قيادات سلفية في مصر تعود لخطابها المتشدد بحثًا عن دعم جمهورها

متحدث باسم الدعوة اعترف بـ«خطأ» ترشيح النساء والمسيحيين في الانتخابات

قيادات سلفية في مصر تعود لخطابها المتشدد بحثًا عن دعم جمهورها
TT

قيادات سلفية في مصر تعود لخطابها المتشدد بحثًا عن دعم جمهورها

قيادات سلفية في مصر تعود لخطابها المتشدد بحثًا عن دعم جمهورها

عادت قوى سلفية رئيسية في مصر إلى خطابها المتشدد بحثا عن دعم أنصارها في الانتخابات البرلمانية المقررة اليوم (الأحد)، وبعد إدراكها أن تراجع الدعوة عن أفكارها وثوابتها الدينية الفترة الماضية أفقدها الكثير من مؤيديها، بحسب مراقبين. واعترف المتحدث الرسمي باسم «الدعوة السلفية» بمصر الشيخ عبد المنعم الشحات بخطأ ترشح المسيحيين والنساء على قوائم ذراعهم السياسية حزب النور، قائلا إن آلية الانتخاب بها قدر من المخالفة الشرعية.. وإن الدعوة لها تحفظات على الوقوف خلال عزف السلام الوطني.
ولم يكن كلام الشحات المثير للجدل، الأول من نوعه، فسبق أن قالت قيادات في النور والدعوة، إن «الظروف الحالية أجبرت الحزب على ترشيح مسيحيين، وإن مشاركة الأقباط في الانتخابات البرلمانية حرام شرعا».
وبينما قال الشيخ نبيل نعيم القيادي السابق في «تنظيم الجهاد» المصري لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعوة السلفية ربت أتباعها على معاداة السلام الوطني والمسيحيين ورفض تولي المرأة للمناصب وظهورها في البرلمان، وتحاول الدعوة أن تعود لقواعدها التي فقدتها خاصة مع مهاجمة مشايخ سلفية كبار مثل أبو إسحاق الحويني ومحمد حسان، للدعوة وحزبها في مصر».
يرى مراقبون أن القيادات السلفية خاطبت جمهورها بشكل مباشر الآن بعدما شعرت أن «خطاب حزبها المنفتح أفقدها الكثير من المؤيدين من الشارع.. وبالتالي عادت لخطابها المتشدد من جديد».
ووصف الشحات الديمقراطية في مقال له أمس على موقع الدعوة الرسمي بأنها فلسفة تناقض عقيدة المسلم في: إن الحكم إلا لله، كما تعرض الشحات إلى أن آلية الانتخاب الشعبي تصطدم ببعض الأحكام الشرعية سواء المستمد منها من نصوص أو باجتهاد؛ لكن يحتمل ارتكابه في سبيل إصلاح أحوال البلاد والعباد.
من جانبه، قال الشيخ نعيم إن «الدعوة السلفية أبعد ما تكون عن الشريعة، وإن شيخهم سيد غباشي كان له كتاب من 20 عاما، أكد فيه أن (دخول البرلمان منافٍ للتوحيد)»، لافتا إلى أن «النور لن يكسب أصوات معارضيه بالتراجع عن مواقفه الآن.. فالخلافات ما زالت سائدة بين النور والدعوة السلفية».
وأضاف الشحات: «التحدي الأكبر للإسلاميين هو تضمين الدستور مادة حاكمة تقرر مرجعية الشريعة، وحينئذ يشرع لهم المشاركة الديمقراطية بما يحقق مصالح شعوبهم، وتكون المسألة مدارها على المصالح والمفاسد».
وتجاهل «النور»، الإشارة إلى الشريعة الإسلامية في برنامجه الانتخابي، الأمر الذي أثار موجة من الغضب الحاد بين الحزب والدعوة، بحسب مصادر مسؤولة في الحزب، وقال الدكتور شعبان عبد العليم، الأمين العام المساعد للحزب، إن «الحزب لم يضع في برنامجه تطبيق الشريعة، لأن ذلك يعد نوعا من المزايدة على المصريين».
ويشار إلى أن تطبيق الشريعة الإسلامية كان المحور الرئيسي للنور قبل تكوين الحزب خاصة قبيل الإعلان الدستوري في 19 مارس (آذار) عام 2011. وفي الانتخابات البرلمانية السابقة عام 2012. حيث كثف مشايخ الدعوة حديثهم حول أهمية تطبيق الشريعة.
ويرجح مراقبون أن «حذف الشريعة من البرنامج الانتخابي للنور بعد تصاعد الحملات التي تطالب بحله (وآخرها حملة لا للأحزاب الدينية)، لأن مناداته بالشريعة الإسلامية يؤكد مزاعم هذه التيارات السياسية، بأنه حزب قائم على أساس ديني».
وتابع عبد المنعم الشحات في مقاله: «من الناحية الديمقراطية لا يتخير أحد في مذهبه الفقهي طالما امتثل لما قررته القوانين، وحتى من دون القانون الذي أعطى كوتة للأقباط في البرلمان، فقد كان الدستور وما زال يعطي النصارى حق الترشح وحدثت منافسات انتخابية ومع هذا فلم يوظف هذا القول الفقهي إطلاقا في أي تنافس انتخابي»، معترفا بخطأ ترشح المسيحيين والنساء على قوائم النور.
ويحدد قانون الانتخابات المصري مقاعد للمسيحيين والمرأة في القوائم الانتخابية، وقالت المصادر المسؤولة في النور، إن «الحزب اضطر لوضع المسيحيين على قوائمه وفقا للقانون فقط؛ وإنه لولا ذلك ما وضعهم».
وبعد عامين من الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين التي هيمنت على أول برلمان بعد ثورة 25 يناير 2011 في مصر، يسعى النور الذي حصل على 25 في المائة من مقاعد آخر برلمان، لترسيخ وجوده في الحياة السياسية.
وتعرض الشحات لما سماه بشبهة الموقف من تحية العلم والسلام الوطني، حيث وصفها بأنها «طقوس لنا تحفظ على بعضها من الناحية الشرعية» وأن جوهر حب الوطن والدفاع عنه أكبر بكثير من هذه الطقوس.
وسبق أن تعهد النور مع بداية انطلاق انتخابات البرلمان بالوقوف للسلام الوطني خلال جلسات البرلمان القادم.. وكان أعضاء في النور رفضوا الوقوف خلال أداء السلام الجمهوري في الجلسة الافتتاحية لمجلس الشعب السابق، وقالوا وقتها إنه «حرام شرعا». لكن المصادر في النور لمحت إلى أن «بعض أعضاء حزب النور ما زال لديهم تحفظ على هذا الأمر ولن يقفوا لتحية العلم».
في ذات السياق، يشكو ممثلو أكبر تجمع للسلفيين في مصر، من تعرضهم لهجوم وشائعات متعددة في الآونة الأخيرة، مع انتخابات مجلس النواب (البرلمان)، ودخولهم في منافسة قوية مع باقي الأحزاب المدنية، فضلا عن انقلاب قيادات من الدعوة على الحزب وتحذيرهم لأنصار الدعوة بعدم التصويت للحزب في الانتخابات.
وقال شعبان عبد العليم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «استهداف (الدعوة السلفية) وحزب النور مستمر ويزداد دائما في فترة الانتخابات».. وذلك في مجمل رده على وجود محاولات تشويه «النور». بينما وصف الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في مقال له على الموقع الرسمي للدعوة السلفية أمس، مهاجمي الدعوة والنور بـ«الأعداء» الذين يخططون للقضاء على المسلمين.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.