«مأوى فلوريدا» يعوض أفيال السيرك عن سنوات الشقاء

يقدم لهم الفواكه وجولات التريض

«مأوى فلوريدا» يعوض أفيال السيرك عن سنوات الشقاء
TT

«مأوى فلوريدا» يعوض أفيال السيرك عن سنوات الشقاء

«مأوى فلوريدا» يعوض أفيال السيرك عن سنوات الشقاء

يقدم مركز الحفاظ على الأفيال في ولاية فلوريدا الأميركية، خدمات مرفه نسبيًا لحيوانات الأفيال المتقاعدة بعد سنوات طويلة من العمل في السيرك.
ويستمتع النزلاء في مأوى فلوريدا بوجبات غنية بالفاكهة والخضراوات الموسمية بالإضافة إلى القش والتبن إلى جانب تمتعهم بالاستحمام وجولات التريض.
هذه الحياة المترفة نسبيًا لتلك الحيوانات المهيبة في مركز الحفاظ على الأفيال ومساحته 200 فدان تجيء بعد سنوات من العمل الشاق في مجال الترفيه في أضخم استعراض في العالم الذي يقدمه سيرك أميركي خاص. وتحت ضغط الجماعات المدافعة عن حقوق الحيوان بدأ السيرك الاستغناء عن الحيوانات في عروضه.
وفي مارس (آذار) الماضي أعلن سيرك رينجلينج بروس برانوم أند بيلي أنه سينهي عروض الأفيال عام 2018. وقال إنه يريد استخدام الأفيال المتقاعدة في جهود إنقاذ الأنواع المهددة بالانقراض من خلال التناسل والأبحاث.
وقال كينيث فيلد المدير التنفيذي لصاحب السيرك: «إذا لم نفعل ستنقرض الأفيال في أميركا الشمالية على الأرجح خلال 25 عاما أو أقل. والأفيال الآسيوية وهي أصغر حجمًا وأندر من الأفيال الأفريقية وتلقى إقبالا كبيرًا من رواد عروض السيرك. وعددها على مستوى العالم أقل من أربعين ألفا. ويعيش نحو 250 فيلا آسيويًا في الأسر في الولايات المتحدة من بينها 26 ولدت خلال العشرين عاما الماضية في منشآت رينجلينج.
ويعيش الآن في ضيعة بوسط فلوريدا 29 فيلا من بين 42 فيلا آسيويا يملكها السيرك. وتقضي الأفيال يومها في الهواء الطلق في أماكن مسيجة على مرأى ومسمع من بعضها بعضا وتستمع بأكل الخبز الأبيض كمكافأة من حين لآخر وتبيت في حظائر ضخمة مع تقييد أقدامها حتى لا تسرق الطعام من بعضها البعض.
لكن هذه الأفيال لم تترك حياتها السابقة بالكامل ويقول العاملون في الضيعة إنها تتلقى بعض التدريب حتى تكون سهلة القيادة. فتواصلها مع مدربها يسمح للعاملين بأخذ عينات دم من أوردة خلف الأذن بسهولة. ويساعد هذا في متابعة صحة الأفيال وتوفير عينات للأبحاث. ويقول فيلد إنه حزين لقرار استبعاد الأفيال من عروض السيرك بعد أن ظلت مستمرة منذ أكثر من قرن لكن شركته ملتزمة بالمساهمة في حماية الأنواع والحفاظ عليها.
ومن بين الأمثلة التعاون القائم بين مركز الحفاظ على الأفيال وحديقة حيوان سميثسونيان الوطنية. والهدف هو تحسين عمليات تشخيص وعلاج فيروس من عائلة الفيروسات الهربسية الذي قتل 20 في المائة من الأفيال التي تولد في أميركا الشمالية. وتخصص الشركة 69 ألف دولار للحفاظ على الأفيال سنويًا.



مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
TT

مخزون الصور العائلية يُلهم فناناً سودانياً في معرضه القاهري الجديد

صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)
صور تعكس الترابط الأسري (الشرق الأوسط)

«زهوري اليانعة في داخل خميلة»... كلمات للشاعر الجاغريو، وهي نفسها الكلمات التي اختارها الفنان التشكيلي السوداني صلاح المر، لوصف السنوات التي قضاها في مصر، والأعمال الإبداعية التي قدّمها خلالها، وضمنها في البيان الخاص بأحدث معارضه بالقاهرة «احتفالية القرد والحمار».

تنقل المر خلال 15 عاماً قضاها في مصر ما بين حواري الحسين، ومقاهي وسط البلد، وحارات السبتية، ودروب الأحياء العتيقة، متأثراً بناسها وفنانيها، ومبدعي الحِرف اليدوية، وراقصي المولوية، وبائعي التحف، ونجوم السينما والمسرح؛ لتأتي لوحاته التي تضمنها المعرض سرداً بصرياً يعبّر عن ولعه بالبلد الذي احتضنه منذ توجهه إليه.

لوحة لرجل مصري مستلهمة من صورة فوتوغرافية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول المر لـ«الشرق الأوسط»: «أعمال هذا المعرض هي تعبير صادق عن امتناني وشكري البالغين لمصر، ويوضح: «جاءت فكرة المعرض عندما وقعت عقد تعاون مع إحدى الغاليريهات المعروفة في الولايات المتحدة، وبموجب هذا العقد لن أتمكن من إقامة أي معارض في أي دول أخرى، ومنها مصر التي عشت فيها أجمل السنوات، أردت قبل بدء الموعد الرسمي لتفعيل هذا الاتفاق أن أقول لها شكراً وأعبّر عن تقديري لأصحاب صالات العرض الذين فتحوا أبوابهم لأعمالي، والنقاد الذين كتبوا عني، والمبدعين الذين تأثرت بهم وما زلت، وحتى للأشخاص العاديين الذين التقيت بهم مصادفة».

اللوحات تقدم مشاهد مصرية (الشرق الأوسط)

استلهم الفنان 25 لوحة بخامة ألوان الأكريلك والأعمال الورقية من مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية والـ«بوستال كارد» المصرية القديمة، التي تعكس بدورها روعة الحياة المصرية اليومية، ودفء المشاعر والترابط المجتمعي فيها وفق المر: «لدي نحو 5 آلاف صورة مصرية، جمعتها من (الاستوديوهات) وتجار الروبابكيا، ومتاجر الأنتيكات، ومنا استلهمت لوحاتي».

ويضيف: «مصر غنية جداً باستوديوهات التصوير منذ عشرات السنين، ولديها قدراً ضخماً من الصور النادرة المُلهمة، التي تحكي الكثير عن تاريخها الاجتماعي».

الفنان صلاح المر (الشرق الأوسط)

يستطيع زائر المعرض أن يتعرف على الصور الأصلية التي ألهمت الفنان في أعماله؛ حيث حرص المر على أن يضع بجوار اللوحات داخل القاعة الصور المرتبطة بها، ولكن لن يعثر المتلقي على التفاصيل نفسها، يقول: «لا أقدم نسخة منها ولا أحاكيها، إنما أرسم الحالة التي تضعني فيها الصورة، مجسداً انفعالي بها، وتأثري بها، عبر أسلوبي الخاص».

لوحة مأخوذة عن صورة لطفل مصري مع لعبة الحصان (الشرق الأوسط)

تأتي هذه الأعمال كجزء من مشروع فني كبير بدأه الفنان منذ سنوات طويلة، وهو المزج ما بين التجريد التصويري والموضوعات ذات الطابع العائلي، مع الاحتفاء بالجماليات الهندسية، والرموز التراثية، والاستلهام من الصور، ويعكس ذلك ولعه بهذا الفن، تأثراً بوالده الذي عشق الفوتوغرافيا في شبابه.

يقول: «بدأ تعلقي بالفوتوغرافيا حين عثرت ذات يوم على كنز من الصور في مجموعة صناديق كانت تحتفظ به الأسرة في مخزن داخل المنزل بالسودان، وكانت هذه الصور بعدسة والدي الذي انضم إلى جماعة التصوير بكلية الهندسة جامعة الخرطوم أثناء دراسته بها».

لوحة مستلهمة من صورة قديمة لعروسين (الشرق الأوسط)

هذا «الكنز» الذي عثر عليه المر شكّل جزءاً مهماً من ذاكرته البصرية ومؤثراً وملهماً حقيقياً في أعماله، والمدهش أنه قرر أن يبوح للمتلقي لأول مرة بذكرياته العزيزة في طفولته بالسودان، وأن يبرز دور والده في مشواره الفني عبر هذا المعرض؛ حيث يحتضن جدران الغاليري مجسماً ضخماً لـ«استوديو كمال»؛ وهو اسم محل التصوير الذي افتتحه والده في الستينات من القرن الماضي.

لوحة تعكس تفاصيل مصرية قديمة (الشرق الأوسط)

يقول: «أقنع والدي جدي، بإنشاء استوديو تصوير بمحل الحلاقة الخاص به في (سوق السجانة) بالخرطوم، وتم تجهيز الاستوديو مع غرفة مظلمة من الخشب للتحميض، وذلك في الجزء الخلفي من الدكان».

وجوه مصرية (الشرق الأوسط)

وداخل المجسم تدفع المقتنيات الخاصة المتلقي للتفاعل مع ذكريات المر، والمؤثر الفني الذي شكل أعماله؛ ما يجعله أكثر تواصلاً، وتأثراً بلوحات المعرض؛ فالمتلقي هنا يستكشف تفاصيل تجربة الوالد في التصوير، بل يمكنه التقاط صور لنفسه داخل محله القديم!

وأثناء ذلك أيضاً يتعرف على جانب من تاريخ الفوتوغرافيا، حيث المعدات، وهي عبارة عن الكاميرا YASHIKA التي تستخدم أفلام مقاس 621 وEnlarger والستارة التي تعمل كخلفية وأدوات أخرى للتحميض والطباعة، وتجفيف الفيلم والصور بواسطة مروحة طاولة، وقص الصور بمقص يدوي: «استمر العمل لمدة سنة تقريباً، وأغلق الاستوديو قبل أن أولد، لكن امتد تأثير هذه التجربة داخلي حتى اللحظة الراهنة».

مجسم لاستوديو والد الفنان في الغاليري (الشرق الأوسط)

«احتفالية القرد والحمار» هو اسم «بوستال كارد» عثر عليه الفنان لدى تاجر روبابكيا، ويجسد مشهداً كان موجوداً في الشارع المصري قديماً؛ حيث يقدم أحد الفنانين البسطاء عرضاً احتفالياً بطلاه هما القرد والحمار، ومنه استلهم الفنان إحدى لوحات معرضه، ويقول: «تأثرت للغاية بهذا الملصق؛ وجعلت اسمه عنواناً لمعرضي؛ لأنه يجمع ما بين ملامح الجمال الخفي في مصر ما بين الفن الفطري، والسعادة لأكثر الأسباب بساطة، وصخب المدن التي لا تنام».