الجيش اليمني يعدّ «لما بعد مأرب».. وقبائل تعلن ولاءها للشرعية

الهلال الأحمر يجمع جثث الميليشيات.. وخطف صحافي في عمران

الجيش اليمني يعدّ «لما بعد مأرب».. وقبائل تعلن ولاءها للشرعية
TT

الجيش اليمني يعدّ «لما بعد مأرب».. وقبائل تعلن ولاءها للشرعية

الجيش اليمني يعدّ «لما بعد مأرب».. وقبائل تعلن ولاءها للشرعية

قال قيادي في المقاومة الشعبية في محافظة مأرب، الواقعة إلى الشرق من العاصمة اليمنية، إن القوات المشتركة المكونة من الجيش الوطني والمقاومة وقوات التحالف جاهزة لمعركة استعادة المحافظات والمدن ما بعد تحرير محافظة مأرب، موضحًا أن السلطة المحلية سارعت إلى إعادة ترميم المدارس وتزويد المواطنين بالكهرباء في المناطق التي تمت استعادتها من قبل الميليشيات.
وذكر الشيخ محمد اليوسفي، وهو قيادي في المقاومة الشعبية في مأرب، لـ«الشرق الأوسط»، أنه تمت إعادة تنظيم وترتيب معسكر «كوفل» في منطقة صرواح غرب مأرب، حيث توجد حاليًا كتائب من ألوية الصقور التابعة للتحالف وكتيبة من الجيش الوطني القادمة من معسكرات العبر، وكتائب تابعة للمقاومة الشعبية من قبائل مأرب مثل قبيلة جهم ومراد وعبيدة وبني ضبيان، وغيرها، مؤكدًا أن القوة الموجودة في صرواح مكتملة الأعداد والعدة لبدء معركة جديدة لعدد من المحافظات التي جرى التخطيط لها، ما بعد تحرير مأرب.
وأوضح اليوسفي، أن أقرب معسكر للميليشيات المتمردة يبعد بمسافة قليلة من صرواح ويقع في منطقة خولان، وهو معسكر العرقوب الذي يقوده مراد العوبلي، أحد القادة الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح، والذي سلم معسكره للميليشيات الحوثية. وأشار القيادي في المقاومة الشعبية في مأرب، إلى أن غالبية العتاد العسكري والقوات التابعة في معسكر العرقوب الذي يعد من أكبر معسكرات الحرس الجمهوري، تم تدميرها خلال المعارك التي خاضتها القوات المشتركة في مأرب، حيث استعانت الميليشيات بالآليات العسكرية والسلاح الموجود في المعسكر عند محاولتها للسيطرة على مأرب. وأضاف: «تم تدمير عشرات الدبابات والمدرعات في الطريق إلى صرواح وكان لطائرات الأباتشي والمدافع المواجهة، الدور الأكبر في ذلك، حيث دكّت مواقعها وحولتها إلى ركام، ويمكن ملاحظة ذلك على الطريق التي تربط مدينة مأرب وصرواح، حيث تنتشر الدبابات والمدرعات المحروقة وتناثر الجثث في أكثر من موقع والتي تركتها الميليشيات المسلحة وراءها».
وأكد اليوسفي، أن القيادة المشتركة لقوات الجيش الوطني، والمقاومة الشعبية، وضعوا خطة لتأمين المناطق المحررة من الميليشيات وأقاموا النقاط الأمنية وشكلت دوريات عسكرية لرصد ومراقبة الطرق، إضافة إلى فتح باب التجنيد لأبناء المناطق التي تم تحريرها ليكونوا هم المسؤولين عن حمايتها وأمنها، مشيرًا إلى أن السلطات المحلية في مأرب، باشرت في إعادة الخدمات العامة للمواطنين مثل الكهرباء، وترميم المدارس التي حولتها الميليشيات إلى ثكنات عسكرية ومخازن سلاح.
وأضاف: «سيتم بدء العام الدراسي خلال الأيام المقبلة، في معظم المدارس التي تم تحرير مناطقها».
وكشف عن إعلان زعماء من قبائل مثل «نهم» و«خولان»، وقوفهم مع الشرعية وانضمامهم إلى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بعد أن حولت ميليشيات صالح والحوثيين مناطقهم إلى مراكز للفوضى والدمار وقامت بالتغرير بالأطفال لتجنيدهم في معارك خاسرة، مشيرًا إلى أن «الهلال الأحمر اليمني» يقوم منذ يومين بجمع جثث مسلحي الحوثي، ووصل عددها إلى أكثر من 50 جثة، معظمهم من الأطفال الذي جرى استغلالهم، وأن الكثير من هذه الجثث تحللت، في حين لا تزال هناك جثث متناثرة في مناطق جبلية وسهول دارت فيها معارك عنيفة.
وفي محافظة عمران شمال صنعاء، اختطفت ميليشيات الحوثي وصالح، الصحافي محمود طه، للمرة الثانية، واقتادته إلى معتقلات سرية. وقالت ابنة الصحافي، إن مسلحين حوثيين داهموا منزل العائلة مساء الأربعاء واختطفوا والدها في مدينة عمران. وأدانت هيئة تحرير موقع «نيوز يمن» الإخباري الذي يعمل طه مراسلاً له، عملية الاختطاف وطالبت الميليشيات بإطلاق سراحه فورًا. وتعد هذه المرة الثانية التي تختطف الميليشيات طه، حيث سبق أن اختطفته في أبريل (نيسان) الماضي، وتم الإفراج عنه بعدها بأيام. وكانت نقابة الصحافيين اليمنيين، كشفت عن تعرض عدد من الصحافيين إلى عمليات تعذيب في معتقلات الحوثيين وصالح، وأكدت أن اثني عشر صحافيًا لا يزالون مختطفين لدى الحوثيين الذين يتكتمون على مصيرهم، ويرفضون مطالبات أسرهم بزيارتهم أو الكشف عن مواقع احتجازهم، وقالت النقابة إن الصحافي صلاح القاعدي محرر الأخبار في قناة «سهيل» الفضائية معتقل لدى جماعة الحوثي منذ 28 أغسطس (آب) الماضي، حيث وضع في قسم شرطة الجديري، وأنه تعرض للتعذيب مؤخرًا ومنعت عنه الزيارة حسب معلومات من أسرته، مطالبة بسرعة إطلاق سراح القاعدي وبقية الصحافيين، ودانت النقابة استمرار استخدام العنف وتعذيب الصحافيين على خلفية ممارسة مهنتهم، وجددت رفضها للتنكيل الممنهج تجاه الصحافيين، وخصوصًا عقب التحريض المباشر من قبل زعيم جماعة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، مطالبة الجماعة بالتراجع عن التعامل العدائي مع الصحافيين وأصحاب الرأي وإطلاق سراح الصحافي القاعدي وجميع الصحافيين المعتقلين لديها، كما اتهم الاتحاد الدولي للصحافيين زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي، بتوجيه أتباعه لقتل الصحافيين المستقلين في اليمن، وحمّله المسؤولية شخصيًا عن سلامة الصحافيين اليمنيين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم