رئيس «الاتحاد» الإماراتية: ربط الإعلام الرقمي بالتقليدي ضمان للاستمرارية

محمد الحمادي أكد لـ «الشرق الأوسط» أن الإعلام الإماراتي بحاجة إلى قرار وعمل كبير للحضور عالميًا

محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد» الإماراتية
محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد» الإماراتية
TT

رئيس «الاتحاد» الإماراتية: ربط الإعلام الرقمي بالتقليدي ضمان للاستمرارية

محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد» الإماراتية
محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد» الإماراتية

يعتقد محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد» الإماراتية أن ربط منصات الإعلام الجديد بالتقليدي وسيلة ناجحة للاستدامة في القطاع الإعلامي المطبوع، في الوقت الذي يؤكد فيه أن الإعلام الورقي لا يزال يحظى بحضور في ظل ما يقدمه من محتوى وجهد في ما يتعلق بالمصداقية والمهنية، مشيرًا إلى أن صحيفته سعت إلى منظومة مترابطة بين منصاتها سواء في الإعلام الرقمي أو الإعلام التقليدي.
وشدد الحمادي في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» بمناسبة مرور 46 عاما على تأسيس صحيفة «الاتحاد»، الذي يصادف يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول)، على أن الإعلام الإماراتي بحاجة إلى الحضور العالمي والإقليمي بشكل أكبر، مشيرًا إلى أن الإعلاميّ الإماراتي لا يزال يجد نفسه محليًا، كاشفًا عن سبب اختراق التنظيم الإرهابي (داعش) لموقع صحيفة «الاتحاد»، وعن منتدى الصحيفة الذي يناقش عمليات «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» في اليمن، وذلك من خلال الحوار التالي:
*بعد 46 عاما من تأسيس صحيفة «الاتحاد»، كيف تنظر إلى موقع الصحيفة في خريطة الإعلام العربي بشكل عام وخريطة الإعلام العربي؟
- في البداية أشكر «الشرق الأوسط» على هذا اللقاء. صحيفة «الاتحاد» استطاعت خلال العقود الأربعة أن تخلق لنفسها اسما على خريطة الصحافة العربية وأن يكون لها حضور حقيقي من خلال اهتمامها بالمهنية والمصداقية، هذان العاملان مهمان في الصحيفة، وهي من اليوم الأول راهنت على المصداقية، وكثير من القراء لديهم ثقة كبيرة في الخبر الذي ينشر في صحيفة «الاتحاد»، ليس من اليوم وإنما من تاريخ «الاتحاد»، وهذا الشيء ربما ساعد «الاتحاد» على أن تتواصل مع الجمهور والمسؤولين بشكل قوي وتصل إلى الأخبار التي تهم القارئ، والأمر الآخر أن تكون ذات مرجعية محلية للمعلومة التي يبحث عنها القارئ، والتي هي مرتبطة بالشأن المحلي وبهموم المواطنين، فضلاً عن أن «الاتحاد» نجحت في استقطاب كوادر إعلامية كبيرة سواء كانت عربية أو إماراتية، وكانت أول مدرسة صحفية في البلاد، إذ إن كثيرا من الصحافيين بالإمارات تخرجوا من مدرسة صحيفة «الاتحاد»، والآن هم موجودون في المؤسسات الإعلامية، وكثير منهم ما زال لديه الولاء والحب لـ«الاتحاد» لأنها كانت مدرسته الأولى في الصحافة والإعلام، وهذه هي الصورة العامة للصحيفة التي تطورت تطورا طبيعيا ومنطقيا إلى ما وصلت إليه اليوم.
*ما الخطة التي تتطلع لتنفيذها خلال الفترة المقبلة في ظل تغير خريطة الإعلام مع دخول منصات إعلامية جديدة؟
- «الاتحاد» دائمًا تواكب التطورات والتغيرات التي تحدث في الساحة الإعلامية، اليوم أهم هدف نعمل عليه في «الاتحاد» هو كيفية التعامل مع التحدي الإلكتروني والرقمي في الإعلام، واليوم الإعلام الرقمي منافس قوي للإعلام الورقي، الإعلام الاجتماعي أصبح منافسا قويا للمعلومة في الصحافة الورقية، وهذا ما يجعلنا نفكر بسرعة كيف نطور أدواتنا وكيف نستفيد من التكنولوجيا الموجودة، ومنذ أكثر من عام، جميع عملنا موجه ومركز على كيفية تقوية منصاتنا الإعلامية، الموقع الإلكتروني والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، التطبيقات على الهواتف الذكية، الكل لاحظ أننا فزنا بجائزة الصحافة العربية فئة الصحافة الذكية في العام الماضي، ونجحت «الاتحاد» في الربط بين المحتوى المطبوع والرقمي، وكذلك أطلقنا تطبيقا على ساعة «آبل ووتش» كأول صحيفة عربية، وكان مشروعا مهمّا بالنسبة إلينا لأن جزءا من هدفنا أن نصل إلى جميع شرائح القراء، وقبل إجراء أي تغيرات لدينا كنا ندرس القارئ والسوق، واكتشفنا أن القارئ يتجه نحو الهاتف الذكي.
*ما رأيك في مفهوم أن الصحافة الورقية تتجه للاندثار وأن الإعلام الجديد سيحل محله؟
- لا أعتقد أن الصحافة الورقية ستندثر، صحيح أن الصحافة الرقمية قادمة بقوة وبسرعة، ونحن نواكب هذا التطور ونعترف ونؤمن به ونتبنى هذا التطور الجديد، نحن لا نقاوم التغير الذي يحصل في الصحافة الرقمية، نسعى للاستفادة منه بقدر الإمكان بأقصى حد، نحاول أن نجعل الصحافة الورقة تستفيد إلى أقصى حد من الصحافة الرقمية، وبالتالي الذي يتابع صحيفة «الاتحاد» ومشروع القارئ الآلي يرى كيف يمكن ربط قارئ الصحافة الورقية بالصحافة الرقمية، وهو يجعله يحصل على معلومات أو صور أو فيديو ويدخل إلى تفاصيل أكبر، وهنا أضرب مثلا بقصة كتبناها عن المغني الراحل طلال مداح، ووضعنا كودا يستطيع من خلاله قارئ الصحافة الورقية عبر القارئ الآلي في هاتفه الجوال سماع أغنية له بتصوير فيديو، وهذا هو الإعلام التفاعلي الذي نسعى له، وكيف يكون هذا التفاعل موجودا، حتى الصحافة المطبوعة لم تعد فقط مجرد صحافة مقروءة، لا أعتقد أن الصحافة الورقية ستختفي، بل ستبقى، والأفضل والأقوى سيستمر، وهو مرتبط بعاملين، وهما العامل المالي من خلال تغطية التكاليف وتحقيق أرباح، ومزاج القارئ وإلى متى سيبقى القارئ مرتبطا بالصحافية الورقية.
*ما التحديات التي تواجه الإعلام الإماراتي؟
- الإعلام الإماراتي بحاجة إلى التعامل مع التحديات التقنية الحالية، حتى يكون محافظا على نفسه، وأن يكون قادرا على أن يوصل الرسالة الإماراتية إلى العالم، وهذا أعتقد أنه يحتاج إلى عمل لأن الإعلام الإماراتي لديه ميزة أنه إعلام مسؤول، ويمكن لأي شخص يعيش في الإمارات أن يشعر أنه في وقت الجد يكون بمستوى الحدث ويكون إعلاما وطنيا ويكون مع الوطن والمواطن، كذلك بحاجة إلى الاستثمار بشكل أكبر في الطاقات الإماراتية. من الضروري أن يكون هناك آلية أفضل لاستقطاب الصحافيين الإماراتيين الجدد، إلى اليوم نسبة الصحافيين تعتبر ضعيفة، الإعلام الإماراتي من المهم أن يكون بحاجة إلى الحدث السياسي في المنطقة، اليوم المنطقة في حالة حرب، ومن المهم أن يكون الإعلام الإماراتي قارئا للحدث. اليوم اليمن من المهم أن يكون الإعلام على معرفة أن ما يحدث فيه خطر حقيقي، وأن هذه الحرب التي قامت هي حرب مهمة، دول التحالف لم تذهب للحرب وإنما ذهبت لحماية نفسها ولحماية الشرعية، هذه الرسالة الإعلامية مهمة جدًا ويجب أن يوصلها الإعلام الإماراتي، وأنا أعتقد أنه استطاع إلى حد كبير أن يودي هذا الدور، وبالتالي نستشعر هذا الشيء على الرأي العام الإماراتي.
*لماذا يقتصر وجود الإعلاميّ الإماراتي على الإعلام المحلي ولا يحضر في وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية؟
- ربما ما زال الإعلامي أو الصحافي الإماراتي يشعر أن مساحته محلية والقضايا المحلية هي التي تأخذه أكثر، على الرغم من أنني أشعر بضرورة انتشار الإعلامي الإماراتي، وقد يكون هناك مشاركات في الإعلام الخارجي إلا أنهم ليسوا إعلاميين بقدر ما هم أكاديميون وباحثون. لا أستطيع القول بأن ذلك يأتي بسبب تقصير من الإعلاميين، وإنما يمكن أن لا يكون هناك انتباه في الخارج للأسماء الموجودة، وأعتقد أنها معضلة قديمة وناقشتها في أوقات عدة، بأن الصحافي الإماراتي لا يزال صحافيا محليا، بعكس الإعلاميين الخليجيين كالسعودية والكويت، كأكثر الإعلاميين الموجودين في وسائل الإعلام الإقليمية، وربما دول الخليج الأخرى لديها نفس مشكلة الإمارات، ويجب أن يصل الصوت الإماراتي ويجب أن نجد آلية لكيفية وصول الصوت الإماراتي إلى الساحة الإقليمية والعالمية.
*من وجهة نظرك، لماذا اختار التنظيم الإرهابي «داعش» موقع صحيفة «الاتحاد» للاختراق؟
- لدينا رؤية واضحة ورسالة واضحة. واحدة من رسائلنا أن نكون شركاء في محاربة الإرهاب كإعلام يواجه هذه الأخطار، ومن يتابع «الاتحاد» يلاحظ أن عملنا كان ممنهجا، كان وفق خطة في طريقة تغطياتنا لأحداث «داعش» وإصدار الملفات والملاحق الخاصة، ركزنا على كيفية أن «داعش» تعتبر أقبح وجوه الإرهاب. أنا أعتقد أنها كانت مؤثرة، وقد تكون الرسالة وصلت من خلال تفاعل القراء في ملفات «داعش» بالتحديد، كانت كبيرة وبالتالي كانت واحدة من رسائلنا. الإعلام مسؤول عن أن نوصل إلى الجمهور أن هذا التنظيم يعتبر خطرا حقيقيا. تمكن قوة رسالتنا في أنها رسائل موضوعية تعرض الحقائق، وهو أصعب الفنون وأكثرها تأثيرا، وعلى الرغم من التهديد، وشخصيًا تم تهديدي في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ونشر رقم هاتفي الخاص على حسابات تخص التنظيم الإرهابي، فإن هذا الشيء لم يوقفني عن التراجع عن هذا الطريق، وأكدنا ذلك من خلال البيان الذي أصدرناه بهذا الجانب، وموضوع الإرهاب يجب أن نكون أقوى في مواجهته، ودائما أقول لماذا صوت الشر والخطأ أعلى من صوت الحق والصواب، نحن الحق وليس هم، وبالتالي يجب أن نواجههم بشكل واضح وقوي وشجاع، وإلا سينتصرون. للأسف لأن جزءا من انتصاراتهم لأننا لم نواجههم بشكل صحيح، كأفراد ومجتمع وإعلام، وتركنا لهم المساحة، وبالتالي استطاعوا أن يخترقوا ويجندوا شبابهم.



رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
TT

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)

في ظل صراعات وحروب إقليمية متصاعدة وتطورات ميدانية متسارعة، لعب الإعلام أدواراً عدة، سبقت في بعض الأحيان مهمات القوات العسكرية على الأرض؛ ما ألقى بظلال كثيفة على وسائل الإعلام الدولية. تزامن ذلك مع زيادة الاعتماد على «المؤثرين» ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار؛ ما دفع رئيسة «منتدى مصر للإعلام»، نهى النحاس، إلى التحذير من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار.

وفي حوارها مع «الشرق الأوسط»، عدّت نهى دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار «خطأً مهنياً»، وقالت إن «صُناع المحتوى و(المؤثرين) على منصات التواصل الاجتماعي يقدمون مواد دون التزام بمعايير مهنية. ودمجهم في غرف الأخبار كارثة مهنية».

وأشار تقرير نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، أخيراً، إلى «نمو في الاعتماد على مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار». ومع هذا النمو باتت هناك مطالبات بإدماج صناع المحتوى في غرف الأخبار. لكن نهى تؤكد أن الحل ليس بدمج المؤثرين، وتقول: «يمكن تدريب الصحافيين على إنتاج أنواع من المحتوى تجذب الأجيال الجديدة، لكن يجب أن يكون صانع المحتوى الإعلامي صحافياً يمتلك الأدوات والمعايير المهنية».

وتعد نهى «الإعلام المؤسسي أحد أبرز ضحايا الحروب الأخيرة»، وتقول إن «الإعلام استُخدم باحة خلفية للصراع، وفي بعض الأحيان تَقدمَ القوات العسكرية، وأدى مهمات في الحروب الأخيرة، بدءاً من الحرب الروسية - الأوكرانية وصولاً إلى حرب غزة».

وتبدي نهى دهشتها من الأدوار التي لعبها الإعلام في الصراعات الأخيرة بعد «سنوات طويلة من تراكم النقاشات المهنية ورسوخ القيم والمبادئ التحريرية».

وتاريخياً، لعب الإعلام دوراً في تغطية الحروب والنزاعات، وهو دور وثّقته دراسات عدة، لكنه في الحروب الأخيرة «أصبح عنصراً فاعلاً في الحرب؛ ما جعله يدفع الثمن مرتين؛ أمام جمهوره وأمام الصحافيين العاملين به»، بحسب نهى التي تشير إلى «قتل واغتيال عدد كبير من الصحافيين، واستهداف مقرات عملهم في مناطق الصراع دون محاسبة للمسؤول عن ذلك، في سابقة لم تحدث تاريخياً، وتثبت عدم وجود إرادة دولية للدفاع عن الصحافيين».

وتقول نهى: «على الجانب الآخر، أدت ممارسات مؤسسات إعلامية دولية، كانت تعد نماذج في المهنية، إلى زعزعة الثقة في استقلالية الإعلام»، مشيرة إلى أن «دور الإعلام في الحروب والصراعات هو الإخبار ونقل معاناة المدنيين بحيادية قدر المستطاع، لا أن يصبح جزءاً من الحرب وينحاز لأحد طرفيها».

نهى النحاس

وترفض نهى «الصحافة المرافقة للقوات العسكرية»، وتعدها «صحافة مطعوناً في صدقيتها»، موضحة أن «الصحافي أو الإعلامي المرافق للقوات ينظر للمعركة بعين القوات العسكرية التي يرافقها؛ ما يعني أنه منحاز لأحد طرفَي الصراع». وتقول: «عندما ينخرط الصحافي مع جبهة من الجبهات لا يعود قادراً على نقل الحقائق».

وضعت الحروب الأخيرة الصحافيين في غرف الأخبار «أمام واقع جديد جعل أصواتهم غير مسموعة في مؤسساتهم، في بعض الأحيان»، وتوضح نهى ضاربة المثل بالرسالة المفتوحة التي وقّعها عدد من الصحافيين في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية ضد تغطية حرب غزة وتجاهل قتل عدد كبير من الصحافيين، والتي أدت في النهاية إلى إيقافهم عن تغطية حرب غزة.

زعزعت الانحيازات الإعلامية في التغطية، الثقة في استقلالية الإعلام، وأفقدت مؤسسات إعلامية كبرى مصداقيتها، بعد أن كانت حتى وقت قريب نماذج للالتزام بالمعايير المهنية. ورغم ما فقدته مؤسسات الإعلام الدولية من رصيد لدى الجمهور، لا تتوقع نهى أن «تقدم على تغيير سياستها؛ لأن ما حدث ليس مجرد خطأ مهني، بل أمر مرتبط بتشابك مصالح معقد في التمويل والملكية». ولفتت إلى أن «الحروب عطّلت مشروعات التطوير في غرف الأخبار، وأرهقت الصحافيين نفسياً ومهنياً».

وترى أن تراجع الثقة في نماذج الإعلام الدولية، يستدعي العمل على بناء مدارس إعلامية محلية تعكس الواقع في المجتمعات العربية، مشيرة إلى وجود مدارس صحافية مميزة في مصر ولبنان ودول الخليج لا بد من العمل على تطويرها وترسيخها بعيداً عن الاعتماد على استلهام الأفكار من نماذج غربية.

بناء تلك المدارس الإعلامية ليس بالأمر السهل؛ فهو بحسب نهى «يحتاج إلى نقاش وجهد كبير في التعليم وبناء الكوادر وترسيخ الإيمان بالإعلام المستقل». وهنا تؤكد أن «استقلالية الإعلام لا تعني بالضرورة تمويله من جهات مستقلة، بل أن تكون إدارته التحريرية مستقلة عن التمويل قدر الإمكان»، مشددة على أن «التمويل العام لوسائل الإعلام مهم ومرحّب به، لا سيما في لحظات الاستقطاب السياسي؛ حتى لا يلعب المال السياسي دوراً في تخريب مصداقية المؤسسة».

غيّرت الحروب غرف الأخبار وألقت بظلالها على طريقة عملها، لتعيد النقاشات الإعلامية إلى «الأسس والمعايير والأخلاقيات»، تزامناً مع تطورات تكنولوجية متسارعة، ترى نهى أنها «ضرورية لكن كأدوات لإيصال الرسالة الإعلامية بفاعلية».

من هذا المنطلق، ترفض نهى التوسع في مناقشة قضايا الذكاء الاصطناعي على حساب القضايا المهنية، وتقول: «نحتاج إلى إعادة تثبيت وترسيخ القواعد المهنية، ومن ثم الاهتمام بالأدوات التي تسهل وتطور الأداء، ومن بينها الذكاء الاصطناعي الذي لا يمكن إنكار أهميته».

وتضيف: «إذا كان الأساس به خلل، فإن الأداة لن تعالجه؛ لذلك لا بد من مناقشات في غرف الأخبار حول الأسس المهنية لاستعادة الجمهور الذي انصرف عن الأخبار».

وبالفعل، تشير دراسات عدة إلى تراجع الاهتمام بالأخبار بشكل مطرد، تزامناً مع تراجع الثقة في الإعلام منذ جائحة «كوفيد-19»، وتزايد ذلك مع الحرب الروسية - الأوكرانية. ووفقاً لمعهد «رويترز لدراسات الصحافة»، فإن «نحو 39 في المائة من الجمهور أصبحوا يتجنبون الأخبار».

وهنا تقول نهى إن «الثقة تتراجع في الإعلام بشكل مطرد؛ لأن الجمهور يشعر أن صوته لم يعد مسموعاً، إضافة إلى تشبع نسبة كبيرة من الجمهور بأخبار الحرب، إلى حد مطالبة البعض بنشر أخبار إيجابية». وتضيف أن «هذا التراجع امتزج مع صعود منصات التواصل التي أصبحت يُخلط بينها وبين الإعلام المؤسسي، لا سيما مع ما قدمته من متابعات للحروب والصراعات الأخيرة».

وتشير رئيسة «منتدى مصر للإعلام» إلى أن «الحروب الأخيرة في أوكرانيا وغزة وضعت أعباء مالية، وفرضت محتوى مختلفاً على المؤسسات الإعلامية أدى إلى زيادة تجنب الجمهور للأخبار»، بحسب ما جاء في دراسة نشرها معهد «رويترز لدراسات الصحافة»؛ ما يستلزم البحث عن وسائل لإعادة جذبه، أو لـ«غرفة أخبار ثالثة» كما فعلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، مستهدفة «جذب مزيد من القراء وزيادة الموارد».

وتستهدف «غرفة الأخبار الثالثة» إنشاء محتوى خاص لمنصات التواصل الاجتماعي، ومقاطع فيديو قصيرة تتناول موضوعات متنوعة لجذب الأجيال المرتبطة بالهواتف الذكية.

ويعد التدريب واحداً من أدوار المنتديات الإعلامية، ومن بينها «منتدى مصر للإعلام». وأوضحت نهى، في هذا المجال، أن «المنتديات الإعلامية هي تعبير عن الواقع الإعلامي لدولةٍ أو منطقةٍ ما، ونقطة تلاقٍ لمناقشة قضايا ومعارف مهنية، وملاحقة التطورات التكنولوجية».

وكان من المقرر عقد النسخة الثالثة من «منتدى مصر للإعلام» نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن تم تأجيلها «بسبب الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة والتي كانت ستؤثر على حضور بعض ضيوف (المنتدى)»، بحسب نهى التي تشير إلى أنه «سيتم عقد النسخة الثالثة من (المنتدى) منتصف 2025».

وتوضح أنه «يجري حالياً مراجعة أجندة (المنتدى) وتحديثها وتغييرها استعداداً للإعلان عنها في الربع الأول من العام المقبل»، مشيرة إلى أنه لم يتم الاستقرار بعدُ على عنوان النسخة الثالثة، وإن كان هناك احتمال للإبقاء على عنوان النسخة المؤجلة «يمين قليلاً... يسار قليلاً!».

وتقول نهى إن «منتدى مصر للإعلام» سيركز كعادته على المناقشات المهنية والتدريبات العملية، لا سيما «منصة سنة أولى صحافة» المخصصة لتقديم ورش تدريبية لطلاب الإعلام تتناول الأساسيات والمعايير المهنية.

وتختتم حديثها بالتأكيد على أن الالتزام بالمعايير المهنية هو الأساس لبقاء الإعلام المؤسسي، مجددة الدعوة لفتح نقاشات جادة بشأن مأسسة نماذج إعلام محلية في المنطقة العربية.