معركة البرلمان المصري تشتعل.. وسياسيون لـ «الشرق الأوسط»: حزب النور يجتهد للخروج بسلام

وزير الأوقاف يشدد على عدم التهاون مع تجار الدين

معركة البرلمان المصري تشتعل.. وسياسيون لـ «الشرق الأوسط»: حزب النور يجتهد للخروج بسلام
TT

معركة البرلمان المصري تشتعل.. وسياسيون لـ «الشرق الأوسط»: حزب النور يجتهد للخروج بسلام

معركة البرلمان المصري تشتعل.. وسياسيون لـ «الشرق الأوسط»: حزب النور يجتهد للخروج بسلام

فيما وصف بأنها أشرس حملة يتعرض لها حزب سياسي في مصر، يواصل حزب النور، الذي يعد أكبر الأحزاب السلفية في مصر، محاولاته للخروج الآمن من انتخابات برلمان مصر 2015، التي تجري مرحلتها الأولى في 17 و18 و19 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وهو ما أكده سياسيون لـ«الشرق الأوسط» بقولهم إن «السلفيين» لديهم أولويات أكثر أهمية، تتمثل في الخروج بالحزب بسلام من معركة انتخابية صعبة، تفرغت فيها كل التيارات المشاركة للهجوم على الحزب، وارتفعت أصوات كثيرة تطالب بحل الحزب.
وقال وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة إن «من يتاجر بدين الله سبحانه وتعالى لا يصلح أن يكون نائبا عن الشعب أو عضوا بمجلس النواب»، وشدد على أن الوزارة لن تتهاون تجاه «تجار الدين»، وأنها ستتخذ إجراءات ضد من يستغل منصبه كإمام أو خطيب في الانتخابات، أو يعلن ترشحه مستغلا منصبه، أو الدين في الدعاية الانتخابية، مبينا أن من يتاجر بدين الله لا يصلح أن يكون نائبا عن الشعب.
في نفس السياق، قرر وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة الشرقية (دلتا مصر)، إيقاف إمامي مسجدين بمركز ديرب نجم، وإحالتهما للشؤون القانونية للتحقيق معهما، بعد سماحهما لأحد المرشحين لمجلس النواب باستخدام المسجدين في الدعاية الانتخابية.
ومع اقتراب ساعة الحسم لانتخابات أول برلمان يعقب ثورة 30 يونيو 2013، والثاني بعد ثورة 25 يناير 2011، فيما عرف بالخطوة الأخيرة من استحقاقات خريطة الطريق التي أعلنت عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، تتحفظ قيادات في حزب النور على نهج بعض أجهزة الدولة في التعامل مع الدعاية الانتخابية لبعض المرشحين، ومحاولة إفساد العرس الانتخابي بالتربص لمرشحي الحزب ومؤيديه في معظم محافظات مصر.
وقال يونس مخيون، رئيس حزب النور السلفي، لأنصاره في مؤتمر انتخابي جرى في مدينة الإسكندرية، التي تعد معقل الحركة السلفية في مصر إن «منهجنا ألا نتصادم مع أحد.. وحتى في المعارضة نمارس المعارضة الرشيدة التي تقوم على الكلمة الطيبة والسلوك الحسن».
وكان وزير الأوقاف قد قال في تصريحات إعلامية أمس، تعليقا على قيام إمام وخطيب في إدارة أوقاف القرنة بمحافظة الأقصر بطبع صورته على جزء من القرآن وتوزيعه كدعاية انتخابية له، إن الوزارة لن تتردد في فصل هذا الإمام إذا ثبتت صحة تلك الاتهامات الموجهة إليه.
وجاء حزب النور في المركز الثاني بعد جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية السابقة في مصر، التي أجريت بعد مرور أقل من عام على ثورة 25 يناير عام 2011. وعندما قامت ثورة 30 يونيو 2013 انحاز الحزب لحركة الشعب وساندها ودعمها، وكان رئيسه يونس مخيون واحدا من الزعماء الدينيين والسياسيين الذين اصطفوا إلى جانب قائد الجيش وقتها الفريق عبد الفتاح السيسي عندما ظهر على شاشات التلفزيون في الثالث من يوليو (تموز) عام 2013 ليعلن عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، وملامح خريطة الطريق للمستقبل التي استبقت كتابة الدستور على انتخاب الرئيس والبرلمان.
ويوضح خبير في الحركات الدينية لـ«الشرق الأوسط» أن الأسلوب الحذر الذي اتبعه حزب النور في الفترة الأخيرة يعكس خطورة وضع «الإسلام السياسي» في مصر، ويأتي ذلك مع محاولات «النور» المستمرة في الرد على الاتهامات التي يسوقها أعضاء سابقون في الحزب وإسلاميون آخرون، بأنه خان القضية الإسلامية. وقد انسحب حزب النور، الذي سطع نجمه بعد الانتخابات البرلمانية عام 2012، من المنافسة على نصف المقاعد المخصصة للقوائم الحزبية، كما أنه يخوض الانتخابات للمنافسة على أقل من نصف المقاعد المخصصة للمرشحين الأفراد، وحتى في الإسكندرية التي تعد معقله التقليدي لا ينافس الحزب سوى على نصف المقاعد.
وأكد مخيون في مؤتمره الانتخابي بالإسكندرية أنه «ليس لدينا مشاكل مع أحد، فنحن على علاقة طيبة بالجيش، والشرطة، والحكومة». وحول أسلوب حزب النور، قال متخصص في الشؤون العربية بمركز بروكينجز لسياسات الشرق الأوسط في واشنطن لوكالة رويترز «لقد لعبوا بحذر شديد واستمروا بفضل واقعيتهم.. ومن وجهة نظر الدولة فإن حضور (النور) مفيد جدا، فها هم إسلاميون ما زالوا على الساحة، بل ويفوزون بمقاعد في الانتخابات. وهذا مفيد جدا إذا أردت أن تعطي الانطباع بالتعددية».
ويقول مراقبون إن الحزب يسعى لتأمين نفسه من بطش أجهزة الدولة؛ لكن خلال الشهر الجاري اعترض شبان إسلاميون طريق مسيرة للحزب في الإسكندرية أيضا، فيما يقول أنصار «النور» إن الحزب أنقذ مصر من السقوط في هاوية الفوضى، التي اجتاحت الدول المجاورة بتأييده عزل مرسي، الذي يقول معارضوه إنه أساء إدارة البلاد وتسبب في استقطاب حاد فيها.
ويعد الحزب بالحفاظ على «هوية مصر الإسلامية» من خلال ضمان ألا يصدر البرلمان أي تشريع يتعارض مع الشريعة، وكذلك «تنقية» القوانين الحالية من أي تعارض من هذا النوع. لكن موافقة حزب النور على خريطة الطريق التي أعلنت في 3 يوليو لا تعني أنه سيظل بأمان، ذلك أن أحد بنود الدستور الجديد الذي تم إقراره عام 2014 ووافق عليه حزب النور، يحظر وجود الأحزاب الدينية، وقد رفعت عدة قضايا في المحاكم للمطالبة بحل حزب النور، لكن لم ينجح أي منها حتى الآن. وأثارت تصريحات صحافية لرئيس الحزب مخيون قبل أيام أزمة كبيرة بسبب ما تطرقت إليه عن المرأة والأقباط، لتعلو من جديد أصوات منظمات وحركات ترفع شعار «لا للأحزاب الدينية»، مطالبة بخروج «النور» من المشهد السياسي.



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».