الصين تشهد أطول موجة هبوط في الواردات في 6 سنوات

ثاني أكبر اقتصاد في العالم لا يزال يعاني من التباطؤ

جانب من الحركة التجارية في أحد موانئ شرق الصين في وقت تشهد البلاد ركوداً اقتصادياً حذر منه العديد من الخبراء العالميين (أ ب)
جانب من الحركة التجارية في أحد موانئ شرق الصين في وقت تشهد البلاد ركوداً اقتصادياً حذر منه العديد من الخبراء العالميين (أ ب)
TT

الصين تشهد أطول موجة هبوط في الواردات في 6 سنوات

جانب من الحركة التجارية في أحد موانئ شرق الصين في وقت تشهد البلاد ركوداً اقتصادياً حذر منه العديد من الخبراء العالميين (أ ب)
جانب من الحركة التجارية في أحد موانئ شرق الصين في وقت تشهد البلاد ركوداً اقتصادياً حذر منه العديد من الخبراء العالميين (أ ب)

امتد الركود التجاري للصين في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، مع انهيار الواردات، لتواصل أطول موجة هبوط منذ ست سنوات، مما يؤكد الحالة الهشة في ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم.
وأظهرت بيانات رسمية، يوم الثلاثاء، تراجع الواردات المقومة بالدولار بنسبة 20.4 في المائة في سبتمبر عن العام الماضي، وهو أكبر انخفاض شهري منذ فبراير (شباط) الماضي، في حين تراجعت الصادرات بنسبة 3.7 في المائة، مما ينتج عنه فائض تجاري قدره 60.34 مليار دولار.
وكان اقتصاديون استطلعت آراؤهم توقعوا أن تنخفض الواردات 15 في المائة، بزيادة عن تراجع أغسطس (آب) البالغ 13.8 في المائة، وأن تنخفض الصادرات بنسبة 6.3 في المائة، بعد تراجع 5.5 في المائة في أغسطس.
وعززت بيانات التجارة الآراء بأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم لا يزال يُعاني من بُطء في معدلات النمو، مما يضع المزيد من الضغوط على بكين لطرح مزيد من إجراءات التحفيز والحفاظ على الأسواق العالمية التي تقف على حافة الانهيار.
وعلى النحو ذاته، انخفضت صادرات الصين في سبتمبر لكن بأقل من المتوقع، ولكن الانخفاض الحاد في الواردات يجعل الاقتصاديين منقسمين بشأن ما إذا كان القطاع التجاري للبلاد يظهر علامات على الركود أم التعافي.
وسلطت إدارة الجمارك الصينية الضوء على الضعف المستمر في الطلب في الداخل والخارج، وتراجعت الصادرات والواردات إلى الصين 8.1 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2014، وهو أقل بكثير من الهدف الرسمي لعام 2015 والمتوقع عند معدل 6 في المائة.
وقال تشو هاو، كبير الاقتصاديين لدى «كومرتس بنك» في سنغافورة: «من المرجح أن تعزز التوقعات بأن بكين ستخفض أسعار الفائدة مرة أخرى في الأشهر المقبلة، مع إعلان المزيد من التدابير لتفادي التباطؤ الاقتصادي الحاد».
وحذر جوليان إيفانز بريتشارد، الاقتصادي في «كابيتال إيكونوميكس»، من أن قراءات الصادرات السنوية قد تكون أقل بكثير من المقارنات مع الأداء القوي للصادرات في نهاية عام 2014.
وأشار بريتشارد، إلى دفع المزيد من الاهتمام إلى الاتجاهات الشهرية، التي تظهر ارتفاعًا مطردًا في معظم أسواق التصدير الرئيسية في الولايات المتحدة وأوروبا خلال الصيف.
وتتوقع إدارة الجمارك الصينية مزيدًا من الرياح المعاكسة في الأشهر المقبلة، وقال تاو دونغ، كبير الاقتصاديين في مجموعة كريدي سويس AG في هونغ كونغ: «يُشير النموذج الصيني إلى أن الإنتاج الصناعي العالمي سوف يفقد مزيدًا من الزخم، ليس فقط في الصين، ولكن في بلدان الأسواق الناشئة التي تكافح أيضًا مع الطلب المحلي».
وقال يانغ تشاو، كبير الاقتصاديين في بنك «نومورا» الصيني: «في ظل الانتعاش الطفيف في أسعار السلع الأساسية، يشير الانخفاض في الواردات إلى ركود معدلات الطلب المحلي».
وأشار تشاو إلى أن الاعتدال في انكماش الصادرات من المرجح أن يكون بسبب تحسن معتدل في الطلب الخارجي. وأضاف: «تعود البيانات الجيدة حول الصادات بصورة جزئية إلى التقدير الكبير لليورو مقابل اليوان الصيني في سبتمبر عن أغسطس، مقارنة مع انخفاض حاد في قيمة اليورو مقابل اليوان في أغسطس وسبتمبر من عام 2014».
وارتفعت الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 6.7 في المائة في سبتمبر بالدولار الأميركي، وقفزت الصادرات إلى الولايات المتحدة كنسبة مئوية من إجمالي الشحنات إلى أعلى مستوى لها منذ أغسطس 2010.
ويتوقع جوليان إيفانز بريتشارد، الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس، نموًا أقوى في الشركاء التجاريين الرئيسيين للصين لدعم الصادرات خلال الفصول المقبلة، في حين أن الارتفاع في الإنفاق الاستثماري من شأنه أن يعزز الواردات.
وجنبًا إلى جنب مع صدور بيانات التجارة، حذر المتحدث باسم دائرة الجمارك من أن الاقتصاد يواجه ضغطًا هبوطيًا كبيرًا نسبيًا، وذلك على الرغم من أن التجارة في الصين يجب أن تتحسن في الربع الرابع باعتبار اليوان الضعيف عاملاً مساعدًا على ارتفاع القدرة التنافسية للصادرات.
واضطر صندوق النقد الدولي خلال أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لخفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي هذا العام إلى 3.1 في المائة من توقعات يوليو (تموز) الماضي، عند 3.3 في المائة. ويتوقع الصندوق توسع الاقتصاد العالمي العام المقبل بنسبة 3.6 في المائة؛ أي أقل من 3.8 في المائة المتوقعة في يوليو الماضي.
وأبقى الصندوق توقعاته للنمو في الصين خلال العام الحالي عند 6.8 في المائة، و6.3 في المائة في العام المقبل. ومع ذلك، قال صندوق النقد الدولي إن «هناك تداعيات عبر الحدود من تباطؤ النمو الصيني، تبدو أكبر مما كان متصورًا في السابق».
*الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
TT

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل، يوم الجمعة، إن اقتصاد ألمانيا سينكمش للعام الثاني على التوالي هذا العام، وسيكون تعافيه باهتاً، وربما يتفاقم بسبب حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

وتعاني ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، منذ سنوات، منذ أن فقد قطاعها الصناعي القوي القدرة على الوصول إلى الطاقة الروسية الرخيصة، وأيضاً مع تضاؤل ​​شهية الصين للصادرات الألمانية.

ومن المتوقع الآن أن يشهد الاقتصاد الألماني ركوداً خلال أشهر الشتاء ثم يتعافى بأبطأ وتيرة ممكنة؛ حيث سيكون الارتفاع المتوقع في الاستهلاك الخاص أقل ما كان مرتقباً، وقد يضعف سوق العمل أكثر وتتعافى استثمارات الأعمال ببطء.

وقال ناغل: «الاقتصاد الألماني لا يكافح فقط الرياح الاقتصادية المعاكسة المستمرة، ولكن أيضاً المشاكل البنيوية. كما تستجيب سوق العمل الآن بشكل ملحوظ للضعف المطول للنشاط الاقتصادي».

ويتوقع البنك المركزي الألماني الآن انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2 في المائة هذا العام، بعد أن توقع في يونيو (حزيران) توسعاً بنسبة 0.3 في المائة، بينما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 0.2 في المائة من 1.1 في المائة سابقاً.

ولكن حتى هذه الأرقام قد تكون مفرطة في التفاؤل، كما حذر البنك، نظراً للتهديدات الناجمة عن الحمائية المتزايدة والصراعات الجيوسياسية وتأثير التغيير الهيكلي على الاقتصاد الألماني.

وأضاف البنك المركزي الألماني أن محاكاة الرسوم الجمركية المتزايدة المتوقعة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، تظهر أن الولايات المتحدة ستعاني من أكبر ضربة للنمو، ولكن ألمانيا ستخسر أيضاً ما بين 1.3 و1.4 في المائة من الناتج حتى عام 2027، وقد يرتفع التضخم أيضاً بسبب هذه التدابير.

وقال البنك المركزي الألماني إن التضخم سيرتفع بنسبة 0.1 إلى 0.2 في المائة سنوياً حتى عام 2027 بسبب سياسة الحماية التي ينتهجها ترمب، لكن نموذج المعهد الوطني للاقتصاد القياسي العالمي توقع انخفاضاً بنسبة 1.5 في المائة العام المقبل، و0.6 في المائة في عام 2026. وقال البنك المركزي الألماني: «المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي حالياً تميل إلى الجانب السلبي، والمخاطر التي تهدد التضخم تميل إلى الجانب الإيجابي»، مضيفاً أن الانتخابات الفيدرالية الألمانية في الأشهر المقبلة قد تغير التوقعات المالية.

وهذا الضعف المستمر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس، والتلميح إلى المزيد من التيسير في المستقبل، مع تراجع مخاوف التضخم إلى حد كبير وتحول التركيز نحو النمو.

لكن البنك المركزي الألماني ليس مستعداً بعد لإعلان الفوز في معركة التضخم؛ حيث قال يوم الجمعة إن تضخم أسعار المواد الغذائية قد يقفز، وإن تضخم الخدمات سيظل مرتفعاً، مما يبقي الزيادات في الأسعار أعلى من متوسط ​​منطقة اليورو.

وفي غضون ذلك، أظهرت البيانات يوم الجمعة تراجع الصادرات الألمانية على نحو ملحوظ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن أن الصادرات انكمشت في أكتوبر بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بسبتمبر (أيلول) السابق عليه، إلى 124.6 مليار يورو. كما انخفضت الصادرات بنفس النسبة على أساس سنوي.

وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق للصادرات الألمانية، بنسبة 14 في المائة على أساس شهري لتصل إلى 12.2 مليار يورو. وفي الوقت نفسه، انخفضت الصادرات الألمانية إلى الصين بنسبة 3.8 في المائة. وفي التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، انخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 0.7 في المائة.

وكتب كبير الاقتصاديين في مصرف «في بي»، توماس جيتسل، أن بداية الربع الأخير من عام 2024 لا تبشر بالخير مع الانخفاض الذي سجلته الصادرات في أكتوبر الماضي، وأضاف: «حتى لو كان الانخفاض الكبير في الصادرات إلى الولايات المتحدة يتعلق على الأرجح بالطلبيات الكبيرة، فإن التراجع يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في حالة حدوث نزاعات جمركية كبيرة مع الولايات المتحدة».

وتسببت المنافسة المتزايدة في الأسواق العالمية من الصين، على سبيل المثال، فضلاً عن مشكلات هيكلية في الصناعة الألمانية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والأعباء البيروقراطية الكثيرة، في إنهاك ألمانيا بوصفها دولة تصديرية لفترة طويلة. وكانت الصادرات قد انخفضت بالفعل في سبتمبر الماضي.

وانخفضت الواردات إلى ألمانيا بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر مقارنة بسبتمبر إلى 111.2 مليار يورو. وبالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، كانت هناك زيادة بنسبة 1.7 في المائة. وكان الميزان التجاري إيجابياً عند 13.4 مليار يورو.