قتل مسلم لأكله لحم بقر يفجر صراعًا عنصريًا ودينيًا في الهند

الحادث يضع سمعة رئيس الوزراء مودي كدبلوماسي عالمي على المحك

متظاهرون في مدينة جامو الهندية يحتجون لمنع أكل لحوم الأبقار بعد حادثة قتل رجل مسلم للاشتباه بذبحه بقرة وأكل لحمها (أ.ب)
متظاهرون في مدينة جامو الهندية يحتجون لمنع أكل لحوم الأبقار بعد حادثة قتل رجل مسلم للاشتباه بذبحه بقرة وأكل لحمها (أ.ب)
TT

قتل مسلم لأكله لحم بقر يفجر صراعًا عنصريًا ودينيًا في الهند

متظاهرون في مدينة جامو الهندية يحتجون لمنع أكل لحوم الأبقار بعد حادثة قتل رجل مسلم للاشتباه بذبحه بقرة وأكل لحمها (أ.ب)
متظاهرون في مدينة جامو الهندية يحتجون لمنع أكل لحوم الأبقار بعد حادثة قتل رجل مسلم للاشتباه بذبحه بقرة وأكل لحمها (أ.ب)

أصبحت الأبقار موضع انقسام سياسي وديني ينذر بخطر عميق في الهند، وذلك بعد توارد تقارير تفيد بقتل رجل مسلم للاشتباه في ذبحه بقرة وأكل لحمها.
تكشفت القصة في قرية «دادري»، التي تبعد نحو 28 ميلاً عن العاصمة نيودلهي، حيث تداولت الشائعات عبر الرسائل النصية القصيرة ورسائل الـ«واتس آب»، بأن محمد أخلاق، 55 سنة، ذبح بقرة، بينما قامت زوجته بطهي لحمها. وفي غضون دقائق، اقتحم حشد من الناس منزله، ورشقوه بالطوب والحجارة حتى الموت. وأصيب نجل أخلاق الأصغر بجروح بالغة في الرأس، وهو الآن يتعافى بعد خضوعه لعمليتين جراحيتين في الرأس. وأججت هذه الحادثة المروعة لعبة اللوم السياسي، وكذلك أثارت المخاوف من ارتفاع النعرة القومية الهندوسية في ظل قيادة رئيس الوزراء الحالي نايندرا مودي.
وتحظى الأبقار بمكانة مقدسة لدى الهندوس، ويعتبرون أكل لحمها من المحرمات. وتفرض بعض الولايات الهندية - مثل «أوتار براديش»، التي كان محمد أخلاق يعيش فيها - حظرًا على ذبح البقر.
وقد صعد حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم، بزعامة مودي، إلى السلطة العام الماضي، على وعد «حماية وتعزيز البقر ونسله» في الدولة ذات الأغلبية الهندوسية. وفرض حزب مودي في الولايات التي يحكمها المزيد من التشديد على أكل لحوم البقر، رغم أن الهند هي أكبر ثاني دولة مصدرة للحوم البقر في العالم. وخلال الأشهر القليلة الماضية، أدى أكل جميع أنواع اللحوم إلى خلق بيئة من الصراع الاجتماعي والسياسي، في أعقاب الإدلاء بتصريحات وقرارات مثيرة للانقسام من منابر مختلفة في نيودلهي، وفي الكثير من الولايات في الهند. وتفرض بعض الولايات حظرًا على أكل اللحوم لبضعة أيام التالية للاحتفالات الدينية الهندوسية.
وحتى وقت قريب، كان التوتر الطائفي جديدًا على قرية محمد أخلاق، التي تقطنها 2500 عائلة، من بينها 50 عائلة مسلمة فقط. وفجأة، تحولت هذه القرية العجيبة إلى مرتع للأصوليين من جميع الأشكال لممارسة سياسة الكراهية.
وأدلى الكثير من قادة حزب «بهاراتيا جاناتا» بتصريحات تتراوح من التبرير الضمني إلى الدعم الصريح لمرتكبي هذه الممارسات، في حين أن بعض السياسيين المسلمين يصبغونها باللون الديني حتى بالتهديد بعرض الأمر على الأمم المتحدة، في محاولة للاستفادة من المأساة لتحقيق مكاسب سياسية.
ومن السهل التغاضي عن الأمر باعتباره مجرد حادثة عارضة، غير أن التعصب ضد المسلمين ازداد بشكل واضح ليس فقط في هذه القرية، وإنما في جميع أنحاء الهند. ويتحطم النسيج العلماني ببطء، وتتوسع الهوة بين الهندوس والمسلمين على الأقل في المراكز الريفية من البلاد.
ويتعرض مودي لانتقادات شديدة إزاء صمته الرهيب حيال حادثة قتل «محمد أخلاق»، في حين أن وزيري الداخلية والمالية لم يعارضا هؤلاء الذين يحاولون تدمير النسيج العلماني للهند. وفقط، عندما ذكّر الرئيس الهندي براناب موخرجي الحكام (حكومة مودي) بـ«واجباتهم»، المتمثلة في ضرورة عدم السماح بانحطاط القيم الأساسية للحضارة الهندية وتنوعها وتعدديتها وتسامحها، حث مودي الناس على اتباع رسالة الرئيس.
ويثير الإعدام الغوغائي المدفوع بالكراهية لرجل مسلم لزعم أكله لحم بقري، التساؤلات المثيرة للقلق في الهند. فعلى أي أساس يمكن للأقليات المسلمة العيش في الهند اليوم؟ فهل يجب عليهم إخضاع أنفسهم إلى ما يطرحه القوميون الهندوس كمشاعر هندوسية غالبة حتى يتم قبولهم كهنود؟ أم يتمتعون بالحرية في العبادة وارتداء الملابس وتناول الطعام واللغة، وما زالوا متأهلين كهنود خالصين؟
ويضع عجز حكومة مودي عن كبح جماح القوات الأصولية الهندوسية، موقفه باعتباره دبلوماسيًا عالميًا يدفع الهند نحو التقدم، في خطر. وعلاوة على ذلك، تدفع حوادث التعصب، التي تلقي بظلالها على العدالة الاجتماعية والتعددية الثقافية، حكومة مودي إلى الخطر الجسيم المتمثل في الاستسلام إلى أجندة وضعتها الجماعات اليمينية المتطرفة.



سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
TT

سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصّن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه.

وجاء في بيان أصدره المحققون أن «مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر (كانون الأول)، الاثنين عند الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

وأعلن الحزب الديمقراطي المعارض أنه قدّم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون.

وطلب الجهاز المكلف بالتحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

عدم خبرة

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديمقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمضِ على تأسيسه 4 سنوات ويعمل فيه أقل من 100 موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك باعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال ورغبته في تولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب.

وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

يجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

اضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين.

معركة قضائية

عزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن خمس سنوات.

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد.

وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان يون سوك يول، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران).

وتبدأ المحاكمة في 14 يناير (كانون الثاني) وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صدّقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.