شتاينماير لـ«الشرق الأوسط»: التدخل الروسي عقد الحل السياسي في سوريا.. وسنراقب حقيقة غاراتها الجوية

وزير الخارجية الألماني: الاختبار الحقيقي للملف النووي الإيراني لم يأتِ بعد

شتاينماير لـ«الشرق الأوسط»: التدخل الروسي عقد الحل السياسي في سوريا.. وسنراقب حقيقة غاراتها الجوية
TT

شتاينماير لـ«الشرق الأوسط»: التدخل الروسي عقد الحل السياسي في سوريا.. وسنراقب حقيقة غاراتها الجوية

شتاينماير لـ«الشرق الأوسط»: التدخل الروسي عقد الحل السياسي في سوريا.. وسنراقب حقيقة غاراتها الجوية

قال فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألماني، إن التدخل الروسي زاد من تعقيد بذل الجهود من أجل حل سياسي، حيث من المهم أن يكون هناك تنسيق في الإجراءات بين واشنطن وموسكو، على المستوى العسكري، من أجل الحيلولة دون المزيد من التصعيد.
وأوضح شتاينماير في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، أن بلاده ستراقب عن كثب حقيقة استهداف الغارات الروسية فعلا لجماعتي «داعش» و«القاعدة»، مشيرًا إلى أن روسيا كانت ستستخدم نفوذها على الأسد لهذا الغرض، فإن ذلك يؤدي إلى تخفيف معاناة الناس. وذكر وزير الخارجية الألماني الذي وصل إلى العاصمة الرياض، أمس، وسيلتقي بالمسؤولين السعوديين اليوم، أنه تحدث مع إيران خلال زيارته الذي أجراها الجمعة الماضي، عن دورها في المنطقة بشكل واقعي، خصوصًا في ضوء دعمها لنظام الأسد أو لحزب الله، وقال: «أشعر بالقلق إزاء تزايد الطائفية التي يتم الترويج لها أكثر فأكثر من قبل بعض الجماعات». وأكد شتاينماير أن الاختبار الحقيقي للملف النووي الإيراني لم يأتِ بعد، ولم يدخل الاتفاق حيز التنفيذ بشكل رسمي، إلا يوم أمس (الأحد)، وفي الأسابيع المقبلة يتعين على طهران أن تبدأ بتخفيض مخزونها من اليورانيوم المخصب وتفكيك مرافقها للطرد المركزي ومفاعلها للماء الثقيل. وأضاف: «لن يتم إلغاء العقوبات إلا بعد أن تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران قد أوفت بالتزاماتها، وبعد ذلك فقط، ربما في بداية السنة المقبلة، سنعرف ما إذا نجح اتفاق فيينا».
ولفت وزير الخارجية الألماني إلى أن بلاده فوجئت بمدى تدفق اللاجئين الهائل من الشرق الأوسط، خصوصا من سوريا، ولكنه جزء من الحقيقة أن ألمانيا لا تستطيع إيواء جميع الناس الذين يرغبون في المجيء إلينا. وفيما يلي نص الحوار:
* ما أبرز المباحثات التي سيتم تناولها خلال زيارتكم للسعودية؟
- إن العلاقات بين ألمانيا والسعودية تتسم بالتعاون الطيب منذ زمن طويل، وخصوصًا في مثل هذه الأوقات المضطربة، فإنه من الأهمية أن يتم تفعيل الحوار بين أكبر بلد أوروبي وأكبر بلد عربي في منطقة الخليج. لسوء الحظ، ليس لنا أن نختار كل المواضيع بأنفسنا في هذه الأيام، بل يفرضها الوضع الطارئ علينا، قبل كل شيء طبعًا، النزاعات الدامية في سوريا واليمن، وكذلك مكافحة «داعش» وتوفير المساعدات الإنسانية للملايين من اللاجئين في المنطقة.
أما الأجندة الثنائية فهي ممتازة بشكل أكبر، نود أن نتحدث هذه المرة بشكل خاص عن التعاون في التعليم والتدريب المهني، وفي مجال الثقافة، كما أريد أن أغتنم الفرصة لكسب انطباع عن الأجواء السائدة والتطورات الحالية في المجتمع السعودي، الذي يتسم بديناميكية وتعددية أكبر مما يتصورها الكثير من الناس في أوروبا.
* هل تسهم الغارات الجوية الروسية في سوريا في حل الأزمة؟ وهل تتمتع التصريحات التي أدلت بها وزارة الخارجية الروسية بمصداقية؟
- لا شك في أن التدخل الروسي زاد من تعقيد بذل الجهود من أجل حل سياسي، سوف نراقب عن كثب حقيقة استهداف الغارات الروسية فعلا لجماعتي «داعش» و«القاعدة»، حيث من المهم تنسيق الإجراءات بين الولايات المتحدة، وروسيا والأطراف الأخرى على الأقل على المستوى العسكري من أجل الحيلولة دون المزيد من التصعيد.
وقد يمكننا في خطوة ثانية العمل المشترك من أجل أن يتم على الأقل، وأخيرًا تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بحماية المجتمع المدني، لإنهاء قصف المناطق السكنية بالبراميل المتفجرة، وقنابل الهاون، ولإتاحة إمكانية الوصول لكل الأماكن للعاملين في المجال الإنساني. وإذا كانت روسيا ستستخدم نفوذها على الأسد لهذا الغرض، فإن ذلك يؤدي إلى تخفيف معاناة الناس.
* هل يساعد تدخل روسيا العسكري على أن يتمكن الأسد من البقاء في السلطة؟ وهل الأسد جزء من الحل في سوريا؟
- إنني على ثقة من أن روسيا أيضًا تعلم أن الغارات الجوية، تغير موازين القوى العسكرية، ولكنها لا تمثل بديلاً لحل سياسي. يجب أن يكون من مصلحة الجميع إيجاد منطلق لبدء عملية الانتقال السياسي قبل الانهيار التام لكيان الدولة السورية ومجتمعها.
كما يجب أن تكون مصلحة الجميع في الحفاظ على سوريا كدولة يمكن أن تتعايش فيها يوما ما كل المجموعات العرقية والدينية سلميا من جديد. وقد لا يكون دور الأسد بالأهمية المصيرية التي يتصورها البعض.
* هل تطرقتم خلال زيارتكم لطهران إلى موضوع التدخل الإيراني في سوريا واليمن والدعم بالأسلحة والقوات المتدربة؟
- إننا نقيم دور إيران في المنطقة بشكل واقعي، خصوصا في ضوء دعمها لنظام الأسد أو لحزب الله. بطبيعة الحال تحدثنا مع طهران عن هذا الموضوع. إنني أشعر بالقلق خاصة إزاء تزايد الطائفية التي يتم الترويج لها أكثر فأكثر من قبل بعض الجماعات.
علينا أن نفكر معا في الأدوات والآليات التي يمكن أن تساعد على الأقل في بدء إعادة بناء الثقة. إن هذه المسألة بالتحديد كانت موضوع اجتماع المجموعة الأساسية التابعة لمؤتمر ميونيخ الأمني الذي جرى في طهران. أما هذه المجموعة الأساسية فهي تعتبر فريقًا فريدًا من نوعه على مستوى العالم يتكون من ممثلي حكومات وخبراء أمنيين. إنه أمر واضح أن المنطقة بحاجة ملحّة إلى أشكال وآليات تسمح بإجراء حوار والتخفيف من حدة الصراعات وإيجاد حلول سلمية لها.
* هل تلاحظون إشارات إيجابية في تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران؟
- تؤكد الحكومة الإيرانية لنا أنها عازمة على الوفاء بالتزاماتها بشكل كامل. من جهتنا سبق وقلنا مرارًا إنه لا توجد ثقة مسبقة فيما يخص هذا الاتفاق بل المطلوب هو ممارسة المراقبة الدقيقة والشفافية. الاختبار الحقيقي لم يأتِ بعد، لم يدخل الاتفاق حيز التنفيذ بشكل رسمي إلا يوم أمس (الأحد)، وفي الأسابيع المقبلة يتعين على إيران أن تبدأ بتخفيض مخزونها من اليورانيوم المخصب وتفكيك مرافقها للطرد المركزي ومفاعلها للماء الثقيل. لن يتم إلغاء العقوبات إلا بعد أن تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران قد أوفت بالتزاماتها، وبعد ذلك فقط، ربما في بداية السنة المقبلة، سنعرف ما إذا نجح اتفاق فيينا.
* لقد وافقت ألمانيا على استقبال بين 800 ألف ومليون لاجئ في السنة الحالية، كيف ستتعامل الحكومة الألمانية معهم؟
- ليس هذا صحيحا تمامًا، إننا لم نختر مثل هذا العدد أبدا. الصحيح هو أننا فوجئنا بمدى تدفق اللاجئين الهائل من الشرق الأوسط، خصوصا من سوريا.
لقد وصلت قدرات الاستيعاب المنتظمة للمؤسسات الآوية في ألمانيا إلى حدودها منذ زمن، وعلى الرغم من ذلك نواجه مهمتنا وهي مساعدة الأشخاص الذين يلجأون إلى ألمانيا هربا من العنف والحرب بكل ما في وسعنا.
إنني فخور بأن هذا العدد الكبير من الناس في ألمانيا يشترك بشكل نشط في هذه المهمة الكبيرة وذلك بشكل عابر لجميع الاختلافات الاجتماعية والدينية. لكنه جزء من الحقيقة أن ألمانيا لا تستطيع إيواء جميع الناس الذين يرغبون في المجيء إلينا. الكثير من الأشخاص الذين يأتون إلينا وعلى نحو خاص من جنوب شرقي أوروبا، ودول البلقان، ليس لهم الحق في الاعتراف بهم كلاجئين، ويجب عليهم مغادرة ألمانيا.
علينا أن نركز جهودنا على الأشخاص الذين لم يستطيعوا سوى النجاة بحياتهم والفرار من الحرب والعنف والدمار، وعلينا كذلك أن نقوم جنبًا إلى جنب مع شركائنا في المنطقة، بكل ما في وسعنا من أجل تحسين وضع رعاية اللاجئين في المنطقة، وفي الوقت نفسه نحتاج إلى تعزيز التعاون في أوروبا في مجال سياسة اللجوء، كما نحتاج إلى المزيد من العدالة في تقاسم الأعباء.
* هل يوجد تضامن أوروبي واضح فيما يخص استقبال مثل هذا العدد الكبير من اللاجئين؟
- لقد نجحنا في الأسابيع الماضية في الاتفاق على تحديد الحصص لتوزيع 160 ألفًا من اللاجئين، كما وافقنا على أن الدول الواقعة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي مثل اليونان وإيطاليا، لا يجب أن نحملها كل المسؤولية عن الأشخاص الذين يأتون إليها، بل تحصل هذه الدول على الدعم في حماية الحدود وتسجيل اللاجئين. يجب أن يكون هدفنا صياغة سياسة لجوء مشتركة تتسم بمعايير إنسانية ملزمة في كل أنحاء أوروبا. لم نحقق هذا الهدف بعد. ولكن الجميع في أوروبا فهموا أننا لا يمكننا التصدي لهذه المهمة الكبيرة إلا بشكل مشترك. لكن هذا التضامن لا يجب أن يتوقف عند حدود أوروبا. فإن دول الشرق الأوسط تتحمل مسؤولية كبيرة أيضًا في التغلب على تدفق اللاجئين.
* إعادة توحيد ألمانيا قبل 25 سنة كانت مرتبطة بالأمل بمستقبل أكثر استقرارًا وسلمًا.. ماذا تعني هذه المناسبة للألمان؟
- إن هذه الذكرى تعد مناسبة لنا نحن الألمان للامتنان الكبير، نحن نعيش اليوم في أوروبا الموحدة ولا يحيط بنا إلا الأصدقاء، نعلم أننا لا ندين بأمننا ورخائنا لأنفسنا فحسب، بل أيضا للتعاون مع شركائنا في أوروبا والعالم.
لسوء الحظ، فإن السنوات الخمس والعشرين الماضية لم تكن بمثابة نهاية التاريخ كما كان يأمل البعض، يبدو وكأن قواعد العالم تزعزعت في الكثير من المناطق، وخصوصا في الشرق الأوسط بل إن الوضع أصبح أقل أمنًا، وفي العام الماضي شهدنا عودة الحرب والعنف حتى إلى أوروبا مع اندلاع الصراع في أوكرانيا.
تذكرنا نحن الألمان هذه الأحداث بأن السلام والأمن ليسا من المسلمات، بل إنهما يتطلبان الجهد والعمل المستمرين. لكن هذا اليوبيل يذكرنا أيضًا بأنه يمكننا إيجاد حلول سلمية حتى لأشد النزاعات مثل الحرب الباردة التي دامت 40 عامًا، وأنه يمكن حتى هدم الجدران الفاصلة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.