السيستاني يحذر من تأجيل الانتخابات ويطالب بضمان مشاركة أهالي الأنبار فيها

أستاذ في الحوزة العلمية: المرجعية الدينية ترى أن خراب العراق يكمن في المحاصصة

قوة أمنية عراقية تداهم أمس بيتا في مدينة الرمادي بحثا عن الأسلحة بعد اشتباكها مع عناصر تنظيم القاعدة (رويترز)
قوة أمنية عراقية تداهم أمس بيتا في مدينة الرمادي بحثا عن الأسلحة بعد اشتباكها مع عناصر تنظيم القاعدة (رويترز)
TT

السيستاني يحذر من تأجيل الانتخابات ويطالب بضمان مشاركة أهالي الأنبار فيها

قوة أمنية عراقية تداهم أمس بيتا في مدينة الرمادي بحثا عن الأسلحة بعد اشتباكها مع عناصر تنظيم القاعدة (رويترز)
قوة أمنية عراقية تداهم أمس بيتا في مدينة الرمادي بحثا عن الأسلحة بعد اشتباكها مع عناصر تنظيم القاعدة (رويترز)

حذر المرجع الديني الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني من مغبة تأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق والتي من المفترض إجراؤها في الثلاثين من أبريل (نيسان) المقبل، مطالبا في الوقت نفسه بأن تكون هناك مرونة في عمل مفوضية الانتخابات.
وقال رئيس الإدارة الانتخابية في مفوضية الانتخابات مقداد الشريفي، في مؤتمر صحافي، عقده في النجف أمس بعد استقبال السيستاني في مكتبه لوفد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، إن «المفوضية أطلعت المرجعية الدينية على آلية توزيع البطاقات والوضع الانتخابي في الأنبار»، مبينا أن «المرجعية أكدت على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد وطلبت منا إعطاء مرونة في إجراءاتنا لضمان مشاركة أكبر عدد من المواطنين بالانتخابات». وأضاف الشريفي أن «المرجعية طلبت منا إعطاء بعض الإجراءات الخاصة للأنبار وضمان تصويت سكانها في يوم الاقتراع العام»، متابعا «كما أوصتنا بالعمل بمهنية والوقوف من جميع الكتل السياسية على مسافة واحدة»، مشيرا إلى أنه «كانت توجد تخوفات لدى المرجعية بخصوص توزيع البطاقة الإلكترونية ونحن شرحنا الآليات المتبعة لاعتماد البطاقة وضمان حصول الناخب على بطاقته الشخصية»، موضحا أن «توزيع 60 في المائة من البطاقات لغاية اليوم في الفرات الأوسط و40 في المائة في الجنوب ويوم غد سنباشر بتوزيعها في محافظة الأنبار». وأوضح الشريفي أن المفوضية اتخذت «إجراءات جديدة تمثلت بإضافة ساعة كاملة لتوقيت التصويت في يوم الاقتراع العام»، مؤكدا ورود «شكاوى تخص المخالفات من قبل المرشحين والكتل السياسية لنظام الحملات الانتخابية من تعليق صور وبوسترات، ودعوناهم إلى رفعها من الساحات الشوارع كونها التفافا على الحملة الانتخابية»، داعيا المرشحين إلى «الابتعاد عن التسقيط السياسي والتزام الجميع بضوابط المفوضية».
وبشأن عدد المشمولين بإجراءات المساءلة والعدالة قال رئيس الدائرة الانتخابية إن «عدد المشمولين بالمساءلة والعدالة بلغ أكثر من 400 مرشح شملوا بإجراءاتها، منهم 150 مرشحا تم إرجاعهم بعد تقديم الطعون وعدم ثبوت الدليل ضدهم»، مشيرا إلى أنه «تم استبعاد 69 مرشحا لوجود قيود جنائية ضدهم»، لافتا إلى أن «كل هذه الأعداد خاضعة للطعن والقرارات ملزمة للجميع وتوجد هيئة قضائية خاصة بهذا الموضوع».
وفي هذا السياق، أكد الأستاذ في الحوزة العلمية بالنجف حيدر الغرابي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المرجعية ومنذ بدء عملية التغيير التي تمثلت بإسقاط النظام السابق عام 2003، حرصت على أن تقف على مسافة واحدة من الجميع، وقد تمثل ذلك في قضايا مفصلية في هذا المجال». وكشف الغرابي أن «هناك قوى سياسية كانت قد طالبت المرجعية بأن تكون لها كلمتها باتجاه معين من خلال توجيه الناس بشأن كتلة أو جهة، إلا أنها رفضت ذلك، مبينة أنها أكدت وبوضوح أنها مع مبدأ التغيير الذاتي للعراقيين دون فرض أو قسر من أحد، وبالتالي فإن الحيادية والوقوف على مسافة واحدة من جميع العراقيين سنة أو شيعة هو ما يميز موقف المرجعية العليا». وأضاف الغرابي أن «الأحزاب الدينية المشاركة في العملية السياسية هي ذات توجه طائفي وهو ما لا يلائم مواقف المرجعية لأنها ترى أن خراب العراق يكمن في المحاصصة، وبالتالي فإنها تتمنى أن تكون هناك قائمة واحدة عابرة لكل هذه الانتماءات ولديها برنامج عمل لكنه للأسف غير موجود حاليا»، مبينا أن «رؤساء الكتل هم من يختار الشخصيات التي لا هم لها سوى إرضائهم». وبشأن تأكيد السيستاني على ضرورة مشاركة أهالي الأنبار بالانتخابات قال الغرابي إن «الأنبار معادلة صعبة سواء في الانتخابات أو في عموم الأوضاع في العراق، لأن حرمان السنة بأي شكل من الأشكال يؤدي إلى عدم استقرار الأوضاع في عموم العراق»، مشيرا إلى أن «السيد مقتدى الصدر كان له دور بارز في هذا المجال لا سيما من خلال اتصالاته مع الشيخ الدكتور حارث الضاري بشأن ضمان مشاركة السنة وعدم تهميش أي طرف»، معتبرا أنه «من الضروري منح السنة الضمانات الكافية والانفتاح على رموزهم الدينية لا سيما الشيخ الدكتور الضاري لأنه لا يمكن تهميش شخصية مثله».
من جانب آخر، دعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الكيانات السياسية والمرشحين إلى «الالتزام بأنظمتها في ما يخص الحملات الانتخابية»، وطالبتها «بإزالة جميع أشكال الدعايات الانتخابية من صور ولافتات خلال 48 ساعة». وقالت المفوضية في بيان لها أمس إن «المفوضية تدعو الكيانات السياسية والمرشحين إلى الالتزام بالأنظمة والإجراءات المتخذة من قبل المفوضية بخصوص الحملات الانتخابية». وأضاف البيان أن «المفوضية قررت دعوة الكيانات والمرشحين لإزالة جميع أشكال الدعايات الانتخابية من صور ولافتات خلال 48 ساعة»، موضحا أنه «خلاف ذلك سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين لنظام الحملات الانتخابية رقم 7 لعام 2013». وأوضح أن «هذه اللافتات الدعائية والصور المنتشرة في بغداد والمحافظات تعد التفافا وخرقا للأنظمة والإجراءات التي وضعتها المفوضية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.