الانتخابات البرلمانية المصرية تدخل فترة «الصمت الانتخابي» اليوم

الأزهر طالب علماءه بعدم توظيف الدين في الدعاية.. والجيش يؤمّنها بـ185 ألف جندي

الملصقات الانتخابية تتصدر شوارع وسط العاصمة المصرية القاهرة أمس (إ.ب.أ)
الملصقات الانتخابية تتصدر شوارع وسط العاصمة المصرية القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

الانتخابات البرلمانية المصرية تدخل فترة «الصمت الانتخابي» اليوم

الملصقات الانتخابية تتصدر شوارع وسط العاصمة المصرية القاهرة أمس (إ.ب.أ)
الملصقات الانتخابية تتصدر شوارع وسط العاصمة المصرية القاهرة أمس (إ.ب.أ)

دفعت القوات المسلحة المصرية بأكثر من 185 ألف جندي لتأمين 18 ألفا و945 مقرًا انتخابيًا على مستوى محافظات مصر خلال انتخابات مجلس النواب المقبلة، بينما أهاب الأزهر بعلمائه، أمس، ضرورة الابتعاد تمامًا عن الدخول في معترك الدعاية الانتخابية. وأكد أن «بعض علمائه ظهروا في مؤتمرات الدعاية الانتخابية، وناشدوا المصريين التصويت لصالح قائمة معينة، ووظفوا العبارات الدينية للتمييز بين المرشحين».
يأتي هذا في وقت كثف فيه المرشحون أمس (الخميس) من دعايتهم الانتخابية، قبل الدخول في فترة «الصمت الانتخابي» التي تبدأ اليوم (الجمعة) ولمدة يوم واحد فقط، قبل انطلاق عملية الاقتراع غدًا (السبت) لمدة يومين في الخارج، وفي الداخل يومي (الأحد) و(الاثنين) المقبلين. واتسم سباق الدعاية بطابع محموم ولاهث بين المرشحين في نظامي الفردي والقوائم، وأكد عدد من المرشحين لـ«الشرق الأوسط»، أن «المستقلين سيحصدون أكثر من 60 في المائة من مقاعد البرلمان».
وأكد مصدر قضائي في اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، أن «أي خرق لفترة الصمت الانتخابي من جانب المرشحين سيواجه بتوقيع عقوبات على المخالفين»، مضيفًا أن «مطابع الشرطة انتهت من طباعة أوراق وبطاقات الاقتراع الخاصة بانتخابات البرلمان، حيث تمت طباعة 55 مليون بطاقة اقتراع بينها 27 مليون بطاقة للتصويت لمرشحي الفردي و27 مليونًا للقوائم».
وتؤمّن قوات الشرطة بطاقات الاقتراع من لحظة خروجها من مطابع الشرطة حتى وصولها إلى مديريات الأمن في كل محافظة تجري بها الجولة الأولي للانتخابات وهي (أسوان، وأسيوط، والإسكندرية، والأقصر، والبحر الأحمر، والبحيرة، والجيزة، والفيوم، والمنيا، وبني سويف، وسوهاج، وقنا، ومرسى مطروح). وتم اللجوء إلى مطابع الشرطة بعد سابقة التزوير في المطابع الأميرية التي كشف عنها لصالح الرئيس المعزول محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان في انتخابات الرئاسة التي فاز بها أمام منافسه الفريق أحمد شفيق، وتعد المطابع الأميرية المطابع الرسمية للدولة المصرية، المنوط بها طباعة أوراق الاقتراع. وقال المصدر القضائي نفسه، إن «المحاكم الابتدائية بالمحافظات سوف تتسلم بطاقات إبداء الرأي للفردي والقائمة غدًا (السبت)، ليتم تسليمها للقضاة وأعضاء الجهات القضائية المشرفين على الانتخابات مساء نفس اليوم، وسط إجراءات تأمينية مشددة من قوات الأمن الجيش».
ويبلغ إجمالي عدد مرشحي الفردي بالمرحلة الأولى 2548 مرشحًا. وعدد اللجان العامة بالانتخابات البرلمانية بلغ 205 لجان عامة في 27 محافظة، منها 103 لجان عامة في المرحلة الأولى.
وأعلنت لجة الانتخابات، أن «عدد المرشحين عن المصريين بالخارج في المرحلة الأولى بلغ 41 مرشحًا في 10 قوائم انتخابية هي «في حب مصر»، و«نداء مصر»، و«صوت الصعيد»، و«كتلة الصحوة الوطنية»، و«ائتلاف الجبهة المصرية/ تيار الاستقلال» بشمال ووسط وجنوب صعيد مصر، وقوائم «في حب مصر»، وحزب النور (السلفي)، و«نداء مصر»، و«فرسان مصر»، و«ائتلاف الجبهة المصرية/ تيار الاستقلال» بغرب الدلتا.
وتجري الانتخابات غدًا (السبت) في 139 لجنة انتخابية للمصريين بالخارج والدول التي ستجري بها انتخابات المصريين بالخارج ومقار السفارات والبعثات الدبلوماسية المصرية في هذه الدول.
في السياق ذاته، اتخذت القوات المسلحة كل الترتيبات والإجراءات المرتبطة بمعاونة وزارة الداخلية في تأمين العملية الانتخابية تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأكدت القوات المسلحة تفهم جميع القوات لحماية المواطنين والتصدي لكل التهديدات التي يمكن مجابهتها خلال تأمين اللجان والمراكز الانتخابية، حيث تم اتخاذ كل الترتيبات لمراقبة وتأمين العملية الانتخابية بكل المحافظات باستخدام طائرات المراقبة الأمنية والتصوير الجوي وسيارات البث المباشر، وذلك لنقل صورة حية للأحداث والإبلاغ الفوري عن أي أعمال تعرقل سير العملية الانتخابية.
وتفقد الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة أمس، عناصر المنطقة المركزية العسكرية للاطمئنان على مستوى الجاهزية والاستعداد القتالي العالي والإعداد المتميز لقوات المنطقة المشاركين في تأمين الاقتراع، والتأكيد على توفير المناخ الملائم للمواطنين للإدلاء بأصواتهم بحرية كاملة وعدم السماح بأي محاولة للتأثير على إراداتهم الحرة.
من جانبها، أكدت القيادية بقائمة «في حب مصر» آمنة نصير، أن «القائمة لم تدعم مرشح بجنيه واحد.. ودعاية القائمة التي انتشرت بالشوارع وفي وسائل الإعلام من نفقتنا الخاصة»، لافتة إلى أن «رموز الوطني المرشحة على قائمتنا ليسوا محسوبين على فساد الحزب الوطني (الذي كان يرأسه حسني مبارك وتم حله)، ومن الخطأ أن نصدر أحكام على عصر بأكمله ونصفه بأنه عصر مارق.. فالقائمة تضم عددًا من مختلف التوجهات السياسية والفكرية».
وتقول نصير، وهي أستاذة في جامعة الأزهر: «سأواجه حزب النور حال مطالبة نوابه بتطبيق الشريعة الإسلامية داخل البرلمان.. كما سأعمل على إعداد مشروع قانون يمنع المتاجرة بالدين ويمنع استخدام رجال السياسة الدين لكسب أصوات المصريين»، مؤكدة أن «التحديات كثيرة أمام البرلمان المقبل ويقع على عاتقه مسؤولية كبيرة وهى السعي نحو إقرار عدد كبير من القوانين التي ينتظرها الشعب المصري». ويعد «النور»، الذراع السياسية للدعوة السلفية، أكبر الأحزاب الإسلامية في مصر بعد حل حزب جماعة الإخوان المسلمين (الحرية والعدالة) في أغسطس (آب) عام 2014.
من جهته، أكد علي مصيلحي، وزير التضامن الاجتماعي المصري الأسبق، أن «شكل البرلمان الجديد قد تحددت ملامحه بشكل كبير جدًا»، متوقعًا أن يكون تشكيل البرلمان المقبل 60 في المائة للمستقلين و40 في المائة لباقي الأحزاب والقوائم والتحالفات»، لافتًا إلى أن «الفيصل في الانتخابات المقبلة سيكون لصوت المواطن المصري الذي يستطيع أن «ينتقي من يمثله في هذه المرحلة الهامة التي تمر بها مصر».
ويخوض انتخابات البرلمان ما يقرب من 12 وزيرًا بعضهم محسوب على نظام الرئيس الأسبق مبارك، وقال الوزير مصيلحي، إن «البرلمان سوف يتحمل المسؤوليات كاملة تجاه الشعب وهو يملك قرار تعديل مواد الدستور من عدمه».
وحول وجود تخوفات من عودة رموز مبارك من جديد للساحة السياسية، قال مصيلحي: «الفيصل في الانتخابات هو رجل الشارع»، لافتًا إلى أن البرلمان المقبل مطالب بالبت في قرارات عاجلة وقوانين فور عقد أول جلساته، لذلك لا بد أن يكون النائب داخل البرلمان على قدر عالٍ من الفهم السياسي والقانوني بما يسمح له بإبداء رأيه في تلك القرارات بسرعة.
وفي رأيه عما إذا كان البرلمان المقبل سيشهد إحجامًا من المصريين عن التصويت بسبب عودة الوجوه القديمة (رجال مبارك)، قال مصيلحي «على جميع المصريين أن يشاركوا بقوة في هذه الانتخابات؛ وألا يلتفتوا لأي دعوات تريد عرقلة مسيرتهم الديمقراطية في المستقبل».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.