معهد الدراسات الاستراتيجية: استهداف موسكو المعارضة المعتدلة «أسوأ سيناريو في سوريا»

إميل حكيم أكد لـ («الشرق الأوسط») أن الأسد خلق الظروف المواتية لصعود «داعش» وغيرها من المنظمات الإرهابية

في الاطار إميل حكيم خبير معهد  الدراسات الاستراتيجية
في الاطار إميل حكيم خبير معهد الدراسات الاستراتيجية
TT

معهد الدراسات الاستراتيجية: استهداف موسكو المعارضة المعتدلة «أسوأ سيناريو في سوريا»

في الاطار إميل حكيم خبير معهد  الدراسات الاستراتيجية
في الاطار إميل حكيم خبير معهد الدراسات الاستراتيجية

تحولت روسيا فجأة من دولة كانت تدعي تبنيها للحل السياسي للأزمة السورية، وترحب باستضافة اللقاءات بين المعارضة السورية والنظام إلى طرف متحيز للنظام في الحرب، وفجأة أيضًا شطبت روسيا المعارضة السورية والجيش السوري الحر من الوجود، وصار الصراع المسلح الدائر في سوريا بالنسبة إليها صراعا بين النظام السوري والإرهاب، وصارت تقصف قصفا مدمرا بسلاح طيرانها الشعب السوري برمته بذريعة محاربة «داعش». ولقد صار لـ«داعش» مدلول عندها أوسع من المدلول المتداول لدى الدول الغربية، حيث صار كل من يحمل السلاح ضد النظام السوري داعشيا. «الشرق الأوسط» أجرت حوارا مع د. إميل حكيم، أبرز خبراء معهد الدراسات الاستراتيجية بلندن، الذي انفرد بأكثر من مقال عن «داعش» والوضع الاستراتيجي على الأرض في سوريا في التقرير السنوي الذي نشرته «الشرق الأوسط» منذ أسابيع قليلة. يقول حكيم: «استثمرت إيران كثيرا في بقاء نظام الرئيس الأسد، لكن هذا لا يعني أن إيران تقاتل في دمشق. وفي الواقع، تفضل إيران تطوير وتعزيز الحلفاء والوكلاء المحليين بدلا من التدخل المباشر المكلف. وقد أرسلت طهران مستشارين وأفرادا بدرجة عالية من التخصص لمساعدة قوات الأسد في التأقلم مع الحرب الدائرة».
وجاء الحوار على النحو التالي:
* ما التكوين الفعلي لتنظيم داعش من حيث الخلفية القومية والعرقية؟
- «داعش» عبارة عن مجموعة متنوعة للغاية، لديه عناصر عراقية وسورية قوية، بجانب 30 ألف مقاتل أجنبي (بينهم عرب وآسيويون وقوقاز وغربيون). ويعد هذا التنوع مصدر قوة وضعف في نفس الوقت. ويمتلك «داعش» استراتيجية اتصالات مجزأة للتجنيد والتعبئة: يخبر الجماهير المتنوعة بأشياء مختلفة.
* تفيد تقارير عدة بوجود علاقات وثيقة بين «داعش» وحكومة الرئيس الأسد تعود إلى عام 2012، فما تقييمك لذلك؟
- لا توجد أية علاقات وثيقة بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتنظيم داعش. ولم ينشئ الأسد تنظيم داعش، لكنه خلق الظروف المواتية لصعود التطرف ممثلا في «داعش» وغيرها من المنظمات الإرهابية في الداخل السوري،، من خلال إطلاق المتشددين، كذلك أساليب القمع الوحشي الذي اتخذته السلطات السورية بحق الانتفاضة، فقد ارتأى الأسد أن نمو التنظيمات المتطرفة يؤكد صحة روايته، ويعقد الأمور أمام المعارضين، ويضع عراقيل أمام الغرب. ومن الممكن أن تكون المخابرات السورية تسللت عبر «داعش».
ويتشارك «داعش» والأسد هدف تقويض المعارضة المعتدلة، وهذا يفسر التفاهم غير المعلن الذي حكم علاقاتهما لبضع سنوات، ويمنع قتال بعضهما لبعض بشكل مباشر. وقد تفكك هذا التفاهم الآن.
* ما الذي نعرفه عن الهياكل الإدارية والمالية والسياسية لـ«داعش»؟
- «داعش» هو تنظيم لا مركزي إلى حد كبير. وفي حين أن الشورى تجمع كبار قادته، إلا أن الأمراء الإقليميين مخولون بالحكم والتقدم على النحو الذي يرونه مناسبا.
* ما مدى صحة تقارير الانشقاقات في صفوف «داعش» بين «المواطنين» من أصل سوري وعراقي و«المهاجرين» من أراض أخرى؟
- تواردت التقارير حول وجود توتر بين صفوف «داعش». وباعتباره تنظيما متنوعا، هناك بالفعل فجوات ثقافية وتطلعات متفاوتة. ويمتلك المقاتلون العراقيون والسوريون دوافع مختلفة عن المقاتلين الغربيين، الذين لديهم رغبة قصوى في الحكم الإسلامي. وغالبا ما يشتكي أعضاء «داعش» العرب من معاملة المقاتلين الغربيين بشكل أفضل، بينما يشعر الجهاديون الغربيون في كثير من الأحيان بالتلاعب بهم من قبل المقاتلين العرب.
* ما حجم الوجود العسكري الإيراني في سوريا؟
- استثمرت إيران كثيرا في بقاء نظام الرئيس الأسد، لكن هذا لا يعني أن إيران تقاتل في دمشق. وفي الواقع، تفضل إيران تطوير وتعزيز الحلفاء والوكلاء المحليين بدلا من التدخل المباشر المكلف. وقد أرسلت طهران مستشارين وأفرادا بدرجة عالية من التخصص لمساعدة قوات الأسد في التأقلم مع التمرد. وتقول بعض المصادر إن ما يصل إلى 7000 عنصر إيراني في سوريا. وما لا يمكن إنكاره أن إيران فقدت عددا من كبار الضباط في سوريا.
* هل هناك آلية للتنسيق بين روسيا وإيران والنظام السوري؟
- مما لا شك فيه أن هناك تنسيقا على مستوى عالٍ بين الأطراف الثلاثة، لكننا لا نعرف حتى الآن الآليات بالتحديد.
* يكتنف الغموض العلاقات بين «داعش» وتركيا، هل يمكن أن تلقي بعض الضوء على ذلك؟
- بعد إدراك حدود قوتها الخاصة في 2011 – 2012، قدمت تركيا عملية حسابية محفوفة بالمخاطر بأن الحركات الإسلامية المتشددة التي تنمو في سوريا قد تضعف الأسد، ويمكن إدارتها والسيطرة عليها لاحقا. وأصبحت تركيا متراخية إزاء صعود الجهادية، التي ساهمت في الوضع الحالي.
* تزعم التقارير الاستخباراتية الغربية أن نظام الأسد ليس متحدا في مسألة قبول الرعاية الروسية والإيرانية. كيف تقيم التقارير عن وجود فصيل موال للغرب داخل النظام؟
- هناك بالتأكيد جدل داخل النظام حول الاستراتيجية المقبلة، لكن لا توجد أية دلائل على خلافات كبيرة بشأن التحالف مع إيران وروسيا، الذي يعد ضروريا لبقاء نظام الأسد. ولا أرى فصيلا مواليا للغرب هناك الآن، لكن أعضاء النظام الذين يرغبون في الحصول على الإذعان الغربي للنظام ما زالوا في السلطة.
* من وجهة نظرك ما أسوأ سيناريو لسوريا؟
- يستمر الوضع في التفاقم، لذلك من الصعب تحديد سيناريو واحد. لكن أحد هذه السيناريوهات سيكون: مواصلة روسيا ونظام الأسد في التركيز على مهاجمة المعارضة المعتدلة، بينما يغتنم «داعش» هذه الفرصة لمهاجمة نفس المعارضة، وانسحاب الغرب بقيادة الولايات المتحدة من الصراع.
* ماذا كانت أبرز النيات الروسية وراء لجوء موسكو إلى التدخل المباشر في سوريا؟ متى يمكن أن نتوقع بدءها في الهجوم البري؟
- تسعى روسيا أولاً وأخيرًا إلى تأمين بقاء الأسد. وقد خلصت من التقييمات التي أجرتها على مدار الربيع والصيف إلى أن الأسد يتهاوى بسرعة، لذا رغبت في وقف هذا التداعي وتعزيز قوته. وتدرك روسيا أنه حال سقوط الأسد فإنه لن يتبقى نظام حاكم داخل سوريا. وعليه، لن يبقى أمامها سوى التعامل مع مجموعة من لوردات الحرب العلويين وأذناب النظام السابق. وليس لدى موسكو استعداد أو قدرة للقيام بذلك. وباعتبارها قوة عالمية، ترغب روسيا في التعامل مع حكومة، مهما كانت ضعيفة، لأن وجود حكومة يضفي شرعية على مشاركة موسكو ويمكنها من الاستشهاد بالقانون الدولي، حتى وإن كان على نحو مراوغ، في إطار ألاعيبها السياسية.
ولا أعتقد أن روسيا ستبدأ عمليات برية خاصة بها. قد تنشر مستشارين إلى جانب قوات الأسد، لكن تبقى الميزة الكبرى التي تحملها معها روسيا كامنة في القدرات الاستخباراتية وقدرات المراقبة والاستطلاع، بجانب القوة الجوية. يذكر أن نقطة تفوق الأسد في السنوات الأخيرة على المعارضة تمثلت في القوة الجوية، لكنها لم تبلغ درجة كافية من التقدم تمكنها من توفير دعم تكتيكي للقوات على الأرض (وإنما كانت متقدمة بما يكفي لأن تدمر مدنًا وتقتل مدنيين وتحول كثير من أرجاء سوريا إلى جحيم). من المقرر أن تسد الطائرات والمروحيات الروسية هذه الفجوة، وتوفر الدعم للعمليات البرية لنظام الأسد ضد المسلحين الإسلاميين وغير الإسلاميين، وكذلك ضد «داعش» عند لحظة معينة.
في غضون شهور قليلة، سيتداعى التيار الرئيسي من المعارضة المسلحة الذي تحاربه روسيا وإيران والأسد، ما سيدفعه نحو الراديكالية، بينما سيبقى «داعش» قائمًا. وأعتقد أن روسيا حينها ستطرح خطة على الولايات المتحدة ودول أخرى تقضي ببقاء الأسد في السلطة وتقديم حد أدنى من التنازلات (بعض السلطات الإضافية لرئيس الوزراء، وعقد انتخابات تنطوي على إشكاليات جمة، والسماح للمعارضة «الصحية» فحسب بالانضمام إلى المشهد السياسي، وما إلى غير ذلك). في ذلك الوقت، ستقدم موسكو نفسها كقوة نبيلة وبناءة وستخبر العالم بأنه: «لقد أحضرنا الأسد، فمن تستطيعون إحضاره؟»، هذا الوضع لن يكون مقبولاً لدى المسلحين والمعارضة، لكن الأولى ستكون قد استنزفت وتحولت إلى الراديكالية، بينما الثانية ستكون منقسمة على نفسها. هذه هي خارطة الطريق الروسية، على الأقل كما أفهمها.
* كيف يمكن أن نرسم خطًا فاصلاً بين أين تبدأ المصالح الروسية وأين تنتهي المصالح الإيرانية؟ هل هناك أية نقاط اختلاف خفية؟
- على المدى القصير، ليس هناك خلاف استراتيجي بين روسيا وإيران، فكلاهما يتفق على الحاجة إلى ضمان بقاء الأسد، وحريص على ملء الفجوة التي خلقها تراجع الولايات المتحدة عبر خلق تحالفات جديدة في المنطقة. حتى الآن، يحالف هذه الاستراتيجية النجاح، وطالما أنها تنجح سيبقى في الإمكان تسوية الخلافات بين الدولتين. إلا أنه على المدى المتوسط ربما لا تتوافق الاستراتيجيات الروسية والإيرانية تمامًا.
من جانبها، تشعر إيران بالسعادة لعملها من خلال حلفاء ووكلاء داخل سوريا مثلما فعلت في دول أخرى. أما روسيا فتفضل دعم الحكومة وإعادة بناء قوتها العسكرية بمرور الوقت. وهنا تكمن المفارقة، فإيران اليوم قد تضمن مصالحها داخل سوريا من دون الأسد، بينما يتعذر على روسيا ذلك (رغم أن كليهما يفضل بوضوح بقاء الأسد - إننا هنا نتحدث عن خطط طارئة).
وقد تكون موسكو وطهران قد اتفقتا بالفعل على تقسيم العمل بينهما، من حيث المهام والمناطق. وسوف نعاين ذلك خلال الأسابيع المقبلة، لكن تبقى الحقيقة أن لكل منهما قدراته الخاصة وموارده التي يوجهها نحو القتال.
بمرور الوقت، ستنبع التوترات من الرغبة الروسية في إصلاح وكبح جماح الميليشيات المتنوعة التابعة للنظام، خصوصا قوات الدفاع الوطني. وقد استثمرت إيران بصورة هائلة في بناء بعض من هذه الميليشيات كسياسة تأمينية ضد سقوط نظام الأسد.
* بالنظر إلى عدم الفعل الأميركي، إلى أي مدى ستتحرك روسيا؟ هل ستقبل واشنطن تداعيات ظهور نظام إقليمي تهيمن عليه روسيا في الشرق الأدنى؟
- يتمثل هدف أوباما في عدم التورط على نحو يصعب الفكاك منه داخل سوريا، مهما كانت تكاليف ذلك بالنسبة للمصداقية والنفوذ الأميركيين. وبغض النظر عن مدى الحرج الذي يسببه له ذلك، فإن التصعيد الروسي يخدم على الأقل هذا الغرض، حيث يمكن لأوباما التوجه إلى الرأي العام والنخبة داخل أميركا وقول: «هل تودون حقًا المخاطرة بالتصعيد في مواجهة روسيا حول سوريا، حيث ليس هناك ما يمكن الفوز به بتكلفة معقولة؟».
من جهته، لا يبدي أوباما اهتماما بالحفاظ على النظام الأميركي المتداعي أو تصميم آخر جديد، وإنما وضع نصب عينيه مصالح أميركية أكثر ضيقًا، ويتفق معه في ذلك كثير من الأميركيين. يعتقد أوباما أن الولايات المتحدة لا يمكن ولا ينبغي أن تكون المصمم الرئيسي والضامن الأساسي لأمن الشرق الأوسط. وعليه فإنه مع تمترس الولايات المتحدة إقليميًا، تظهر فجوة أمام إيران، والآن تسارع روسيا لسدها ومحاولة إعادة تصميم التحالفات بالمنطقة. وقد تمنى هذه الجهود بالفشل وتأتي على حساب تكلفة باهظة لكلا البلدين (وهو الاعتقاد السائد داخل معسكر أوباما)، لكن على المدى القصير يبدو البلدان انتهازيين وبلا هوادة في مساعيهما وراء جني مكاسب.
* هل تعتقد أن واشنطن تأمل في - وتعمل من أجل - هزيمة إردوغان في تركيا، على أمل أن يضعف هذا من شوكة الإسلاميين؟
- ليست لدي أدنى فكرة، فأنا لست متخصصًا في الشأن التركي، لكن أشك في أن واشنطن تتدخل في الانتخابات التركية.
* هل بإمكان المعارضة السورية البقاء حال تعرضها لضربات جوية روسية بالتزامن مع هجوم إيراني بري، ولا مبالاة أميركية واضحة؟
- ستواجه المعارضة السورية المسلحة شهورًا عصيبة للغاية، ذلك أن اتحاد جهود طهران وموسكو و«حزب الله» والأسد من المحتمل أن يسفر عن انتكاسات حقيقية على الأرض. وعليه، وبالنظر إلى الشعور بأن الغرب قد تخلى عنهم، فإن المعارضة المسلحة من المحتمل أن تتحول إلى الراديكالية وترفض أي مسار سياسي، بل إن المعارضة السياسية، في ظل ما تعانيه من ضعف وانقسام، ستواجه معضلة: رفض الحوار برعاية روسية ورعاية الأمم المتحدة والظهور بمظهر الرافض للتعاون مع المجتمع الدولي أم قبوله ومواجهة غضب المسلحين ورفضهم.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».