السلطات الهولندية تسعى إلى إيواء آلاف اللاجئين وسط استياء شعبي

سكان قرى يرفضون استقبالهم بحجة ركوب الدراجات في الجانب الخطأ من الطريق

مواد غذائية عربية في محل لبيع معدات الحديقة في قرية أورانجي الهولندية التي استقبلت مئات اللاجئين الأسابيع الماضية (أ.ب)
مواد غذائية عربية في محل لبيع معدات الحديقة في قرية أورانجي الهولندية التي استقبلت مئات اللاجئين الأسابيع الماضية (أ.ب)
TT

السلطات الهولندية تسعى إلى إيواء آلاف اللاجئين وسط استياء شعبي

مواد غذائية عربية في محل لبيع معدات الحديقة في قرية أورانجي الهولندية التي استقبلت مئات اللاجئين الأسابيع الماضية (أ.ب)
مواد غذائية عربية في محل لبيع معدات الحديقة في قرية أورانجي الهولندية التي استقبلت مئات اللاجئين الأسابيع الماضية (أ.ب)

في قرية هولندية صغيرة، أضاف محل لبيع لوازم الحديقة، يملكه جان فورتمان، إلى مجموعة النباتات والبذور بعض المنتجات الجديدة، تشمل الفلافل، والكسكسي، والشيشة.
يستفيد صاحب المتجر الزراعي من توافد السكان الجدد على ريف قرية أورانجي، التي كان تعداد سكانها 130 شخصا حتى وقت قريب، والتي أصبحت تؤوي مئات من طالبي اللجوء القادمين من سوريا والسودان وإريتريا في مخيم مهجور كان مخصصا لقضاء العطلات. وعلى عكس فورتمان الذي رحب بالزبائن الجدد، يتبنى سكان قريته موقفا مختلفا للغاية.
جاء رد فعل القرويين، الذين وافقوا بصعوبة، قبل عام، على قدوم 700 مهاجر إلى قريتهم، غاضبا الأسبوع الماضي، بعدما أعلنت الحكومة عن قرار إرسال 700 آخرين. وأدّى ذلك إلى تحول قرية أورانجي إلى أحدث نقطة ساخنة في الجدل الذي يشهد استقطابا بشكل متزايد حول كيف يمكن لهذه الدولة المكتظة بالسكان، والتي يبلغ تعداد سكانها 17 مليون نسمة، أن تستوعب آلاف المهاجرين المتدفقين عليها.
وبرزت خلافات مماثلة في أماكن أخرى في أوروبا، في ظل مناضلة القارة لاستيعاب مئات الآلاف من المهاجرين. ونظم القرويون وسكان البلدات في بعض مناطق ألمانيا أيضا احتجاجات ضد إنشاء مراكز متخصصة لإيواء طالبي اللجوء، رغم أن العديد من الألمانيين غيرهم بذلوا مجهودات كثيرة لمساعدة المهاجرين.
وانتهى جدل إسكان المهاجرين في أورانجي بالاتفاق على نقل 103 من المهاجرين الجدد إلى أورانجي، ليصل مجموع المهاجرين هناك إلى 803 أشخاص. ووصفت الوكالة المسؤولة عن تسكين طالبي اللجوء قرار إرسال المزيد إلى أورانجي بأنه «صعب، لكن لا مناص منه»، نظرا لعدم وجود سكن مناسب في مكان آخر.
ووقع الاختيار على أورانجي، لأنها قرية تحتوي على مخيم لقضاء العطلات به 1400 سرير، غير أن القرويين اعتبروا أن القرار «خيانة» من جانب الحكومة المركزية في لاهاي، التي تبعد عن المنطقة بأكثر من 200 كيلومتر (125 ميلا)، لأنها كانت قد تعهدت بعدم إرسال المزيد إلى القرية بعد إرسالها 700 مهاجر خلال العام الماضي.
وقال فورتمان: «كان الأمر يسير على ما يرام. وكان الجميع راضين». لكن عندما أعلن وزير العدل، كلاس دايكوف، عن قراره خلال اجتماع مع القرويين يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، بشأن قدوم مئات المهاجرين الجدد إلى القرية «تغير حال الجميع». وبعد انتهاء الاجتماع، وقفت امرأة غاضبة من قرار إرسال عدد أكبر من المهاجرين أمام سيارة دايكوف، وتم سحبها وهي تصرخ إلى جانب الطريق، فسقطت وأصيبت ذراعها بجروح. وعلق دايكوف على الحادث للصحافيين في البرلمان الهولندي في اليوم التالي: «أنا أتفهم صدمة الناس». وبعد يومين، قام أحدهم بطلاء علامة في مدخل القرية تشير إلى اسم «أورانجي» بالأسود، وكتب عليها اسم «سوريا». ولم يكن واضحا متى تم تشويه العلامة.
في المقابل، يرحب الكثير من الهولنديين بالمهاجرين بأذرع مفتوحة، لكن آخرين يعارضون التحركات بإنشاء مراكز لطالبي اللجوء في بلداتهم وقراهم.
من جانبه، يواجه رئيس الوزراء الهولندي، مارك روتا، انتقادات لمعالجته الأزمة، في حين أن النائب المعادي للإسلام غيرت فيلدرز شاهد صعود شعبية حزبه «الحرية» في استطلاعات الرأي الحديثة بسبب مناهضته إقامة مراكز للمهاجرين الجدد. ويجادل الحزب بأن هولندا ينبغي عليها ببساطة إغلاق حدودها.
ومع ذلك، يستمر طالبو اللجوء في التدفق إلى البلد. وقد وصل نحو 3 آلاف شخص خلال الأسبوع الماضي فقط، وشهد الأسبوع الذي سبقه مجيء 2400 شخص، ونحو 4200 شخص منذ 3 أسابيع. وتسبب ذلك في رفع الضغط على السلطات للسعي جاهدة من أجل توفير أماكن لإيواء اللاجئين. ويجري استخدام حدائق وصالات رياضية كمراكز إيواء مؤقت، فيما يتم تكليف مجالس المحليات بالبحث عن مواقع أخرى مناسبة.
وحتى الآن، وفقا للسكان المحليين، تقتصر المشاكل الناجمة عن تدفق طالبي اللجوء بأعداد كبيرة على ركوبهم الدراجات في الجانب الخطأ من الطريق أو السير في وسط الشوارع أثناء الليل؛ مما يشكل خطرا على أنفسهم، وعلى سائقي السيارات المحليين. وأقر رئيس البلدية، تون باس، بأن وصول المهاجرين أحدث تغييرا جذريا في القرية الريفية الهادئة. وأضاف باس: «هؤلاء المهاجرون جاءوا من ثقافة أخرى. وهم يسيرون في الطريق كثيرا. ويخرجون كثيرا. لأنهم ليس لديهم ما يفعلونه». وتابع: «لذلك نراهم دائما في الطريق. وهذا يعطي القرية مظهرا مختلفا تماما».
وكان أحد القادمين خلال هذا الأسبوع هو محمد زياد، البالغ من العمر 28 عاما، من حمص في سوريا، والذي عَبَر أوروبا في شاحنة مهربة للبشر بعد قيامه برحلة بالقارب محفوفة بالمخاطر من تركيا إلى جزيرة رودس اليونانية.
وبينما كان يشتري بعض الأشياء من متجر فورتمان، تلفظ زياد ببعض الكلمات الطيبة عن قرية أورانجي. وقال: «أحببتها حقا. ونحن نتشارك غرف النوم والحمامات مع بعضنا بعضا». وأضاف: «إنها هادئة، ويحب الناس بعضهم بعضا، لأننا جميعا - كما تعرف - في الموقف نفسه».



فرنسا ترفض توضيح موقفها من توقيف بوتين بموجب مذكرة «الجنائية الدولية»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في كازاخستان (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في كازاخستان (رويترز)
TT

فرنسا ترفض توضيح موقفها من توقيف بوتين بموجب مذكرة «الجنائية الدولية»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في كازاخستان (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في كازاخستان (رويترز)

أحجمت فرنسا، اليوم الخميس، عن الإفصاح عن استعدادها لاعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بموجب مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية من عدمه، في وقت تتعرض فيه باريس لضغوط بسبب موقفها من مذكرة اعتقال مماثلة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، الأسبوع الماضي، مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، والقائد العسكري في حركة «حماس» محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف باسم محمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الصراع في قطاع غزة.

وجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا، من الموقعين لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لكن باريس قالت، الأربعاء، إنها تعتقد أن نتنياهو يتمتع بحصانة من إجراءات المحكمة؛ لأن إسرائيل لم توقع نظام المحكمة.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أيضاً مذكرة بحق بوتين، واتهمته بارتكاب جريمة حرب تتمثل في ترحيل مئات الأطفال بشكل غير قانوني من أوكرانيا، وذلك على الرغم من أن روسيا ليست من الدول الموقعة لظام روما الأساسي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستوف لوموان، الخميس، إن الموقف القانوني لفرنسا بشأن مذكرتي الاعتقال الصادرتين بحق بوتين ونتنياهو يظل واحداً بشكل أساسي، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكر لوموان، للصحافيين: «ربما كنا أقل تحديداً عند التعليق على قضية بوتين مقارنة بالقضية الحالية، لكن موقفنا يظل متطابقاً على أي حال».

ورداً على سؤال عما إذا كان هذا يعني أن فرنسا لن توقف بوتين إذا وطئت قدماه الأراضي الفرنسية، أجاب لوموان: «في ما يتعلق بفلاديمير بوتين، فإن كل من ارتكب جرائم لا يمكن أن يفلت من العقاب. تجب محاسبتهم على أفعالهم، وقلنا دائماً إننا سنطبق القانون الدولي في جميع جوانبه».

لكنه أضاف أن مسألة الحصانة، التي ذكر أنها منصوص عليها في نظام روما الأساسي، «معقدة»، وأن وجهات نظر الدول تختلف أحياناً بشأن هذه القضية.