المعارضة تستعد لـ«غزوة حماه».. والضربات الروسية تتراجع إلى النصف

تسعى لفرض حالة إرباك في صفوف قوات الأسد

مسعفون يحاولون إنقاذ رجل محاصر تحت الأنقاض في قرية حيان بريف حلب إثر غارة جوية روسية استهدفت منطقته يوم أمس (غيتي)
مسعفون يحاولون إنقاذ رجل محاصر تحت الأنقاض في قرية حيان بريف حلب إثر غارة جوية روسية استهدفت منطقته يوم أمس (غيتي)
TT

المعارضة تستعد لـ«غزوة حماه».. والضربات الروسية تتراجع إلى النصف

مسعفون يحاولون إنقاذ رجل محاصر تحت الأنقاض في قرية حيان بريف حلب إثر غارة جوية روسية استهدفت منطقته يوم أمس (غيتي)
مسعفون يحاولون إنقاذ رجل محاصر تحت الأنقاض في قرية حيان بريف حلب إثر غارة جوية روسية استهدفت منطقته يوم أمس (غيتي)

أعلنت مصادر المعارضة السورية في الشمال، أن «جيش الفتح»، بدأ يتحضر لهجوم مضاد على سهل الغاب، ويحشد طاقاته العسكرية ليجمع 23 ألف مقاتل، بغرض «الهجوم على مدينة حماه والسيطرة عليها»، وذلك في معركة حملت عنوان «غزوة حماه»، وسط تأكيدات بأن المعركة لم تبدأ بعد.
وبالتزامن، تراجعت الضربات الجوية الروسية ضد أهداف المعارضة إلى النصف، إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس الأربعاء أن الطيران الروسي قصف 40 «هدفًا إرهابيًا» في سوريا في الساعات الـ24 الماضية، غداة تنفيذ 86 غارة شملت مناطق واسعة في الشمال والشرق الثلاثاء.
وقال الناطق باسم الوزارة الجنرال إيغور كوناشينكوف إن قاذفات «سوخوي - 34» وطائرات الدعم «سوخوي - 24 إم» و«سوخوي - 25 إس إم» نفذت 41 طلعة جوية لضرب «40 هدفًا إرهابيًا» في محافظات حلب (شمال) وإدلب (شمال - غرب) واللاذقية (شمال - غرب) وحماه (وسط) ودير الزور (شرق). وكانت القوات الجوية الروسية أعلنت الثلاثاء عن 86 ضربة أي بمستوى كثافة لم تبلغه سابقًا منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا.
وأشار كوناشينكوف إلى تدمير «مركز قيادة أحد الفصائل الرئيسية لتنظيم داعش» قرب دير الزور. ولفت إلى أنه قرب حلب، أدت الضربات الروسية إلى «تدمير» مخزن يمكن أن تحول فيه آليات المقاتلين إلى آليات مجهزة بأسلحة ثقيلة وكذلك قاعدة تابعة لتنظيم داعش يتدرب فيها «الجهاديون» على المتفجرات.
وأرجع رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور هشام جابر، تقلص الغارات الروسية إلى «تقلص العمليات الميدانية أمس»، حيث تجري استعدادات نظامية للهجوم على حلب، نافيًا في الوقت نفسه أن يكون بنك الأهداف قد نفد. وأشار إلى أن تصاعد عدد الضربات الجوية أول من أمس «يعود إلى أنها كانت ترافق العمليات العسكرية البرية»، لافتًا إلى أن «الضربات الجوية تسبق العمليات الأرضية وتترافق معها بشكل إسناد جوي». وقال إن التركيز على الضربات الجوية أول من أمس، التي بلغ عددها 86 ضربة «يؤكد انتقال مهام سلاح الجو الروسي إلى مرحلة الإسناد الجوي، بعد ضرب الأهداف الثابتة التي برزت في أول ثلاثة أيام على إطلاق الروس عملياتهم».
وقال جابر، وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، لـ«الشرق الأوسط»: «الروس يمتلكون بنك أهداف واسع، يضم أهدافا ثابتة وأخرى متحركة»، موضحًا أن الأهداف المتحركة «تضاعفت لأن (داعش) راقب الضربات، وبدأ بتبديل مواقع القيادة والسيطرة، بينما المخازن يصعب عليه نقلها». ولفت إلى أن الروس «يخططون لضربات في مائة يوم، يمكن أن تتمدد على ضوء التطورات الميدانية».
ولم تتوقف المعارك العسكرية في الشمال، في حين بدأت قوات «جيش الفتح» بالتخطيط لمعركة كبيرة، تستهدف الوصول إلى مدينة حماه، في ردّ استراتيجي على العمليات العسكرية التي أطلقتها القوات الحكومية وحلفاؤها. وتسعى قوات المعارضة إلى فرض حالة من الإرباك في صفوف القوات الحكومية التي شنت الأسبوع الماضي هجومًا واسعًا لاستعادة السيطرة على قرى وبلدات في سهل الغاب وريف حماه الشمالي والغربي، وريف إدلب الجنوبي، من غير أن تتمكن من تحقيق أي تقدم استراتيجي، بحسب ما أكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط».
وقال إن الهجوم الذي أعلن «جيش الفتح» عن تحشيد طاقاته له، «ليس سهلاً في ظل مشاركة سلاح الجو الروسي في المعارك»، لافتًا إلى أن «جيش الفتح» بدأ بالتحشيد فعلاً، بدليل وصول مقاتلين من ريف حلب الغربي في المناطق المحاذية لسهل الغاب وريف إدلب. ورأى أن الهجوم على حماه «يعني محاولة تحييد مطار حماه الذي لا يمكن للطائرات الروسية الاستغناء عنه وتسعى لتأمينه وتعزيز دوره في معارك الشمال»، لافتًا إلى أنه «إذا نجحت الخطة، فإنه ستخلق جوًا من الإرباك لقوات النظام».
وأعلن معارضون سوريون أمس، أن التحشيد لـ«غزوة حماه» بدأ. وفيما نقل ناشطون عن مصدر عسكري معارض لم يسموه «إننا أصبحنا جاهزون 100 في المائة لمعركة غزوة حماه وتم توزيع الجيش على الجبهات»، قال مصدر عسكري معارض في الشمال إن «جيش الفتح» وضع الخطة التي سيشارك بتنفيذها كل من «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» و«الاتحاد الإسلامي لأحرار الشام» و«فيلق الرحمن»، إلى جانب فصائل أخرى.
وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «الخطة، رسمت لكسر ثلاثة خطوط دفاعية عند قوات النظام في الشمال، أولها الخط الدفاعي من الشرق إلى الغرب، ويشمل بلدات معان ومورك باتجاه بريديج والمغير وتل عثمان. أما الثاني فيمتد عبر صوران ومعردس وحلفايا محردة باتجاه السقيلبية، بينما يبدأ الثالث من خطاب باتجاه تلة الشيحة، وتصل القوات إلى مشارف حماه ومطارها العسكري». وتابع: «المعركة ضخمة، وصعبة، لكننا نراهن على استنزاف قوات النظام، وانهيارها وهو احتمال وارد»، مشيرًا إلى أن السيطرة على حماه «ستفتح باب التقدم باتجاه حمص ودمشق».
وتجري التحضيرات، بحسب المعارضين، بموازاة تنفيذ طائرات حربية روسية عدة غارات على مناطق في بلدة اللطامنة ومحيط مناطق لطمين ولحايا ومعركبة ومناطق في قرية الصياد بريف حماه الشمالي، بينما استهدفت الفصائل الإسلامية بقذائف الهاون تمركزات لقوات النظام في النقطة السادسة بأطراف بلدة مورك في ريف حماه الشمالي، بحسب «المرصد».
وأعلن «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» عن معارك عنيفة شهدها ريف حماه الشمالي وتحديدًا في بلدة كفرنبودة بين مقاتليه وقوات النظام وحلفائها، بغطاء جوي روسي، مشيرًا إلى «إجبار قوات النظام على التراجع وتكبيدها خسائر كبيرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».