا إلى أن الحل هو التوقف عن المضاربات في الأسعار وتوقيف دخلاء القطاع بالقوة الجبرية من أجل تنقية الأوضاع وإعادة المياه إلى مجاريها، مشيرا إلى أن المضاربة أضرت كثيرا بالسوق، إضافة إلى تدوير العقارات فيما بين التجار.
وأضاف التميمي أن القرار الجديد سيكون ذا انعكاسات أمنية ممتازة، خصوصا أن الكثير من الأجانب الذين يعملون في المكاتب العقارية يقومون بتأجير بني جلدتهم، وهم لا يحملون الإقامة النظامية أو مخالفون لنظام الإقامة أو مجهولون، فيقومون بتأجير هذه الوحدات السكنية بموجب بطاقة هوية فقط، لافتا إلى أن اتجاه وزارة الداخلية إلى التدقيق على المكاتب العقارية والمطالبة بأن تكون مسجلة في نظام «شمس»، جاء بهدف حماية المكتب العقاري والمستأجر والمالك.
وكانت وزارة الإسكان السعودية قد نفت أن يكون نظام إيجار و«شمس» مرتبطين بالجباية والزكاة، وأن البرنامج مقتصر على حماية المالك والمستأجر والأمن الوطني ولا دخل له بأي برامج أخرى، مضيفا أنه لا يحق للوزارة وضع أسماء مماطلين في دفع الإيجارات في القائمة السوداء، بل دورها تعريف المالك بالحالة المالية للمستأجر وعدم وجود اسمه من ضمن المماطلين في دفع الإيجارات.
وأردفت الوزارة أنها تهدف إلى تقديم أفضل الخدمات للمالك والمستأجر، حيث إنها بصدد وضع رقم موحد على موقع «الإسكان» على مدار الساعة، لخدمة الجميع والرجوع إلى المعلومات والشروط الخاصة بالإيجار، سواء كان سنويا أو كل ستة أشهر أو شهريا حسب المفاهمة بين الطرفين عبر الموقع الإلكتروني، كما أنها تستقبل الملاحظات والشكاوى عبر الموقع وتتواصل مع الجميع.
وفي الصلة ذاته، كشف إبراهيم العبيد، المستثمر العقاري، عن أن أهم أسباب ارتفاع الأسعار هم الوسطاء العقاريون، حيث إن القرار جاء بمثابة الصدمة لكثير من المكاتب العقارية غير النظامية، أو المتلاعبة، إن صح التعبير، لافتا إلى أن خضوع السوق لإشراف مباشر وإصدار قرارات تأديبية مجزية في حق المخالفين، أمر من شأنه أن يعيد الأسعار إلى سابق عهدها وأن يعم الازدهار العقاري من جديد، مبينا أن خدعة العرض والطلب استغلت بشكل كبير من قبل بعض تلك المكاتب، لافتا إلى أن وقت صحوة الضمير فقط عند القيام بالعمليات التجارية سابقا قد ولى، وأن هناك قرارات حازمة ضد من يخالف، مما يعني أن الرقابة متى ما طبقت بحذافيرها فإن السوق ستنتعش وسيتمكن الجميع من استئجار المنازل المناسبة.
وأضاف: «عندما يكون المكتب العقاري تحت المجهر، فإنه يضمن غياب التلاعب تحت وجود قانون واضح وصريح يحمي جميع الأطراف ويكف يد المتجاوزين الذين طالما استغلوا جهل المستأجرين والمؤجرين لصالحهم، وأن نتائج القرار سيكشف عنها فور تطبيقه وأن تخمين ثمار القرار غير مجد، في الوقت الذي يعيش فيه القطاع مفاجآت جديدة تضيق الخناق على المتلاعبين وتضع السوق على الطريق الصحيح».
وأمام هذه المستجدات، فإن عدد المكاتب العقارية في السوق السعودية خلال الفترة الحالية يقدر بنحو 30 ألف مكتب، إلا أن اللوائح الجديدة لتنظيم المكاتب العقارية التي اشترطت توظيف السعوديين لإدارة هذه المكاتب، تنذر بخروج نحو 30 في المائة من السوق بشكل نهائي، يأتي ذلك في وقت كشف فيه مختصون عن ارتفاع أعداد الأجانب الذين يديرون المكاتب العقارية الموجودة في السوق المحلية خلال الفترة الحالية.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».