توجه عالمي نحو الاستثمار التقني في السعودية.. وتوقعات ببلوغه عشرة مليارات دولار

مختصون لـ {الشرق الأوسط} : إطلاق الحكومة الإلكترونية فتح شهية المستثمرين

عدد مستخدمي «فيسبوك» في السعودية بلغ في العام الماضي 7.8 مليون فيما بلغ عدد المشاهدات على «يوتيوب» من السعودية 90 مليون مشاهدة يومية (تصوير: خالد الخميس)
عدد مستخدمي «فيسبوك» في السعودية بلغ في العام الماضي 7.8 مليون فيما بلغ عدد المشاهدات على «يوتيوب» من السعودية 90 مليون مشاهدة يومية (تصوير: خالد الخميس)
TT

توجه عالمي نحو الاستثمار التقني في السعودية.. وتوقعات ببلوغه عشرة مليارات دولار

عدد مستخدمي «فيسبوك» في السعودية بلغ في العام الماضي 7.8 مليون فيما بلغ عدد المشاهدات على «يوتيوب» من السعودية 90 مليون مشاهدة يومية (تصوير: خالد الخميس)
عدد مستخدمي «فيسبوك» في السعودية بلغ في العام الماضي 7.8 مليون فيما بلغ عدد المشاهدات على «يوتيوب» من السعودية 90 مليون مشاهدة يومية (تصوير: خالد الخميس)

أكد مختصون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تنامي استخدام التطبيقات الذكية في السعودية فتح شهية الشركات العالمية في الاستثمار في المملكة، متوقعين تدفقات استثمارية من مختلف دول العالم صوب السعودية في مجال التقنية.
وقدّروا حجم الاستثمارات المتوقع تدفقها من الخارج في السوق السعودية، خلال العامين المقبلين، في مجال التطبيقات الذكية، بما فيها الهواتف الذكية بأكثر من عشرة مليارات دولار حتى عام 2016.
من جهته أكد الباحث والمحلل المعلوماتي عبد الرحمن العطا، أن السعوديين من أكثر المجتمعات استخداما لوسائط التواصل الاجتماعي المختلفة، بما في ذلك «الواتس أب»، و«تويتر» و«فيسبوك» وغيرها من الوسائط.
وأوضح أن المجتمع السعودي وخاصة الشباب منه لديه شغف كبير باستخدام هذه الوسائط، مبينا أن الكثير من الإحصاءات التي صدرت عن مصادر موثوقة أكدت أن هناك تناميا مستمرا في عدد المستخدمين لها منذ ظهورها وحتى الآن.
ووفق العطا، فإن شركة «سوشال كلينيك» الناشطة في مجال استخدام الشبكات الاجتماعية، أبانت في تقرير لها أن إجمالي عدد مستخدمي «فيسبوك» من السعوديين، بلغ في العام الماضي، 7.8 مليون ومنهم 5 ملايين يستخدمونه عن طريق هواتفهم الذكية، مشيرا إلى أن 46 في المائة من مستخدمي «فيسبوك» بالسعودية هم من الرياض.
ووفق التقرير فإن عدد مستخدمي «لينكد» في السعودية وصل لمليون مستخدم، مبينا أن شركة أرامكو والاتصالات السعودية وسابك تأتي في أول ترتيب الشركات.
وعلى صعيد مستخدمي «يوتيوب»، فإن المشاهدات بلغت 90 مليون مشادة يومية من مستخدمي السعودية بمعدل 7 فيديوات يوميا لكل مستخدم، في حين بلغ عدد المستخدمين لـ«تويتر»، 5 ملايين مستخدم نشط بمعدل نمو سنوي 45 في المائة. وأوضح العطا أنه حسب التقرير، فإن 73 في المائة من مستخدمي تويتر في السعودية يستخدمون الهواتف الذكية، مبينا أن نسبة انتشار «تويتر» بين مستخدمي الإنترنت في المملكة هي الأعلى عالميا، حيث تبلغ 40 في المائة، مشيرا إلى أن عدد التغريدات بمعدل 150 مليون تغريدة شهريا.
من جهته أوضح الباحث الاقتصادي وليد طه أن هذه الإحصاءات المتعلقة بمستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي من السعوديين مؤشر قوي لقدرات سوق المملكة على استيعاب أكبر قدر من الاستثمارات المتخصصة في مجال التقنية من الخارج.
وعزا توجه الشركات العالمية للاستثمار في مجال التقنية في السعودية لانتشار استخدام تطبيقات شبكة التواصل الاجتماعي، مبينا أن التقارير الدولية التي أكدت الشغف الكبير الذي تميز به من المجتمع في المملكة في هذا الصدد، فتحت شهية هذه الشركات باعتبارها مجالا خصبا للاستثمار في هذا المجال. وكانت شركة سعودية، أطلقت في المؤتمر الدولي للجوال الذي انعقد في برشلونة مؤخرا، منتجها التقني «وون تولك»، كمنافس أول لـ«الواتس أب»، أثناء مشاركتها في المؤتمر الدولي للجوال هذه الأيام، وهو نتاج شراكة سعودية سنغافورية، من المتوقع أن يحدث نقلة في عالم الأعمال والمال والاتصال.
وأوضح مستثمر سعودي في مجال التقنية أن هناك مؤشرات تؤكد رغبة عدد من الشركات العالمية في هذا المجال للتوجه نحو الاستثمار في المملكة، مبينا أن السوق عطش لهذا النوع من الاستثمار، لافتا إلى أن ذلك يتماشى مع الحاجة إلى الاستثمار بحجم كبير في هذا المجال.
وأكد أن هناك احتياجا لتصدير الأنظمة المزودة للخدمة الإلكترونية، يتواكب ويخدم الهدف الذي تسعى الحكومة السعودية إلى تحقيقه وهو الحكومة الإلكترونية، في سبيل تطوير وتسهيل وتسريع خدمات المواطنين وخدمات قطاع الأعمال والاستثمار، مقدرا حجم الاستثمار المقبل من الخارج إلى السعودية بعشرة مليارات دولار مع حلول عام 2016.
وقال عبد الله المليحي المختص في الاستثمار التقني، وهو عضو مجلس الغرف السعودية في اتصال من برشلونة: «لاحظت أثناء مشاركتنا بمنتجنا التقني الجديد (وون تولك)، رغبة كبيرة لدى عدد كبير من الشركات العالمية في عالم التقنيات الدخول في السوق السعودية بغرض الاستثمار في هذا المجال».
وعزا هذه الرغبة إلى ما اكتشفوه من شغف في المجتمع السعودي بعالم الاتصال من خلال تصدرهم القائمة على مستوى العالم في استخدامات وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة لا سيما «تويتر»، والـ«واتس أب»، و«فيسبوك»، وغيرها من الوسائط الجديدة.
وأضاف المليحي: «لاحظت من خلال نشاطات ورغبات الشركات التي تشارك في المؤتمر الدولي للجوال في برشلونة أنها تتطلع للتوجه نحو المنطقة العربية بشكل عام والسعودية بشكل خاص».
ولفت إلى أن السعودية تستحوذ على نصيب الأسد من الاهتمام العالمي، مبينا أن الكثير من الشركات أبدت رغبتها في التوجه نحو المنطقة للاستثمار في مجال التقنية والاستفادة من الحكومة الإلكترونية التي كشفت عنها وزارة الداخلية، والتعامل واعتماد المعاملات عبر موقع الوزارة مؤخرا.
وزاد: «هناك تطورات في مجال التقنية في مجالات مختلفة والسوق السعودي من أكبر الأسواق المستهدفة، في مجال الهواتف الذكية، إضافة إلى التوجه في الاستثمار في مجال تطبيقات الهاتف الجوال».
وأكد أن الاستثمار في هذا المجال واسع في الخدمات كافة بما فيها الخدمات البسيطة المتعلقة بآلية الدفع والمعلومات الكاملة، وحتى الخدمات الطبية حوّلت إلى منتجات تقنية، حيث إن بعض الشركات طرحتها لتوظيفها في عدد من المتطلبات كمتابعة ارتفاع السكر، أي الحالة الطبية للمريض.
وقال المليحي: «نحن في المرحلة الحالية نتطلع لأن نستقطب هذه التقنية وإدخالها في سوق العمل في المملكة، وكذلك إيجاد فرص للشباب السعودي، حيث ثبت من خلال تقرير عالمي، أن استخدام تويتر ويوتيوب في بلدنا يعد الأول على مستوى العالم»، مشيرا إلى استعداد بلاده لتمويل أي استثمارات في مثل هذه التطبيقات الحديثة.
وأوضح أن منتج «وون تولك» يختلف عن المنتجات الموجودة، متوقعا أن يحل محل الـ«الواتس أب»، خاصة بعد تصريح الرئيس التنفيذي للشركة، بأنها تتجه لأن يصبح مثل «الفيبر» يقدم خدمة الإنترنت مجانا، مشيرا إلى أن هذا التوجه لن تسمح به السعودية، متوقعا إغلاقه قريبا.
وقال المليحي: «إن هيئة الاتصالات السعودية التي تنظم هذه الخدمة لا تسمح بإطلاق الـ(واتس أب) خدمته مجانا، لأن هناك خدمات مستثمرة، فضلا عن أن هذه التطبيقات تنطلق خدماتها من خارج المملكة».
وأضاف أن هناك توجها جديدا نحو تأسيس مركز للمعلومات خاص بهذا التطبيق موجود في السعودية حسب الأنظمة والقوانين المعمول بها مع هيئة الاتصالات السعودية، مشيرا إلى أن ذلك هدف منشود بالنسبة إليهم. وزاد: «إن خدمة (وون تولك) أصبحت حاليا متاحة في السعودية والدول الخليجية وسنغافورة، وسوف يتاح عالميا بعد الحملة التسويقية التي تستهدفه ويكون متاحا لاستخدام التطبيق من خلال موقعه وينزّل ويحمّل على الجوال مباشرة».
وقال المليحي: «هدفنا من استخدام هذه التقنية خدمة منطقتنا ومجتمعنا بالطرق الحديثة، حيث إننا طرحنا هذا المنتج وطرحنا منتجا ثانيا اسمه (كاميل تراك) وهي تقنية جديدة تهتم بعملية المتابعة على المستوى الشخصي والفردي والحكومي والشركات التي لديها الرغبة في متابعته».
من جهته قال تشونغ تشي واه، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة حلول السنغافورية «ثري بوكس» - صاحبة الملكية الفكرية للمنتج -: «أعتقد أن الشراكة القوية مع (موج) والتي أطلقت المنتج تساعد على تقديم أفضل الحلول للعملاء في السعودية وأسواق الشرق الأوسط الأخرى، لما تتمتع به من أمان».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.