مجلس الأمن الدولي يجيز استخدام القوة ضد مهربي المتوسط

أعطى مجلس الأمن الدولي، أمس، الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لضبط ومداهمة السفن التي تقل مهاجرين غير شرعيين من ليبيا باتجاه أوروبا. وتم تبني القرار بغالبية 14 دولة من أصل 15. فيما امتنعت فنزويلا عن التصويت. وأطلق الأوروبيون الأربعاء عمليتهم العسكرية البحرية ضد مهربي البشر في المياه الدولية قبالة السواحل الليبية. وكانت هذه العملية، التي أطلق عليها اسم صوفيا تيمنا بفتاة أبصرت النور بعد إنقاذ مهاجرين على مركب كان يواجه صعوبات، منوطة فقط بمراقبة شبكات اللاجئين. ويمكن الآن لست سفن حربية أوروبية، إيطالية وفرنسية وألمانية وبريطانية وإسبانية، استخدام القوة والاستيلاء وتدمير الزوارق المستخدمة من قبل المهربين.
ويطالب القرار الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتعاون مع ليبيا، وملاحقة المهربين بصورة منتظمة. ويشدد على أنه تجب معاملة المهاجرين «بإنسانية وكرامة» في إطار احترام حقوقهم. وسيكون القرار ساريا لمدة عام واحد، ويطبق فقط ضد المهربين في المياه الدولية قبالة ليبيا. كما وضع القرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حيث يمكن استخدام القوة لضمان السلام والأمن.
في سياق متصل، غادر 19 إريتريا من طالبي اللجوء، صباح أمس، روما متجهين إلى السويد في إطار أول عملية لتوزيع 160 ألف لاجئ على مدى عامين على دول الاتحاد الأوروبي، التي وصلها العام الحالي 570 ألف مهاجر. وغادرت المجموعة التي شملت 5 نساء تم إنقاذهن في المتوسط وتسجيلهن في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، صباحا، على متن طائرة تابعة لشرطة الحدود الإيطالية. وفيما تستمر عمليات الإنقاذ قبالة السواحل الليبية، أشارت المنظمة الدولية للهجرة، أمس، إلى ارتفاع في عدد الواصلين إلى اليونان، حيث تخطى العدد سبعة آلاف شخص في اليوم مقارنة مع 4500 نهاية سبتمبر (أيلول).
وقال وزير خارجية لوكسمبورغ، يان اسلبورن في روما، الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي «إنهم 19 شخصا فقط، لكن هذا دليل على أنه يمكن لأوروبا أن تواجه المشاكل». وحضر وزير الداخلية الإيطالي، انجيلو الفانو، والمفوض الأوروبي المكلف بشؤون الهجرة، ديمتريس أفراموبولوس، لوداعهم. وصرّح الفانو في لقاء صحافي بعد مغادرتهم أن «هذه الطائرة تمثل انتصار أوروبا التي تعرف كيف تكون متضامنة ومسؤولة وتنقذ أرواحا». وفي السويد، أعلن رئيس الوزراء، ستيفان لوفن، أمس، أن 150 ألف شخص قد يطلبون اللجوء هذا العام في بلاده، مشيرا إلى أن الحكومة أجازت نصب خيم مدفأة لإيواء اللاجئين.
وهؤلاء المهاجرون الـ19 هم طليعة 160 ألف طالب لجوء، يفترض أن يستفيدوا في السنتين المقبلتين من برنامج «إعادة إسكان» غير مسبوق في الاتحاد الأوروبي. ويستعد نحو مائة آخرين من طالبي اللجوء للمغادرة في الأسابيع المقبلة إلى ألمانيا وهولندا و«دول أخرى عبرت عن استعدادها» لاستقبالهم، بحسب الفانو. وأعلنت المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة أن الرحلات التالية ستجري جوا في مطلع الأسبوع المقبل.
من جهة أخرى، طالب نائب المستشارة الألمانية ووزير الخارجية بمراقبة تدفق المهاجرين غير المسبوق إلى ألمانيا ودعوا إلى «الحد» منه، في مقال صدر أمس في مجلة «دير شبيغل» الألمانية. وكتب نائب المستشارة، سيغمار غابرييل، الذي يشغل أيضا منصب وزير الاقتصاد، والوزير، فرانك فالتر شتاينماير، اللذان ينتميان إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي المتحالف مع المحافظين بزعامة أنجيلا ميركل: «لا نستطيع أن نتولى أمر أكثر من مليون شخص كل عام».
وكانت الدول الأعضاء الـ28 في الاتحاد الأوروبي قد شكّلت جبهة موحدة لدعم ترحيل منهجي للمهاجرين لأسباب اقتصادية. وقال اسلبورن إن الذين «لا يحتاجون إلى حماية دولية ينبغي أن يعودوا إلى بلدهم». وتكتسي هذه المسألة حساسية خاصة في إيطاليا، حيث يشكل السوريون والإريتريون والعراقيون الذين خصوا وحدهم ببرنامج إعادة الإسكان الأوروبي، ثلث المهاجرين الـ132 ألفا الذين وصلوا منذ مطلع العام.
وطلب مجلس الاتحاد الأوروبي من المفوضية الأوروبية إعداد تقرير شامل، مطلع العام المقبل، لتقييم الإجراءات التي اتخذت فيما يتعلق ببرامج العودة وإعادة القبول.
وقالت ناتاشا برتود، المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن برامج العودة نوقشت سابقا ونشرتها المفوضية على موقعها الإلكتروني قبل أسابيع، مشيرة إلى أن بنود الخطة هذه كانت ضمن خطة عمل المفوضية التي جرى الإعلان عنها في 9 من سبتمبر (أيلول) الماضي للتعامل مع ملف أزمة الهجرة واللجوء.
وفي الإطار نفسه، أعلن المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل عن موافقة الدول الأعضاء في الاتحاد على تخصيص مبالغ مالية إضافية من موازنة 2015 للاستجابة لأزمة الهجرة، وذلك بهدف تسريع تنفيذ الالتزامات التي تعهد بها المجلس في قمة 23 سبتمبر الماضي.
وبعد التوقف في روما، زار أفراموبولوس واسلبورن أمس لامبيدوزا، الجزيرة الإيطالية الأقرب إلى السواحل الأفريقية، ليصلوا إلى أثينا اليوم لرصد التقدم في إنشاء مراكز الاستقبال للاجئين وتسجيلهم.
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى إجراء «فرز» أول بين المهاجرين الذين ليست حياتهم مهددة في بلدانهم والذين يحق لهم طلب وضع لاجئ، لكن ذلك يتعارض مع القانون الإيطالي الذي يوفر حماية كبيرة لطالبي اللجوء. وصرحت المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين لجنوب أوروبا، كارلوتا سامي: «اليوم يوم مهم لأنه بداية الخطة الأوروبية. نأمل أن تحرز تقدما، لكن ينبغي بذل مزيد من الجهود»، مطالبة «بإجراءات لوصولهم إلى أوروبا بأمان».
وتشير إحصاءات المفوضية إلى أن الإريتريين يمثلون 26 في المائة من 132 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا هذا العام، بعد إنقاذهم في المتوسط. لكن العبور أدى إلى مصرع 3080 شخصا على الأقل بين رجال ونساء وأطفال، أغلبهم قبالة سواحل ليبيا.
وفي جنيف، دعا المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، الاتحاد الأوروبي أمس إلى الإسراع في إيجاد حلول لازمة الهجرة عبر توفير مساعدة كبيرة لليونان، لتجنب «مأساة» هذا الشتاء. وجاء تصريحه بعد إعلان وزارة البحرية التجارية اليونانية أن طفلا، يبلغ عاما واحدا، توفي على مركب خلال عبوره من السواحل التركية إلى جزيرة ليسبوس اليونانية في شرق بحر إيجه. وقال غوتيريس في لقاء صحافي في جنيف: «نعلم كيف ندير مخيما، خيمة، مبنى في الشتاء، لكننا نجهل كيف يمكن أن نحمي في الشتاء حشدا يتنقل يوميا من بلد إلى آخر. الأمر مستحيل. مع الطقس في منطقة البلقان يمكن حدوث مأساة في أي وقت». وتابع: «من الضروري أن يدعم الاتحاد الأوروبي اليونان»، مطالبا بـ«استثمارات ضخمة» من بروكسل من أجل استقبال المهاجرين واللاجئين في مراكز مناسبة.