مهاجرون يصلون إلى أوروبا بالدراجات لتجنب مخاطر البحر

باب خلفي للهاربين من جحيم الحرب والاضطهاد أو حتى للباحثين عن حياة أفضل

مهاجرون يصلون إلى أوروبا بالدراجات لتجنب مخاطر البحر
TT

مهاجرون يصلون إلى أوروبا بالدراجات لتجنب مخاطر البحر

مهاجرون يصلون إلى أوروبا بالدراجات لتجنب مخاطر البحر

بجسد يترنح تغطيه حبات البرَد ويتحدى الريح الباردة، اجتاز المهندس السوري ياسر أرسلانوك (55 عاما) وزوجته وابناه الصغيران الحدود من روسيا إلى النرويج بسيقان منفرجة على دراجات هوائية الأسبوع الماضي كآخر المهاجرين ممن أكملوا المسير في طريق جديد غير محتمل لأوروبا حتى الآن.
وتقع النقطة الحدودية النرويجية على بعد 250 ميلا شمال الدائرة القطبية الشمالية بالقرب من جزيرة لمبادوسيا الإيطالية التي عادة ما يصلها المهاجرون القادمون من ليبيا عن طريق البحر المتوسط في مراكب متهالكة. تقع النقطة الحدودية كذلك بالقرب من جزيرة ليسبوس اليونانية التي أصبحت محطة المرور الرئيسية للاجئين من تركيا في مراكب مطاطية.
غير أنه في الشهور الأخيرة بدأ اللاجئون من دول مثل سوريا والعراق وأفغانستان في التدفق بإعداد كبيرة عبر روسيا إلى أقصى شمال أوروبا، مما جعل من تلك الرحلات بابا خلفيا للهاربين من جحيم الحرب والاضطهاد أو حتى للباحثين عن حياة أفضل.
وفى حوار مع أعضاء اليمين الوسط في البرلمان الأوروبي الأربعاء، تحدثت المستشارة أنجيلا ميركل عن معبر القطب الشمالي إلى النرويج كدليل على قدرة اللاجئين عل «التفكير في بدائل مذهلة» في حال أقدمت الحكومات على إغلاق الممرات الاعتيادية جنوب ووسط أوروبا.
وأفاد أرسلانوك أنه بعد أن ترجل عن دراجته ليبحث عن مأوى في خيمة دافئة في الجانب النرويجي من الحدود أن «الرحلة بديل أفضل من البحر»، الذي يعتبر الخيار الأكثر خطورة الذي لجأ إليه أكثر من نصف مليون مهاجر وصلوا أوروبا حتى الآن.
وأفاد ستين كريستيان، مراقب الشرطة المسؤول عن النقطة الواقعة على الجانب النرويجي من الحدود، أنه بعدما كانت أعداد المهاجرين الذين عبروا لهذا المكان لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، «قفز» الرقم في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى 420 طالب لجوء وصلوا إلى معبر ستارسكوغ بشمال النرويج باستخدام دراجاتهم الهوائية. وأضاف كريستيان أن 263 مهاجرا وصلوا عبر طريق القطب الشمالي، ورغم أن الرقم يعتبر قياسيًا هنا إلا أنه يبدو ضئيلا بالمقارنة بآلاف المهاجرين الذين يصلون لليونان وإيطاليا يوميا.
وحسب هانسن، كثير ممن يصلون هنا لا يعلمون سوى القليل عن المكان الذي وصلوا إليه ولم يحضروا ملابس ثقيلة تناسب طقس الشتاء، إلا أن ما شجعهم على المجيء هو الأخبار المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي عن حسن المعاملة التي يلقونها في النرويج مما يجعلهم يسرعون بالمجيء عبر روسيا للوصول إلى أقصى حدود أوروبا الشمالية. السماء لم تمطر ثلجا بعد، إلا أن درجة الحرارة اقتربت بالفعل من التجمد. أضاف هانسن أن «المحطة التالية بعد النقطة الحدودية هي القطب الشمالي»
* «نيويورك تايمز»



هل يغيّر استخدام أوكرانيا الأسلحة الغربية لضرب روسيا مسار الحرب؟

جندي أوكراني يحمل صاروخاً أميركياً (رويترز)
جندي أوكراني يحمل صاروخاً أميركياً (رويترز)
TT

هل يغيّر استخدام أوكرانيا الأسلحة الغربية لضرب روسيا مسار الحرب؟

جندي أوكراني يحمل صاروخاً أميركياً (رويترز)
جندي أوكراني يحمل صاروخاً أميركياً (رويترز)

نالت أوكرانيا الموافقة على استخدام الأسلحة الغربية لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية.

وقبل هذا القرار، قصرت الدول الغربية استخدام كييف لأسلحتها على الأهداف العسكرية الموجودة داخل أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم والأراضي المحتلة. وكانت هذه الدول تشعر بالقلق من أن مهاجمة الأهداف عبر الحدود المعترف بها دولياً بالأسلحة التي توفرها دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد الصراع، وفق ما نقلته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

لكن التقدم الروسي الأخير في منطقة خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، والتي تبعد 30 كيلومتراً فقط عن الحدود، أقنع حلفاء كييف بأن أوكرانيا، لكي تدافع عن نفسها، يجب أن تكون قادرة على تدمير الأهداف العسكرية على الجانب الآخر من الحدود أيضاً.

تغير موقف الولايات المتحدة

وفي أعقاب الضغوط المتزايدة من أوكرانيا ودول أوروبية أخرى، وافقت الولايات المتحدة على تغيير سياستها والسماح لكييف بضرب روسيا بالأسلحة الغربية.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يوم الجمعة الماضي، خلال مؤتمر صحافي في براغ، عقب اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، إن خطوة واشنطن كانت ثمرة استراتيجية الولايات المتحدة في التكيف مع المتغيرات في ساحة المعركة. وقال بلينكن إن الولايات المتحدة تستجيب في الوقت الراهن لما تراه يحدث في منطقة خاركيف وما حولها.

وحذَّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الثلاثاء الماضي، حلف شمال الأطلسي، من السماح لأوكرانيا بإطلاق أسلحتها على روسيا، وأثار مجدداً خطر اندلاع حرب نووية بعدما رفع كثير من الحلفاء القيود المفروضة على استخدام الأسلحة المقدمة لكييف.

وربما يكون تجنب التصعيد هو السبب وراء عدم إدراج الولايات المتحدة أسلحة بعيدة المدى -مثل «ATACMS» (أنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش)- في إذنها بضرب روسيا.

شحنة صواريخ أميركية مضادة للطائرات لدى وصولها إلى كييف (أرشيف- أ.ف.ب)

ويبلغ مدى هذه الصواريخ 300 كيلومتر، ويمكن استخدامها لضرب القواعد العسكرية والمطارات داخل الأراضي الروسية.

ولا تترك مثل هذه القيود لأوكرانيا سوى خيار التركيز على الأهداف القريبة من حدودها؛ لكن هذا لا يزال يشكل تحولاً كبيراً في سياسة حلفاء كييف الرئيسيين.

كيف سيؤثر قرار الموافقة على استخدام أوكرانيا الأسلحة الغربية على مسار الحرب؟

حتى مع استخدام أسلحة ذات مدى قصير -يصل إلى 70 كيلومتراً- يمكن لقاذفات الصواريخ المتعددة مثل «HIMARS» أن تعطل بشكل كبير العمليات اللوجستية الروسية وحركة القوات، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى إبطاء أي خطط هجومية.

ويقول يوري بوفك، من مجموعة خاركيف التكتيكية التي تنسق العمليات العسكرية في الشمال الشرقي: «الآن، يمكن لأوكرانيا ضرب الأماكن التي يركز فيها العدو قواته ومعداته، ومرافق تخزين الإمدادات التي تستخدم لمهاجمة أوكرانيا».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأن روسيا تجمع قواتها على بعد 90 كيلومتراً فقط من خاركيف، لشن هجوم آخر.

وقام معهد دراسات الحرب بتحليل صور الأقمار الاصطناعية، وأكد وجود «أنشطة موسعة في المخازن والمستودعات» في تلك المنطقة؛ لذا فإن القدرة على استهداف تلك المنشآت ستعزز بشكل جدي قدرة القوات الأوكرانية على صد الهجمات الجديدة في المنطقة.

ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يساعد رفع الحظر المفروض على الأسلحة الغربية في حماية أوكرانيا من القنابل الانزلاقية الروسية المعروفة محلياً باسم «KAB»، وهي قنابل لها تأثير مدمر، وتُستخدم بانتظام لقصف خاركيف والمدن الحدودية الأخرى. ولكن لوقف مثل هذه الهجمات، يجب على القوات الأوكرانية استهداف الطائرات التي تُسقط تلك القنابل القاتلة.

والسلاح الوحيد القادر على اعتراض تلك الطائرات الموجود تحت تصرف أوكرانيا في هذه اللحظة، هو نظام الدفاع الجوي الأميركي «باتريوت». ومع ذلك، فإن الحصول على هذا السلاح بالقرب من خاركيف يمثل مخاطرة كبيرة؛ حيث يمكن للمُسيَّرات التجسسية اكتشافه بسرعة، ويمكن لموسكو إطلاق صواريخ مثل «إسكندر» لتدمير هذا النظام باهظ الثمن.

جنود أوكرانيون خلال دورة تدريبية على نظام الدفاع الجوي «باتريوت» (د.ب.أ)

ومن المثير للاهتمام أن المملكة المتحدة وفرنسا تزودان أوكرانيا بصواريخ «كروز- ستورم شادو» (Storm Shadow) التي يتم إطلاقها من الجو بشكل مشترك. ولم تقيد البلدان استخدامها بشكل صريح. ويمكن أن يصل مداها إلى 250 كيلومتراً.

وفي الواقع، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصحافيين، الأسبوع الماضي: «يتعين علينا أن نسمح لأوكرانيا بأن تدمر المواقع العسكرية التي تنطلق منها الصواريخ، أي المواقع التي تتعرض منها أوكرانيا للهجوم».

وقال ضابط طيران عسكري، رفض الكشف عن هويته لـ«بي بي سي»، إن هذه التصريحات هي بمثابة إذن لاستخدام صواريخ «كروز- ستورم شادو».

ولفت الضابط إلى أن أوكرانيا يمكنها الآن ضرب المطارات في منطقتي كورسك وبيلغورود المتاخمتين لأوكرانيا.

لكن مثل هذه العمليات ستكون محدودة من حيث ما يمكن أن تحققه. وسيتعين على طائرات «Su-24» الأوكرانية المجهزة بصواريخ «كروز» هذه الاقتراب من الحدود الروسية من أجل إطلاقها، مما يجعلها عرضة لأنظمة الدفاع الجوي الروسية.