صراع حاد بين رأسي القيادة في حركة «نداء تونس».. و«النهضة» تتبرأ

بدء محاكمة المتهمين بالهجوم على منزل وزير الداخلية السابق

صراع حاد بين رأسي القيادة في حركة «نداء تونس».. و«النهضة» تتبرأ
TT

صراع حاد بين رأسي القيادة في حركة «نداء تونس».. و«النهضة» تتبرأ

صراع حاد بين رأسي القيادة في حركة «نداء تونس».. و«النهضة» تتبرأ

لم يفلح الاجتماع الذي عقده الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، مؤسس حركة نداء تونس، ورئيسه الشرفي في رأب الصدع بين شقي القيادة في الحركة، حيث تمسك طرفا الخلاف، محسن مرزوق، الأمين العام للحركة (الشق اليساري)، وحافظ قائد السبسي، المسؤول عن الهياكل (الشق الدستوري) بموقفهما. وتأكيدا لاتساع الهوة بين الطرفين، تمسك السبسي الابن بعقد اجتماع في مدينة جربة يوم غد الأحد، فيما برمج مرزوق اجتماعا موازيا في قمرت، بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية في نفس الموعد.
وأكد القيادي فوزي اللومي في «نداء تونس» أن الاجتماع الذي دعا له حافظ قائد السبسي غير رسمي، واعتبر قراراته ملغاة، وقال في تصريح إذاعي إن المكتب السياسي والمكتب التنفيذي لنداء تونس دعوا إلى مقاطعة اجتماع جربة.
وكان المكتب السياسي قد طالب حافظ قائد السبسي بعدم عقد اجتماعات دون الرجوع إليه، بينما اعتبر السبسي الابن أنّ المكتب السياسي، بزعامة محسن مرزوق يعتبر منحلا منذ شهر يونيو (حزيران) 2015. فيما اعتبر طرف محسن مرزوق دعوة حافظ قائد السبسي إلى اجتماع جربة «تعديا على صلاحيات الأمين العام ومحاولة لوضع اليد على الهياكل».
ووضعت الكتلة البرلمانية لـ«نداء تونس» نفسها خارج دائرة الصراع بتصريح محمد الناصر، رئيس البرلمان، أن البرلمانيين الممثلين للنداء (86 نائبا برلمانيا) لن يصطفوا وراء أي طرف للمحافظة على وحدة الحزب، وهو موقف لاقى انتقادات عدة وصلت حد مطالبة الناصر نفسه بالاستقالة في غضون أسبوعين، في حال عجزه عن السيطرة على قيادات الحزب وضمان عدم تفتته.
وفشلت حركة نداء تونس خلال أكثر من محطة سابقة في إعادة ترتيب البيت الداخلي للحزب، ووضع خريطة طريق واضحة للإعداد للمؤتمر تتجاوز الخلافات الحالية. وتخفي هذه الصراعات خلافات عميقة قديمة، من بينها تضارب المواقف حول إشراك حركة النهضة في الحكم عقب الفوز في الانتخابات البرلمانية لسنة 2014، وكذلك تعيين رئيس حكومة من نداء تونس الفائز في الانتخابات.
وفي السياق ذاته، تبرأت حركة النهضة من الصراع الدائر داخل الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التونسية، إذ قال لطفي زيتون، القيادي في حزب النهضة، إن «الخلافات داخل النداء مسألة لا تخصنا ولسنا طرفا فيها»، فيما أوعزت أطراف سياسية مشكلة لحركة «نداء تونس» أن النهضة يقف إلى جانب الشق الدستوري، ممثلا في حافظ قائد السبسي في وجه الشق اليساري، ممثلا في محسن مرزوق والطيب البكوش، وتعتبرهما شقا استئصاليا في تعامله مع التيارات الإسلامية.
واجتمع الرئيس التونسي قبل يومين في قصر قرطاج بكلّ من محمد الناصر، رئيس الحزب، وبوجمعة الرميلي، المدير التنفيذي والمتحدث الرسمي باسم الحزب، وفوزي اللومي والطيب البكوش ورضا بلحاج، وهم من مؤسسي الحزب. ومن المنتظر أن يتخذ المكتب التنفيذي للحركة خلال اجتماع عقده أمس في العاصمة مجموعة من القرارات التأديبية ضد بعض أعضاء الحزب على خلفية التصريحات التي وصفت بالجارحة ضد زملائهم وقيادات من النداء.
وفي هذا الشأن، قال بوجمعة الرميلي، المدير التنفيذي للحزب لـ«الشرق الأوسط» إن الحسم في الملفات الشائكة لن يكون خلال هذا الاجتماع. ومن المنتظر الاتفاق بين جميع القيادات السياسية في حزب النداء على التعجيل بعقد المؤتمر لإنهاء الحرب المفتوحة بين الطرفين المتصارعين، ووقف التشويش والحملات الإعلامية، وتشكيل هيئة مستقلة للإشراف على المؤتمر المقبل، والمزج بين خياري الانتخاب والتوافق خلال المؤتمر، إضافة إلى فتح الأبواب أمام وجوه سياسية للالتحاق بالحزب.
وتعد القيادات السياسية داخل حركة نداء تونس العدة للمؤتمر التأسيسي للحزب المزمع تنظيمه يوم 22 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ويرى متابعون للوضع المتأزم داخل الحزب الحاكم أن المسألة انتخابية بالأساس، حيث يسعى كل شق إلى ضمان أكبر عدد من أصوات المؤتمرين في مؤتمر الحركة المقبل.
على صعيد آخر، باشرت أمس المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية محاكمة المتهمين بمهاجمة منزل لطفي بن جدو، وزير الداخلية التونسية السابق. ووجهت التهمة لـ59 متهما، من بينهم 12 فقط موقوفون على ذمة القضية، ويعد سيف الله بن حسين (أبو عياض) وخالد الشايب (لقمان أبو صخر) ومراد الغرسلي من أبرز المتهمين في الهجوم الإرهابي.
وتعود أطوار القضية إلى شهر مايو (أيار) من سنة 2014 حين هاجمت مجموعة متطرفة مسلحة منزل عائلة وزير الداخلية السابق في مدينة القصرين (وسط غرب)، وأودت بحياة أربعة عناصر أمنية تونسية، وأصابت شرطيا آخر بجراح.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.