مدرسة من عصر المغول تصبح كلية رائدة في نيودلهي

عمرها 320 عامًا.. وأسهمت في تطوير ثقافة التفاهم واحترام الاختلاف

مبنى يعود إلى عصر المغول في كلية ذاكر حسين
مبنى يعود إلى عصر المغول في كلية ذاكر حسين
TT

مدرسة من عصر المغول تصبح كلية رائدة في نيودلهي

مبنى يعود إلى عصر المغول في كلية ذاكر حسين
مبنى يعود إلى عصر المغول في كلية ذاكر حسين

ما أُنشِئت يومًا ما كمدرسة متواضعة بواسطة أحد الرجال المؤثرين لدى الحاشية الملكية والقائد العسكري لدى الإمبراطور المغولي أورنكزيب في عام 1696، صارت اليوم كلية ذاكر حسين، التي تعد واحدة من أقدم المؤسسات التعليمية في الهند الحديثة، وما زالت تحظى بمكانة عالية بين الطلاب.
وتمثل كلية ذاكر حسين رمزًا من رموز العاصمة الهندية نيودلهي، لأنها تحمل في ذاتها تاريخًا يمتد لأكثر من 300 سنة كمؤسسة تعليمية. وتتميز بأنها كانت موجودة حتى قبل تأسيس جامعة دلهي.
تتبع كلية ذاكر حسين جامعة دلهي. وتُدرِّس البكالوريوس والدراسات العليا في الآداب، والتجارة، والعلوم. ولديها تأثير ملحوظ على التعليم الحديث، بالإضافة إلى تعليم اللغة الأردية والتعليم الإسلامي في الهند. وهي الكلية الوحيدة في جامعة دلهي التي تمنح درجة البكالوريوس (مع مرتبة الشرف) باللغتين العربية والفارسية.
واستوعبت الكلية عبر تاريخها الطويل الطلاب والأساتذة من مختلف الطوائف. وساعدت في تطوير ثقافة التفاهم واحترام الاختلاف في الطائفة والعقيدة والدين بشكل تدريجي.
* النشأة والتاريخ
منذ تأسيسها بواسطة الجنرال العسكري المغولي غازي الدين خان فيروز جنغ الأول، كانت الكلية تُدعى «مدرسة غازي الدين خان». وكان المجمع - الذي يحوي قبره ومسجدًا والمدرسة – مفتوحًا للزيارة، والآن يمكن زيارته خارج بوابة «أجميري»، أحد المداخل المؤدية إلى عاصمة المغول «شهاناباد»، المعروفة حاليًا باسم دلهي القديمة أو المدينة المُسوَّرة. وعندما بدأت الإمبراطورية المغولية في التفكك، أُغلِقت المدرسة الدينية في أوائل سبعينات القرن الثامن عشر. وبدعم طبقة النبلاء، تم إنشاء كلية شرقية لدراسة الأدب والعلوم والفن في الموقع نفسه في عام 1792، حيث كانت اللغات التعليمية بها هي الفارسية أو العربية أو السنسكريتية.
وفي وقت لاحق، أعلنت بريطانيا تحويل المؤسسة إلى مركز للتعليم العالي في البلاد، وأعادت تسميتها إلى «كلية دلهي». وخضعت الكلية لبعض التعديلات لتصبح كلية «أنجلو أرابيك» بواسطة شركة الهند الشرقية البريطانية في عام 1828 لتُدرِّس - بالإضافة إلى أهدافها الرئيسية - اللغة الإنجليزية والأدب، لتصبح كلية «أنجلو أرابيك» (إنجليزية عربية) بهدف معلن وهو «النهوض بالأشخاص غير المتعلمين ونصف المتمدنين في الهند». ويوجد على كتلة الرخام بمجمع الكليات القديم كتابات تفيد بأن السيد فضل علي خان بهادور سحاب جونغ قدَّم 170 ألف روبية هندية لإعادة إنشاء هذه المؤسسة وخضوعها لرعاية شركة الهند الشرقية البريطانية في عام 1829.
وكان وراء هذه الخطوة تشارلز تريفيليان، شقيق زوجة توماس بابنغدون ماكولي، وهو ماكولي سيء السمعة نفسه الذي قال إن «رفًا من رفوف مكتبة أوروبية جيدة يساوي كل الأدب الأصلي للهند وشبه الجزيرة العربية».
وخلال ثلاثينات وأربعينات القرن التاسع عشر، كانت الكلية في قمة مجدها، وكانت تعتبر مركز «النهضة» الآسيوية، حيث لم يقتصر طلابها على الهنود فقط، بل بعض الإنجليز أيضًا. وبعد فترة وجيزة، اكتسبت اللغة الأردية أو الهندوستانية أهمية، وأصبحت الوسط التعليمي الرئيسي ليس فقد لدراسة العلوم الشرقية والأدب، وإنما أيضًا لدراسة علم الفلك والرياضيات التي تقوم على المبادئ الأوروبية.
ونظرًا لاحتوائها على مجموعة متميزة من المعلمين والتربويين وعلماء الرياضيات والمؤرخين وأساتذة الأدب، أصبحت الكلية مركزًا للازدهار العلمي والأدبي، الذي يمكن وصفه بـ«نهضة دلهي»، والمتمثل في تأسيس مجتمع «فيرناكيولار» في عام 1832. وأسست هذه المجموعة المتميزة الكثير من المدارس، وكتبت مؤلفات وكتب مدرسية، وترجمت الأعمال الأدبية إلى اللغة الأردية، وأعدت المجلات للطبع.
وتولت بعض شخصياتها البارزة في ذلك الوقت - مثل السيد بياري لال، وإمام بكش صوهباي، ولالا دارام نارين وشقيقه بريم نارين، ومولانا زكاء الله، والسيد تايلور، والسيد بطرس – مهمة ترجمة الأطروحات العلمية والأعمال اليونانية الكلاسيكية والفارسية إلى الأردية. ورغم تأسيسها وتمويلها بمساعدة المسلمين إلى حد كبير، كانت الكلية تضم 299 هندوسيًا، و146 مسلمًا، و15 مسيحيًا في عام 1845، مما يبين أنها استجابت لاحتياجات المدينة ككل في ذلك الحين.
ولا تتشابه كلية ذاكر حسين – معقل ثقافة دلهي القديمة – مع أي كلية أخرى في دلهي، لأنها شهدت التاريخ وهو يتشكل. وفي وقتنا الحاضر، تعد الكلية مؤسستين منفصلتين في حد ذاتها: باعتبارها كلية ذاكر حسين التي انضمت لجامعة دلهي في عام 1975، وأيضًا باعتبارها مدرسة ثانوية عليا «أنجلو أرابيك» حكومية توفر التعليم حاليًا لأبناء المدينة المسورة في دلهي.
ومع ذلك، أغلق البريطانيون الكلية لما يقرب من 50 عامًا. ففي عام 1857، خلال ثورة الهند الأولى ضد البريطانيين، كانت الكلية مركز المقاومة ضد البريطانيين، الذين حوّلوا المبنى إلى قسم شرطة لبعض الوقت.
وبدافع الشك في ولاء المعلمين والطلاب، أغلق البريطانيون الكلية لمدة سبع سنوات. وتعرضت مكتبة الكلية للنهب. كما تعرضت اللوحات المغولية التي لا تقدر بثمن، والمخطوطات وفنون الخط العربي والفارسي والأردو، إما للحرق أو للبيع.
وبين عامي 1862 و1871، بدأت الفصول المتوسطة والبكالوريوس والماجستير في الكلية، لكن قررت الحكومة الإمبراطورية حينها إغلاق المؤسسة بالكامل، مع نقل موظفيها ومكتبتها إلى مدينة لاهور، التي تقع في باكستان حاليًا، رغم الاحتجاجات الصاخبة من المواطنين في دلهي.
وفي عام 1924، بعد ما يقرب من 50 عامًا، أُعِيد تشغيل الكلية، مع ضمها لجامعة دلهي في عام 1925. كما أُعِيد تسميتها في عام 1975 إلى كلية ذاكر حسين، على اسم الدكتور ذاكر حسين، المعلم المميز ورئيس الهند. وانتقلت الكلية لاحقًا في عام 1986 إلى مقرها الحالي خارج بوابة «تركمان»، وهو الهيكل القديم نفسه في مجمع مدرسة غازي الدين، الذي ما زال يضم بيوت شباب تابعة للكلية.
وصنفت هيئة المسح الأثري للهند المبنى بأنه معلم أثري في عام 2002. وفي عام 2008، تم إعداد أرشيف منفصل عن تاريخ الكلية ووُضِع في مكتبتها، بجانب كتب ووثائق أخرى عمرها قرون ترصد تاريخ الكلية ذا الـ300 عام.
* نموذج عظيم للعمارة المغولية
يقدم المبنى نموذجًا رائعًا للعمارة المغولية التي لم تصب بأي ضرر، وتقع أعين الناظر على قدسية العمارة الحقيقية لهذا المعلم التذكاري بمجرد دخوله المبنى، الذي يعود به إلى قرون مضت، لأن المبنى يبدو وكأنه حصن من العصور الوسطى.
ومع ذلك، تم نقل كلية ذاكر حسين، وتعمل هذه المؤسسة القديمة التي يبلغ عمرها 320 عامًا كمدرسة «أنجلو أرابيك» ثانوية عليا، واستخدمت أيضًا لتصوير الأفلام، مثل فيلم «غاندي» للمخرج ريتشارد أتينبورو، وفيلم الإثارة السياسي «الأصولي المتردد» للمخرجة ميرا ناير.
ويضم المبنى باحة واسعة من الشقق مقوسة الشكل، مع وجود بوابة ناحية الشرق، ومسجد ذي ثلاث قباب ناحية الغرب. كما أن المسجد مطوق بجدران حجرية مثقبة من ناحيتي الشمال والجنوب. ويوجد قباب مع أبراج ثمانية الأضلاع في خلفية صالات الاستقبال الرائعة ونقوش تعطي صورة جمالية للمحيط بأكمله. وفي الداخل، يوجد ممرات كانت تُستخدم كعنابر نوم لطلاب المدرسة في الماضي. وفي وسط المجمع، يوجد حديقة بها عشب أخضر جميل.
وقال بانكاج فوهرا، أحد طلاب المؤسسة الذي يحن لأيام الدراسة فيها، ومحرر مشارك في صحيفة «هندوستان تايمز»: «تطور هذا الهيكل المعماري الحجري المهيب في مدينة كوتا إلى مركز للعلمانية وأيضًا الدراسة الدينية». وتطرق الكاتب بيرسيفال سبير في كتابه «دلهي، ومعالمها، وتاريخها» إلى أن «خريطة الكلية هي نموذج للكليات الأخرى في الهند، بمسجدها وفنائها الجميل». وعلى الرغم من أن سبير كتب هذه الكلمات في عام 1943، عندما صدرت الطبعة الأولى من الكتاب، فإنها لا تزال تمثل واقعًا في الهند.
* الخريجون
يترأس رئيس وزراء الهند إدارة مجمع ذاكر حسين، التي ترعى شؤون الكلية. وخرّجت الكلية عددًا من الشخصيات المتميزة - مثل السيد أحمد خان، مؤسس جامعة «عليكرة» الإسلامية، ولياقت علي خان، أول رئيس وزراء باكستاني. ومن بين عظماء جامعة دلهي: بيشما ساني، البروفسور في قسم اللغة الإنجليزية، والأديب والكاتب المسرحي المشهور.
* الدراسة
تقدم كلية ذاكر حسين بجامعة دلهي مجموعة واسعة للغاية من المقررات الدراسية للطلاب. وتقدم مقررات في الآداب والتجارة والعلوم لطلاب البكالوريوس والدراسات العليا. كما أن لديها تأثيرًا كبيرًا على التعليم الحديث، بالإضافة إلى التعليم الأردو والإسلامي في الهند، وتظل حاليًا الكلية الوحيدة في جامعة دلهي التي تدرِّس درجة البكالوريوس (مع مرتبة الشرف) باللغتين العربية والفارسية. وتحظى الكلية بسمعة طيبة في جامعة دلهي، وهي ضمن أعلى 10 كليات في الجامعة.
ويوجد بالكلية مكتبة شاملة ومجهزة تجهيزًا جيدًا، تضم نحو 111500 كتاب. وتستخدم المكتبة نظام الرفوف المفتوحة، غير أن بعض الكتب الهامة يتم الاحتفاظ بها في قسم الكتب النادرة. ولا تلبي المكتبة المتطلبات الأكاديمية فحسب، بل إنها تضم أيضًا الكتب الترفيهية وكتب التوعية العامة. وتسجل 35 مجلة وطنية ودولية اشتراكًا في المكتبة. وتعد الميزة المهمة في المكتبة حاليًا هي قسم الوسائط المتعددة، المجهز جيدًا بأجهزة كمبيوتر ومجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية المستخدمة للتعليم الإلكتروني. كما تحتوي الكلية على أكبر مخزون كتب في جامعة دلهي، الذي يقدم الخدمات للطلاب من خلال تزويدهم بالكتب المدرسية للفصل الدراسي بأكمله.



20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.